ج3. موطا جديد
كتاب الفرائض
1 - باب مِيرَاثِ
الصُّلْبِ
1453 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ، أَنَّ
مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ، أَوْ وَالِدَتِهِمْ، أَنَّهُ إِذَا تَوَفَّى
الأَبُ أَوِ الأُمُّ، وَتَرَكَا وَلَداً رِجَالاً وَنِسَاءً، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا
مَا تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، فَإِنْ شَرِكَهُمْ
أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ
شَرِكَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِىَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ،
وَمَنْزِلَةِ وَلَدِ الأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ،
كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ، ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثُهُمْ
كَإِنَاثِهِمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ،
فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ، وَوَلَدُ الاِبْنِ, وَكَانَ فِي الْوَلَدِ
لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ مَعَهُ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ
مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ
الاِبْنِ مَعَهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ
الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ، فَإِنَّهُ
يَرُدُّ عَلَى مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ
الأَبْنَاءِ، فَضْلاً إِنْ فَضَلَ، فَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ,
فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ
شَيْء، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلاَّ
ابْنَةً وَاحِدَةً، فَلَهَا النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنِهِ، وَاحِدَةً كَانَتْ
أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، مِمَّنْ هُوَ مِنَ
الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، السُّدُسُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ
الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، فَلاَ فَرِيضَةَ،
وَلاَ سُدُسَ لَهُنَّ، وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ
فَضْلٌ، كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ الذَّكَرِ، وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ
وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنْثَيَيْنِ، وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ )
[النساء : 11] (859). قَالَ مَالِكٌ
: والأَطْرَفُ هُوَ
الأَبْعَدُ.
2 - باب مِيرَاثِ
الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ زِوْجِهَا.
1454 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِيرَاثُ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ، إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَداً، وَلاَ
وَلَدَ ابْنٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ النِّصْفُ، فَإِنْ تَرَكَتْ وَلَداً،
أَوْ وَلَدَ ابْنٍ - ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى - فَلِزَوْجِهَا الرُّبُعُ، مِنْ
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ(860).
وَمِيرَاثُ
الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا، إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَداً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ
الرُّبُعُ، فَإِنْ تَرَكَ وَلَداً، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ - ذَكَراً كَانَ أَوْ
أُنْثَى - فَلاِمْرَأَتِهِ الثُّمُنُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ،
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ
لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ
وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) [النساء : 12].
3 - باب مِيرَاثِ الأَبِ
وَالأُمِّ مِنْ وَلَدِهِمَا
1455 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، أَنَّ مِيرَاثَ
الأَبِ مِنِ ابْنِهِ، أَوِ ابْنَتِهِ، أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَداً،
أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَراً، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأَبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً،
فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى وَلَداً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَراً،
فَإِنَّهُ يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَ الأَبَ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ،
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا
فَوْقَهُ كَانَ لِلأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمُ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ،
فُرِضَ لِلأَبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً.
وَمِيرَاثُ الأُمِّ
مِنْ وَلَدِهَا إِذَا تَوَفَّى ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا، فَتَرَكَ الْمُتَوَفَّى
وَلَداً أَوْ وَلَدَ ابْنٍ - ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى - أَوْ
تَرَكَ مِنَ الإِخْوَةِ اثْنَيْنِ فَصَاعِداً - ذُكُوراً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً -
مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ مِنْ أَبٍ، أَوْ مِنْ أُمٍّ فَالسُّدُسُ لَهَا، وَإِنْ
لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى وَلَدَاً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ، وَلاَ اثْنَيْنِ مِنَ
الإِخْوَةِ فَصَاعِداً، فَإِنَّ لِلأُمِّ الثُّلُثَ كَامِلاً، إِلاَّ فِي
فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ، وَإِحْدَى الْفَرِيضَتَيْنِ : أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ
وَيَتْرُكَ امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْهِ، فَلاِمْرَأَتِهِ الرُّبُعُ، وَلأُمِّهِ
الثُّلُثُ مِمَّا بَقِىَ، وَهُوَ الرُّبُعُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَالأُخْرَى :
أَنْ تُتَوَفَّىَ امْرَأَةٌ وَتَتْرُكَ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا، فَيَكُونُ لِزَوْجِهَا
النِّصْفُ، وَلأُمِّهَا الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ، وَهُوَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ
الْمَالِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : (
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ
وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ) [النساء : 11] فَمَضَتْ السُّنَّةُ
أَنَّ الإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِداً.
4 - باب مِيرَاثِ
الإِخْوَةِ لِلأُمِّ
1456 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأُمِّ لاَ
يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الأَبْنَاءِ - ذُكْرَاناً
كَانُوا أَوْ إِنَاثاً - شَيْئاً وَلاَ يَرِثُونَ مَعَ الأَبِ، وَلاَ مَعَ
الْجَدِّ أبِي الأَبِ شَيْئاً، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ،
يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ - ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى - فَإِنْ
كَانَا اثْنَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ،
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ
امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) [النساء : 12] فَكَانَ
الذَّكَرُ وَالأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ(861).
5 - باب مِيرَاثِ
الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ
1457 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَبِ وَالأُمِّ
لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الاِبْنِ
الذَّكَرِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ الأَبِ دِنْيَا شَيْئاً، وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ
الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الأَبْنَاءِ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا
أَبٍ، مَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ يَكُونُونُ فِيهِ عَصَبَةً، يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ
لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ لِلإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ يَقْتَسِمُونَهُ
بَيْنَهُمْ، عَلَى كِتَابِ اللَّهِ - ذُكْرَاناً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً -
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَي ْءٌ فَلاَ
شَيْءَ لَهُمْ(862).
قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ
الْمُتَوَفَّى أَباً، وَلاَ جَدًّا أَبَا أَبٍ، وَلاَ وَلَداً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ
- ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى - فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ الْوَاحِدَةِ
لِلأَبِ وَالأُمِّ النِّصْفُ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ
مِنَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ
مَعَهُنَّ أَخٌ ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأَخَوَاتِ، وَاحِدَةً
كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ،
كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ،
إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ،
فَاشْتَرَكُوا فِيهَا مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ
هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيتْ، وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا، وَإِخْوَتَهَا
لأُمِّهَا، وَإِخْوَتَهَا لأُمِّهَا وَأَبِيهَا، فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ،
وَلأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلإِخْوَتِهَا لأُمِّهَا الثُّلُثُ، فَلَمْ يَفْضُلْ
شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَشْتَرِكُ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ فِي هَذِهِ
الْفَرِيضَةِ، مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الأُنْثَى، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لأُمِّهِ،
وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالأُمِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) [النساء:12] فَلِذَلِكَ
شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى
لأُمِّهِ(863).
6 - باب مِيرَاثِ
الإِخْوَةِ لِلأَبِ
1458 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ مِيرَاثَ
الإِخْوَةِ لِلأَبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الأَبِ
وَالأُمِّ، كَمَنْزِلَةِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ سَوَاءٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ،
وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي
الأُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ، الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ،
لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلاَدَةِ الأُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ(864).
قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنِ اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَالإِخْوَةُ لِلأَبِ، فَكَانَ فِي
بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ ذَكَرٌ، فَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ بَنِي الأَبِ، وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ
مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ لاَ ذَكَرَ مَعَهُنَّ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ
الْوَاحِدَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ النِّصْفُ، وَيُفْرَضُ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ
السُّدُسُ تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ
ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لَهُنَّ، وَيُبْدَأُ بَأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ بَيْنَ
الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الإِخْوَاتُُ لِلأَبِ
وَالأُمِّ امْرَأَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ، فُرِضَ
لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَلاَ مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ، إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ بُدِئَ
بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ
فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَلِبَنِي
الأُمِّ مَعَ بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ، وَمَعَ بَنِي الأَبِ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ،
وَلِلاِثْنَيْنِ فَصَاعِداً الثُّلُثُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، هُمْ
فِيهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ.
7 - باب مِيرَاثِ
الْجَدِّ
1459 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ
بْنَ أبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجَدِّ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
: إِنَّكَ كَتَبْتَ
إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْجَدِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ
يَكُنْ يَقْضِي فِيهِ إِلاَّ الأُمَرَاءُ، يَعْنِي الْخُلَفَاءَ، وَقَدْ حَضَرْتُ
الْخَلِيفَتَيْنِ قَبْلَكَ، يُعْطِيَانِهِ النِّصْفَ مَعَ الأَخِ الْوَاحِدِ،
وَالثُّلُثَ مَعَ الاِثْنَيْنِ، فَإِنْ كَثُرَتِ الإِخْوَةُ لَمْ يُنَقِّصُوهُ
مِنَ الثُّلُثِ.
1460- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ فَرَضَ لِلْجَدِّ الَّذِي يَفْرِضُ النَّاسُ لَهُ الْيَوْمَ.
1461 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : فَرَضَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،
لِلْجَدِّ مَعَ الإِخْوَةِ الثُّلُثَ.
1462 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ
أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الأَبِ لاَ يَرِثُ مَعَ
الأَبِ دِنْيَا شَيْئاً، وَهُوَ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ، وَمَعَ
ابْنِ الاِبْنِ الذَّكَرِ السُّدُسُ فَرِيضَةً، وَهُوَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَا
لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَخاً(864/1) أَوْ أُخْتاً لأَبِيهِ يُبَدَّأُ
بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ،
فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ، فُرِضَ لِلْجَدِّ
السُّدُسُ فَرِيضَةً.
1463 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْجَدُّ وَالإِخْوَةُ لِلأَبِ وَالأُمِّ، إِذَا شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ، يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ، فَيُعْطَوْنَ
فَرَائِضَهُمْ، فَمَا بَقِىَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَدِّ وَالإِخْوَةِ مِنْ شَيْءٍ،
فَإِنَّهُ يُنْظَرُ أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِحَظِّ الْجَدِّ أُعْطِيَهُ، الثُّلُثُ
مِمَّا بَقِيَ لَهُ وَلِلإِخْوَةِ، أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ الإِخْوَةِ
فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ وَلَهُمْ، يُقَاسِمُهُمْ بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ، أَوِ
السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ، أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ لِحَظِّ
الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الْجَدُّ، وَكَانَ مَا بَقِىَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلإِخْوَةِ
لِلأَبِ وَالأُمِّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ
وَاحِدَةٍ تَكُونُ قِسْمَتُهُمْ فِيهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَتِلْكَ
الْفَرِيضَةُ : امْرَأَةٌ تُوُفِّيتْ, وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا،
وَأُخْتَهَا لأُمِّهَا وَأَبِيهَا، وَجَدَّهَا، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ،
وَلِلأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَلِلأُخْتِ لِلأُمِّ وَالأَبِ
النِّصْفُ، ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ، وَنِصْفُ الأُخْتِ، فَيُقْسَمُ
أَثْلاَثاً، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِلْجَدِّ
ثُلُثَاهُ، وَلِلأُخْتِ ثُلُثُهُ.
1464 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِيرَاثُ الإِخْوَةِ لِلأَبِ مَعَ الْجَدِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إِخْوَةٌ
لأَبٍ وَأُمٍّ، كَمِيرَاثِ الإِخْوَةِ للأَبِ وَالأُمِّ سَوَاءٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ،
وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ لِلأَبِ وَالأُمِّ،
وَالإِخْوَةُ لِلأَبِ، فَإِنَّ الإِخْوَةَ لِلأَبِ وَالأُمِّ يُعَادُّونَ الْجَدَّ
بِإِخْوَتِهِمْ لأَبِيهِمْ، فَيَمْنَعُونَهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ
بِعَدَدِهِمْ، وَلاَ يُعَادُّونَهُ بِالإِخْوَةِ لِلأُمِّ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ
يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ، لَمْ يَرِثُوا مَعَهُ شَيْئاً، وَكَانَ الْمَالُ
كُلُّهُ لِلْجَدِّ، فَمَا حَصَلَ لِلإِخْوَةِ مِنْ بَعْدِ حَظِّ الْجَدِّ، فَإِنَّهُ
يَكُونُ لِلإِخْوَةِ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ، دُونَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، وَلاَ
يَكُونُ لِلإِخْوَةِ لِلأَبِ مَعَهُمْ شَيْءٌ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِخْوَةُ
لِلأَبِ وَالأُمِّ امْرَأَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً،
فَإِنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا مَا كَانُوا، فَمَا حَصَلَ
لَهُمْ وَلَهَا مِنْ شَيْءٍ، كَانَ لَهَا دُونَهُمْ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ
تَسْتَكْمِلَ فَرِيضَتَهَا، وَفَرِيضَتُهَا النِّصْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
كُلِّهِ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا يُحَازُ لَهَا، وَلإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا فَضْلٌ
عَنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَهُوَ لإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا، لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.
8 - باب مِيرَاثِ
الْجَدَّةِ.
1465 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ،
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : مَا
لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ
اللَّهِ (ﷺ) شَيْئاً، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ،
فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَعْطَاهَا السُّدُسَ،
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ
الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو
بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ فِي كِتَابِ
اللَّهِ شَيْءٌ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلاَّ لِغَيْرِكِ،
وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئاً، وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ،
فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا(865).
1466 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ
قَالَ : أَتَتِ الْجَدَّتَانِ إِلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَأَرَادَ أَنْ
يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الأُمِّ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
: أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ كَانَ إِيَّاهَا
يَرِثُ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا(866).
1467 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، كَانَ لاَ يَفْرِضُ إِلاَّ
لِلْجَدَّتَيْنِ.
1468 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، أَنَّ الْجَدَّةَ
أُمَّ الأُمِّ، لاَ تَرِثُ مَعَ الأُمِّ دِنْيَا شَيْئاً، وَهِيَ فِيمَا سِوَى
ذَلِكَ، يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً، وَأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الأَبِ،
لاَ تَرِثُ مَعَ الأُمِّ، وَلاَ مَعَ الأَبِ شَيْئاً، وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ،
يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ، أُمُّ
الأَبِ، وَأُمُّ الأُمِّ، وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى دُونَهُمَا أَبٌ وَلاَ أُمٌّ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنِّى سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّ الأُمِّ، إِنْ كَانَتْ
أَقْعَدَهُمَا، كَانَ لَهَا السَّدُسُ، دُونَ أُمِّ الأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ
الأَبِ أَقْعَدَهُمَا، أَوْ كَانَتَا فِي الْقُعْدَدِ مِنَ الْمُتَوَفَّى
بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءً، فَإِنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ(867).
1469 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنَ الْجَدَّاتِ، إِلاَّ الْجَدَّتَيْنِ، لأَنَّهُ
بَلَغَنِي : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) وَرَّثَ الْجَدَّةَ، ثُمَّ سَأَلَ أَبُو
بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ، حَتَّى أَتَاهُ الثَّبَتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ
وَرَّثَ الْجَدَّةَ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا، ثُمَّ أَتَتِ الْجَدَّةُ الأُخْرَى إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهَا : مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ
شَيْئاً، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ
فَهُوَ لَهَا.
1470 - قَالَ مَالِكٌ :
ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَداً وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ، مُنْذُ كَانَ الإِسْلاَمُ
إِلَى الْيَوْمِ.
9 - باب مِيرَاثِ
الْكَلاَلَةِ
1471 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَنِ الْكَلاَلَةِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ، فِي آخِرَ
سُورَةِ النِّسَاءِ »(868).
1472 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ الْكَلاَلَةَ
عَلَى وَجْهَيْنِ، فَأَمَّا الآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ
النِّسَاءِ، الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا : ( وَإِنْ كَانَ
رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) [النساء : 12] فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي لاَ
يَرِثُ فِيهَا الإِخْوَةُ لِلأُمِّ حَتَّى، لاَ يَكُونَ وَلَدٌ وَلاَ وَالِدٌ، وَأَمَّا
الآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى فِيهَا : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ
فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً
فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ
تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ) [النساء : 176].
قَالَ مَالِكٌ : فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الإِخْوَةُ عَصَبَةً،
إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلاَلَةِ، فَالْجَدُّ
يَرِثُ مَعَ الإِخْوَةِ، لأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى السُّدُسَ، وَالإِخْوَةُ لاَ
يَرِثُونَ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى شَيْئاً، وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ
كَأَحَدِهِمْ، وَهُوَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى, فَكَيْفَ لاَ
يَأْخُذُ الثُّلُثَ مَعَ الإِخْوَةِ، وَبَنُو الأُمِّ يَأْخُذُونَ مَعَهُمُ
الثُّلُثَ، فَالْجَدُّ هُوَ الَّذِي حَجَبَ الإِخْوَةَ لِلأُمِّ، وَمَنَعَهُمْ
مَكَانُهُ الْمِيرَاثَ، فَهُوَ أَوْلَى بِالَّذِي كَانَ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ
سَقَطُوا مِنْ أَجْلِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْجَدَّ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ الثُّلُثَ، أَخَذَهُ
بَنُو الأُمِّ، فَإِنَّمَا أَخَذَ مَا لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ إِلَى الإِخْوَةِ
لِلأَبِ، وَكَانَ الإِخْوَةُ لِلأُمِّ هُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ الثُّلُثِ، مِنَ
الإِخْوَةِ لِلأَبِ، وَكَانَ الْجَدُّ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَ الإِخْوَةِ
لِلأُمِّ(869).
10 - باب مَا جَاءَ فِي
الْعَمَّةِ
1473 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيِّ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ، عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ قَدِيماً يُقَالُ لَهُ ابْنُ مِرْسَى،
أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ, فَلَمَّا صَلَّى
الظُّهْرَ قَالَ :
يَا يَرْفَأ هَلُمَّ
ذَلِكَ الْكِتَابَ - لِكِتَابٍ كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ - فَنَسْأَلَ
عَنْهَا وَنَسْتَخْبِرَ فِيهَا، فَأَتَاهُ بِهِ يَرْفَأ، فَدَعَا بِتَوْرٍ أَوْ
قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَمَحَا ذَلِكَ الْكِتَابَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ
رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ، لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ(870).
1474 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ كَثِيراً
يَقُولُ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ : عَجَباً لِلْعَمَّةِ تُورَثُ
وَلاَ تَرِثُ.
11 - باب مِيرَاثِ
وِلاَيَةِ الْعَصَبَةِ.
1475 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، فِي وِلاَيَةِ
الْعَصَبَةِ : أَنَّ الأَخَ لِلأَبِ وَالأُمِّ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنَ الأَخِ
لِلأَبِ، وَالأَخُ لِلأَبِ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ بَنِى الأَخِ لِلأَبِ وَالأُمِّ،
وَبَنُو الأَخِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، أَوْلَى مِنْ بَنِى الأَخِ لِلأَبِ، وَبَنُو
الأَخِ لِلأَبِ، أَوْلَى مِنْ بَنِى ابْنِ الأَخِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَبَنُو ابْنِ
الأَخِ لِلأَبِ، أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأَبِ لِلأَبِ وَالأُمِّ،
وَالْعَمُّ أَخُو الأَبِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأَبِ
لِلأَبِ، وَالْعَمُّ أَخُو الأَبِ لِلأَبِ، أَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ، أَخِي
الأَبِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ لِلأَبِ، أَوْلَى مِنْ عَمِّ الأَبِ،
أَخِي أبِي الأَبِ لِلأَبِ وَالأُمِّ.
1476 - قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ شَيْءٍ سُئِلْتَ عَنْهُ مِنْ مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ، فَإِنَّهُ عَلَى
نَحْوِ هَذَا : انْسُبِ الْمُتَوَفَّى وَمَنْ يُنَازِعُ فِي وِلاَيَتِهِ مِنْ
عَصَبَتِهِ، فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَداً مِنْهُمْ يَلْقَى الْمُتَوَفَّى إِلَى أَبٍ،
لاَ يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى أَبٍ دُونَهُ، فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِلَّذِي
يَلْقَاهُ إِلَى الأَبِ الأَدْنَى، دُونَ مَنْ يَلْقَاهُ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ،
فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ كُلَّهُمْ يَلْقَوْنَهُ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ
جَمِيعاً، فَانْظُرْ أَقْعَدَهُمْ فِي النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ فَقَطْ،
فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ لَهُ دُونَ الأَطْرَفِ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ وَأُمٍّ،
فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ مُسْتَوِينَ، يَنْتَسِبُونَ مِنْ عَدَدِ الآبَاءِ إِلَى
عَدَدٍ وَاحِدٍ، حَتَّى يَلْقَوْا نَسَبَ الْمُتَوَفَّى جَمِيعاً، وَكَانُوا
كُلُّهُمْ جَمِيعاً بَنِي أَبٍ، أَوْ بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ، فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ
سَوَاءً، وَإِنْ كَانَ وَالِدُ بَعْضِهِمْ أَخَا وَالِدِ الْمُتَوَفَّى لِلأَبِ
وَالأُمِّ، وَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ أَخُو أبِي الْمُتَوَفَّى
لأَبِيهِ فَقَطْ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ لِبَنِي أَخِي الْمُتَوَفَّى لأَبِيهِ
وَأُمِّهِ، دُونَ بَنِي الأَخِ لِلأَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ : ( وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي
كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ) [الأنفال : 75](871).
1477 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْجَدُّ أَبُو الأَبِ، أَوْلَى مِنْ بَنِي الأَخِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَأَوْلَى
مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأَبِ لِلأَبِ وَالأُمِّ بِالْمِيرَاثِ، وَابْنُ الأَخِ
لِلأَبِ وَالأُمِّ، أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.
12 - باب مَنْ لاَ
مِيرَاثَ لَهُ
1478 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ ابْنَ الأَخِ
لِلأُمِّ، وَالْجَدَّ أَبَا الأُمِّ، وَالْعَمَّ أَخَا الأَبِ لِلأُمِّ،
وَالْخَالَ، وَالْجَدَّةَ أُمَّ أبِي الأُمِّ، وَابْنَةَ الأَخِ لِلأَبِ
وَالأُمِّ، وَالْعَمَّةَ، وَالْخَالَةَ، لاَ يَرِثُونَ بِأَرْحَامِهِمْ شَيْئاً.
قَالَ : وَإِنَّهُ
لاَ تَرِثُ امْرَأَةٌ، هِيَ أَبْعَدُ نَسَباً مِنَ الْمُتَوَفَّى، مِمَّنْ سُمِّيَ
فِي هَذَا الْكِتَابِ بِرَحِمِهَا شَيْئاً، وَإِنَّهُ لاَ يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ
النِّسَاءِ شَيْئاً، إِلاَّ حَيْثُ سُمِّينَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِيرَاثَ الأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا، وَمِيرَاثَ الْبَنَاتِ
مِنْ أَبِيهِنَّ, وَمِيرَاثَ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا، وَمِيرَاثَ الأَخَوَاتِ
لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَمِيرَاثَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ، وَمِيرَاثَ الأَخَوَاتِ
لِلأُمِّ، وَوَرِثَتِ الْجَدَّةُ بِالَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) فِيهَا،
وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ أَعْتَقَتْ هِيَ نَفْسُهَا، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) [الأحزاب
: 5]
13 - باب مِيرَاثِ أَهْلِ
الْمِلَلِ
1479- حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ »(872).
1480 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ, أَنَّهُ أَخْبَرَهُ
: إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ،
قَالَ : فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ(873).
1481 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ
نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيتْ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَالَ لَهُ مَنْ يَرِثُهَا ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا، ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ
فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَتَرَانِي نَسِيتُ مَا قَالَ
لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ؟ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.
1482 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي حَكِيمٍ : أَنَّ
نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ، قَالَ
إِسْمَاعِيلُ
: فَأَمَرَنِى عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
1483 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
يَقُولُ : أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَداً مِنَ
الأَعَاجِمِ، إِلاَّ أَحَداً وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.
1484 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَوَضَعَتْهُ فِي
أَرْضِ الْعَرَبِ، فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ،
مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.
1485 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ
اخْتِلاَفَ فِيهَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا :
أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، بِقَرَابَةٍ وَلاَ وَلاَءٍ وَلاَ
رَحِمٍ، وَلاَ يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ(874).
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ
كُلُّ مَنْ لاَ يَرِثُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ لاَ
يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ.
14 – باب مِيرَاثِ مَنْ
جُهِلَ أَمْرُهُ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
1486 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ
مِنْ عُلَمَائِهِمْ : أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ،
وَيَوْمَ صِفِّينَ، وَيَوْمَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ كَانَ يَوْمَ قُدَيْدٍ، فَلَمْ
يُوَرَّثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئاً، إِلاَّ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ
قُتِلَ قَبْلَ صَاحِبِهِ(875).
1487 - قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ، وَلاَ شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ
أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي كُلِّ مُتَوَارِثَيْنِ، هَلَكَا
بِغَرَقٍ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْتِ، إِذَا لَمْ يُعْلَمْ
أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، لَمْ يَرِثْ أَحَدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ
شَيْئاً، وَكَانَ مِيرَاثُهُمَا لِمَنْ بَقِيَ، مِنْ وَرَثَتِهِمَا يَرِثُ كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنَ الأَحْيَاءِ.
1488 - وَقَالَ مَالِكٌ :
لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ أَحَدٌ أَحَداً بِالشَّكِّ، وَلاَ يَرِثُ أَحَدٌ
أَحَداً إِلاَّ بِالْيَقِينِ مِنَ الْعِلْمِ وَالشُّهَدَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ
الرَّجُلَ يَهْلَكُ هُوَ وَمَوْلاَهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهُ، فَيَقُولُ بَنُو
الرَّجُلِ الْعَرَبِىِّ : قَدْ وَرِثَهُ أَبُونَا، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ
يَرِثُوهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ شَهَادَةٍ إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا
يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ مِنَ الأَحْيَاءِ.
1489 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً الأَخَوَانِ لِلأَبِ وَالأُمِّ يَمُوتَانِ، وَلأَحَدِهِمَا
وَلَدٌ، وَالآخَرُ لاَ وَلَدَ لَهُ، وَلَهُمَا أَخٌ لأَبِيهِمَا، فَلاَ يُعْلَمُ
أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، فَمِيرَاثُ الَّذِي لاَ وَلَدَ لَهُ، لأَخِيهِ
لأَبِيهِ، وَلَيْسَ لِبَنِي أَخِيهِ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ شَيْءٌ.
1490 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً أَنْ تَهْلَكَ الْعَمَّةُ وَابْنُ أَخِيهَا، أَوِ ابْنَةُ الأَخِ
وَعَمُّهَا، فَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ
أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ، لَمْ يَرِثِ الْعَمُّ مِنِ ابْنَةِ أَخِيهِ شَيْئاً،
وَلاَ يَرِثُ ابْنُ الأَخِ مِنْ عَمَّتِهِ شَيْئاً.
15 - باب مِيرَاثِ وَلَدِ
الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا
1491 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ
فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا : إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ
أُمُّهُ، حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً،
وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ.
1492 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ
مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
=========
كتاب النكاح
1 - باب مَا جَاءَ فِي
الْخِطْبَةِ.
1493 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ ،عَنْ
أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ
: « لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ »(876).
1494 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) قَالَ : « لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ »(877).
1495 - قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ « لاَ يَخْطُبُ
أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ». أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ،
فَتَرْكَنَ إِلَيْهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى صَدَاقٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ
تَرَاضَيَا، فَهِيَ تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهَا، فَتِلْكَ الَّتِي نَهَى أَنْ
يَخْطُبَهَا الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ إِذَا
خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، فَلَمْ يُوَافِقْهَا أَمْرُهُ، وَلَمْ تَرْكَنْ
إِلَيْهِ، أَنْ لاَ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ، فَهَذَا بَابُ فَسَادٍ يَدْخُلُ عَلَى
النَّاسِ(878).
1496 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ
فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي
أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لاَ
تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً ) [البقرة :
235] أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ
زَوْجِهَا
: إِنَّكِ عَلَىَّ
لَكَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ
خَيْراً وَرِزْقاً، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ(879).
2 - باب اسْتِئْذَانِ
الْبِكْرِ وَالأَيَّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا
1497 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الأَيِّمُ
أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا،
وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا »(880).
1498 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلاِّ بِإِذْنِ
وَلِيِّهَا، أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، أَوِ السُّلْطَانِ.
1499 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ، كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الأَبْكَارَ وَلاَ
يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ(881).
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نِكَاحِ الأَبْكَارِ.
1500 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا، حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا وَيُعْرَفَ
مِنْ حَالِهَا.
1501 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْبِكْرِ
يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا : إِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهَا.
3 - باب مَا جَاءَ فِي
الصَّدَاقِ وَالْحِبَاءِ
1502 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) جَاءَتْهُ
امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ،
فَقَامَتْ قِيَاماً طَوِيلاً، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
زَوِّجْنِيهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ ؟ »
فَقَالَ : مَا عِنْدِي إِلاَّ إِزَارِي هَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (ﷺ) «
إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ، جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً ».
فَقَالَ : مَا أَجِدُ شَيْئاً. قَالَ :
« الْتَمِسْ وَلَوْ
خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ ». فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ ؟ » فَقَالَ : نَعَمْ
مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ (ﷺ) : « قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ »(882).
1503 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ : عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ
قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً،
وَبِهَا جُنُونٌ، أَوْ جُذَامٌ، أَوْ بَرَصٌ، فَمَسَّهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا
كَامِلاً، وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ غُرْماً عَلَى وَلِيِّهَا لِزَوْجِهَا، إِذَا كَانَ
وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا، هُوَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا، أَوْ مَنْ يُرَى
أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا
ابْنَ عَمٍّ, أَوْ مَوْلًى، أَوْ مِنَ الْعَشِيرَةِ، مِمَّنْ يُرَى أَنَّهُ لاَ
يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا, فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ، وَتَرُدُّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ
مَا أَخَذَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَيَتْرُكُ لَهَا قَدْرَ مَا تُسْتَحَلُّ بِهِ.
1504 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأُمُّهَا بِنْتُ
زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
فَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقاً، فَابْتَغَتْ
أُمُّهَا صَدَاقَهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ،
وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نُمْسِكْهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا. فَأَبَتْ
أُمُّهَا أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ، فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ،
فَقَضَى أَنْ لاَ صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
1505 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي
خِلاَفَتِهِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : أَنَّ كُلَّ مَا اشْتَرَطَ الْمُنْكِحُ،
مَنْ كَانَ أَباً أَوْ غَيْرَهُ، مِنْ حِبَاءٍ أَوْ كَرَامَةٍ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ
إِنِ ابْتَغَتْهُ.
1506 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمَرْأَةِ يُنْكِحُهَا أَبُوهَا، وَيَشْتَرِطُ فِي صَدَاقِهَا الْحِبَاءَ،
يُحْبَى بِهِ، إِنَّ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ يَقَعُ بِهِ النِّكَاحُ، فَهُوَ لاِبْنَتِهِ
إِنِ ابْتَغَتْهُ، وَإِنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا،
فَلِزَوْجِهَا شَطْرُ الْحِبَاءِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ(883).
1507 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ صَغِيراً، لاَ مَالَ لَهُ : إِنَّ الصَّدَاقَ عَلَى
أَبِيهِ، إِذَا كَانَ الْغُلاَمُ يَوْمَ تَزَوَّجَ لاَ مَالَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْغُلاَمِ
مَالٌ، فَالصَّدَاقُ فِي مَالِ الْغُلاَمِ، إِلاَّ أَنْ يُسَمِّىَ الأَبُ أَنَّ
الصَّدَاقَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ النِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَى الاِبْنِ إِذَا كَانَ
صَغِيراً، وَكَانَ فِي وِلاَيَةِ أَبِيهِ.
1508 - قَالَ مَالِكٌ فِي
طَلاَقِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَهِيَ بِكْرٌ،
فَيَعْفُوَ أَبُوهَا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ : إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِزَوْجِهَا
مِنْ أَبِيهَا فِيمَا وَضَعَ عَنْهُ. قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ ) [البقرة
:237] فَهُنَّ النِّسَاءُ الَّلاَتِى قَدْ دُخِلَ بِهِنَّ ( أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي
بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) [البقرة : 237] فَهُوَ الأَبُ فِي ابْنَتِهِ
الْبِكْرِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1509 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ، تَحْتَ الْيَهُودِيِّ أَوِ
النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا : إَنَّهُ
لاَ صَدَاقَ لَهَا.
1510 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
أَرَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ
أَدْنَى مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ(884).
4 - باب إِرْخَاءِ
السُّتُورِ
1511 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ،
أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.
1512 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ، فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ،
فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.
1513 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَخَلَ
الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا صُدِّقَ عَلَيْهَا، وَإِذَا دَخَلَتْ
عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ صُدِّقَتْ عَلَيْهِ.
1514 - قَالَ مَالِكٌ :
أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَسِيسِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا، فَقَالَتْ:
قَدْ مَسَّنِي، وَقَالَ : لَمْ أَمَسَّهَا، صُدِّقَ عَلَيْهَا، فَإِنْ دَخَلَتْ
عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ : لَمْ أَمَسَّهَا، وَقَالَتْ : قَدْ مَسَّنِي،
صُدِّقَتْ عَلَيْهِ(885).
5 - باب الْمُقَامِ
عِنْدَ الْبِكْرِ وَالأَيِّمِ
1515 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا :
« لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ،
وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ، وَدُرْتُ ».
فَقَالَتْ ثَلِّثْ(886).
1516 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : لِلْبِكْرِ سَبْعٌ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ(887).
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1517 - قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ الَّتِي تَزَوَّجَ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ
بَيْنَهُمَا, بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الَّتِى تَزَوَّجَ بِالسَّوَاءِ،
وَلاَ يَحْسِبُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَ، مَا أَقَامَ عِنْدَهَا.
6 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ
1518 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنِ
الْمَرْأَةِ تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا، أَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ
بَلَدِهَا. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : يَخْرُجُ بِهَا إِنْ شَاءَ(888).
1519 - قَالَ مَالِكٌ : فَالأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ، أَنْ لاَ أَنْكِحَ عَلَيْكِ، وَلاَ
أَتَسَرَّرَ، إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ
يَمِينٌ بِطَلاَقٍ، أَوْ عِتَاقَةٍ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ.
7 - باب نِكَاحِ
الْمُحَلِّلِ وَمَا أَشْبَهَهُ
1520 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ : أَنَّ
رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، فِي
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ثَلاَثاً، فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
الزَّبِيرِ، فَاعْتَرَضَ عَنْهَا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا،
فَفَارَقَهَا، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَهُوَ زَوْجُهَا الأَوَّلُ
الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَنَهَاهُ
عَنْ تَزْوِيجِهَا وَقَالَ : « لاَ تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ
الْعُسَيْلَةَ»(889).
1521 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ
الْبَتَّةَ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ
يَمَسَّهَا، هَلْ يَصْلُحُ لِزَوْجِهَا الأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ؟ فَقَالَتْ
عَائِشَةُ : لاَ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا(890).
1522 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ، عَنْ رَجُلٍ
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَمَاتَ
عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأَوَّلِ أَنْ
يُرَاجِعَهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : لاَ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا
الأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا.
1523 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمُحَلِّلِ : إِنَّهُ لاَ يُقِيمُ عَلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ، حَتَّى يَسْتَقْبِلَ
نِكَاحاً جَدِيداً، فَإِنْ أَصَابَهَا فِي ذَلِكَ فَلَهَا مَهْرُهَا(891).
8 - باب مَا لاَ يُجْمَعُ
بَيْنَهُ مِنَ النِّسَاءِ
1524 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ
: « لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ
الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»(892).
1525 - وَحَدَّثَنِي، عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ
: يُنْهَى أَنْ
تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى خَالِتِهَا، وَأَنْ يَطَأَ
الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ لِغَيْرِهِ(893).
9 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنْ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَتِهِ
1526 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ زَيْدُ
بْنُ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ
يُصِيبَهَا، هَلْ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا ؟ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : لاَ،
الأُمُّ مُبْهَمَةٌ، لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي
الرَّبَائِبِ(894).
1527 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتُفْتِيَ
وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، عَنْ نِكَاحِ الأُمِّ بَعْدَ الاِبْنَةِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ
الاِبْنَةُ مُسَّتْ، فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ،
وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ، فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى
الْكُوفَةِ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَى مَنْزِلِهِ، حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي
أَفْتَاهُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ(895).
1528 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ
تَكُونُ تَحْتَهُ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا، فَيُصِيبُهَا : إِنَّهَا
تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَيُفَارِقُهُمَا جَمِيعاً، وَيَحْرُمَانِ
عَلَيْهِ أَبَداً، إِذَا كَانَ قَدْ أَصَابَ الأُمَّ، فَإِنْ لَمْ يُصِبِ الأُمَّ،
لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَفَارَقَ الأُمَّ.
1529 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا فَيُصِيبُهَا :
إِنَّهُ لاَ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا أَبَداً، وَلاَ تَحِلُّ لأَبِيهِ، وَلاَ
لاِبْنِهِ، وَلاَ تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهَا، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ.
1530 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الزِّنَا فَإِنَّهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : ( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) [النساء : 23]
فَإِنَّمَا حَرَّمَ مَا كَانَ تَزْوِيجاً، وَلَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيمَ الزِّنَا،
فَكُلُّ تَزْوِيجٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَلاَلِ، يُصِيبُ صَاحِبُهُ امْرَأَتَهُ،
فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّزْوِيجِ الْحَلاَلِ، فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ،
وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
10 - باب نِكَاحِ
الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَةٍ قَدْ أَصَابَهَا عَلَى وَجْهِ مَا يُكْرَهُ
1531 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهَا : إِنَّهُ
يَنْكِحُ ابْنَتَهَا، وَيَنْكِحُهَا ابْنُهُ إِنْ شَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ
أَصَابَهَا حَرَاماً، وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ مَا أُصِيبَ
بِالْحَلاَلِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ بِالنِّكَاحِ، قَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
) [النساء : 22].
1532 - قَالَ مَالِكٌ :
فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً، نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا، نِكَاحاً حَلاَلاً
فَأَصَابَهَا، حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ
نَكَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْحَلاَلِ، لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ،
وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ بِأَبِيهِ، وَكَمَا حَرُمَتْ
عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، حِينَ تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي عِدَّتِهَا وَأَصَابَهَا،
فَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الأَبِ ابْنَتُهَا, إِذَا هُوَ أَصَابَ أُمَّهَا.
11 - باب جَامِعِ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ
1533 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ : أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ
ابْنَتَهُ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا
صَدَاقٌ(896).
1534 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَاري، عَنْ
خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ : أَنَّ
أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) ، فَرَدَّ نِكَاحَهُ(897).
1535 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
أُتِىَ بِنِكَاحٍ، لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلاَّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ :
هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلاَ أُجِيزُهُ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهِ
لَرَجَمْتُ(898).
1536 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ : أَنَّ طُلَيْحَةَ الأَسَدِيَّةَ، كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِي
فَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ, وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
: أَيُّمَا امْرَأَةٍ
نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ
يَدْخُلْ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ
زَوْجِهَا الأَوَّلِ، ثُمَّ كَانَ الآخَرُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ، وَإِنْ
كَانَ دَخَلَ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا
مِنَ الأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآخَرِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ
أَبَداً(899).
قَالَ مَالِكٌ :
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا.
1537 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ، يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا،
فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً : إِنَّهَا
لاَ تَنْكِحُ إِنِ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا، حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا
مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ، إِذَا خَافَتِ الْحَمْلَ.
12 - باب نِكَاحِ الأَمَةِ
عَلَى الْحُرَّةِ
1538 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرُ سُئِلاَ،عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ،
فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً. فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا.
1539 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ : لاَ تُنْكَحُ الأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ، إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ
الْحُرَّةُ، فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ، فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقَسْمِ.
1540 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي لِحُرٍّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً، وَهُوَ يَجِدُ طَوْلاً
لِحُرَّةٍ, وَلاَ يَتَزَوَّجَ أَمَةً إِذَا لَمْ يَجِدْ طَوْلاً لِحُرَّةٍ، إِلاَّ
أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ
: ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ ) [النساء : 25] وَقَالَ : ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ الْعَنَتَ
مِنْكُمْ ) [النساء : 25](900).
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَنَتُ هُوَ الزِّنَا.
13 - باب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ
يَمْلِكُ الأَمَة وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَفَارَقَهَا
1541- حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ زَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الأَمَةَ ثَلاَثاً،
ثُمَّ يَشْتَرِيهَا : إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ.
1542 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ
يَسَارٍ، سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ عَبْداً لَهُ جَارِيَةً لَهُ، فَطَلَّقَهَا
الْعَبْدُ الْبَتَّةَ، ثُمَّ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا لَهُ، هَلْ تَحِلُّ لَهُ
بِمِلْكِ الْيَمِينِ ؟ فَقَالاَ : لاَ تَحِلُّ لَهُ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً
غَيْرَهُ(901).
1543 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ
مَمْلُوكَةٌ، فَاشْتَرَاهَا وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ : تَحِلُّ
لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ، مَا لَمْ يَبُتَّ طَلاَقَهَا، فَإِنْ بَتَّ طَلاَقَهَا،
فَلاَ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ.
1544 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَنْكِحُ الأَمَةَ، فَتَلِدُ مِنْهُ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا : إِنَّهَا لاَ
تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، بِذَلِكَ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَهِيَ
لِغَيْرِهِ، حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ
إِيَّاهَا.
1545 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنِ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، ثُمَّ وَضَعَتْ عِنْدَهُ، كَانَتْ
أُمَّ وَلَدِهِ بِذَلِكَ الْحَمْلِ، فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
14 - باب مَا جَاءَ فِي
كَرَاهِيَةِ إِصَابَةِ الأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا
1546 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ
الْيَمِينِ، تُوطَأُ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأُخْرَى ؟ فَقَالَ عُمَرُ : مَا
أُحِبُّ أَنْ أَخْبُرَهُمَا جَمِيعاً. وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ(902).
1547 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ، هَلْ يُجْمَعُ
بَيْنَهُمَا ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ،
فَأَمَّا أَنَا، فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ.
قَالَ : فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِىَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ
(ﷺ) ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ : لَوْ كَانَ لِي مِنَ الأَمْرِ
شَيْءٌ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَحَداً فَعَلَ ذَلِكَ، لَجَعَلْتُهُ نَكَالاً.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ(903).
1548 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مِثْلُ ذَلِكَ.
1549 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الأَمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيُصِيبُهَا، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ
أُخْتَهَا : إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ، حَتَّى يُحَرِّمَ عَلَيْهِ فَرْجَ
أُخْتِهَا، بِنِكَاحٍ، أَوْ عِتَاقَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ, أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ،
يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غَيْرَ عَبْدِهِ.
15 - باب النَّهْيِ عَنْ
أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ أَمَةً كَانَتْ لأَبِيهِ
1550 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهَبَ لاِبْنِهِ
جَارِيَةً، فَقَالَ : لاَ تَمَسَّهَا فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتُهَا(904).
1551 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ أَنَّهُ قَالَ: وَهَبَ
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لاِبْنِهِ جَارِيَةً لَهُ، قَالَ : لاَ تَقْرَبْهَا، فَإِنِّي
قَدْ أَرَدْتُهَا، فَلَمْ أَنْبَسطْ إِلَيْهَا(905).
1552 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ أَبَا نَهْشَلِ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ
لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : إنِّي رَأَيْتُ جَارِيَةً لِي، مُنْكَشِفاً عَنْهَا
وَهِيَ فِي الْقَمَرِ، فَجَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ،
فَقَالَتْ
: إنِّي حَائِضٌ،
فَقُمْتُ فَلَمْ أَقْرَبْهَا بَعْدُ، أَفَأَهَبُهَا لاِبْنِي يَطَؤُهَا، فَنَهَاهُ
الْقَاسِمُ عَنْ ذَلِكَ.
1553 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
مَرْوَانَ : أَنَّهُ وَهَبَ لِصَاحِبٍ لَهُ جَارِيَةً، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهَا،
فَقَالَ : قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهَبَهَا لاِبْنِي فَيَفْعَلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : لَمَرْوَانُ كَانَ أَوْرَعَ مِنْكَ، وَهَبَ لاِبْنِهِ جَارِيَةً،
ثُمَّ قَالَ : لاَ تَقْرَبْهَا، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ سَاقَهَا مُنْكَشِفَةً.
16 - باب النَّهْيِ عَنْ
نِكَاحِ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
1554 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ يَهُوِدِيَّةٍ، وَلاَ نَصْرَانِيَّةٍ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ ) [المائدة : 5] فَهُنَّ الْحَرَائِرُ مِنَ الْيَهُودِيَّاتِ
وَالنَّصْرَانِيَّاتِ، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) [النساء :
25] فَهُنَّ الإِمَاءُ الْمُؤْمِنَاتُ.
1555 - قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيمَا نُرَى نِكَاحَ الإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَمْ
يَحْلِلْ نِكَاحَ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ.
1556 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمَةُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا بِمِلْكِ
الْيَمِينِ وَلاَ يَحِلُّ وَطْءُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
17 - باب مَا جَاءَ فِي
الإِحْصَانِ
1557 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, أَنَّهُ قَالَ
: الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ، هُنَّ أُولاَتُ الأَزْوَاجِ، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ
إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الزِّنَا.
1558 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَبَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ : إِذَا نَكَحَ الْحُرُّ الأَمَةَ فَمَسَّهَا،
فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ.
1559 - قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : تُحْصِنُ الأَمَةُ الْحُرَّ،
إِذَا نَكَحَهَا فَمَسَّهَا، فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ.
1560 - قَالَ مَالِكٌ :
يُحْصِنُ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ، إِذَا مَسَّهَا بِنِكَاحٍ، وَلاَ تُحْصِنُ
الْحُرَّةُ الْعَبْدَ، إِلاَّ أَنْ يَعْتِقَ وَهُوَ زَوْجُهَا، فَيَمَسَّهَا
بَعْدَ عِتْقِهِ، فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ، حَتَّى
يَتَزَوَّجَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَيَمَسَّ امْرَأَتَهُ(906).
1561 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمَةُ إِذَا كَانَتْ تَحْتَ الْحُرِّ، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ
يَعْتِقَ، فَإِنَّهُ لاَ يُحْصِنُهَا نِكَاحُهُ إِيَّاهَا وَهِيَ أَمَةٌ، حَتَّى
تُنْكَحَ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَيُصِيبَهَا زَوْجُهَا، فَذَلِكَ إِحْصَانُهَا.
1562 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمَةُ إِذَا كَانَتْ تَحْتَ الْحُرِّ، فَتعْتقُ وَهِيَ تَحْتَهُ، قَبْلَ أَنْ
يُفَارِقَهَا، فَإِنَّهُ يُحْصِنُهَا، إِذَا أُعتقَتْ وَهِيَ عِنْدَهُ، إِذَا هُوَ
أَصَابَهَا بَعْدَ أَنْ تَعْتِقَ.
1563 - وَقَالَ مَالِكٌ : وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ، وَالأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ،
يُحْصِنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، إِذَا نَكَحَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا.
18 - باب نِكَاحِ
الْمُتْعَةِ
1564 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أبِي طَالِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى
عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ
الإِنْسِيَّةِ(907).
1565 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ خَوْلَةَ
بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ : إِنَّ رَبِيعَةَ
بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ. فَخَرَجَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعاً يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَقَالَ : هَذِهِ
الْمُتْعَةُ, وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهَا لَرَجَمْتُ.
19 - باب نِكَاحِ
الْعَبِيدِ
1566 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ :
يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1567 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ مُخَالِفٌ لِلْمُحَلِّلِ، إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، ثَبَتَ
نِكَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَالْمُحَلِّلُ
يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ
التَّحْلِيلُ.
1568 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبْدِ إِذَا مَلَكَتْهُ امْرَأَتُهُ، أَوِ الزَّوْجُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ،
إِنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، يَكُونُ فَسْخاً بِغَيْرِ
طَلاَقٍ، فَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ، لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ
طَلاَقاً.
1569 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ إِذَا مَلَكَتْهُ، وَهِيَ
فِي عِدَّةٍ مِنْهُ, لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ.
20 - باب نِكَاحِ
الْمُشْرِكِ إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ قَبْلَهُ
1570 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ (ﷺ) يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ، وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ،
وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ، مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ
الْمُغِيرَةِ، وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ
الْفَتْحِ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنَ الإِسْلاَمِ،
فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ،
بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، أَمَاناً لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَدَعَاهُ رَسُولُ
اللَّهِ (ﷺ) إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَضِىَ أَمْراً
قَبِلَهُ، وَإِلاَّ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) بِرِدَائِهِ، نَادَاهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ فَقَالَ : يَا
مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذَا وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ جَاءَنِى بِرِدَائِكَ، وَزَعَمَ
أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيتُ أَمْراً
قَبِلْتُهُ، وَإِلاَّ سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :
«انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ
». فَقَالَ : لاَ
وَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
بَلْ لَكَ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
». فَخَرَجَ رَسُولُ
اللَّهِ (ﷺ) قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ
أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ أَدَاةً وَسِلاَحاً عِنْدَهُ، فَقَالَ صَفْوَانُ :
أَطَوْعاً أَمْ كَرْهاً ؟ فَقَالَ : « بَلْ طَوْعاً ». فَأَعَارَهُ الأَدَاةَ
وَالسِّلاَحَ الَّتِي عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)
وَهُوَ كَافِرٌ، فَشَهِدَ حُنَيْناً وَالطَّائِفَ، وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ
مُسْلِمَةٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ،
حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ(908).
1571 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِ صَفْوَانَ،
وَبَيْنَ إِسْلاَمِ امْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ.
1572 - قَالَ مَالِكٌ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ، إِلاَّ
فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، إِلاَّ أَنْ يَقْدَمَ
زَوْجُهَا مُهَاجِراً، قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
1573 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أبِي جَهْلٍ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ
الْفَتْحِ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أبِي جَهْلٍ مِنَ الإِسْلاَمِ،
حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ، فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ
بِالْيَمَنِ، فَدَعَتْهُ إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمَ، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ (ﷺ) عَامَ الْفَتْحِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَثَبَ
إِلَيْهِ فَرِحاً، وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ، حَتَّى بَايَعَهُ، فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا
ذَلِكَ.
1574 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ، وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ
بَيْنَهُمَا، إِذَا عُرِضَ عَلَيْهَا الإِسْلاَمُ فَلَمْ تُسْلِمْ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ
) [الممتحنة : 10]
21 - باب مَا جَاءَ فِي
الْوَلِيمَةِ
1575 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَبِهِ
أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ،
فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا ». فَقَالَ : زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ »(909).
1576 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : لَقَدْ
بَلَغَنِي : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يُولِمُ بِالْوَلِيمَةِ، مَا فِيهَا
خُبْزٌ وَلاَ لَحْمٌ(910).
1577 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) قَالَ : « إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا »(911).
1578 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ،
وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ
وَرَسُولَهُ(912).
1579 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : إِنَّ خَيَّاطاً دَعَا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)
لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ : فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) إِلَى
ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزاً مِنْ شَعِيرٍ، وَمَرَقاً فِيهِ
دُبَّاءُ، قَالَ أَنَسٌ
: فَرَأَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الْقَصْعَةِ، فَلَمْ أَزَلْ
أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ(913).
22 - باب جَامِعِ
النِّكَاحِ
1580 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، أَوِ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ،
فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، وَإِذَا اشْتَرَى
الْبَعِيرَ، فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطَانِ »(914).
1581 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ : أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ إِلَى رَجُلٍ
أُخْتَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَحْدَثَتْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهُ، أَوْ كَادَ يَضْرِبُهُ، ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ
وَلِلْخَبَرِ(915).
1582 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَا يَقُولاَنِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ
عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَيُطَلِّقُ إِحْدَاهُنَّ الْبَتَّةَ : إنَّهُ يَتَزَوَّجُ
إِنْ شَاءَ، وَلاَ يَنْتَظِرُ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
1583 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ،
وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَفْتَيَا الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَامَ
قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ :
طَلَّقَهَا فِي مَجَالِسَ شَتَّى.
1584 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ
قَالَ : ثَلاَثٌ لَيْسَ فِيهِنَّ لَعِبٌ : النِّكَاحُ،
وَالطَّلاَقُ، وَالْعِتْقُ(916).
1585 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ : أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَاري، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى كَبِرَتْ،
فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً، فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا،
فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى
إِذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ،
فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَ
فَآثَرَ الشَّابَّةَ، فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ، فَقَالَ : مَا شِئْتِ، إِنَّمَا
بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَإِنْ شِئْتِ اسْتَقْرَرْتِ عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنَ الأُثْرَةِ،
وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتُكِ. قَالَتْ : بَلْ أَسْتَقِرُّ عَلَى الأُثْرَةِ.
فَأَمْسَكَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ رَافِعٌ عَلَيْهِ إِثْماً، حِينَ قَرَّتْ
عِنْدَهُ عَلَى الأُثْرَةِ(917).
==========
كتاب الطلاق
1 - باب مَا جَاءَ فِي
الْبَتَّةِ
1586 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ : إنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِئَةَ تَطْلِيقَةٍ، فَمَاذَا تَرَى
عَلَيَّ ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ
: طَلُقَتْ مِنْكَ
لِثَلاَثٍ، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً.
1587 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
: أَنَّ رَجُلاً جَاءَ
إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ : إنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي
ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : فَمَاذَا
قِيلَ لَكَ؟ قَالَ : قِيلَ لِي : إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنِّي. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : صَدَقُوا، مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ
اللَّهُ، فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْساً، جَعَلْنَا
لَبْسَهُ مُلْصَقاً بِهِ، لاَ تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَنَتَحَمَّلَهُ
عَنْكُمْ، هُوَ كَمَا يَقُولُونَ(918).
1588 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ : الْبَتَّةُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا ؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَقُلْتُ لَهُ كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ يَجْعَلُهَا
وَاحِدَةً. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لَوْ كَانَ الطَّلاَقُ
أَلْفاً, مَا أَبْقَتِ الْبَتَّةُ مِنْهُ شَيْئاً، مَنْ قَالَ الْبَتَّةَ، فَقَدْ
رَمَى الْغَايَةَ الْقُصْوَى.
1589 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ
الْحَكَمِ، كَانَ يَقْضِي فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ :
أَنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
2 - باب مَا جَاءَ فِي
الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ
1590 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّهُ كُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
مِنَ الْعِرَاقَ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لاِمْرَأَتِهِ : حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ،
فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَامِلِهِ، أَنْ مُرْهُ يُوَافِينِي بِمَكَّةَ
فِي الْمَوْسِمِ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ, إِذْ لَقِيَهُ الرَّجُلُ،
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا
الَّذِي أَمَرْتَ أَنْ أُجْلَبَ عَلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ، مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ : حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : لَوِ اسْتَحْلَفْتَنِي
فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ مَا صَدَقْتُكَ، أَرَدْتُ بِذَلِكَ الْفِرَاقَ.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : هُوَ مَا أَرَدْتَ(919).
1591 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ
أبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ
حَرَامٌ : إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ.
قَالَ مَالِكُ :
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1592 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ فِي
الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ : إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُمَا.
1593 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَنَّ
رَجُلاً كَانَتْ تَحْتَهُ وَلِيدَةٌ لِقَوْمٍ، فَقَالَ لأَهْلِهَا : شَأْنَكُمْ بِهَا، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ
وَاحِدَةٌ(920).
1594 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ
: بَرِئْتِ مِنِّى، وَبَرِئْتُ مِنْكِ
: إِنَّهَا ثَلاَثُ
تَطْلِيقَاتٍ، بِمَنْزِلَةِ الْبَتَّةِ.
1595 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَرِيَّةٌ، أَوْ
بَائِنَةٌ: إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ، لِلْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ
بِهَا، وَيُدَيَّنُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوَاحِدَةً أَرَادَ أَمْ
ثَلاَثاً، فَإِنْ قَالَ : وَاحِدَةً، أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ خَاطِباً
مِنَ الْخُطَّابِ، لأَنَّهُ لاَ يُخْلِي الْمَرْأَةَ الَّتِى قَدْ دَخَلَ بِهَا
زَوْجُهَا، وَلاَ يُبِينُهَا، وَلاَ يُبْرِيهَا، إِلاَّ ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ،
وَالَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، تُخْلِيهَا، وَتُبْرِيهَا، وَتُبِينُهَا،
الْوَاحِدَةُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ(921).
3 - باب مَا يُبِينُ مِنَ
التَّمْلِيكِ
1596 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إنِّي جَعَلْتُ أَمْرَ
امْرَأَتِي فِي يَدِهَا، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أُرَاهُ كَمَا قَالَتْ. فَقَالَ الرَّجُلُ : لاَ تَفْعَلْ
يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَنَا أَفْعَلُ، أَنْتَ
فَعَلْتَهُ.
1597 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : إِذَا
مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ، إِلاَّ
أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ : لَمْ أُرِدْ إِلاَّ وَاحِدَةً، فَيَحْلِفُ
عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا.
4 - باب مَا يَجِبُ فِيهِ
تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ التَّمْلِيكِ
1598 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ, عَنْ
خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ كَانَ جَالِساً
عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَتِيقٍ، وَعَيْنَاهُ
تَدْمَعَانِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : مَلَّكْتُ
امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَفَارَقَتْنِي. فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : مَا حَمَلَكَ عَلَى
ذَلِكَ ؟ قَالَ
: الْقَدَرُ. فَقَالَ
زَيْدٌ : ارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ، وَأَنْتَ أَمْلَكُ
بِهَا.
1599 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ
ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، فَقَالَتْ أَنْتَ الطَّلاَقُ فَسَكَتَ،
ثُمَّ قَالَتْ : أَنْتَ الطَّلاَقُ، فَقَالَ : بِفِيكِ
الْحَجَرُ، ثُمَّ قَالَتْ : أَنْتَ الطَّلاَقُ، فَقَالَ : بِفِيكِ الْحَجَرُ.
فَاخْتَصَمَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَاسْتَحْلَفَهُ مَا مَلَّكَهَا
إِلاَّ وَاحِدَةً وَرَدَّهَا إِلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَكَانَ الْقَاسِمُ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ
وَيَرَاهُ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَأَحَبُّهُ إِلَىَّ.
5 - باب مَا لاَ يُبِينُ
مِنَ التَّمْلِيكِ
1600 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا خَطَبَتْ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أبِي بَكْرٍ قُرَيْبَةَ بِنْتَ أبِي أُمَيَّةَ فَزَوَّجُوهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ
عَتَبُوا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالُوا : مَا زَوَّجْنَا إِلاَّ عَائِشَةَ،
فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ،
فَجَعَلَ أَمْرَ قُرَيْبَةَ بِيَدِهَا، فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
طَلاَقاً(922).
1601 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُنْذِرَ
بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : وَمِثْلِي يُصْنَعُ هَذَا بِهِ، وَمِثْلِي يُفْتَاتُ
عَلَيْهِ، فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ
الْمُنْذِرُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ : مَا كُنْتُ لأَرُدَّ أَمْراً قَضَيْتِيهِ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ
عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاَقاً(923).
1602 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلاَ، عَنِ الرَّجُلِ يُمَلِّكُ امْرَأَتَهُ
أَمْرَهَا، فَتَرُدُّ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَلاَ تَقْضِي فِيهِ شَيْئاً، فَقَالاَ:
لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ.
1603 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ
قَالَ : إِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، فَلَمْ تُفَارِقْهُ
وَقَرَّتْ عِنْدَهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ(924).
1604 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمُمَلَّكَةِ إِذَا مَلَّكَهَا زَوْجُهَا أَمْرَهَا، ثُمَّ افْتَرَقَا، وَلَمْ
تَقْبَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً : فَلَيْسَ بِيَدِهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَهُوَ
لَهَا مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا.
6 - باب الإِيلاَءِ
1605 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ،
لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلاَقٌ, وَإِنْ مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ حَتَّى
يُوقَفَ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ(925).
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1606 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ
الأَشْهُرِ, وُقِفَ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلاَقٌ
إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ حَتَّى يُوقَفَ.
1607 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَأَبَا بَكْرِ
بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولاَنِ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ
: إِنَّهَا إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ،
وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ.
1608 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ
الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الرَّجُلِ إِذَا آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ : أَنَّهَا
إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ، فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ، وَلَهُ عَلَيْهَا
الرَّجْعَةُ، مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا. قَالَ
مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ شِهَابٍ.
1609 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ، فَيُطَلِّقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ
الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، ثُمَّ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ : إنَّهُ إِنْ لَمْ
يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا، وَلاَ
رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ، مِنْ مَرَضٍ، أَوْ
سِجْنٍ, أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُذْرِ، فَإِنَّ ارْتِجَاعَهُ إِيَّاهَا
ثَابِتٌ عَلَيْهَا، فَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ،
فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ وَقَفَ أَيْضاً،
فَإِنْ لَمْ يَفِيْ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ، بِالإِيلاَءِ الأَوَّلِ، إِذَا
مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، لأَنَّهُ
نَكَحَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَلاَ عِدَّةَ لَهُ
عَلَيْهَا وَلاَ رَجْعَةَ.
1610 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ، فَيُوقَفُ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ
فَيُطَلِّقُ، ثُمَّ يَرْتَجِعُ وَلاَ يَمَسُّهَا، فَتَنْقَضِى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، إِنَّهُ لاَ يُوقَفُ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ
طَلاَقٌ، وَإِنَّهُ إِنْ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَانَ
أَحَقَّ بِهَا,
وَإِنْ مَضَتْ
عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا، وَهَذَا
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1611 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، فَتَنْقَضِي الأَرْبَعَةُ
الأَشْهُرِ, قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الطَّلاَقِ، قَالَ : هُمَا تَطْلِيقَتَانِ،
إِنْ هُوَ وُقِفَ وَلَمْ يَفِيْ، وَإِنْ مَضَتْ عِدَّةُ الطَّلاَقِ قَبْلَ
الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ,
فَلَيْسَ الإِيلاَءُ
بِطَلاَقٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَرْبَعَةَ الأَشْهُرِ الَّتِى كَانَتْ تُوقَفُ
بَعْدَهَا مَضَتْ، وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةٍ(926).
1612 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ يَوْماً أَوْ شَهْراً، ثُمَّ مَكَثَ
حَتَّى يَنْقَضِيَ أَكْثَرُ مِنَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ
إِيلاَءً، وَإِنَّمَا يُوقَفُ فِي الإِيلاَءِ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الأَرْبَعَةِ
الأَشْهُرِ، فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ, أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ إِيلاَءً، لأَنَّهُ
إِذَا دَخَلَ الأَجَلُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ، خَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ، وَلَمْ
يَكُنْ عَلَيْهِ وَقْفٌ.
1613 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
حَلَفَ لاِمْرَأَتِهِ أَنْ لاَ يَطَأَهَا، حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا، فَإِنَّ
ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً، وَقَدْ بَلَغَنِي : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ
سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَرَهُ إِيلاَءً.
7 - باب إِيلاَءِ
الْعَبْدِ
1614 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ إِيلاَءِ الْعَبْدِ، فَقَالَ :
هُوَ نَحْوُ إِيلاَءِ الْحُرِّ، وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَإِيلاَءُ الْعَبْدِ
شَهْرَانِ.
8 - باب ظِهَارِ الْحُرِّ
1615 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ : أَنَّهُ
سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَةً إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا
؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إِنَّ رَجُلاً جَعَلَ امْرَأَةً عَلَيْهِ
كَظَهْرِ أُمِّهِ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا، فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا، أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا، حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الْمُتَظَاهِرِ(927).
1616 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ
بْنَ يَسَارٍ, عَنْ رَجُلٍ تَظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا ؟
فَقَالاَ : إِنْ نَكَحَهَا فَلاَ يَمَسَّهَا، حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الْمُتَظَاهِرِ.
1617 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ
تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ لَهُ, بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ(928).
1618 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ : ( فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) [المجادلة : 3] ( فَمَنْ
لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا
فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) [المجادلة
: 4].
1619 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ قَالَ :
لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ تَظَاهَرَ، ثُمَّ كَفَّرَ،
ثُمَّ تَظَاهَرَ بَعْدَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضاً.
1620 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ مَسَّهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ لَيْسَ
عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَكُفُّ عَنْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1621 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالظِّهَارُ مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالنَّسَبِ سَوَاءٌ.
1622 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ ظِهَارٌ(929).
1623 - قَالَ مَالِكٌ فِي
قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ
نِسَائِهِمْ، ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ) [المجادلة
: 3] قَالَ : سَمِعْتُ أَنَّ تَفْسِيرَ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنِ
امْرَأَتِهِ، ثُمَّ يُجْمِعَ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا، فَإِنْ أَجْمَعَ
عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ
يُجْمِعْ بَعْدَ تَظَاهُرِهِ مِنْهَا، عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا، فَلاَ
كَفَّارَةَ عَلَيْهِ(930).
قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا، حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الْمُتَظَاهِرِ.
1624 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنْ أَمَتِهِ : إِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَهَا،
فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا.
1625 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَدْخُلُ عَلَى الرَّجُلِ إِيلاَءٌ فِي تَظَاهُرِهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
مُضَارًّا، لاَ يُرِيدُ أَنْ يَفِيءَ مِنْ تَظَاهُرِهِ.
1626 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ عُرْوَةَ بْنَ
الزُّبَيْرِ, عَنْ رَجُلٍ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا
عَلَيْكِ مَا عِشْتِ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ : يُجْزِئُهُ عَنْ ذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ.
9 - باب ظِهَارِ
الْعَبِيدِ
1627 - حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ ؟ فَقَالَ :
نَحْوُ ظِهَارِ الْحُرِّ.
قَالَ مَالِكٌ :
يُرِيدُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ، كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحُرِّ.
1628 - قَالَ مَالِكٌ :
وَظِهَارُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَصِيَامُ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ
شَهْرَانِ.
1629 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبْدِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ : إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ
إِيلاَءٌ, وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ يَصُومُ صِيَامَ كَفَّارَةِ
الْمُتَظَاهِرِ، دَخَلَ عَلَيْهِ طَلاَقُ الإِيلاَءِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ
صِيَامِهِ.
10 - باب مَا جَاءَ فِي
الْخِيَارِ
1630 - حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِي
بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ، فَكَانَتْ إِحْدَى السُّنَنِ الثَّلاَثِ : أَنَّهَا
أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَالْبُرْمَةُ
تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ ». فَقَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ
عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ »(931).
1631 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
فِي الأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَعْتِقُ : إِنَّ الأَمَةَ لَهَا
الْخِيَارُ، مَا لَمْ يَمَسَّهَا.
1632 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ مَسَّهَا زَوْجُهَا، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ,
فَإِنَّهَا تُتَّهَمُ وَلاَ تُصَدَّقُ بِمَا ادَّعَتْ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَلاَ
خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا.
1633 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ مَوْلاَةً
لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ
عَبْدٍ، وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعَتَقَتْ، قَالَتْ : فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ
حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ (ﷺ) ، فَدَعَتْنِى فَقَالَتْ : إنِّي مُخْبِرَتُكِ خَبَراً،
وَلاَ أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئاً، إِنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ، مَا لَمْ
يَمْسَسْكِ زَوْجُكِ، فَإِنْ مَسَّكِ، فَلَيْسَ لَكِ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ.
قَالَتْ : فَقُلْتُ هُوَ الطَّلاَقُ، ثُمَّ الطَّلاَقُ، ثُمَّ الطَّلاَقُ.
فَفَارَقَتْهُ ثَلاَثاً.
1634 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ، فَإِنَّهَا
تُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ(932).
1635 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ، ثُمَّ تَعْتِقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا
أَوْ يَمَسَّهَا، إِنَّهَا إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلاَ صَدَاقَ لَهَا، وَهِيَ
تَطْلِيقَةٌ، وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1636 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ
امْرَأَتَهُ, فَاخْتَارَتْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1637 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمُخَيَّرَةِ إِذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَقَدْ
طَلُقَتْ ثَلاَثاً، وَإِنْ قَالَ زَوْجُهَا : لَمْ
أُخَيِّرْكِ إِلاَّ وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا
سَمِعْتُ.
1638 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ : قَدْ قَبِلْتُ وَاحِدَةً، وَقَالَ : لَمْ أُرِدْ
هَذَا، وَإِنَّمَا خَيَّرْتُكِ فِي الثَّلاَثِ جَمِيعاً، أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَقْبَلْ
إِلاَّ وَاحِدَةً، أَقَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى نِكَاحِهَا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
فِرَاقاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
11 - باب مَا جَاءَ فِي
الْخُلْعِ
1639 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الأَنْصَاري :
أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ، فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ
فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَنْ هَذِهِ ؟». فَقَالَتْ : أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « مَا شَأْنُكِ
؟». قَالَتْ : لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا جَاءَ
زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَذِهِ
حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ ».
فَقَالَتْ حَبِيبَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ : « خُذْ مِنْهَا ». فَأَخَذَ مِنْهَا
وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا(933).
1640 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ مَوْلاَةٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ :
أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا، فَلَمْ يُنْكِرْ
ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
1641 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمُفْتَدِيَةِ الَّتِي تَفْتَدِي مِنْ زَوْجِهَا : أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَنَّ
زَوْجَهَا أَضَرَّ بِهَا وَضَيَّقَ عَلَيْهَا، وَعُلِمَ أَنَّهُ ظَالِمٌ لَهَا،
مَضَى الطَّلاَقُ وَرَدَّ عَلَيْهَا مَالَهَا.
قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا
الَّذِي كُنْتُ أَسْمَعُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
1642 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِىَ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا، بِأَكْثَرَ مِمَّا
أَعْطَاهَا.
12 - باب طَلاَقِ
الْمُخْتَلِعَةِ
1643 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوَّذِ بْنِ عَفْرَاءَ،
جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَأَخْبَرَتْهُ
أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ،
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
: عِدَّتُهَا عِدَّةُ
الْمُطَلَّقَةِ.
1644 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ،
وَابْنَ شِهَابٍ كَانُوا يَقُولُونَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ، مِثْلُ عِدَّةِ
الْمُطَلَّقَةِ، ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ(934).
1645 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْمُفْتَدِيَةِ : إِنَّهَا لاَ تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ
جَدِيدٍ، فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا، فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، لَمْ
يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنَ الطَّلاَقِ الآخَرِ، وَتَبْنِي عَلَى
عِدَّتِهَا الأُولَى.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1646 - قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا افْتَدَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ، عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا،
فَطَلَّقَهَا طَلاَقاً مُتَتَابِعاً نَسَقاً، فَذَلِكَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ
كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ، فَمَا أَتْبَعَهُ بَعْدَ الصُّمَاتِ فَلَيْسَ
بِشَيْءٍ(935).
13 - باب مَا جَاءَ فِي
اللِّعَانِ
1647 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ
أَخْبَرَهُ : أَنَّ عُوَيْمِراً الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ
الأَنْصَاري، فَقَالَ لَهُ : يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ
امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ سَلْ
لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) . فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى
كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ، مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ،
فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ : يَا
عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ :
لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمَسْأَلَةَ الَّتِي
سَأَلْتُهُ عَنْهَا. فَقَالَ عُوَيْمِرٌ : وَاللَّهِ
لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ، حَتَّى أَتَى
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ
فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « قَدْ
أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ». قَالَ سَهْلٌ :
فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَلَمَّا
فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ : كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا.
فَطَلَّقَهَا
ثَلاَثاً، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ :
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ بَعْدُ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ(936).
1648 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ
امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ،
وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَيْنَهُمَا،
وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ(937).
1649 - قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ
أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ
لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا
الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ
الصَّادِقِينَ) [النور
: 6-9](938).
1650 - قَالَ مَالِكٌ :
السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ يَتَنَاكَحَانِ أَبَداً،
وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ
تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَداً، وَعَلَى هَذَا السُّنَّةُ عِنْدَنَا، الَّتِي لاَ
شَكَّ فِيهَا وَلاَ اخْتِلاَفَ.
1651 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِرَاقاً بَاتًّا، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا
فِيهِ رَجْعَةٌ، ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا : لاَعَنَهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً،
وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، إِذَا ادَّعَتْهُ، مَا لَمْ يَأْتِ
دُونَ ذَلِكَ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهُ
مِنْهُ(939).
قَالَ : فَهَذَا
الأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
1652 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، وَهِيَ
حَامِلٌ، يُقِرُّ بِحَمْلِهَا، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا تَزْنِي قَبْلَ
أَنْ يُفَارِقَهَا، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ
حَمْلَهَا بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، لاَعَنَهَا(940).
قَالَ وَهَذَا
الَّذِي سَمِعْتُ.
1653 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ، يَجْرِي مَجْرَى
الْحُرِّ فِي مُلاَعَنَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَةً
حَدٌّ.
1654- قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ،
تُلاَعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا،
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) [النور : 6] فَهُنَّ
مِنَ الأَزْوَاجِ، وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1655 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الأَمَةَ
الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوِ الْيَهُودِيَّةَ،
لاَعَنَهَا.
1656 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُلاَعِنُ امْرَأَتَهُ، فَيَنْزِعُ وَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ
أَوْ يَمِينَيْنِ، مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ : إِنَّهُ إِذَا نَزَعَ
قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا(941).
1657 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ
يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلاَثَةُ الأَشْهُرِ قَالَتِ
الْمَرْأَةُ : أَنَا حَامِلٌ. قَالَ : إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا،
لاَعَنَهَا.
1658 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ يُلاَعِنُهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا : إِنَّهُ
لاَ يَطَؤُهَا وَإِنْ مَلَكَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ، أَنَّ الْمُتَلاَعِنِيْنِ
لاَ يَتَرَاجَعَانِ أَبَداً.
1659 - قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَيْسَ لَهَا
إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ.
14 - باب مِيرَاثِ وَلَدِ
الْمُلاَعَنَةِ
1660 - حَدَّثَنِي
يَحْيَى،وعَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ
يَقُولُ فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ، وَوَلَدِ الزِّنَا : أَنَّهُ إِذَا مَاتَ
وَرِثَتْهُ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ، إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً،
وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ(942).
1661 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَلَى
ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
15 - باب طَلاَقِ
الْبِكْرِ
1662 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
ثَوْبَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ :
طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلاَثاً قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، ثُمَّ بَدَا
لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَجَاءَ يَسْتَفْتِي، فَذَهَبْتُ مَعَهُ أَسْأَلُ لَهُ,
فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالاَ
: لاَ نَرَى أَنْ تَنْكِحَهَا، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَكَ. قَالَ :
فَإِنَّمَا طَلاَقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّكَ أَرْسَلْتَ
مِنْ يَدِكَ مَا كَانَ لَكَ مِنْ فَضْلٍ.
1663 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ،
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أبِي عَيَّاشٍ الأَنْصَاري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،
أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثاً قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا،
قَالَ عَطَاءٌ : فَقُلْتُ إِنَّمَا طَلاَقُ الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ. فَقَالَ لِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّمَا أَنْتَ قَاصٌّ،
الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلاَثَةُ تُحَرِّمُهَا، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً
غَيْرَهُ(943).
1664 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الأَشَجِّ : أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أبِي عَيَّاشٍ
الأَنْصَاري، أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ، فَقَالَ
: إِنَّ رَجُلاً مِنْ
أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثاً قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا،
فَمَاذَا تَرَيَانِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : إِنَّ هَذَا
الأَمْرَ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ، فَاذْهَبْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
وَأبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَلْهُمَا، ثُمَّ
ائْتِنَا فَأَخْبِرْنَا. فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لأبِي هُرَيْرَةَ
: أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلاَثَةُ تُحَرِّمُهَا،
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ(944) .
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1665 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالثَّيِّبُ إِذَا مَلَكَهَا الرَّجُلُ, فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، إِنَّهَا تَجْرِى
مَجْرَى الْبِكْرِ، الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلاَثُ تُحَرِّمُهَا، حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ.
16 - باب طَلاَقِ
الْمَرِيضِ
1666 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ
- قَالَ وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ - وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
مِنْهُ، بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
1667 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الأَعْرَجِ :أَنَّ عُثْمَانَ
بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ نِسَاءَ ابْنِ مُكْمِلٍ مِنْهُ، وَكَانَ طَلَّقَهُنَّ
وَهُوَ مَرِيضٌ.
1668 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ :
بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَأَلَتْهُ أَنْ
يُطَلِّقَهَا، فَقَالَ : إِذَا حِضْتِ، ثُمَّ طَهُرْتِ فَآذِنِينِى، فَلَمْ تَحِضْ
حَتَّى مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَلَمَّا طَهُرَتْ آذَنَتْهُ,
فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا
مِنَ الطَّلاَقِ غَيْرُهَا، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ،
فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ، بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا(945).
1669 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ
قَالَ : كَانَتْ عِنْدَ جَدِّي حَبَّانَ امْرَأَتَانِ، هَاشِمِيَّةٌ
وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ، فَمَرَّتْ بِهَا
سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ عَنْهَا وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ : أَنَا أَرِثُهُ، لَمْ
أَحِضْ، فَاخَتَصَمَتَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَضَى لَهَا
بِالْمِيرَاثِ، فَلاَمَتِ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ، فَقَالَ : هَذَا عَمَلُ
ابْنِ عَمِّكِ، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا. يَعْنِى عَلِيَّ بْنَ أبِي
طَالِبٍ.
1670 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ
امْرَأَتَهُ ثَلاَثاً وَهُوَ مَرِيضٌ، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ.
1671 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ
الصَّدَاقِ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا،
ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ وَالْمِيرَاثُ، الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ
فِي هَذَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ.
17 - باب مَا جَاءَ فِي
مُتْعَةِ الطَّلاَقِ
1672 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ
امْرَأَةً لَهُ، فَمَتَّعَ بِوَلِيدَةٍ.
1673 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلاَّ الَّتِي تُطَلَّقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا
صَدَاقٌ، وَلَمْ تُمَسَّ، فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا.
1674 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ.
1675 - قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
1676 - قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ لِلْمُتْعَةِ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ، فِي قَلِيلِهَا وَلاَ كَثِيرِهَا.
18 - باب مَا جَاءَ فِي
طَلاَقِ الْعَبْدِ
1677 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ
نُفَيْعاً مُكَاتَباً كَانَ لأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَوْ عَبْداً
لَهَا، كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ, فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ
أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ (ﷺ) أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ
بْنَ عَفَّانَ، فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذاً
بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُمَا، فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعاً فَقَالاَ :
حَرُمَتْ عَلَيْكَ، حَرُمَتْ عَلَيْكَ(946).
1678 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ نُفَيْعاً
مُكَاتَباً كَانَ لأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، طَلَّقَ امْرَأَةً
حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ، فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ :
حَرُمَتْ عَلَيْكَ.
1679 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ : أَنَّ نُفَيْعاً مُكَاتَباً كَانَ لأُمِّ سَلَمَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، اسْتَفْتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : إنِّي طَلَّقْتُ
امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : حَرُمَتْ عَلَيْكَ.
1680- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : إِذَا
طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ
ثَلاَثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الأَمَةِ حَيْضَتَانِ.
1681 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : مَنْ
أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ، فَالطَّلاَقُ بِيَدِ الْعَبْدِ، لَيْسَ بِيَدِ
غَيْرِهِ مِنْ طَلاَقِهِ شَيْءٌ، فَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ أَمَةَ
غُلاَمِهِ، أَوْ أَمَةَ وَلِيدَتِهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ.
19 - باب نَفَقَةِ
الأَمَةِ إِذَا طُلِّقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ
1682 - قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ عَلَى حُرٍّ وَلاَ عَبْدٍ طَلَّقَا مَمْلُوكَةً، وَلاَ عَلَى عَبْدٍ
طَلَّقَ حُرَّةً طَلاَقاً بَائِناً نَفَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً، إِذَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ.
1683 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ عَلَى حُرٍّ أَنْ يَسْتَرْضِعَ ابنَهُ، وَهُوَ عِنْدَ قَوْمٍ آخَرِينَ،
وَلاَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ،
إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
20 - باب عِدَّةِ الَّتِي
تَفْقِدُ زَوْجَهَا
1684 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ
: أَيُّمَا امْرَأَةٍ
فَقَدَتْ زَوْجَهَا، فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ
سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، ثُمَّ تَحِلُّ.
1685 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، أَوْ
لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَلاَ سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الأَوَّلِ إِلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا، وَإِنْ أَدْرَكَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ
تَتَزَوَّجَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.
1686 - قَالَ مَالِكٌ :
وَأَدْرَكْتُ النَّاسَ يُنْكِرُونَ، الَّذِي قَالَ بَعْضُ النَّاسِ، عَلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ إِذَا جَاءَ فِي
صَدَاقِهَا، أَوْ فِي امْرَأَتِهِ.
1687 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِى
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا
وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، ثُمَّ يُرَاجِعُهَا فَلاَ يَبْلُغُهَا رَجْعَتُهُ، وَقَدْ
بَلَغَهَا طَلاَقُهُ إِيَّاهَا، فَتَزَوَّجَتْ : أَنَّهُ إِنْ دَخَلَ بِهَا
زَوْجُهَا الآخَرُ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَلاَ سَبِيلَ لِزَوْجِهَا
الأَوَّلِ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا إِلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا وَفِي الْمَفْقُودِ.
21 - باب مَا جَاءَ فِي
الأَقْرَاءِ وَعِدَّةِ الطَّلاَقِ وَطَلاَقِ الْحَائِضِ.
1688 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَسَأَلَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :
« مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ،
ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ
أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ
»(927).
1689 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ
الثَّالِثَةِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ : صَدَقَ
عُرْوَةُ، وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا : إِنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ) [البقرة :
228] فَقَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقْتُمْ، تَدْرُونَ مَا الأَقْرَاءُ ؟
إِنَّمَا الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ(948).
1690 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
يَقُولُ : مَا أَدْرَكْتُ أَحَداً مِنْ فُقَهَائِنَا إِلاَّ وَهُوَ يَقُولُ هَذَا.
يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ.
1691 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ :
أَنَّ الأَحْوَصَ هَلَكَ بِالشَّامِ حِينَ دَخَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ مِنَ
الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ
أبِي سُفْيَانَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ زَيْدٌ : إِنَّهَا إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ
الثَّالِثَةِ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ، وَبَرِئَ مِنْهَا، وَلاَ تَرِثُهُ، وَلاَ
يَرِثُهَا(949).
1692 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ، وَأبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ،
وَابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِذَا دَخَلَتِ الْمُطَلَّقَةُ
فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا، وَلاَ
مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا، وَلاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا.
1693 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا
طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ
الثَّالِثَةِ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا. قَالَ
مَالِكٌ : وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1694 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، أَنَّ
الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يَقُولاَنِ :
إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ، فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ،
فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ.
1695 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَابْنِ شِهَابٍ,
وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : عِدَّةُ
الْمُخْتَلِعَةِ ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ.
1696 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ
الأَقْرَاءُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ.
1697 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَّ
امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ، فَقَالَ لَهَا : إِذَا حِضْتِ فَآذِنِينِي.
فَلَمَّا حَاضَتْ آذَنَتْهُ، فَقَالَ إِذَا طَهُرْتِ فَآذِنِينِي، فَلَمَّا
طَهُرَتْ آذَنَتْهُ، فَطَلَّقَهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
22 - باب مَا جَاءَ فِي
عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا إِذَا طُلِّقَتْ فِيهِ
1698 - حَدَّثَنَا يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ : أَنَّ يَحْيَى
بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ
الْبَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ، فَأَرْسَلَتْ
عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ
يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَتِ : اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدِ
الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا. فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ : إِنَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي. وَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ : أَوَمَا بَلَغَكَ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ؟ فَقَالَتْ
عَائِشَةُ
: لاَ يَضُرُّكَ أَنْ
لاَ تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ. فَقَالَ مَرْوَانُ : إِنْ
كَانَ بِكِ الشَّرُّ، فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ(950).
1699 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ
: أَنَّ بِنْتَ سَعِيدِ
بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ فَانْتَقَلَتْ،
فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
1700 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ
فِي مَسْكَنِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، وَكَانَ طَرِيقَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ،
فَكَانَ يَسْلُكُ الطَّرِيقَ الأُخْرَى مِنْ أَدْبَارِ الْبُيُوتِ، كَرَاهِيَةَ
أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا، حَتَّى رَاجَعَهَا.
1701 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ
عَنِ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ، عَلَى
مَنِ الْكِرَاءُ ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : عَلَى زَوْجِهَا. قَالَ :
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ زَوْجِهَا ؟ قَالَ : فَعَلَيْهَا. قَالَ : فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ عِنْدَهَا ؟ قَالَ : فَعَلَى الأَمِيرِ(951).
23 - باب مَا جَاءَ فِي
نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ
1702 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ
سُفْيَانَ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ : أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا
الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ
فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ
: وَاللَّهِ مَا لَكِ
عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ. فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ
لَهُ فَقَالَ : « لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ ». وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ
فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: « تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا
أَصْحَأبِي، اعْتَدِّي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ
أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ». قَالَتْ :
فَلَمَّا حَلَلْتُ، ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا
جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «أَمَّا أَبُو
جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ
لاَ مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ». قَالَتْ : فَكَرِهْتُهُ،
ثُمَّ قَالَ : « انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ». فَنَكَحْتُهُ
فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْراً وَاغْتَبَطْتُ بِهِ(952).
1703 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : الْمَبْتُوتَةُ لاَ تَخْرُجُ
مِنْ بَيْتِهَا حَتَّى تَحِلَّ : وَلَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
حَامِلاً، فَيُنْفَقُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا. قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا
الأَمْرُ عِنْدَنَا.
24 - باب مَا جَاءَ فِي
عِدَّةِ الأَمَةِ مِنْ طَلاَقِ زَوْجِهَا
1704 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي طَلاَقِ الْعَبْدِ الأَمَةَ، إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ
أَمَةٌ، ثُمَّ عَتَقَتْ بَعْدُ، فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الأَمَةِ، لاَ يُغَيِّرُ
عِدَّتَهَا عِتْقُهَا، كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ
عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، لاَ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا(953).
1705 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَدُّ يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ، ثُمَّ يَعْتِقُ بَعْدَ أَنْ
يَقَعَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَإِنَّمَا حَدُّهُ حَدُّ عَبْدٍ.
1706 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْحُرُّ يُطَلِّقُ الأَمَةَ ثَلاَثاً، وَتَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ، وَالْعَبْدُ
يُطَلِّقُ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ.
1707 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ تَكُونُ تَحْتَهُ الأَمَةُ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا فَيَعْتِقُهَا :
إِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ حَيْضَتَيْنِ، مَا لَمْ يُصِبْهَا، فَإِنْ أَصَابَهَا
بَعْدَ مِلْكِهِ إِيَّاهَا، قَبْلَ عِتَاقِهَا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا إِلاَّ
الاِسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ(954).
25 - باب جَامِعِ عِدَّةِ
الطَّلاَقِ
1708 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
: أَيُّمَا امْرَأَةٍ
طُلِّقَتْ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا،
فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ،
وَإِلاَّ اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الأَشْهُرِ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ, ثُمَّ
حَلَّتْ(955).
1709 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ : الطَّلاَقُ لِلرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ لِلنِّسَاءِ.
1710 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ :
عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ.
1711- قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ، الَّتِى تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا حِينَ
يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا : أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ
تَحِضْ فِيهِنَّ، اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ, فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ
الأَشْهُرَ الثَّلاَثَةَ, اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ
أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ
الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الأَشْهُرَ الثَّلاَثَةَ، اسْتَقْبَلَتِ
الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ،
اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ، كَانَتْ قَدِ
اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اسْتَقْبَلَتْ ثَلاَثَةَ
أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الرَّجْعَةُ قَبْلَ
أَنْ تَحِلَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَتَّ طَلاَقَهَا.
1712- قَالَ مَالِكٌ :
السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَلَهُ
عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، فَاعْتَدَّتْ بَعْضَ عِدَّتِهَا، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا، ثُمَّ
فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا : أَنَّهَا لاَ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ
عِدَّتِهَا، وَأَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ مِنْ يَوْمَ طَلَّقَهَا عِدَّةً
مُسْتَقْبَلَةً، وَقَدْ ظَلَمَ زَوْجُهَا نَفْسَهُ وَأَخْطَأَ، إِنْ كَانَ
ارْتَجَعَهَا وَلاَ حَاجَةَ لَهُ بِهَا.
1713 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ،
ثُمَّ أَسْلَمَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنِ
انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا, وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ
انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ طَلاَقاً، وَإِنَّمَا فَسَخَهَا
مِنْهُ الإِسْلاَمُ بِغَيْرِ طَلاَقٍ.
26 - باب مَا جَاءَ فِي
الْحَكَمَيْنِ
1714 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ قَالَ : فِي
الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ
يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً
خَبِيراً
) [النساء : 35] إِنَّ
إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالاِجْتِمَاعَ(956).
1715 - قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ الْحَكَمَيْنِ
يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فِي الْفُرْقَةِ
وَالاِجْتِمَاعِ(957).
27 - باب يَمِينِ
الرَّجُلِ بِطَلاَقٍ مَا لَمْ يَنْكِحُ
1716 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،
وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَسَالِمَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ, وَابْنَ
شِهَابٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانُوا يَقُولُونَ : إِذَا حَلَفَ
الرَّجُلُ بِطَلاَقِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا، ثُمَّ أَثِمَ، إِنَّ
ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ إِذَا نَكَحَهَا(958).
1717 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ
فِيمَنْ قَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ : إِنَّهُ إِذَا لَمْ
يُسَمِّ قَبِيلَةً، أَوِ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1718 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ الطَّلاَقُ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ
أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، وَمَالُهُ صَدَقَةٌ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا
فَحَنِثَ، قَالَ : أَمَّا نِسَاؤُهُ فَطَلاَقٌ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ :
كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُسَمِّ
امْرَأَةً بِعَيْنِهَا، أَوْ قَبِيلَةً، أَوْ أَرْضاً، أَوْ نَحْوَ هَذَا،
فَلَيْسَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلْيَتَزَوَّجْ مَا شَاءَ، وَأَمَّا مَالُهُ فَلْيَتَصَدَّقْ
بِثُلُثِهِ.
28 - باب أَجَلِ الَّذِي
لاَ يَمَسُّ امْرَأَتَهُ
1719 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا، فَإِنَّهُ
يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ سَنَةً، فَإِنْ مَسَّهَا، وَإِلاَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
1720 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ مَتَى يُضْرَبُ لَهُ الأَجَلُ، أَمِنْ
يَوْمِ يَبْنِي بِهَا، أَمْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ ؟ فَقَالَ
: بَلْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ.
1721 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الَّذِي قَدْ مَسَّ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا، فَإِنِّي لَمْ
أَسْمَعْ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا(960).
29 - باب جَامِعِ
الطَّلاَقِ
1722 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ، وَعِنْدَهُ
عَشْرُ نِسْوَةٍ حِينَ أَسْلَمَ الثَّقَفِي : «أَمْسِكْ
مِنْهُنَّ أَرْبَعاً، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ »(961).
1723 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيَّبِ، وَحُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ،
كُلُّهُمْ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ يَقُولُ
: أَيُّمَا امْرَأَةٍ
طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى
تَحِلَّ وَتَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، فَيَمُوتَ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ
يَنْكِحُهَا زَوْجُهَا الأَوَّلُ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ، عَلَى مَا بَقِىَ
مِنْ طَلاَقِهَا(962).
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا.
1724 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الأَحْنَفِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدٍ لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ : فَدَعَانِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجِئْتُهُ فَدَخَلْتُ
عَلَيْهِ، فَإِذَا سِيَاطٌ مَوْضُوعَةٌ، وَإِذَا قَيْدَانِ مِنْ حَدِيدٍ،
وَعَبْدَانِ لَهُ قَدْ أَجْلَسَهُمَا، فَقَالَ : طَلِّقْهَا، وَإِلاَّ وَالَّذِي
يُحْلَفُ بِهِ فَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ : فَقُلْتُ هِيَ الطَّلاَقُ أَلْفاً.
قَالَ : فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَدْرَكْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي، فَتَغَيَّظَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَقَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ، وَإِنَّهَا لَمْ
تَحْرُمْ عَلَيْكَ، فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ. قَالَ :
فَلَمْ تُقْرِرْنِي نَفْسِي حَتَّى أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ -
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ أَمِيرٌ عَلَيْهَا - فَأَخْبَرْتُهُ
بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي، وَبِالَّذِي قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ،
قَالَ : فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْكَ،
فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ. وَكَتَبَ إِلَى جَابِرِ بْنِ الأَسْوَدِ الزُّهْرِيِّ -
وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ - يَأْمُرُهُ أَنْ يُعَاقِبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَهْلِي، قَالَ : فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَجَهَّزَتْ صَفِيَّةُ امْرَأَةُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَتِي، حَتَّى أَدْخَلَتْهَا عَلَيَّ بِعِلْمِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ، ثُمَّ دَعَوْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمَ عُرْسِي
لِوَلِيمَتِي فَجَاءَنِي(963).
1725 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ قَرَأَ : ( يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
فَطَلِّقُوهُنَّ ) [الطلاق : 1] لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ. قَالَ مَالِكٌ : يَعْنِي
بِذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً(964).
1726 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ
الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا،
كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى
امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا
رَاجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ قَالَ : لاَ وَاللَّهِ لاَ آوِيكِ إِلَيَّ،
وَلاَ تَحِلِّينَ أَبَداً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (
الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ )
[البقرة : 229] فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلاَقَ جَدِيداً مِنْ يَوْمِئِذٍ، مَنْ
كَانَ طَلَّقَ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ(965).
1727 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ : أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ،
ثُمَّ يُرَاجِعُهَا، وَلاَ حَاجَةَ لَهُ بِهَا، وَلاَ يُرِيدُ إِمْسَاكَهَا،
كَيْمَا يُطَوِّلَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ لِيُضَارَّهَا، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) [البقرة : 231] يَعِظُهُمُ
اللَّهُ بِذَلِكَ(966).
1728 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ
بْنَ يَسَارٍ، سُئِلاَ عَنْ طَلاَقِ السَّكْرَانِ فَقَالاَ : إِذَا طَلَّقَ
السَّكْرَانُ جَازَ طَلاَقُهُ، وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1729 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ :
إِذَا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
30 - باب عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى
عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً
1730 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ
يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : آخِرَ الأَجَلَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ. فَدَخَلَ
أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
(ﷺ) ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ
الأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ، فَخَطَبَهَا
رَجُلاَنِ، أَحَدُهُمَا شَابٌّ، وَالآخَرُ كَهْلٌ، فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ,
فَقَالَ الشَّيْخُ : لَمْ تَحِلِّي بَعْدُ. وَكَانَ أَهْلُهَا غَيَباً، وَرَجَا
إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)
فَقَالَ : « قَدْ حَلَلْتِ، فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ »(967).
1731 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ
يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
: إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ. فَأَخْبَرَهُ
رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ عِنْدَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ :
لَوْ وَضَعَتْ، وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ لَحَلَّتْ.
1732 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ
بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « قَدْ حَلَلْتِ،
فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ »(968).
1733 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ،
فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ : إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَقَدْ حَلَّتْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : آخِرَ الأَجَلَيْنِ. فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ
: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي. يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ، فَبَعَثُوا كُرَيْباً مَوْلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا
قَالَتْ : وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ، بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا
بِلَيَالٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « قَدْ حَلَلْتِ : فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ »(969).
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا.
31 - باب مَقَامَ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِهَا حَتَّى تَحِلَّ
1734 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ
عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ
مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ - وَهِيَ أُخْتُ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ – أَخْبَرَتْهَا
: أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) تَسْأَلُهُ، أَنْ تَرْجِعَ إِلَى
أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ
أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ.
قَالَتْ : فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فِي بَنِي
خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلاَ
نَفَقَةَ، قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
نَعَمْ ». قَالَتْ : فَانْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ
نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، أَوْ أَمَرَ بِي فَنُودِيتُ لَهُ، فَقَالَ : «
كَيْفَ قُلْتِ ؟». فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ لَهُ مِنْ
شَأْنِ زَوْجِي، فَقَالَ : « امْكُثِي فِي بَيْتِكِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ
أَجَلَهُ ». قَالَتْ : فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً،
قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي
عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ(970).
1735 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَرُدُّ الْمُتَوَفَّى
عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، يَمْنَعُهُنَّ الْحَجَّ(971).
1736 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ السَّائِبَ بْنَ
خَبَّابٍ تَوَفَّى، وَإِنَّ امْرَأَتَهُ جَاءَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، فَذَكَرَتْ لَهُ وَفَاةَ زَوْجِهَا, وَذَكَرَتْ لَهُ حَرْثاً لَهُمْ
بِقَنَاةَ، وَسَأَلَتْهُ هَلْ يَصْلُحُ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِيهِ، فَنَهَاهَا عَنْ
ذَلِكَ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ سَحَراً، فَتُصْبِحُ فِي حَرْثِهِمْ،
فَتَظَلُّ فِيهِ يَوْمَهَا، ثُمَّ تَدْخُلُ الْمَدِينَةَ إِذَا أَمْسَتْ فَتَبِيتُ
فِي بَيْتِهَا(972).
1737 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ
الْبَدَوِيَّةِ، يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا : إِنَّهَا تَنْتَوِي حَيْثُ
انْتَوَى أَهْلُهَا(973).
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1738 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
لاَ تَبِيتُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَلاَ الْمَبْتُوتَةُ إِلاَّ فِي
بَيْتِهَا.
32 - باب عِدَّةِ أُمِّ
الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا
1739 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ
بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرَّقَ بَيْنَ
رِجَالٍ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِ رِجَالٍ هَلَكُوا،
فَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ
حَتَّى يَعْتَدُّونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً. فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ : سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَاركَ وتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً ) [البقرة : 240] مَا هُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ.
1740 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : عِدَّةُ
أُمِّ الْوَلَدِ، إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ.
1741 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ع, َنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ : عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا
حَيْضَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1742 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحِيضُ، فَعِدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ.
33 - باب عِدَّةِ الأَمَةِ
إِذَا تَوَفِي سَيِّدُهَا أَوْ زَوْجُهَا
1743 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ
بْنَ يَسَارٍ، كَانَا يَقُولاَنِ
: عِدَّةُ الأَمَةِ،
إِذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ.
1744 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
1745 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبْدِ يُطَلِّقُ الأَمَةَ طَلاَقاً، لَمْ يَبُتَّهَا فِيهِ، لَهُ عَلَيْهَا
فِيهِ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ :
إِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، شَهْرَيْنِ
وَخَمْسَ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا إِنْ عَتَقَتْ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، ثُمَّ
لَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، حَتَّى يَمُوتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا
مِنْ طَلاَقِهِ، اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ
الْوَفَاةِ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ، فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.
34 - باب مَا جَاءَ فِي
الْعَزْلِ
1746 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ
الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ،
فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : خَرَجْنَا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)
فِي غَزْوَةِ بَنِي
الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْياً مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا
النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ،
فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، فَقُلْنَا : نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَيْنَ
أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : « مَا
عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
إِلاَّ وَهِيَ كَائِنَةٌ »(974).
1747 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ
بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ.
1748 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ
أَفْلَحَ مَوْلَى أبِي أَيُّوبَ الأَنْصَاري، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لأبِي أَيُّوبَ الأَنْصَاري
: أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ.
1749 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْزِلُ،
وَكَانَ يَكْرَهُ الْعَزْلَ.
1750 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
غَزِيَّةَ، أَنَّهُ كَانَ جَالِساً عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَجَاءَهُ ابْنُ
قَهْدٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - فَقَالَ : يَا
أَبَا سَعِيدٍ : إِنَّ عِنْدِي جَوَارِيَ لِي، لَيْسَ نِسَائِي اللاَّتِي أُكِنُّ
بِأَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهُنَّ، وَلَيْسَ كُلُّهُنَّ يُعْجِبُنِي أَنْ تَحْمِلَ
مِنِّي، أَفَأَعْزِلُ ؟ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : أَفْتِهِ يَا حَجَّاجُ.
قَالَ فَقُلْتُ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، إِنَّمَا نَجْلِسُ عِنْدَكَ
لِنَتَعَلَّمَ مِنْكَ. قَالَ أَفْتِهِ، قَالَ فَقُلْتُ : هُوَ حَرْثُكَ، إِنْ
شِئْتَ سَقَيْتَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَعْطَشْتَهُ. قَالَ : وَكُنْتُ أَسْمَعُ ذَلِكَ
مِنْ زَيْدٍ، فَقَالَ زَيْدٌ : صَدَقَ(975).
1751 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ
ذَفِيفٌ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَزْلِ، فَدَعَا
جَارِيَةً لَهُ فَقَالَ : أَخْبِرِيهِمْ. فَكَأَنَّهَا اسْتَحْيَتْ. فَقَالَ :
هُوَ ذَلِكَ، أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُهُ. يَعْنِي أَنَّهُ يَعْزِلُ.
1752 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَعْزِلُ الرَّجُلُ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ إِلاَّ بِإِذْنِهَا، وَلاَ بَأْسَ
أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةُ
قَوْمٍ، فَلاَ يَعْزِلُ إِلاَّ بِإِذْنِهِمْ(976).
35 - باب مَا جَاءَ فِي
الإِحْدَادِ
1753 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أبِي سَلَمَةَ :
أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلاَثَةَ قَالَتْ زَيْنَبُ :
دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) حِينَ تَوَفَّى أَبُوهَا
أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ، فِيهِ صُفْرَةٌ
خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ بِهِ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَحَتْ
بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ،
غَيْرَ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيْتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ
لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً »(977).
1754 - قَالَتْ زَيْنَبُ :
ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، حِينَ
تَوَفَّى أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ
مَا لِي بِالطِّيبِ حَاجَةٌ, غَيْرَ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) r يَقُولُ : « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيْتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ،
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً »(978).
1755 - قَالَتْ زَيْنَبُ :
وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : جَاءَتِ
امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ
ابْنَتِي تَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا، أَفَتَكْحُلُهُمَا
؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، كُلُّ
ذَلِكَ يَقُولُ : « لاَ »، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
وَعَشْراً، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي
بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ ». قَالَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ : فَقُلْتُ
لِزَيْنَبَ : وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ ؟ فَقَالَتْ
زَيْنَبُ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ
حِفْشاً، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيباً وَلاَ شَيْئاً،
حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ،
فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلاَّ مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ
فَتُعْطَى بَعْرَةً، فَتَرْمِي بِهَا، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ
طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْحِفْشُ الْبَيْتُ الرَّدِيءُ، وَتَفْتَضُّ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا،
كَالنُّشْرَةِ(979).
1756 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ
وَحَفْصَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ
يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى
مَيْتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ »(980).
1757 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، قَالَتْ
لاِمْرَأَةٍ حَادٍّ عَلَى زَوْجِهَا، اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ
مِنْهَا : اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجِلاَءِ بِاللَّيْلِ، وَامْسَحِيهِ
بِالنَّهَارِ(981).
1758 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنْهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ،
أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا :
إِنَّهَا إِذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِهَا، أَوْ شَكْوٍ
أَصَابَهَا، إِنَّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى، بِدَوَاءٍ أَوْ كُحْلٍ، وَإِنْ
كَانَ فِيهِ طِيبٌ.
1759 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ، فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ.
1760 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أبِي عُبَيْدٍ اشْتَكَتْ
عَيْنَيْهَا، وَهِيَ حَادٌّ عَلَى زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَلَمْ
تَكْتَحِلْ حَتَّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَصَانِ(982).
1761 - قَالَ مَالِكٌ :
تَدَّهِنُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالزَّيْتِ وَالشَّبْرَقِ وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ(983).
1762 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الْحَادُّ عَلَى زَوْجِهَا شَيْئاً مِنَ الْحَلْي،
خَاتَماً وَلاَ خَلْخَالاً وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْحَلْىِ، وَلاَ تَلْبَسُ شَيْئاً
مِنَ الْعَصْبِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَصْباً غَلِيظاً، وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْباً
مَصْبُوغاً بِشَيْءٍ مِنَ الصِّبْغِ، إِلاَّ بِالسَّوَادِ، وَلاَ تَمْتَشِطُ
إِلاَّ بِالسِّدْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ، مِمَّا لاَ يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا(984).
1763 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ
حَادٌّ عَلَى أبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنَيْهَا صَبِراً، فَقَالَ
: « مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ ؟».
فَقَالَتْ : إِنَّمَا
هُوَ صَبِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « اجْعَلِيهِ
فِي اللَّيْلِ، وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ »(985).
1764 - قَالَ مَالِكٌ :
الإِحْدَادُ عَلَى الصَّبِيَّةِ الَّتِى لَمْ تَبْلُغِ الْمَحِيضَ، كَهَيْئَتِهِ
عَلَى الَّتِي قَدْ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ، تَجْتَنِبُ مَا تَجْتَنِبُ الْمَرْأَةُ
الْبَالِغَةُ، إِذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا.
1765 - قَالَ مَالِكٌ :
تُحِدُّ الأَمَةُ، إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ
لَيَالٍ، مِثْلَ عِدَّتِهَا.
1766 - قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ إِحْدَادٌ، إِذَا هَلَكَ عَنْهَا سَيِّدُهَا، وَلاَ
عَلَى أَمَةٍ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا إِحْدَادٌ، وَإِنَّمَا الإِحْدَادُ عَلَى
ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ.
1767 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ
تَقُولُ : تَجْمَعُ الْحَادُّ رَأْسَهَا بِالسِّدْرِ وَالزَّيْتِ.
============
كتاب الرضاع
1 - باب رَضَاعَةِ
الصَّغِيرِ
1768 - حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي
بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ
يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أُرَاهُ فُلاَناً ».
لِعَمٍّ لِحَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ -
دَخَلَ عَلَيَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ
تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ »(1).
1769 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ
عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ
: « إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ ». قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ،
إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ. فَقَالَ : « إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ». قَالَتْ
عَائِشَةُ
: وَذَلِكَ بَعْدَ مَا
ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَحْرُمُ
مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ(2).
1770 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ
أَفْلَحَ أَخَا أبِي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا
مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الْحِجَابُ، قَالَتْ : فَأَبَيْتُ أَنْ
آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي
صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ(3).
1771 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ
مَصَّةً وَاحِدَةً، فَهُوَ يُحَرِّمُ.
1772 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ : أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ،
فَأَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا غُلاَماً، وَأَرْضَعَتِ الأُخْرَى جَارِيَةً، فَقِيلَ
لَهُ : هَلْ يَتَزَوَّجُ الْغُلاَمُ الْجَارِيَةَ ؟ فَقَالَ لاَ : اللِّقَاحُ
وَاحِدٌ(4).
1773 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ
رَضَاعَةَ إِلاَّ لِمَنْ أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ، وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ.
1774 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ
: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يَرْضَعُ إِلَى
أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالَتْ :
أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ. قَالَ سَالِمٌ :
فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ
تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ رَضَعَاتٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ،
مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ.
1775 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أبِي عُبَيْدٍ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ
حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
سَعْدٍ، إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تُرْضِعُهُ
عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ، فَفَعَلَتْ،
فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
1776 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا
مَنْ أَرْضَعَهُ أَخَوَاتُهَا، وَبَنَاتُ أَخِيهَا، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ
أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا.
1777 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ : كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ
كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ،
فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ : ثُمَّ
سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ : مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيَّبِ.
1778 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي
الْمَهْدِ، وَإِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ(6).
1779 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا
وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ، وَالرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ(7).
1780 - قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا،
إِذَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ، فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ،
فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئاً, وَإِنَّمَا
هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ.
2 - باب مَا جَاءَ فِي
الرَّضَاعَةِ بَعْدَ الْكِبَرِ
1781 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ،
فَقَالَ : أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، وَكَانَ
قَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَكَانَ تَبَنَّى سَالِماً، الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَالِمٌ مَوْلَى
أبِي حُذَيْفَةَ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ،
وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِماً، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ، أَنْكَحَهُ
بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهِيَ
يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى
قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، فِي زَيْدِ بْنِ
حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ
اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَمَوَالِيكُمْ
) [الأحزاب : 5] رُدَّ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ، رُدَّ
إِلَى مَوْلاَهُ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ، وَهِيَ امْرَأَةُ أبِي
حُذَيْفَةَ، وَهِيَ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ،
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَرَى سَالِماً وَلَداً، وَكَانَ
يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ، وَلَيْسَ لَنَا إِلاَّ بَيْتٌ وَاحِدٌ، فَمَاذَا
تَرَى فِي شَأْنِهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ،
فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا ». وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْناً مِنَ الرَّضَاعَةِ،
فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ
أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ
كُلْثُومٍ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ
مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَأَبَى سَائِرُ
أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،
وَقُلْنَ : لاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ)
سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ، إِلاَّ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِي
رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ، لاَ وَاللَّهِ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ
الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ، فَعَلَى هَذَا كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ (ﷺ) فِي رَضَاعَةِ
الْكَبِيرِ(8).
1782 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَنَا مَعَهُ عِنْدَ دَارِ الْقَضَاءِ يَسْأَلُهُ عَنْ
رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : إنِّي كَانَتْ لِي وَلِيدَةٌ وَكُنْتُ
أَطَؤُهَا، فَعَمَدَتِ امْرَأَتِي إِلَيْهَا فَأَرْضَعَتْهَا، فَدَخَلْتُ
عَلَيْهَا فَقَالَتْ : دُونَكَ فَقَدْ وَاللَّهِ أَرْضَعْتُهَا. فَقَالَ عُمَرُ :
أَوْجِعْهَا وَأْتِ جَارِيتَكَ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ(9).
1783 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ أَبَا مُوسَى
الأَشْعَرِيَّ فَقَالَ : إنِّي مَصِصْتُ مِنْ امْرَأَتِي مِنْ ثَدْيِهَا لَبَناً،
فَذَهَبَ فِي بَطْنِي، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ حَرُمَتْ
عَلَيْكَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : انْظُرْ مَاذَا تُفْتِي بِهِ
الرَّجُلَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ.
فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ، مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ
أَظْهُرِكُمْ(10).
3 - باب جَامِعِ مَا
جَاءَ فِي الرَّضَاعَةِ
1784 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ
: « يَحْرُمُ مِنَ
الرَّضَاعَةِ، مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ »(11).
1785 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّهُ قَالَ :
أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ،
عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الأَسَدِيَّةِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، حَتَّى
ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، فَلاَ يَضُرُّ أَوْلاَدَهُمْ
»(12).
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْغِيلَةُ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ.
1786 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ :
كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ
يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ
(ﷺ) وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ(13).
قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ.
==========
كتاب البيوع
1 - باب مَا جَاءَ فِي
بَيْعِ الْعُرْبَانِ
1787 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ
الْعُرْبَانِ(14).
1788 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ
الْعَبْدَ، أَوِ الْوَلِيدَةَ، أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلَّذِى
اشْتَرَى مِنْهُ، أَوْ تَكَارَى مِنْهُ : أُعْطِيكَ دِينَاراً، أَوْ دِرْهَماً،
أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ، عَلَى إنِّي إِنْ أَخَذْتُ السِّلْعَةَ،
أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ، فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ
السِّلْعَةِ، أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ تَرَكْتُ ابْتِيَاعَ
السِّلْعَةِ، أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ، فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ
شَيْءٍ(15).
1789 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبْتَاعَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ
الْفَصِيحَ، بِالأَعْبُدِ مِنَ الْحَبَشَةِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ مِنَ الأَجْنَاسِ،
لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ, وَلاَ فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفَاذِ
وَالْمَعْرِفَةِ، لاَ بَأْسَ بِهَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَبْدَ
بِالْعَبْدَيْنِ، أَوْ بِالأَعْبُدِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، إِذَا اخْتَلَفَ
فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضاً، حَتَّى
يَتَقَارَبَ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ
أَجْنَاسُهُمْ(16).
1790 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ ذَلِكَ، قَبْلَ أَنْ
تَسْتَوْفِيَهُ، إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي
اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ(17).
1791 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا بِيعَتْ، لأَنَّ
ذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، أَحَسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ،
أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ، أَوْ حَىٌّ أَوْ مَيْتٌ، وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ
ثَمَنِهَا(18).
1792 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ، أَوِ الْوَلِيدَةَ بِمِئَةِ دِينَارٍ إِلَى
أَجَلٍ, ثُمَّ يَنْدَمُ الْبَائِعُ، فَيَسْأَلُ الْمُبْتَاعَ أَنْ يُقِيلَهُ
بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ نَقْداً، أَوْ إِلَى أَجَلٍ،
وَيَمْحُو عَنْهُ الْمِئَةَ دِينَارٍ الَّتِي لَهُ. قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ وَإِنْ نَدِمَ الْمُبْتَاعُ، فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي
الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَبْدِ، وَيَزِيدَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ
إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ الأَجَلِ الَّذِي اشْتَرَى إِلَيْهِ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ،
فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ، لأَنَّ الْبَائِعَ
كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مِئَةَ دِينَارٍ لَهُ، إِلَى سَنَةٍ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ
بِجَارِيَةٍ وَبِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ
السَّنَةِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَى أَجَلٍ.
1793 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ
يَبِيعُ مِنَ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمَائِةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ, ثُمَّ
يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إِلَى
أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي بَاعَهَا إِلَيْهِ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ
يَصْلُحُ. وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ
يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِلَى أَجَلٍ
أَبْعَدَ مِنْهُ، يَبِيعُهَا بِثَلاَثِينَ دِينَاراً إِلَى شَهْرٍ، ثُمَّ
يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ دِينَاراً إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ،
فَصَارَ إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا وَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ
ثَلاَثِينَ دِينَاراً إِلَى شَهْرٍ، بِسِتِّينَ دِينَاراً إِلَى سَنَةٍ، أَوْ
إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ، فَهَذَا لاَ يَنْبَغِى.
2 - باب مَا جَاءَ فِي
مَالِ الْمَمْلُوكِ
1794 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ بَاعَ عَبْداً وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ،
إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ(19).
1795 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الْمُبْتَاعَ إِنِ اشْتَرَطَ
مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ، نَقْداً كَانَ أَوْ دَيْناً أَوْ عَرْضاً، يَعْلَمُ
أَوْ لاَ يَعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا
اشْتَرَى بِهِ، كَانَ ثَمَنُهُ نَقْداً أَوْ دَيْناً أَوْ عَرْضاً، وَذَلِكَ أَنَّ
مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ
جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِمِلْكِهِ إِيَّاهَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ
أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، وَلَمْ
يُتَّبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ(20).
3 - باب مَا جَاءَ فِي
الْعُهْدَةِ
1796 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، كَانَا
يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ،
مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ.
1797 - قَالَ مَالِكٌ : مَا
أَصَابَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ، مِنْ حِينِ
يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأَيَّامُ الثَّلاَثَةُ، فَهُوَ مِنَ
الْبَائِعِ، وَإِنَّ عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ
وَالْبَرَصِ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ، فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنَ
الْعُهْدَةِ كُلِّهَا(21).
1798 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ بَاعَ عَبْداً، أَوْ وَلِيدَةً، مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِمْ
بِالْبَرَاءَةِ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلاَ عُهْدَةَ عَلَيْهِ،
إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْباً
فَكَتَمَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُوداً،
وَلاَ عُهْدَةَ عِنْدَنَا إِلاَّ فِي الرَّقِيقِ(22).
4 - باب الْعَيْبِ فِي
الرَّقِيقِ
1799 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَماً لَهُ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ،
وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ : بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ :
بَاعَنِي عَبْداً وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ لِي. وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ،
عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ، لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ
وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ
الْعَبْدَ، فَصَحَّ عِنْدَهُ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ
وَخَمْسِ مِئَةِ دِرْهَمٍ(23).
1800 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً
فَحَمَلَتْ، أَوْ عَبْداً فَأَعْتَقَهُ، وَكُلَّ أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوْتُ حَتَّى
لاَ يُسْتَطَاعَ رَدُّهُ، فَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ
عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ، أَوْ عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافٍ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ
غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ يُقَوَّمُ، وَبِهِ الْعَيْبُ
الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا
بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحاً، وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ.
1801 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ،
ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يَرُدُّهُ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ
الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهِ
مُفْسِداً، مِثْلُ الْقَطْعِ، أَوِ الْعَوَرِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ
الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ، فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ
النَّظَرَيْنِ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، بِقَدْرِ
الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، وُضِعَ عَنْهُ، وَإِنْ
أَحَبَّ أَنْ يَغْرَمَ قَدْرَ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ،
ثُمَّ يَرُدُّ الْعَبْدَ، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ،
أُقِيمَ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ،
فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ
بِغَيْرِ عَيْبٍ مِئَةَ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ
ثَمَانُونَ دِينَاراً، وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِى مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ،
وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتُرِىَ الْعَبْدُ(24).
1802 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنْ رَدَّ وَلِيدَةً مِنْ عَيْبٍ
وَجَدَهُ بِهَا، وَكَانَ قَدْ أَصَابَهَا، أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِكْراً،
فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّباً، فَلَيْسَ
عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهَا شَيْءٌ، لأَنَّهُ كَانَ ضَامِناً لَهَا.
1803 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فِيمَنْ بَاعَ عَبْداً، أَوْ
وَلِيدَةً, أَوْ حَيَوَاناً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، أَوْ
غَيْرِهِمْ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، لَمْ
تَنْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ، وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُوداً عَلَيْهِ.
1804 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الْجَارِيَةِ تُبَاعُ بِالْجَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ يُوجَدُ بِإِحْدَى
الْجَارِيَتَيْنِ عَيْبٌ، تُرَدُّ مِنْهُ، قَالَ : تُقَامُ
الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ قِيمَةَ الْجَارِيَتَيْنِ، فَيُنْظَرُ كَمْ
ثَمَنُهَا، ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيَتَانِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ
بِإِحْدَاهُمَا، تُقَامَانِ صَحِيحَتَيْنِ سَالِمَتَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ
الْجَارِيَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِالْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِمَا، بِقَدْرِ
ثَمَنِهِمَا، حَتَّى يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهَا مِنْ
ذَلِكَ، عَلَى الْمُرْتَفِعَةِ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِهَا، وَعَلَى الأُخْرَى
بِقَدْرِهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ، فَيُرَدُّ بِقَدْرِ
الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ, إِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً،
وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبْضِهِمَا(25).
1805 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ، فَيُؤَاجِرُهُ بِالإِجَارَةِ الْعَظِيمَةِ، أَوِ
الْغَلَّةِ الْقَلِيلَةِ، ثُمَّ يَجِدُ بِهِ عَيْباً يُرَدُّ مِنْهُ : إِنَّهُ يَرُدُّهُ
بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَتَكُونُ لَهُ إِجَارَتُهُ وَغَلَّتُهُ، وَهَذَا الأَمْرُ
الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ بِبَلَدِنَا، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً
ابْتَاعَ عَبْداً, فَبَنَى لَهُ دَاراً، قِيمَةُ بِنَائِهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ
أَضْعَافاً، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْباً يُرَدُّ مِنْهُ، رَدَّهُ وَلاَ يُحْسَبُ
لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ إِجَارَةٌ فِيمَا عَمِلَ لَهُ، فَكَذَلِكَ تَكُونُ لَهُ
إِجَارَتُهُ إِذَا آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ، لأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ، وَهَذَا
الأَمْرُ عِنْدَنَا(26).
1806 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ ابْتَاعَ رَقِيقاً فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَدَ
فِي ذَلِكَ الرَّقِيقِ عَبْداً مَسْرُوقاً، أَوْ وَجَدَ بِعَبْدٍ مِنْهُمْ
عَيْباً، أَنَّهُ يُنْظَرُ فِيمَا وُجِدَ مَسْرُوقاً, أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْباً،
فَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، أَوْ أَكْثَرَهُ ثَمَناً، أَوْ مِنْ أَجْلِهِ
اشْتَرَى، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْفَضْلُ لَو سَلِمَ(26/1) فِيمَا
يَرَى النَّاسُ، كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُوداً كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي
وُجِدَ مَسْرُوقاً، أَوْ وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، فِي
الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْهُ، لَيْسَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، وَلاَ مِنْ
أَجْلِهِ اشْتُرِىَ، وَلاَ فِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، رُدَّ ذَلِكَ
الَّذِي وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ، أَوْ وُجِدَ مَسْرُوقاً بِعَيْنِهِ، بِقَدْرِ
قِيمَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أُولَئِكَ الرَّقِيقَ(27).
5 - باب مَا يُفْعَلُ فِي
الْوَلِيدَةِ إِذَا بِيعَتْ وَالشَّرْطُ فِيهَا
1807 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ابْتَاعَ جَارِيَةً مِنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ
الثَّقَفِيَّةِ، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ بِعْتَهَا، فَهِيَ لِي
بِالثَّمَنِ الَّذِي تَبِيعُهَا بِهِ، فَسَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ
تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لأَحَدٍ.
1808 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً، إِلاَّ وَلِيدَةً إِنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ
شَاءَ وَهَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ.
1809 - قَالَ مَالِكٌ
فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يَبِيعَهَا، أَوْ لاَ
يَهَبَهَا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ : فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي
لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يَبِيعَهَا، وَلاَ يَهَبَهَا، فَإِذَا كَانَ لاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَلَمْ
يَمْلِكْهَا مِلْكاً تَامًّا، لأَنَّهُ قَدِ اسْتُثْنِىَ عَلَيْهِ فِيهَا مَا
مَلَكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ، فَإِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يَصْلُحْ، وَكَانَ
بَيْعاً مَكْرُوهاً.
6 - باب النَّهْي عَنْ
أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَلَهَا زَوْجٌ
1810 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى
لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ جَارِيَةً، وَلَهَا زَوْجٌ، ابْتَاعَهَا بِالْبَصْرَةِ،
فَقَالَ عُثْمَانُ : لاَ أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا. فَأَرْضَى
ابْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا(28).
1811 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ابْتَاعَ وَلِيدَةً،
فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ فَرَدَّهَا.
7 - باب مَا جَاءَ فِي
ثَمَرِ الْمَالِ يُبَاعُ أَصْلُهُ
1812 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا
لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ »(29).
8 - باب النَّهْي عَنْ
بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا
1813 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، نَهَى
الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ(30).
1814 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. فَقِيلَ لَهُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِي؟ فَقَالَ : « حِينَ
تَحْمَرُّ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ
الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ »(31).
1815 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ،
عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)
نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ(32).
1816 - قَالَ مَالِكٌ :
وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1817 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ, عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ
الثُّرَيَّا.
1818 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِرْبِزِ،
وَالْجَزَرِ : إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلاَحُهُ حَلاَلٌ جَائِزٌ، ثُمَّ
يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ، وَيَهْلِكَ،
وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ
النَّاسِ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَنْ
يَأْتِىَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ
الثُّلُثَ فَصَاعِداً، كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعاً عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ(33).
9 - باب مَا جَاءَ فِي
بَيْعِ الْعَرِيَّةِ
1819 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)
أَرْخَصَ لِصَاحِبِ
الْعَرِيَّةِ، أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا(34).
1820 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبِي
أَحْمَدَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَرْخَصَ فِي بَيْعِ
الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ
أَوْسُقٍ. يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ : خَمْسَةِ أَوْسُقٍ : أَوْ دُونَ خَمْسَةِ
أَوْسُقٍ(35).
1821 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، يُتَحَرَّى ذَلِكَ
وَيُخْرَصُ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ لأَنَّهُ أُنْزِلَ
بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ، وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ
غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ، مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ أَحَداً فِي طَعَامِهِ، حَتَّى
يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ(36).
10 - باب الْجَائِحَةِ فِي
بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ
1822- حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ
أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ :
ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَعَالَجَهُ
وَقَامَ فِيهِ، حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ، فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ
أَنْ يَضَعَ لَهُ، أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَفْعَلَ، فَذَهَبَتْ
أُمُّ الْمُشْتَرِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « تَأَلَّى أَنْ لاَ يَفْعَلَ خَيْراً ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ
رَبُّ الْحَائِطِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
هُوَ لَهُ(37).
1823 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
1824 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْجَائِحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي الثُّلُثُ فَصَاعِداً، وَلاَ
يَكُونُ مَا دُونَ ذَلِكَ جَائِحَةً.
11 - باب مَا يَجُوزُ فِي
اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرِ
1825 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي(37/1) عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ،
وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.
1826 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ : أَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ الأَفْرَاقُ، بِأَرْبَعَةِ
آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ تَمْراً(38).
1827 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ،عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ
: أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ تَبِيعُ ثِمَارَهَا، وَتَسْتَثْنِي
مِنْهَا.
1828 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَاعَ ثَمَرَ
حَائِطِهِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مَا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ ثُلُثِ الثَّمَرِ، لاَ يُجَاوِزُ ذَلِكَ, وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَلاَ
بَأْسَ بِذَلِكَ.
1829 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الرَّجُلُ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِى مِنْ ثَمَرِ
حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخْلَةٍ ،أَوْ نَخَلاَتٍ يَخْتَارُهَا، وَيُسَمِّى عَدَدَهَا،
فَلاَ أَرَى بِذَلِكَ بَأْساً، لأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إِنَّمَا اسْتَثْنَى
شَيْئاً مِنْ ثَمَرِ حَائِطِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ احْتَبَسَهُ مِنْ
حَائِطِهِ وَأَمْسَكَهُ لَمْ يَبِعْهُ، وَبَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ(39).
12 - باب مَا يُكْرَهُ
مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ
1830 - حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ».
فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ)
: « ادْعُوهُ لِي ».
فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَتَأْخُذُ
الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ ؟ ». فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ يَبِيعُونَنِي
الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعاً بِصَاعٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً »(40).
1831 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ(41) بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أبِي
هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ،
فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «
أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟». فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا، بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ
بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ
بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً »(42).
1832 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ زَيْداً أَبَا عَيَّاشٍ
أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ
بِالسُّلْتِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
الْبَيْضَاءُ. فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ سَعْدٌ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ ؟». فَقَالُوا : نَعَمْ. فَنَهَى
عَنْ ذَلِكَ(43).
13 - باب مَا جَاءَ فِي
الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ
1833 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ.
وَالْمُزَابَنَةُ
بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً(44).
1834 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبِي أَحْمَدَ،
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ
الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ.
وَالْمُزَابَنَةُ
اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَالْمُحَاقَلَةُ
كِرَاءُ الأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ(45).
1835 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ
اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمُحَاقَلَةُ اشْتِرَاءُ الزَّرْعِ
بِالْحِنْطَةِ، وَاسْتِكْرَاءُ الأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ.
1836 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ اسْتِكْرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ(47).
1837 - قَالَ مَالِكٌ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَتَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ أَنَّ
كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْجِزَافِ، الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ، وَلاَ وَزْنُهُ،
وَلاَ عَدَدُهُ، ابْتِيعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ
الْعَدَدِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ، يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ
الْمُصَبَّرُ، الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ، مِنَ الْحِنْطَةِ, أَوِ التَّمْرِ,
أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَطْعِمَةِ، أَوْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ
مِنَ الْحِنْطَةِ، أَوِ النَّوَى، أَوِ الْقَضْبِ، أَوِ الْعُصْفُرِ، أَوِ الْكُرْسُفِ،
أَوِ الْكَتَّانِ، أَوِ الْقَزِّ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ، لاَ
يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ وَزْنُهُ، وَلاَ عَدَدُهُ، فَيَقُولُ
الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ : كِلْ سِلْعَتَكَ هَذِهِ، أَوْ مُرْ مَنْ
يَكِيلُهَا، أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوزَنُ، أَوْ عُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ
يُعَدُّ، فَمَا نَقَصَ عَنْ كَيْلِ كَذَا وَكَذَا صَاعاً - لِتَسْمِيَةٍ
يُسَمِّيهَا - أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً، أَوْ عَدَدِ كَذَا وَكَذَا،
فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ لَكَ، حَتَّى أُوفِيَكَ تِلْكَ
التَّسْمِيَةَ، فَمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ لِي، أَضْمَنُ مَا
نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ. فَلَيْسَ ذَلِكَ بَيْعاً، وَلَكِنَّهُ
الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ، وَالْقِمَارُ يَدْخُلُ هَذَا، لأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ
مِنْهُ شَيْئاً بِشَيْءٍ أَخْرَجَهُ، وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سُمِّىَ مِنْ
ذَلِكَ الْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ الْعَدَدِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا
زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَقَصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَنْ تِلْكَ
التَّسْمِيَةِ، أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ، بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلاَ
هِبَةٍ، طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ، فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ، وَمَا كَانَ
مِثْلَ هَذَا مِنَ الأَشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ(48).
1838 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الثَّوْبُ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثَوْبِكَ هَذَا كَذَا وَكَذَا ظِهَارَةَ
قَلَنْسُوَةٍ، قَدْرُ كُلِّ ظِهَارَةٍ كَذَا وَكَذَا - لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ -
فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، حَتَّى أُوفِيَكَهُ، وَمَا زَادَ فَلِي.
أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثِيَابِكَ هَذِهِ
كَذَا وَكَذَا قَمِيصاً، ذَرْعُ كُلِّ قَمِيصٍ كَذَا وَكَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ
ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِي. أَوْ أَنْ يَقُولُ
الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْجُلُودُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ أَوِ الإِبِلِ :
أُقَطِّعُ جُلُودَكَ هَذِهِ نِعَالاً، عَلَى إِمَامٍ يُرِيهِ إِيَّاهُ. فَمَا نَقَصَ
مِنْ مِئَةِ زَوْجٍ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي بِمَا ضَمِنْتُ
لَكَ.
وَمِمَّا يُشْبِهُ
ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ عِنْدَهُ حَبُّ الْبَانِ : اعْصُرْ
حَبَّكَ هَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً فَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَهُ،
وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي. فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَشْيَاءِ، أَوْ
ضَارَعَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، الَّتِي لاَ تَصْلُحُ وَلاَ تَجُوزُ.
وَكَذَلِكَ أَيْضاً
إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْخَبَطُ، أَوِ النَّوَى، أَوِ الْكُرْسُفُ،
أَوِ الْكَتَّانُ، أَوِ الْقَضْبُ، أَوِ الْعُصْفُرُ : أَبْتَاعُ
مِنْكَ هَذَا الْخَبَطَ بِكَذَا وَكَذَا صَاعاً مِنْ خَبَطٍ يُخْبَطُ مِثْلَ
خَبَطِهِ، أَوْ هَذَا النَّوَى بِكَذَا وَكَذَا صَاعاً، مِنْ نَوًى مِثْلِهِ،
وَفِي الْعُصْفُرِ، وَالْكُرْسُفِ، وَالْكَتَّانِ، وَالْقَضْبِ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ(49).
14 - باب جَامِعِ بَيْعِ
الثَّمَرِ
1839 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى ثَمَراً مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ، أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى، أَوْ لَبَناً
مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ
عَاجِلاً، يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ،
وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ، يَبْتَاعُ مِنْهَا
رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ، وَيَشْتَرِطُ
عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ, فَإِنِ انْشَقَّتِ
الرَّاوِيَةُ، فَذَهَبَ زَيْتُهَا، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبُهُ، وَلاَ
يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ.
1840 - قَالَ مَالِكٌ :
وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِراً يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ، مِثْلُ اللَّبَنِ
إِذَا حُلِبَ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْماً بِيَوْمٍ،
فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ فَنِىَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِي الْمُشْتَرِي مَا
اشْتَرَى، رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ، بِحِسَابِ مَا بَقِىَ لَهُ،
أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً بِمَا بَقِيَ لَهُ، يَتَرَاضَيَانِ
عَلَيْهَا، وَلاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، فَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ
ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ
الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ، فَإِنَّهُ
مَكْرُوهٌ، وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَلاَ نَظِرَةٌ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ
بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ،
وَلاَ يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ فِي غَنَمٍ
بِأَعْيَانِهَا(50).
1841 - وَسُئِلَ مَالِكٌ
عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ
النَّخْلِ، مِثْل الْعَجْوَةِ، وَالْكَبِيسِ، وَالْعَذْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ
التَّمْرِ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ، أَوِ النَّخَلاَتِ
يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ
إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ، وَمَكِيلَةُ
ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ
الْكَبِيسِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ أَصْوُعٍ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ
الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَتَرَكَ الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ
أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ
مُتَفَاضِلاً، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ
صُبَرٌ مِنَ التَّمْرِ، قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً،
وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشْرَةَ آصُعٍ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ
اثْنَىْ عَشَرَ صَاعاً، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَاراً, عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ(51).
قَالَ مَالِكٌ :
فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.
1842 - قَالَ : وَسُئِلَ
مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ،
فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ ؟
قَالَ مَالِكٌ : يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ
مِنْ دِينَارِهِ، إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَباً، أَخَذَ ثُلُثَ
الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ
دِينَارِهِ رُطَباً، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ
بَيْنَهُمَا، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ
الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً،
سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً،
أُخْرَى، فَلاَ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ.
1843 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ
بِعَيْنِهَا، أَوْ يُؤَاجِرَ غُلاَمَهُ الْخَيَّاطَ، أَوِ النَّجَّارَ، أَوِ
الْعُمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ، أَوْ يُكْرِىَ مَسْكَنَهُ،
وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، أَوْ
تِلْكَ الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِ
ذَلِكَ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ، أَوِ الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى
الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ، أَوِ إِجَارَةِ الْعَبْدِ،
أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ،
إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ, رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ
الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ
فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ.
1844 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُسَلَّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ،
إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ، مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ
إِلَى صَاحِبِهِ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ، أَوِ الْمَسْكَنَ، أَوْ يَبْدَأُ
فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ
إِلَى صَاحِبِهِ، لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ،
وَلاَ أَجَلٌ.
1845 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ
لِلرَّجُلِ أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ، أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ، أَوْ يَقُولَ : مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهُ إِذَا
صَنَعَ ذَلِكَ، كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ ذَهَباً، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ
الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي سَمَّى لَهُ، فَهِيَ لَهُ
بِذَلِكَ الْكِرَاءِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ، مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ،
رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ(52).
1846 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ، مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ، أَوِ اسْتَكْرَى،
فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ، الَّذِي يُكْرَهُ، وَأَخَذَ أَمْراً
مَعْلُوماً، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ
الْوَلِيدَةَ، فَيَقْبِضَهُمَا وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا، فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا
حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ
مِنْهُ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ, وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ
الرَّقِيقِ(53).
1847 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْداً بِعَيْنِهِ، أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا،
إِلَى أَجَلٍ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الأَجَلِ،
فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لاَ يَصْلُحُ، لاَ هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى، أَوِ
اسْتَأْجَرَ، وَلاَ هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِناً عَلَى صَاحِبِهِ
حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.
15 - باب بَيْعِ
الْفَاكِهَةِ
1848 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئاً مِنَ
الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا، أَوْ يَابِسِهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَهُ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ يَداً
بِيَدٍ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ, فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً
تُدَّخَرُ وَتُؤْكَلُ، فَلاَ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ يَداً بِيَدٍ،
وَمِثْلاً بِمِثْلٍ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ
صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ
بِوَاحِدٍ، يَداً بِيَدٍ, وَلاَ يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ، وَمَا كَانَ مِنْهُمَا
مِمَّا لاَ يَيْبَسُ وَلاَ يُدَّخَرُ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْباً، كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ،
وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِرْبِزِ، وَالْجَزَرِ، وَالأُتْرُجِّ، وَالْمَوْزِ،
وَالرُّمَّانِ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ، وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ
ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ، وَيَكُونُ فَاكِهَةً قَالَ : فَأَرَاهُ
حَقِيقاً أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً
بِيَدٍ، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الأَجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ
بِهِ(54).
16 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ
بِالْفِضَّةِ تِبْراً وَعَيْناً
1849 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ
(ﷺ) السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ الْمَغَانِمِ، مِنْ ذَهَبٍ أَوْ
فِضَّةٍ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلاَثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ عَيْناً، أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ
بِثَلاَثَةٍ عَيْناً، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَرْبَيْتُمَا
فَرُدَّا »(55).
1850 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أبِي تَمِيمٍ، عَنْ أبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الدِّينَارُ
بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا »(56).
1851 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
(ﷺ) قَالَ : « لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ،
وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ،
إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ
تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئاً غَائِباً بِنَاجِزٍ »(57).
1852 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ المَكِّيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَجَاءَهُ صَائِغٌ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ، ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ
بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ، فَأَسْتَفْضِلُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي.
فَنَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ
الْمَسْأَلَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ
الْمَسْجِدِ، أَوْ إِلَى دَابَّةٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا، ثُمَّ قَالَ : عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
: الدِّينَارُ
بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا، هَذَا
عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا، وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ(58).
1853 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أبِي عَامِرٍ، أَنَّ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ تَبِيعُوا
الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ, وَلاَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ »(59).
1854 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ
أبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ
وَزْنِهَا، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَنْهَى
عَنْ مِثْلِ هَذَا
: إِلاَّ مِثْلاً
بِمِثْلٍ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْساً. فَقَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ، لاَ أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ
أَنْتَ بِهَا، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ,
فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ,
فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لاَ تَبِيعَ ذَلِكَ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ،
وَزْناً بِوَزْنٍ(60).
1855 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلاَّ مِثْلاً
بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ
بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ،
وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ، أَحَدُهُمَا غَائِبٌ، وَالآخَرُ نَاجِزٌ،
وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، إنِّي أَخَافُ
عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ. وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا(61).
1856 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ,
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ :
إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا
الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى
بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا شَيْئاً مِنْهَا، غَائِباً بِنَاجِزٍ. وَإِنِ
اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، إنِّي أَخَافُ
عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ. وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا(62).
1857 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ
بِالدِّرْهَمِ، وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ، وَلاَ يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ(63).
1858 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ
: لاَ رِباً إِلاَّ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ،
بِمَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ.
1859 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
يَقُولُ : قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.
1860 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةَ
بِالذَّهَبِ جِزَافاً، إِذَا كَانَ تِبْراً أَوْ حَلْياً قَدْ صِيغَ، فَأَمَّا
الدَّرَاهِمُ الْمَعْدُودَةُ، وَالدَّنَانِيرُ الْمَعْدُودَةُ، فَلاَ يَنْبَغِي
لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ جِزَافاً، حَتَّى يُعْلَمَ وَيُعَدَّ، فَإِنِ
اشْتُرِيَ ذَلِكَ جِزَافاً، فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ حِينَ يُتْرَكُ
عَدُّهُ، وَيُشْتَرَى جِزَافاً، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا
مَا كَانَ يُوزَنُ مِنَ التِّبْرِ وَالْحَلْىِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ
جِزَافاً, وَإِنَّمَا ابْتِيَاعُ ذَلِكَ جِزَافاً، كَهَيْئَةِ الْحِنْطَةِ،
وَالتَّمْرِ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الأَطْعِمَةِ الَّتِى تُبَاعُ جِزَافاً،
وَمِثْلُهَا يُكَالُ، فَلَيْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ جِزَافاً بَأْسٌ(64).
1861 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى مُصْحَفاً، أَوْ سَيْفاً، أَوْ خَاتَماً، وَفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ مَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ،
وَفِيهِ الذَّهَبُ, بِدَنَانِيرَ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ
كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ
الثُّلُثَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ،
وَلاَ يَكُونُ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَرِقِ، مِمَّا
فِيهِ الْوَرِقُ، نُظِرَ إِلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ
الثُّلُثَيْنِ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَرِقِ الثُّلُثَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ
لاَ بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ
أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا.
17 - باب مَا جَاءَ فِي
الصَّرْفِ
1862 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ
النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفاً بِمِئَةِ دِينَارٍ قَالَ : فَدَعَانِي
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي،
وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ : حَتَّى يَأْتِيَنِى
خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ. وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ، فَقَالَ عُمَرُ :
وَاللَّهِ لاَ تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنَهُ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ (ﷺ) : « الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ
بِالْبُرِّ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِباً، إِلاَّ
هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ »(65).
1863 - قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا اصْطَرَفَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَماً
زَائِفاً، فَأَرَادَ رَدَّهُ، انْتَقَضَ صَرْفُ الدِّينَارِ، وَرَدَّ إِلَيْهِ
وَرِقَهُ، وَأَخَذَ إِلَيْهِ دِينَارَهُ. وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِباً : إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ ». وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ
يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، وَهُوَ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ دِرْهَماً مِنْ صَرْفٍ،
بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَهُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ، أَوِ الشَّيْءِ
الْمُسْتَأْخِرِ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ، وَإِنَّمَا
أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ لاَ يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ
وَالطَّعَامُ، كُلُّهُ عَاجِلاً بِآجِلٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلاَ نَظِرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ
وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ مُخْتَلِفَةً أَصْنَافُهُ(66).
18 - باب الْمُرَاطَلَةِ
1864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ رَأَى
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، فَيُفْرِغُ ذَهَبَهُ
فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ الَّذِي يُرَاطِلُهُ ذَهَبَهُ فِي
كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ الْمِيزَانِ أَخَذَ
وَأَعْطَى.
1865 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ
مُرَاطَلَةً، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَاراً
بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، يَداً بِيَدٍ إِذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً،
عَيْناً بِعَيْنٍ، وَإِنْ تَفَاضَلَ الْعَدَدُ وَالدَّرَاهِمُ أَيْضاً فِي ذَلِكَ
بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ(67).
1866 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
رَاطَلَ ذَهَباً بِذَهَبٍ، أَوْ وَرِقاً بِوَرِقٍ، فَكَانَ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ
فَضْلُ مِثْقَالٍ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ قِيمَتَهُ مِنَ الْوَرِقِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا،
فَلاَ يَأْخُذُهُ, فَإِنَّ ذَلِكَ قَبِيحٌ وَذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، لأَنَّهُ
إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ
اشْتَرَاهُ عَلَى حِدَتِهِ جَازَ لَهُ، أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ
مِرَاراً، لأَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ(68).
قَالَ مَالِكٌ :
وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمِثْقَالَ مُفْرَداً، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لَمْ
يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ، لأَنْ يُجَوِّزَ لَهُ
الْبَيْعَ، فَذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ الْحَرَامِ وَالأَمْرُ
الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.
1867 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ
يُرَاطِلُ الرَّجُلَ وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعُتُقَ الْجِيَادَ, وَيَجْعَلُ
مَعَهَا تِبْراً ذَهَباً غَيْرَ جَيِّدَةٍ، وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَباً
كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً، وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ،
فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً بِمِثْلٍ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ(69).
قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ
الْجِيَادِ، أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ، الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ،
وَلَوْلاَ فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ, لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ
بِتِبْرِهِ ذَلِكَ، إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ فَامْتَنَعَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ
ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ
عَجْوَةٍ، بِصَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لاَ
يَصْلُحُ. فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعاً مِنْ حَشَفٍ، يُرِيدُ أَنْ
يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْعَجْوَةِ،
لِيُعْطِيَهُ صَاعاً مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ حَشَفٍ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا
أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ
بِعْنِي ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الْبَيْضَاءِ، بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ
حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَيَقُولُ:
هَذَا لاَ يَصْلُحُ
إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ،
وَصَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا
بَيْنَهُمَا، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ
شَعِيرٍ، صَاعاً مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَداً،
وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ،
فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنَ التِّبْرِ(70).
1868 - قَالَ مَالِكٌ :
فَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ، الَّذِي لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ
مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنْهُ، الْمَرْغُوبِ فِيهِ، الشَّيْءُ الرَّدِيءُ
الْمَسْخُوطُ، لِيُجَازَ الْبَيْعُ، وَلِيُسْتَحَلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ
مِنَ الأَمْرِ، الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ
الْمَرْغُوبِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ، أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ
فَضْلَ جَوْدَةِ مَا يَبِيعُ، فَيُعْطِيَ الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ،
لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يَهْمُمْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْ
أَجْلِ الَّذِي يَأْخُذُ مَعَهُ، لِفَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ،
فَلاَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ
شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ
يَبِيعَهُ بِغَيْرِهِ، فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ، وَلاَ يَجْعَلْ مَعَ ذَلِكَ شَيْئاً،
فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.
19 - باب الْعِينَةِ وَمَا
يُشْبِهُهَا
1869 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً، فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَهُ »(71).
1870 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً، فَلاَ يَبِعْهُ
حَتَّى يَقْبِضَهُ »(72).
1871 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا
فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ
يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ، مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ، إِلَى
مَكَانٍ سِوَاهُ، قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ(73).
1872 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ابْتَاعَ طَعَاماً، أَمَرَ
بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ، فَبَاعَ حَكِيمٌ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ،
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ : لاَ
تَبِعْ طَعَاماً ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ.
1873 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
: أَنَّ صُكُوكاً
خَرَجَتْ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ طَعَامِ الْجَارِ،
فَتَبَايَعَ النَّاسُ تِلْكَ الصُّكُوكَ بَيْنَهُمْ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا،
فَدَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَلَى
مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالاَ : أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ ؟
فَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَمَا ذَاكَ ؟ فَقَالاَ : هَذِهِ الصُّكُوكُ تَبَايَعَهَا
النَّاسُ، ثُمَّ بَاعُوهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا، فَبَعَثَ مَرْوَانُ
الْحَرَسَ، يَتْبَعُونَهَا يَنْزِعُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَيَرُدُّونَهَا
إِلَى أَهْلِهَا(74).
1874 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ طَعَاماً مِنْ
رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ
الطَّعَامَ إِلَى السُّوقِ، فَجَعَلَ يُرِيهِ الصُّبَرَ وَيَقُولُ لَهُ : مِنْ
أَيِّهَا تُحِبُّ أَنْ أَبْتَاعَ لَكَ ؟ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ : أَتَبِيعُنِي مَا
لَيْسَ عِنْدَكَ ؟ فَأَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ،
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لِلْمُبْتَاعِ لاَ تَبْتَعْ مِنْهُ مَا
لَيْسَ عِنْدَهَ. وَقَالَ لِلْبَائِعِ : لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ(75).
1875 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : إنِّي رَجُلٌ
أَبْتَاعُ مِنَ الأَرْزَاقِ الَّتِي تُعْطَى النَّاسُ بِالْجَارِ مَا شَاءَ
اللَّهُ، ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَ الطَّعَامَ الْمَضْمُونَ عَلَيَّ إِلَى
أَجَلٍ. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ
: أَتُرِيدُ أَنْ
تُوَفِّيَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْزَاقِ الَّتِي ابْتَعْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ.
فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ(76).
1876 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ،
أَنَّهُ مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً بُرًّا، أَوْ شَعِيراً, أَو سُلْتاً, أَو ذُرَةً,
أَو دُخْناً، أَوْ شَيْئاً مِنَ الْحُبُوبِ الْقِطْنِيَّةِ, أَوْ شَيْئاً مِمَّا
يُشْبِهُ الْقِطْنِيَّةَ، مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ شَيْئاً مِنَ
الأُدْمِ كُلِّهَا، الزَّيْتِ، وَالسَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، وَالْخَلِّ،
وَالْجُبْنِ، وَالشَّبْرَقِ، وَاللَّبَنِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأُدْمِ،
فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ، لاَ يَبِيعُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَقْبِضَهُ
وَيَسْتَوْفِيَهُ(77).
20 - باب مَا يُكْرَهُ
مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ
1877 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ،
وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً
بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ تَمْراً قَبْلَ أَنْ
يَقْبِضَ الذَّهَبَ.
1878 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ الرَّجُلِ يَبِيعُ الطَّعَامَ مِنَ الرَّجُلِ
بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ تَمْراً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ
الذَّهَبَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ(78).
1879 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
1880 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو
بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنْ لاَ
يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ بِالذَّهَبِ
تَمْراً، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ
الْحِنْطَةَ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ، الَّتِي بَاعَ بِهَا
الْحِنْطَةَ إِلَى أَجَلٍ تَمْراً مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ، الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ
قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ، وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ التَّمْرَ
عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ، الَّتِي لَهُ
عَلَيْهِ فِي ثَمَنِ التَّمْرِ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ(79). قَالَ مَالِكٌ :
وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ،
يَرَوْا بِهِ بَأْساً.
21 - باب السُّلْفَةِ فِي
الطَّعَامِ
1881 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ :
لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ،
بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى, أَجَلٍ مُسَمًّى، مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ
يَبْدُ صَلاَحُهُ، أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ.
1882 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ
مُسَمًّى، فَحَلَّ الأَجَلُ، فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ
وَفَاءً مِمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ فَأَقَالَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ
مِنْهُ إِلاَّ وَرِقَهُ، أَوْ ذَهَبَهُ، أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ
بِعَيْنِهِ، وَإِنَّهُ لاَ يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئاً حَتَّى
يَقْبِضَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ الَّذِي
دَفَعَ إِلَيْهِ، أَوْ صَرَفَهُ فِي سِلْعَةٍ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي ابْتَاعَ
مِنْهُ، فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قَالَ مَالِكٌ :
وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ : أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ
بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ. فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَأَهْلُ
الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الطَّعَامُ
لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ، عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ،
فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الأَجَلُ، وَكَرِهَ الطَّعَامَ،
أَخَذَ بِهِ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا الإِقَالَةُ
مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ وَلاَ الْمُشْتَرِى، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ
الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ بِشَىْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى
صَاحِبِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ
بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ الإِقَالَةُ إِذَا فَعَلاَ ذَلِكَ بَيْعاً،
وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ
يَدْخُلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ، أَوْ نَظِرَةٌ، فَإِنْ دَخَلَ
ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ، أَوْ نَظِرَةٌ، صَارَ بَيْعاً يُحِلُّهُ مَا
يُحِلُّ الْبَيْعَ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ(80).
1883 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ
مَحِلِّ الأَجَلِ. قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ الأَصْنَافِ،
فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْراً مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ، أَوْ أَدْنَى بَعْدَ
مَحِلِّ الأَجَلِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ
مَحْمُولَةٍ, فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيراً، أَوْ شَامِيَّةً، وَإِنْ
سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحَانِيًّا، أَوْ
جَمْعاً، وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ, فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ،
إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الأَجَلِ، إِذَا كَانَتْ مَكِيلَةُ
ذَلِكَ سَوَاءً، بِمِثْلِ كَيْلِ مَا سَلَّفَ فِيهِ(81).
22 - باب بَيْعِ
الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا
1884 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: فَنِىَ
عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ
حِنْطَةِ أَهْلِكَ، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيراً، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.
1885 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَنِىَ
عَلَفُ دَابَّتِهِ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طَعَاماً،
فَابْتَعْ بِهَا شَعِيراً، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.
1886 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ
مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِىِّ مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الأَمْرُ
عِنْدَنَا.
1887 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنْ لاَ تُبَاعَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ،
وَلاَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ، وَلاَ التَّمْرُ
بِالزَّبِيبِ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ، وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ
كُلِّهِ إِلاَّ يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ الأَجَلُ لَمْ
يَصْلُحْ، وَكَانَ حَرَاماً، وَلاَ شَيْءَ مِنَ الأُدْمِ كُلِّهَا إِلاَّ يَداً
بِيَدٍ.
1888 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالأُدْمِ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ
وَاحِدٍ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، فَلاَ يُبَاعُ مُدُّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ،
وَلاَ مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ، وَلاَ مُدُّ زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ،
وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالأُدْمِ كُلِّهَا، إِذَا كَانَ مِنْ
صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ يَداً بِيَدٍ، إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ
الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ, لاَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ الْفَضْلُ، وَلاَ يَحِلُّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَداً بِيَدٍ.
1889 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ،
فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
يَداً بِيَدٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ
حِنْطَةٍ، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ، وَصَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ
بِصَاعَيْنِ مِنْ سَمْنٍ، فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ،
فَلاَ بَأْسَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَداً
بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ فَلاَ يَحِلُّ.
1890 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَلاَ بَأْسَ
بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَداً بِيَدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ
أَنْ يُشْتَرَي الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ جِزَافاً.
1891 - قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالأُدْمِ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ فَلاَ
بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جِزَافاً، يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَهُ
الأَجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافاً,
كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافاً. وَذَلِكَ أَنَّكَ
تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافاً، وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافاً،
فَهَذَا حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
1892 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ صَبَّرَ صُبْرَةَ طَعَامٍ، وَقَدْ عَلِمَ كَيْلَهَا، ثُمَّ بَاعَهَا
جِزَافاً، وَكَتَمَ الْمُشْتَرِي كَيْلَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، فَإِنْ
أَحَبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى الْبَائِعِ، رَدَّهُ
بِمَا كَتَمَهُ كَيْلَهُ وَغَرَّهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْبَائِعُ
كَيْلَهُ وَعَدَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ جِزَافاً، وَلَمْ يَعْلَمِ
الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ
عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
1893 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ خَيْرَ فِي الْخُبْزِ قُرْصٍ بِقُرْصَيْنِ، وَلاَ عَظِيمٍ بِصَغِيرٍ، إِذَا
كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ يَتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ
مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ.
1894 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَصْلُحُ مُدُّ زُبْدٍ وَمُدُّ لَبَنٍ بِمُدَّيْ زُبْدٍ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي
وَصَفْنَا مِنَ التَّمْرِ، الَّذِي يُبَاعُ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعاً مِنْ
حَشَفٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ عَجْوَةٍ، حِينَ قَالَ لِصَاحِبِهِ : إِنَّ
صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنَ الْعَجْوَةِ لاَ يَصْلُحُ.
فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيُجِيزَ بَيْعَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَ صَاحِبُ اللَّبَنِ
اللَّبَنَ مَعَ زُبْدِهِ، لِيَأْخُذَ فَضْلَ زُبْدِهِ عَلَى زُبْدِ صَاحِبِهِ،
حِينَ أَدْخَلَ مَعَهُ اللَّبَنَ.
1895 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، لاَ بَأْسَ بِهِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ
أَخْلَصَ الدَّقِيقَ، فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَوْ جَعَلَ
نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ دَقِيقٍ، وَنِصْفَهُ مِنْ حِنْطَةٍ، فَبَاعَ ذَلِكَ بِمُدٍّ
مِنْ حِنْطَةٍ، كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي وَصَفْنَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ
إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ، حِينَ جَعَلَ
مَعَهَا الدَّقِيقَ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.
23 - باب جَامِعِ بَيْعِ
الطَّعَامِ
1896 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ، أَنَّهُ
سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إنِّي
رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ بِالْجَارِ, فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ، فَأُعْطَي
بِالنِّصْفِ طَعَاماً ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ، وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَماً،
وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَاماً(82).
1897 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ : لاَ
تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ.
1898 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى طَعَاماً بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلَمَّا حَلَّ
الأَجَلُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ : لَيْسَ عِنْدِي
طَعَامٌ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ، فَيَقُولُ
صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ)
عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ
الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ. فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَاماً، ثُمَّ يَرُدُّهُ
إِلَيْهِ، فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ
لَهُ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلَّلاً فِيمَا
بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ
يُسْتَوْفَى.
1899 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ
طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ
لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي, عَلَيْهِ
مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ، بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ. قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ، إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ
ابْتَاعَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ، فَإِنَّ
ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَإِنْ
كَانَ الطَّعَامُ سَلَفاً حَالاًّ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ،
لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ
يُسْتَوْفَى، لِنَهْي رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ
الْعِلْمِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ
وَالإِقَالَةِ، فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يُنْزِلُوهُ
عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ،
فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ،
وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصاً بِوَازِنَةٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ،
وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ وَازِنَةً، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ
نُقَّصاً لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.
1900 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ
الْمُزَابَنَةِ, وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ،
وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ
الْمُكَايَسَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ
الْمَعْرُوفِ، لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.
1901 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَاماً بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ
بِكسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ، وَلاَ
بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَاماً بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ،
ثُمَّ يُعْطي دِرْهَماً، وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِىَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً
مِنَ السِّلَعِ، لأَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِضَّةً، وَأَخَذَ
بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ.
1902 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَماً، ثُمَّ يَأْخُذُ
مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكِسْرٍ مَعْلُومٍ سِلْعَةً مَعْلُومَةً، فَإِذَا
لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ مَعْلُومٌ، وَقَالَ الرَّجُلُ : آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ
كُلِّ يَوْمٍ، فَهَذَا لاَ يَحِلُّ، لأَنَّهُ غَرَرٌ، يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ
مَرَّةً، وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ.
1903 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ بَاعَ طَعَاماً جِزَافاً، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئاً، ثُمَّ بَدَا
لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ
مِنَهُ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَارَ
ذَلِكَ إِلَى الْمُزَابَنَةِ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ
مِنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ إِلاَّ الثُّلُثَ، فَمَا
دُونَهُ، وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
24 - باب الْحُكَرَةِ
وَالتَّرَبُّصِ
1904 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ
حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ
أَذْهَابٍ، إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا،
فَيَحْتَازُونَهُ عَلَيْنَا، فَيَحْتَكِرُونَهُ، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ
عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ،
فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ(83).
1905 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ، وَهُوَ يَبِيعُ
زَبِيباً لَهُ بِالسُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إِمَّا أَنْ
تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا.
1906 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ
الْحُكْرَةِ.
25 - باب مَا يَجُوزُ مَنْ
بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالسَّلْفِ فِيهِ
1907 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلاً لَهُ
يُدْعَى عُصَيْفِيراً بِعِشْرِينَ بَعِيراً إِلَى أَجَلٍ.
1908 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ
أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ(84).
1909 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعٍ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ
بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
1910 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ
مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ
بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ يَداً بِيَدٍ،
وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ. قَالَ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ
مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ، الدَّرَاهِمُ نَقْداً، وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ،
وَإِنْ أَخَّرْتَ الْجَمَلَ وَالدَّرَاهِمَ لاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضاً.
1911 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ, أَوْ
بِالأَبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ
نَعَمٍ وَاحِدَةٍ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى
أَجَلٍ، إِذَا اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلاَفُهَا، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا
بَعْضاً، وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ، فَلاَ يُؤْخَذُ
مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1912 - قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ
لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ، فِي نَجَابَةٍ وَلاَ رِحْلَةٍ، فَإِذَا كَانَ هَذَا
عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ،
وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ،
مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ(85).
1913 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَوَصَفَهُ
وَحَلاَّهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ
عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ
الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا.
26 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ
1914 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ. وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ
أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ
تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا(86).
1915 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ رِباً
فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ
الْمَضَامِينِ، وَالْمَلاَقِيحِ، وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ. فَالْمَضَامِينُ : بَيْعُ
مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الإِبِلِ,
وَالْمَلاَقِيحُ :
بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ(87).
1916 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِىَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا
كَانَ غَائِباً عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ، عَلَى أَنْ يَنْقُدَ
ثَمَنَهُ لاَ قَرِيباً وَلاَ بَعِيداً.
1917 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَلاَ
يُدْرَي هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لاَ،
فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ مَضْمُوناً مَوْصُوفاً.
27 - باب بَيْعِ
الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ
1918 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ(88).
1919 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ
بِاللَّحْمِ، بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.
1920 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو
الزِّنَادِ : فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً اشْتَرَى
شَارِفاً بِعَشَرَةِ شِيَاهٍ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا
لِيَنْحَرَهَا فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ(89).
قَالَ أَبُو
الزِّنَادِ : وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ
الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو
الزِّنَادِ : وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ
أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
28 - باب بَيْعِ اللَّحْمِ
بِاللَّحْمِ
1921 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ
وَالْغَنَمِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ، أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَى
بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَزْناً بِوَزْنٍ، يَداً بِيَدٍ،
وَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ، إِذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً
بِمِثْلٍ، يَداً بِيَدٍ.
1922 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ بِلَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ،
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ كُلِّهَا، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ وَأَكْثَرَ
مِنْ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ.
1923 - قَالَ مَالِكٌ :
وَأَرَى لُحُومَ الطَّيْرِ كُلَّهَا مُخَالِفَةً لِلُحُومِ الأَنْعَامِ وَالْحِيتَانِ,
فَلاَ أَرَى بَأْساً بِأَنْ يُشْتَرَى بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً يَداً
بِيَدٍ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ.
29 - باب مَا جَاءَ فِي
ثَمَنِ الْكَلْبِ
1924 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَاري : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ، وَحُلْوَانِ
الْكَاهِنِ.
يَعْنِى بِمَهْرِ
الْبَغِيِّ مَا تُعْطَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ
رَشْوَتُهُ، وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ(90).
1925 - قَالَ مَالِكٌ :
أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي، لِنَهْىِ رَسُولِ
اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.
30 - باب السَّلَفِ
وَبَيْعِ الْعُرُوضِ بَعْضِهِا بِبَعْضٍ
1926 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعٍ
وَسَلَفٍ(91).
1927 - قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : آخُذُ
سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا، عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ
عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي
اشْتَرَطَ السَّلَفَ مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ، كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ جَائِزاً.
1928 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ، أَوِ الشَّطَوِيِّ، أَوِ
الْقَصَبِيِّ، بِالأَثْوَابِ مِنَ الإِتْرِيبِيِّ، أَوِ الْقَسِّيِّ، أَوِ الزِّيقَةِ،
أَوِ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ، أَوِ الْمَرْوِيِّ، بِالْمَلاَحِفِ الْيَمَانِيَّةِ،
وَالشَّقَائِقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، الْوَاحِدُ بِالاِثْنَيْنِ، أَوِ
الثَّلاَثَةِ يَداً بِيَدٍ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ،
فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ نَسِيئَةٌ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ(92).
قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلاَفُهُ، فَإِذَا أَشْبَهَ
بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضاً، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ
اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْهَرَوِيِّ،
بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ، أَوِ الْقُوهِىِّ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ يَأْخُذَ
الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُرْقُبِيِّ، بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ، فَإِذَا
كَانَتْ هَذِهِ الأَصْنَافِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهَا
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ(93).
1929 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ
مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ، إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.
31 - باب السُّلْفَةِ فِي
الْعُرُوضِ
1930 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ :
عَنْ رَجُلٍ سَلَّفَ فِي سَبَائِبَ، فَأَرَادَ بَيْعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
: تِلْكَ الْوَرِقُ
بِالْوَرِقِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ(94).
1931 - قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ
صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي
ابْتَاعَهَا بِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَاهَا
مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
1932 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي رَقِيقٍ، أَوْ
مَاشِيَةٍ، أَوْ عُرُوضٍ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُوفاً،
فَسَلَّفَ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ، فَحَلَّ الأَجَلُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ
يَبِيعُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ مِنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ، بِأَكْثَرَ مِنَ
الثَّمَنِ الَّذِي سَلَّفَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَهُ فِيهِ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ فَهُوَ الرِّبَا،صَارَ الْمُشْتَرِي إِنْ أَعْطَى
الَّذِي بَاعَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَانْتَفَعَ بِهَا، فَلَمَّا حَلَّتْ
عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي، بَاعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ
مِمَّا سَلَّفَهُ فِيهَا، فَصَارَ أَنْ رَدَّ إِلَيْهِ مَا سَلَّفَهُ وَزَادَهُ
مِنْ عِنْدِهِ.
1933 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
سَلَّفَ ذَهَباً أَوْ وَرِقاً فِي حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ إِذَا كَانَ مَوْصُوفاً
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، ثُمَّ حَلَّ الأَجَلُ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ
الْمُشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأَجَلُ،
أَوْ بَعْدَ مَا يَحِلُّ، بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ، يُعَجِّلُهُ وَلاَ
يُؤَخِّرُهُ، بَالِغاً مَا بَلَغَ ذَلِكَ الْعَرْضُ إِلاَّ الطَّعَامَ، فَإِنَّهُ
لاَ يَحِلُّ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ
تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ، بِذَهَبٍ
أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ، يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ،
لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ قَبُحَ، وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ،
وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ : أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْناً لَهُ عَلَى رَجُلٍ،
بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ(95).
1934 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ، وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لاَ
يُؤْكَلُ وَلاَ يُشْرَبُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ
،بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا
الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الَّذِي
ابْتَاعَهَا مِنْهُ، إِلاَّ بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ. قَالَ مَالِكٌ
: وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْ
صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا، بَيِّنٍ خِلاَفُهُ يَقْبِضُهُ وَلاَ
يُؤَخِّرُهُ.
1935 - قَالَ مَالِكٌ
فِيمَنْ سَلَّفَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ
إِلَى أَجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الأَجَلُ تَقَاضَى صَاحِبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا
عِنْدَهُ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ ثِيَاباً دُونَهَا مِنْ صِنْفِهَا، فَقَالَ لَهُ
الَّذِي عَلَيْهِ الأَثْوَابُ : أُعْطِيكَ بِهَا ثَمَانِيَةَ أَثْوَابٍ مِنْ
ثِيَأبِي هَذِهِ :
إِنَّهُ لاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ إِذَا أَخَذَ تِلْكَ الأَثْوَابَ الَّتِي يُعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ
يَفْتَرِقَا، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ، وَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ أَيْضاً، إِلاَّ
أَنْ يَبِيعَهُ ثِيَاباً لَيْسَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الَّتِي سَلَّفَهُ
فِيهَا.
32 - باب بَيْعِ
النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهُهُمَا مِمَّا يُوزَنُ
1936 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا كَانَ مِمَّا يُوزَنُ، مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ مِنَ النُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالرَّصَاصِ وَالآنُكِ وَالْحَدِيدِ
وَالْقَضْبِ وَالتِّينِ وَالْكُرْسُفِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُوزَنُ،
فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً
بِيَدٍ, وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ رِطْلُ حَدِيدٍ بِرِطْلَيْ حَدِيدٍ، وَرِطْلُ
صُفْرٍ بِرِطْلَيْ صُفْرٍ(96).
1937 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ خَيْرَ فِيهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا
اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ
يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ مِنْهُ
يُشْبِهُ الصِّنْفَ الآخَرَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ، مِثْلُ الرَّصَاصِ
وَالآنُكِ، وَالشَّبَهِ وَالصُّفْرِ، فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1938 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ
قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ،
إِذَا قَبَضْتَ ثَمَنَهُ، إِذَا كُنْتَ اشْتَرَيْتَهُ كَيْلاً أَوْ وَزْناً،
فَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ جِزَافاً فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ
بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ
جِزَافاً، وَلاَ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ وَزْناً حَتَّى تَزِنَهُ
وَتَسْتَوْفِيَهُ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ
كُلِّهَا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
1939 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ، وَلاَ
يُشْرَبُ، مِثْلُ الْعُصْفُرِ وَالنَّوَى وَالْخَبَطِ وَالْكَتَمِ، وَمَا يُشْبِهُ
ذَلِكَ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ،
يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
إِلَى أَجَلٍ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا، فَلاَ
بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَمَا
اشْتُرِيَ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ قَبْلَ
أَنْ يُسْتَوْفَى، إِذَا قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي
اشْتَرَاهُ مِنْهُ(97).
1940 - قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، وَإِنْ
كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ إِلَى
أَجَلٍ، فَهُوَ رِباً، وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ مِنَ
الأَشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ، فَهُوَ رِباً(98).
33 - باب النَّهْىِ عَنْ
بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
1941 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ
بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ(99).
1942 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ لِي هَذَا
الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ، حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ. فَسُئِلَ عَنْ
ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.
1943 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى
سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً إِلَى
أَجَلٍ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.
1944 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ
بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ
الثَّمَنَيْنِ، إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ, لأَنَّهُ
إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ، كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنْ نَقَدَ
الْعَشَرَةَ، كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي إِلَى
أَجَلٍ.
1945 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْداً، أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ
إِلَى أَجَلٍ، قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ : إِنَّ
ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَنْبَغِي، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَدْ نَهَى عَنْ
بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1946 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَشْتَرِى مِنْكَ هَذِهِ الْعَجْوَةَ، خَمْسَةَ عَشَرَ
صَاعاً، أَوِ الصَّيْحَانِيَّ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ، أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ
خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ بِدِينَارٍ قَدْ
وَجَبَتْ لِي إِحْدَاهُمَا : إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ صَيْحَانِيًّا، فَهُوَ يَدَعُهَا وَيَأْخُذُ
خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً مِنَ الْعَجْوَةِ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ
صَاعاً مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَحْمُولَةِ، فَيَدَعُهَا وَيَأْخُذُ عَشَرَةَ
أَصْوُعٍ مِنَ الشَّامِيَّةِ، فَهَذَا أَيْضاً مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ، وَهُوَ
أَيْضاً يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَهُوَ
أَيْضاً مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ،
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ(100).
34 - باب بَيْعِ الْغَرَرِ
1947 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ(101).
1948 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ
الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ قَدْ ضَلَّتْ دَابَّتُهُ،
أَوْ أَبَقَ غُلاَمُهُ، وَثَمَنُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَاراً، فَيَقُولُ
رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَاراً، فَإِنْ وَجَدَهُ
الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنَ الْبَائِعِ ثَلاَثُونَ دِينَاراً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ
ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِعِشْرِينَ دِينَاراً.
قَالَ مَالِكٌ :
وَفِي ذَلِكَ عَيْبٌ آخَرُ : إِنَّ تِلْكَ الضَّالَّةَ إِنْ وُجِدَتْ لَمْ يُدْرَ،
أَزَادَتْ أَمْ نَقَصَتْ أَمْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنَ الْعُيُوبِ، فَهَذَا أَعْظَمُ
الْمُخَاطَرَةِ.
1949 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ اشْتِرَاءَ مَا فِي
بُطُونِ الإِنَاثِ مِنَ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ، لأَنَّهُ لاَ يُدْرَى
أَيَخْرُجُ أَمْ لاَ يَخْرُجُ، فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ حَسَناً أَمْ
قَبِيحاً، أَتَامًّا أَمْ نَاقِصاً، أَذَكَراً أَمْ أُنْثَى، وَذَلِكَ كُلُّهُ
يَتَفَاضَلُ، إِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى كَذَا
فَقِيمَتُهُ كَذَا.
1950 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي بَيْعُ الإِنَاثِ وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَذَلِكَ
أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ثَمَنُ شَاتِي الْغَزِيرَةِ ثَلاَثَةُ
دَنَانِيرَ، فَهِيَ لَكَ بِدِينَارَيْنِ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا، فَهَذَا
مَكْرُوهٌ، لأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ(102).
1951 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ، وَلاَ الْجُلْجُلاَنِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلاَنِ،
وَلاَ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ، لأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ، وَلأَنَّ الَّذِي
يَشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا أَشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ،
لاَ يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، فَهَذَا غَرَرٌ
وَمُخَاطَرَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ، فَذَلِكَ
غَرَرٌ، لأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ، وَلاَ
بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ، لأَنَّ الْبَانَ الْمُطَيَّبَ
قَدْ طُيِّبَ وَنُشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ(103).
1952 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ
بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ، عَلَى أَنَّهُ لاَ نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ :
إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ. وَتَفْسِيرُ
ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ، إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ
السِّلْعَةِ، وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلاَ شَيْءَ
لَهُ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلاً، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَلِلْمُبْتَاعِ فِي
هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ
السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ،
وَإِنَمَّا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ، فَإِنْ لَمْ
تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.
1953 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً يَبُتُّ بَيْعَهَا، ثُمَّ
يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ : ضَعْ عَنِّى، فَيَأْبَى الْبَائِعُ
وَيَقُولُ : بِعْ فَلاَ نُقْصَانَ عَلَيْكَ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ لأَنَّهُ
لَيْسَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَضَعَهُ لَهُ، وَلَيْسَ
عَلَى ذَلِكَ عَقَدَا بَيْعَهُمَا، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الأَمْرُ
عِنْدَنَا(104).
35 - باب الْمُلاَمَسَةِ
وَالْمُنَابَذَةِ
1954 - حَدَّثَنَا يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ. وَعَنْ أبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ(105).
1955 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالْمُلاَمَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ، وَلاَ يَنْشُرَهُ، وَلاَ
يَتَبَيَّنَ مَا فِيهِ، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلاً وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِيهِ، وَالْمُنَابَذَةُ
أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ إِلَيْهِ
ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا، وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا :
هَذَا بِهَذَا، فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ
وَالْمُنَابَذَةِ(106).
1956 - قَالَ مَالِكٌ فِي
السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ، أَوِ الثَّوْبِ الْقُبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي
طَيِّهِ : إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يُنْشَرَا وَيُنْظَرَ إِلَى مَا
فِي أَجْوَافِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَهُوَ
مِنَ الْمُلاَمَسَةِ(107).
1957 - قَالَ مَالِكٌ :
وَبَيْعُ الأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ، مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي
جِرَابِهِ، وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ
الأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ وَمَا
مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ
النَّاسِ الْجَائِزَةِ، وَالتِّجَارَةِ بَيْنَهُمْ الَّتِي لاَ يَرَوْنَ بِهَا
بَأْساً، لأَنَّ بَيْعَ الأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ لاَ
يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلاَمَسَةَ(108).
36 - باب بَيْعِ
الْمُرَابَحَةِ
1958 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ
يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ، ثُمَّ يَقْدَمُ بِهِ بَلَداً آخَرَ فَيَبِيعُهُ
مُرَابَحَةً : إِنَّهُ لاَ يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ، وَلاَ أَجْرَ
الطَّيِّ، وَلاَ الشَّدِّ، وَلاَ النَّفَقَةَ، وَلاَ كِرَاءَ بَيْتٍ، فَأَمَّا
كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلاَنِهِ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ،
وَلاَ يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ، إِلاَّ أَنْ يُعْلِمَ البَّائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ
بِذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلاَ
بَأْسَ بِهِ(109).
1959 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الْقِصَارَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالصِّبَاغُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ،
فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ، يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي
الْبَزِّ، فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئاً مِمَّا سَمَّيْتُ،
إِنَّهُ لاَ يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ، فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ، فَإِنَّ
الْكِرَاءَ يُحْسَبُ وَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ، فَإِنْ لَمْ يَفُتِ
الْبَزُّ، فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى
شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا(110).
1960 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ
اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَداً فَيَبِيعُهُ
مُرَابَحَةً، أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ
الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ
وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ، أَوِ ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ،
وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ
أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي
بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ، وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ
الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ.
1961 - قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِئَةِ دِينَارٍ، لِلْعَشَرَةِ
أَحَدَ عَشَرَ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ
بِتِسْعِينَ دِينَاراً، وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ، فَإِنْ
أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِهِ الْبَيْعُ أَوَّلَ
يَوْمٍ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِئَةُ دِينَارٍ
وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ،
إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ
الْقِيمَةِ، فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ، وَفِي رَأْسِ مَالِهِ
وَرِبْحِهِ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَاراً.
1962 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً فَقَالَ : قَامَتْ
عَلَىَّ بِمِئَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ
بِمِئَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَاراً، خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى
الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الثَّمَنَ
الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى حِسَابِ مَا رَبَّحَهُ، بَالِغاً مَا بَلَغَ، إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ،
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ الْسِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي
ابْتَاعَهَا بِهِ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَاءَ رَبُّ
السِّلْعَةِ يَطْلُبُ الْفَضْلَ، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ
بِأَنْ يَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ(111).
37 - باب الْبَيْعِ عَلَى
الْبَرْنَامِجِ
1963 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقَوْمِ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ، الْبَزَّ أَوِ
الرَّقِيقَ, فَيَسْمَعُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْهُمُ : الْبَزُّ
الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ فُلاَنٍ قَدْ بَلَغَتْنِي صِفَتُهُ وَأَمْرُهُ، فَهَلْ
لَكَ أَنْ أُرْبِحَكَ فِي نَصِيبِكَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ : نَعَمْ،
فَيُرْبِحُهُ وَيَكُونُ شَرِيكاً لِلْقَوْمِ مَكَانَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ
رَآهُ قَبِيحاً وَاسْتَغْلاَهُ.
قَالَ مَالِكٌ :
ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ وَلاَ خِيَارَ لَهُ فِيهِ، إِذَا كَانَ ابْتَاعَهُ عَلَى
بَرْنَامِجٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.
1964 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَقْدَمُ لَهُ أَصْنَافٌ مِنَ الْبَزِّ، وَيَحْضُرُهُ السُّوَّامُ,
وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَرْنَامِجَهُ وَيَقُولُ : فِي
كُلِّ عِدْلٍ كَذَا وَكَذَا مِلْحَفَةً بَصْرِيَّةً، وَكَذَا وَكَذَا رَيْطَةً
سَابِرِيَّةً، ذَرْعُهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُسَمِّي لَهُمْ أَصْنَافاً مِنَ
الْبَزِّ بِأَجْنَاسِهِ وَيَقُولُ: اشْتَرُوا مِنِّي عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ.
فَيَشْتَرُونَ الأَعْدَالَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ، ثُمَّ يَفْتَحُونَهَا
فَيَسْتَغْلُونَهَا وَيَنْدَمُونَ(112).
قَالَ مَالِكٌ :
ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُمْ إِذَا كَانَ مُوَافِقاً لِلْبَرْنَامِجِ الَّذِي بَاعَهُمْ
عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا يُجِيزُونَهُ
بَيْنَهُمْ، إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُوَافِقاً لِلْبَرْنَامِجِ وَلَمْ يَكُنْ
مُخَالِفاً لَهُ.
38 - باب بَيْعِ
الْخِيَارِ
1965 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ
عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا,
إِلاَّ بَيْعَ
الْخِيَارِ »(113).
1966 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ، وَلاَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ.
1967 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
r قَالَ : « أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ
تَبَايَعَا، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ، أَوْ يَتَرَادَّانِ »(114).
1968 - قَالَ مَالِكٌ
فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً، فَقَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ مُوَاجَبَةِ
الْبَيْعِ: أَبِيعُكَ عَلَى أَنْ أَسْتَشِيرَ فُلاَناً، فَإِنْ رَضِيَ فَقَدْ
جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَرِهَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا. فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى
ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْبَائِعُ فُلاَناً : إِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُمَا عَلَى مَا وَصَفَا، وَلاَ
خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ، وَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ إِنْ أَحَبَّ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْبَائِعُ
أَنْ يُجِيزَهُ.
1969 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ،
فَيَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ فَيَقُولُ الْبَائِعُ : بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ.
وَيَقُولُ
الْمُبْتَاعُ : ابْتَعْتُهَا مِنْكَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ : إِنَّهُ
يُقَالُ لِلْبَائِعِ : إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِهَا لِلْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ، وَإِنْ
شِئْتَ فَاحْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ سِلْعَتَكَ إِلاَّ بِمَا قُلْتَ، فَإِنْ
حَلَفَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي : إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا قَالَ
الْبَائِعُ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتَهَا إِلاَّ بِمَا
قُلْتَ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ.
39 - باب مَا جَاءَ فِي
الرِّبَا فِي الدَّيْنِ
1970 - حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدٍ
أبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ، أَنَّهُ قَالَ : بِعْتُ
بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ دَارِ نَخْلَةَ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ
إِلَى الْكُوفَةِ، فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ بَعْضَ الثَّمَنِ
وَيَنْقُدُونِي، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لاَ
آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا وَلاَ تُوكِلَهُ(115).
1971 - وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ سُئِلَ
عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ، فَيَضَعُ
عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ، وَنَهَى عَنْهُ.
1972 - وَحَدَّثَنِى
مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرِّبَا فِي
الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ،
فَإِذَا حَلَّ الأَجَلُ قَالَ : أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ، وَإِلاَّ
زَادَهُ فِي حَقِّهِ وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الأَجَلِ(116).
1973 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالأَمْرُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ
لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ
وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ
دَيْنَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِى حَقِّهِ.
قَالَ: فَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ لاَ شَكَّ فِيهِ(117).
1974 - قَالَ مَالِكٌ فِى
الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مِئَةُ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّتْ
قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : بِعْنِي سِلْعَةً يَكُونُ ثَمَنُهَا
مِئَةَ دِينَارٍ نَقْداً بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى أَجَلٍ، هَذَا بَيْعٌ لاَ
يَصْلُحُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ
بِعَيْنِهِ، وَيُؤَخِّرُ عَنْهُ الْمِئَةَ الأُولَى إِلَى الأَجَلِ الَّذِي ذَكَرَ
لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ، وَيَزْدَادُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَاراً فِي تَأْخِيرِهِ
عَنْهُ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ وَلاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ أَيْضاً يُشْبِهُ حَدِيثَ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي بَيْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا
حَلَّتْ دُيُونُهُمْ قَالُوا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا
أَنْ تُرْبِيَ ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذُوا، وَإِلاَّ زَادُوهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ،
وَزَادُوهُمْ فِي الأَجَلِ(118).
40 - باب جَامِعِ
الدَّيْنِ وَالْحَوْلِ
1975 - حَدَّثَنَا يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ ،عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ
: « مَطْلُ الْغَنِيِّ
ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ »(119).
1976 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ بِالدَّيْنِ. فَقَالَ سَعِيدٌ :
لاَ تَبِعْ، إِلاَّ مَا آوَيْتَ إِلَى رَحْلِكَ.
1977 - قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي
يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ، عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، إِمَّا لِسُوقٍ يَرْجُو نَفَاقَهَا فِيهِ، وَإِمَّا لِحَاجَةٍ
فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُخْلِفُهُ الْبَائِعُ
عَنْ ذَلِكَ الأَجَلِ، فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ تِلْكَ السِّلْعَةِ عَلَى
الْبَائِعِ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُ،
وَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ جَاءَ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ لَمْ
يُكْرَهِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهَا(120).
1978 - قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي
يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَكْتَالُهُ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ,
فَيُخْبِرُ الَّذِي يَأْتِيهِ أَنَّهُ قَدِ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَوْفَاهُ،
فَيُرِيدُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَأْخُذَهُ بِكَيْلِهِ : إِنَّ مَا
بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنَقْدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَمَا بِيعَ عَلَى
هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، حَتَّى يَكْتَالَهُ
الْمُشْتَرِي الآخَرُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الَّذِي إِلَى أَجَلٍ
لأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، وَتَخَوُّفٌ أَنْ يُدَارَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا
الْوَجْهِ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلاَ وَزْنٍ، فَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ،
وَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
1979 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ وَلاَ
حَاضِرٍ, إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مِنَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلاَ عَلَى
مَيِّتٍ، وَإِنْ عَلِمَ الَّذِي تَرَكَ الْمَيِّتُ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ
غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَيَتِمُّ أَمْ لاَ يَتِمُّ.
قَالَ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى دَيْناً
عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ : أَنَّهُ لاَ يُدْرَي مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الدَّيْنِ
الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، فَإِنْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ ذَهَبَ الثَّمَنُ
الَّذِي أَعْطَى الْمُبْتَاعُ بَاطِلاً. قَالَ مَالِكٌ : وَفِي
ذَلِكَ أَيْضاً عَيْبٌ آخَرُ : أَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئاً لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لَهُ،
وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَهَبَ ثَمَنُهُ بَاطِلاً، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.
1980 - قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ إِلاَّ مَا عِنْدَهُ، وَأَنْ
يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ، أَنَّ صَاحِبَ
الْعِينَةِ إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَهَبَهُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا، فَيَقُولُ
: هَذِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَمَا تُرِيدُ أَنْ أَشْتَريَ لَكَ بِهَا،
فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْداً بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً
إِلَى أَجَلٍ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا، وَإِنَّمَا تِلْكَ الدُّخْلَةُ
وَالدُّلْسَةُ(121).
41 - باب مَا جَاءَ فِي
الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَة
1981 -قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ وَيَسْتَثْنِي ثِيَاباً بِرُقُومِهَا :
إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ،
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى، فَإِنِّي أَرَاهُ
شَرِيكاً فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِىَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ
يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ(122).
1982 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ
وَالإِقَالَةِ مِنْهُ، فِي الطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ
يَقْبِضْ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَلاَ
وَضِيعَةٌ وَلاَ تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ
وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، صَارَ بَيْعاً يُحِلُّهُ مَا
يُحِلُّ الْبَيْعَ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلاَ
تَوْلِيَةٍ وَلاَ إِقَالَةٍ(123).
1983 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقاً فَبَتَّ بِهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ
يُشَرِّكَهُ فَفَعَلَ وَنَقَدَا الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعاً، ثُمَّ
أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ يَنْتَزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا، فَإِنَّ
الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنَ الَّذِي أَشْرَكَهُ الثَّمَنَ، وَيَطْلُبُ الَّذِي
أَشْرَكَ بَيِّعَهُ الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، إِلاَّ أَنْ
يَشْتَرِطَ الْمُشَرِّكُ عَلَى الَّذِي أَشْرَكَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، وَعِنْدَ
مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الأَوَّلِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ : أَنَّ
عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتُ مِنْهُ، وَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَائِعَ
الأَوَّلَ، فَشَرْطُ الآخَرِ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ(124).
1984 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ،
وَانْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ حِينَ
قَالَ : انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ
إِيَّاهُ، عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ، وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ هَلَكَتْ،
أَوْ فَاتَتْ أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ شَرِيكِهِ
مَا نَقَدَ عَنْهُ، فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً.
1985 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ سِلْعَةً، فَوَجَبَتْ لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ
: أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعاً.
كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّ
هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ
النِّصْفَ الآخَرَ.
42 - باب مَا جَاءَ فِي
إِفْلاَسِ الْغَرِيمِ
1986 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « أَيُّمَا رَجُلٍ
بَاعَ مَتَاعاً فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي
بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئاً، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ،
وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ
الْغُرَمَاءِ »(125).
1987 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)
قَالَ : « أَيُّمَا
رَجُلٍ أَفْلَسَ : فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ
مِنْ غَيْرِهِ »(126).
1988 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعاً، فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنَّ الْبَائِعَ
إِذَا وَجَدَ شَيْئاً مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ
الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ وَفَرَّقَهُ, فَصَاحِبُ
الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ، وَلاَ يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ
الْمُبْتَاعُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ
ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئاً، فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ
مِنْ مَتَاعِهِ، وَيَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، فَذَلِكَ
لَهُ.
1989 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ، غَزْلاً أَوْ مَتَاعاً أَوْ
بُقْعَةً مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلاً، بَنَى
الْبُقْعَةَ دَاراً، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْباً، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي
ابْتَاعَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَبُّ الْبُقْعَةِ : أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا
فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ. إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ
وَمَا فِيهَا مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ
الْبُقْعَةِ، وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ، ثُمَّ
يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ،
وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَ
مِئَةِ دِرْهَمٍ, فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَ مِئَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ
الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ
وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.
1990 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا
وَلَحِقَ الْمُشْتَرِيَ دَيْنٌ لاَ وَفَاءَ لَهُ، وَهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ.
1991 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ
شَيْئاً، إِلاَّ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا،
فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا، فَإِنَّ
الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ
الَّذِي بَاعَهَا بِهِ وَلاَ يُنَقِّصُوهُ شَيْئاً، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ
سِلْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا، فَالَّذِي
بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ، وَلاَ تِبَاعَةَ لَهُ
فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ, فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ
غَرِيماً مِنَ الْغُرَمَاءِ، يُحَاصُّ بِحَقِّهِ وَلاَ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ،
فَذَلِكَ لَهُ(127).
1992 - وَقَالَ مَالِكٌ
فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ
الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ،
إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلاً،
وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.
43 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ
السَّلَفِ
1993 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ أبِي
رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)
، أَنَّهُ قَالَ :
اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَكْراً، فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ،
قَالَ أَبُو رَافِعٍ : فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ
بَكْرَهُ، فَقُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي الإِبِلِ إِلاَّ جَمَلاً خِيَاراً
رَبَاعِياً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ
قَضَاءً »(128).
1994 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ :
اسْتَسْلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَضَاهُ
دَرَاهِمَ خَيْراً مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي الَّتِي أَسْلَفْتُكَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ : قَدْ عَلِمْتُ، وَلَكِنْ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ.
1995 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
بَأْسَ بِأَنْ يُقْبِضَ مَنْ أُسْلِفَ شَيْئاً مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ
الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ، مِمَّنْ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِمَّا
أَسْلَفَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ عَادَةٍ،
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ أَوْ وَأْىٍ أَوْ عَادَةٍ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ،
وَلاَ خَيْرَ فِيهِ(129).
قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَضَى جَمَلاً رَبَاعِياً
خِيَاراً، مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ, وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ
دَرَاهِمَ، فَقَضَى خَيْراً مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ نَفْسٍ مِنَ
الْمُسْتَسْلِفِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلاَ وَأْىٍ وَلاَ عَادَةٍ،
كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ.
44 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنَ السَّلَفِ
1996 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي رَجُلٍ
أَسْلَفَ رَجُلاً طَعَاماً عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ،
فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ : فَأَيْنَ الْحَمْلُ. يَعْنِى
حُمْلاَنَهُ.
1997 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي أَسْلَفْتُ رَجُلاً سَلَفاً،
وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ : فَذَلِكَ الرِّبَا.
قَالَ : فَكَيْفَ
تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : السَّلَفُ
عَلَى ثَلاَثَةِ وُجُوهٍ : سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، فَلَكَ
وَجْهُ اللَّهِ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِكَ، فَلَكَ
وَجْهُ صَاحِبِكَ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ لِتَأْخُذَ خَبِيثاً بِطَيِّبٍ، فَذَلِكَ
الرِّبَا. قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : أَرَى
أَنْ تَشُقَّ الصَّحِيفَةَ، فَإِنْ أَعْطَاكَ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ،
وَإِنْ أَعْطَاكَ دُونَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ فَأَخَذْتَهُ أُجِرْتَ، وَإِنْ
أَعْطَاكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتَهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، فَذَلِكَ شُكْرٌ
شَكَرَهُ لَكَ, وَلَكَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْتَهُ(130).
1998 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : مَنْ
أَسْلَفَ سَلَفاً، فَلاَ يَشْتَرِطْ إِلاَّ قَضَاءَهُ.
1999 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ،
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : مَنْ
أَسْلَفَ سَلَفاً، فَلاَ يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً
مِنْ عَلَفٍ، فَهُوَ رِباً.
2000 - قَالَ مَالِكٌ :
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنِ اسْتَسْلَفَ شَيْئاً مِنَ
الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ،
وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْوَلاَئِدِ، فَإِنَّهُ
يُخَافُ فِي ذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ مَا لاَ يَحِلُّ، فَلاَ
يَصْلُحُ، وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ، أَنْ يَسْتَسْلِفَ الرَّجُلُ
الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا
بِعَيْنِهَا، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ
يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَلاَ يُرَخِّصُونَ فِيهِ لأَحَدٍ(131).
45 - باب مَا يُنْهَى
عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ
2001 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ »(132).
2002 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ
عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ
تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ
بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا،
وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ »(133).
2003 - قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ « لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى
بَيْعِ بَعْضٍ ». أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ
إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ، وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ،
وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ
الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ، فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ(134).
2004 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ، فَيَسُومُ بِهَا
غَيْرُ وَاحِدٍ.
قَالَ وَلَوْ تَرَكَ
النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِهَا، أُخِذَتْ بِشِبْهِ
الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ، وَدَخَلَ عَلَى الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ
الْمَكْرُوهُ، وَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا.
2005 - قَالَ مَالِكٌ : عَنْ
نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ
النَّجْشِ(135).
2006 - قَالَ مَالِكٌ :
وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَلَيْسَ فِي
نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِىَ بِكَ غَيْرُكَ.
46 - باب جَامِعِ
الْبُيُوعِ
2007 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ : أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)
أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ : لاَ خِلاَبَةَ ». قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ
إِذَا بَايَعَ يَقُولُ : لاَ خِلاَبَةَ(136).
2008 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ :
إِذَا جِئْتَ أَرْضاً يُوفُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، فَأَطِلِ الْمُقَامَ
بِهَا، وَإِذَا جِئْتَ أَرْضاً يُنَقِّصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ،
فَأَقْلِلِ الْمُقَامَ بِهَا(137).
2009 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ
يَقُولُ : أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً، سَمْحاً إِنْ بَاعَ، سَمْحاً إِنِ ابْتَاعَ،
سَمْحاً إِنْ قَضَى، سَمْحاً إِنِ اقْتَضَى(138).
2010 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِي الإِبِلَ أَوِ الْغَنَمَ أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ أَوْ شَيْئاً
مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافاً : إِنَّهُ لاَ يَكُونُ الْجِزَافُ فِي شَيْءٍ مِمَّا
يُعَدُّ عَدًّا.
2011 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ، وَقَدْ قَوَّمَهَا صَاحِبُهَا
قِيمَةً فَقَالَ : إِنْ بِعْتَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ
فَلَكَ دِينَارٌ، أَوْ شَيْءٌ يُسَمِّيهِ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ
لَمْ تَبِعْهَا فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا سَمَّى
ثَمَناً يَبِيعُهَا بِهِ، وَسَمَّى أَجْراً مَعْلُوماً إِذَا بَاعَ أَخَذَهُ،
وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
2012 - قَالَ مَالِكٌ :
وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : إِنْ قَدَرْتَ عَلَى
غُلاَمِي الآبِقِ، أَوْ جِئْتَ بِجَمَلِي الشَّارِدِ فَلَكَ كَذَا. فَهَذَا مِنْ
بَابِ الْجُعْلِ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ
لَمْ يَصْلُحْ(139).
2013 - قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطَي السِّلْعَةَ فَيُقَالُ لَهُ : بِعْهَا وَلَكَ كَذَا وَكَذَا
فِي كُلِّ دِينَارٍ، لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ
كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ، نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي
سَمَّى لَهُ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَدْرِى كَمْ جَعَلَ لَهُ.
2014 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى
الدَّابَّةَ، ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ. فَقَالَ : لاَ
بَأْسَ بِذَلِكَ(140).
===========
كتاب القراض
< موطأ الإمام مالك
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
1 - باب مَا جَاءَ فِي
الْقِرَاضِ.
2015 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ
وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ،
فَلَمَّا قَفَلاَ مَرَّا عَلَى أبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ
الْبَصْرَةِ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا
عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا بِهِ لَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى هَا هُنَا مَالٌ
مِنْ مَالِ اللَّهِ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأُسْلِفُكُمَاهُ
فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعاً مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ تَبِيعَانِهِ
بِالْمَدِينَةِ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،
وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا. فَقَالاَ
: وَدِدْنَا ذَلِكَ.
فَفَعَلَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا
الْمَالَ، فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا، فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ قَالَ : أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا ؟ قَالاَ:
لاَ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
فَأَسْلَفَكُمَا، أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ. فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ
فَسَكَتَ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ : مَا يَنْبَغِى لَكَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ هَذَا، لَوْ نَقَصَ هَذَا الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ.
فَقَالَ عُمَرُ
: أَدِّيَاهُ. فَسَكَتَ
عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ. فَقَالَ
رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ
قِرَاضاً. فَقَالَ عُمَرُ : قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضاً. فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ
الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ(141).
2016 - وَحَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَعْطَاهُ مَالاً قِرَاضاً يَعْمَلُ فِيهِ، عَلَى
أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا.
2 - باب مَا يَجُوزُ فِي
الْقِرَاضِ
2017 - قَالَ مَالِكٌ :
وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ : أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ
مِنْ صَاحِبِهِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَنَفَقَةُ
الْعَامِلِ فِي الْمَالِ فِي سَفَرِهِ, مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمَا
يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ، بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ، إِذَا
كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُقِيماً فِي أَهْلِهِ، فَلاَ
نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلاَ كِسْوَةَ(142).
2018 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُعِينَ الْمُتَقَارِضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ
عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا.
2019 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا
يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحاً عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ.
2020 - قَالَ مَالِكٌ
فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ وَإِلَى غُلاَمٍ لَهُ مَالاً قِرَاضاً يَعْمَلاَنِ
فِيهِ جَمِيعاً : إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، لأَنَّ الرِّبْحَ مَالٌ لِغُلاَمِهِ،
لاَ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ، وَهُوَ
بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ.
3 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
فِي الْقِرَاضِ
2021 - قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ
قِرَاضاً : إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ، ثُمَّ يُقَارِضَهُ
بَعْدُ أَوْ يُمْسِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ
بِمَالِهِ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ.
2022 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً فَهَلَكَ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ
يَعْمَلَ فِيهِ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ
الْمَالِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ
فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ،
ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى شَرْطِهِمَا مِنَ الْقِرَاضِ.
2023 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَصْلُحُ الْقِرَاضُ إِلاَّ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ، وَلاَ
يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ وَالسِّلَعِ، وَمِنَ الْبُيُوعِ مَا يَجُوزُ
إِذَا تَفَاوَتَ أَمْرُهُ، وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ، فَأَمَّا الرِّبَا، فَإِنَّهُ لاَ
يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ الرَّدُّ أَبَداً، وَلاَ يَجُوزُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلاَ
كَثِيرٌ، وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ
أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) [البقرة :
279](143).
4 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ
الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ
2024 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، وَشَرَطَ عَلَيْهِ
أَنْ لاَ تَشْتَرِيَ بِمَالِي إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَنْهَاهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِاسْمِهَا، قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ
قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ حَيَوَاناً، أَوْ سِلْعَةً بِاسْمِهَا فَلاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ، وَمَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ إِلاَّ
سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
السِّلْعَةُ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا كَثِيرَةً
مَوْجُودَةً لاَ تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلاَ صَيْفٍ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
2025 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئاً
مِنَ الرِّبْحِ خَالِصاً دُونَ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَإِنْ
كَانَ دِرْهَماً وَاحِداً، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ،
وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ، أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ
أَوْ أَكْثَرَ، فَإِذَا سَمَّى شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ قَلِيلاً أَوْ كَثِيراً،
فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَمَّى مِنْ ذَلِكَ حَلاَلٌ، وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ : وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَماً
وَاحِداً فَمَا فَوْقَهُ، خَالِصًا لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ
فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَلَيْسَ عَلَى
ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
5 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ
2026 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ
شَيْئاً مِنَ الرِّبْحِ خَالِصاً دُونَ الْعَامِلِ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ
أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئاً مِنَ الرِّبْحِ خَالِصاً دُونَ صَاحِبِهِ،
وَلاَ يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ، وَلاَ كِرَاءٌ، وَلاَ عَمَلٌ، وَلاَ
سَلَفٌ، وَلاَ مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ،
إِلاَّ أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ، عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ
إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ
أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً، مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ وَلاَ طَعَامٍ،
وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ :
فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَارَ إِجَارَةً، وَلاَ تَصْلُحُ الإِجَارَةُ
إِلاَّ بِشَيْءٍ ثَابِتٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ
أَنْ يَشْتَرِطَ مَعَ أَخْذِهِ الْمَالَ أَنْ يُكَافِئَ وَلاَ يُوَلِّيَ مِنْ
سِلْعَتِهِ أَحَداً، وَلاَ يَتَوَلَّى مِنْهَا شِيْئاً لِنَفْسِهِ، فَإِذَا وَفَرَ
الْمَالُ وَحَصَلَ، عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى
شَرْطِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ، أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ،
لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، لاَ مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى
نَفْسِهِ، وَلاَ مِنَ الْوَضِيعَةِ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ, وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ
مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ، أَوْ ثُلُثِهِ, أَوْ رُبُعِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ
أَوْ أَكْثَرَ(144).
2027 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ
لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضاً أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ
لاَ يُنْزَعُ مِنْهُ. قَالَ : وَلاَ يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ
أَنَّكَ لاَ تَرُدُّهُ إِلَيَّ سِنِينَ لأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ، لأَنَّ الْقِرَاضَ
لاَ يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ، وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى
الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَدَا لأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ
وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئاً تَرَكَهُ، وَأَخَذَ صَاحِبُ
الْمَالِ مَالَهُ، وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعْدَ أَنْ
يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ،
وَيَصِيرَ عَيْناً، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ وَهُوَ عَرْضٌ، لَمْ يَكُنْ
ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَرُدَّهُ عَيْناً كَمَا أَخَذَهُ(145).
2028 - قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا، أَنْ يَشْتَرِطَ
عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً، لأَنَّ رَبَّ
الْمَالِ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ فَضْلاً مِنَ الرِّبْحِ
ثَابِتاً، فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ
وَلاَ يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ
إِلاَّ مِنْ فُلاَنٍ - لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ - فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، لأَنَّهُ
يَصِيرُ لَهُ أَجِيراً بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ(146).
2029 - قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي
دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ. قَالَ : لاَ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ
أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَالِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ وَمَا مَضَى مِنْ
سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، فَإِنْ نَمَا الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ،
كَانَ قَدِ ازْدَادَ فِي حَقِّهِ مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ،
وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى
غَيْرِ ضَمَانٍ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَمْ أَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ
ضَمَاناً، لأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ.
2030 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ
يَبْتَاعَ بِهِ إِلاَّ نَخْلاً، أَوْ دَوَابَّ لأَجْلِ : أَنَّهُ يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ
أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ،
إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبِيعَهُ كَمَا يُبَاعُ غَيْرُهُ مِنَ
السِّلَعِ.
2031 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلاَماً يُعِينُهُ
بِهِ عَلَى أَنْ يَقُومَ مَعَهُ الْغُلاَمُ فِي الْمَالِ، إِذَا لَمْ يَعْدُ أَنْ
يُعِينَهُ فِي الْمَالِ لاَ يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ(147).
6 - باب الْقِرَاضِ فِي
الْعُرُوضِ
2032 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَداً إِلاَّ فِي
الْعَيْنِ، لأَنَّهُ لاَ تَنْبَغِي الْمُقَارَضَةُ فِي الْعُرُوضِ، لأَنَّ الْمُقَارَضَةَ
فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقُولَ
لَهُ صَاحِبُ الْعَرْضِ : خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ، فَمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ
فَاشْتَرِ بِهِ وَبِعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ، فَقَدِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ
الْمَالِ فَضْلاً لِنَفْسِهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ
مَئُونَتِهَا، أَوْ يَقُولَ : اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ, فَإِذَا
فَرَغْتَ فَابْتَعْ لِي مِثْلَ عَرْضِي الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ، فَإِنْ فَضَلَ
شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعَرْضِ أَنْ يَدْفَعَهُ
إِلَى الْعَامِلِ فِي زَمَنٍ هُوَ فِيهِ نَافِقٌ كَثِيرُ الثَّمَنِ، ثُمَّ
يَرُدُّهُ الْعَامِلُ حِينَ يَرُدُّهُ، وَقَدْ رَخُصَ فَيَشْتَرِيهِ بِثُلُثِ
ثَمَنِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا
نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ يَأْخُذَ
الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ، فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ
فِي يَدَيْهِ، ثُمَّ يَغْلُو ذَلِكَ الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ
يَرُدُّهُ، فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي يَدَيْهِ، فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ
وَعِلاَجُهُ بَاطِلاً، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ حَتَّى
يَمْضِيَ، نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ فِي
بَيْعِهِ إِيَّاهُ وَعِلاَجِهِ فَيُعْطَاهُ، ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضاً مِنْ
يَوْمِ نَضَّ الْمَالُ وَاجْتَمَعَ عَيْناً، وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ(148).
7 - باب الْكِرَاءِ فِي
الْقِرَاضِ
2033 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَاشْتَرَى بِهِ
مَتَاعاً، فَحَمَلَهُ إِلَى بَلَدِ التِّجَارَةِ، فَبَارَ عَلَيْهِ وَخَافَ
النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُ، فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَبَاعَ
بِنُقْصَانٍ، فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلَّهُ. قَالَ مَالِكٌ :
إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ، فَسَبِيلُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَ
مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ بَعْدَ أَصْلِ الْمَالِ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ، وَلَمْ يَكُنْ
عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ
إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارِضِ أَنْ
يَتْبَعَهُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ
رَبُّ الْمَالِ، لَكَانَ ذَلِكَ دَيْناً عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي
قَارَضَهُ فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارِضِ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ
الْمَالِ(149).
8 - باب التَّعَدِّى فِي
الْقِرَاضِ
2034 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَعَمِلَ فِيهِ
فَرَبِحَ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ رِبْحِ الْمَالِ أَوْ مِنْ جُمْلَتِهِ جَارِيَةً
فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ نَقَصَ الْمَالُ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ
كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ مِنْ مَالِهِ، فَيُجْبَرُ بِهِ
الْمَالُ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْمَالِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى
الْقِرَاضِ الأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ بِيعَتِ الْجَارِيَةُ
حَتَّى يُجْبَرَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِهَا(150).
2035 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَتَعَدَّى فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً
وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ مَالِكٌ : صَاحِبُ الْمَالِ
بِالْخِيَارِ، إِنْ بِيعَتِ السِّلْعَةُ بِرِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ أَوْ لَمْ
تُبَعْ، إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ، أَخَذَهَا وَقَضَاهُ مَا
أَسْلَفَهُ فِيهَا، وَإِنْ أَبَى كَانَ الْمُقَارَضُ شَرِيكاً لَهُ بِحِصَّتِهِ
مِنَ الثَّمَنِ فِي النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ، بِحِسَابِ مَا زَادَ الْعَامِلُ
فِيهَا مِنْ عِنْدِهِ(151).
2036 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ
فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضاً بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، إِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ،
إِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ، وَإِنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطُهُ
مِنَ الرِّبْحِ، ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ
الْمَالِ.
2037 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنَ الْقِرَاضِ مَالاً،
فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ
عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ.
2038 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ الْمَدْفُوعُ
إِلَيْهِ الْمَالُ مَالاً، وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ : إِنَّ صَاحِبَ
الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا،
وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ
كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى.
9 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ
النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ
2039 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً : إِنَّهُ إِذَا
كَانَ الْمَالُ كَثِيراً يَحْمِلُ النَّفَقَةَ، فَإِذَا شَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ،
فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ قَدْرِ
الْمَالِ، وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيراً لاَ يَقْوَى
عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَئُونَتِهِ، وَمِنَ الأَعْمَالِ أَعْمَالٌ
لاَ يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا مِنْ
ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ وَشَدُّهُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ،
فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ
لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ وَلاَ يَكْتَسِيَ مِنْهُ، مَا
كَانَ مُقِيماً فِي أَهْلِهِ، إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا شَخَصَ فِي
الْمَالِ، وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ
فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ، فَلاَ نَفَقَةَ لَهُ مِنَ
الْمَالِ وَلاَ كِسْوَةَ(152).
2040 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ
قَالَ : يَجْعَلُ النَّفَقَةَ مِنَ الْقِرَاضِ وَمِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ
حِصَصِ الْمَالِ.
10 - باب مَا لاَ يَجُوزُ
مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ
2041 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ مَعَهُ مَالٌ قِرَاضٌ فَهُوَ يَسْتَنْفِقُ مِنْهُ
وَيَكْتَسِي : إِنَّهُ لاَ يَهَبُ مِنْهُ شَيْئاً، وَلاَ يُعْطِي مِنْهُ سَائِلاً
وَلاَ غَيْرَهُ، وَلاَ يُكَافِئُ فِيهِ أَحَداً، فَأَمَّا إِنِ اجْتَمَعَ هُوَ
وَقَوْمٌ، فَجَاؤُوا بِطَعَامٍ، وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ وَاسِعاً، إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَ
ذَلِكَ، أَوْ مَا يُشْبِهُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ أَنْ
يَتَحَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ
بِهِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِ
ذَلِكَ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئاً لَهُ مُكَافَأَةٌ(153).
11 - باب الدَّيْنِ فِي
الْقِرَاضِ
2042 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً، ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ
بِدَيْنٍ، فَرَبِحَ فِي الْمَالِ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ قَبْلَ
أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ، قَالَ إِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ
الْمَالَ وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنَ الرِّبْحِ، فَذَلِكَ لَهُمْ إِذَا
كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ وَخَلَّوْا بَيْنَ
صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ، لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ وَلاَ شَيْءَ
عَلَيْهِمْ، وَلاَ شَيْءَ لَهُمْ إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ، فَإِنِ
اقْتَضَوْهُ، فَلَهُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ، مِثْلُ مَا كَانَ
لأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ، هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا
أُمَنَاءَ عَلَى المَالِ، فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ،
فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ، فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ، وَجَمِيعَ
الرِّبْحِ، كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ.
2043 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ
دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ، فَمَا بَاعَ
بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، إِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ إِنْ بَاعَ
بِدَيْنٍ فَقَدْ ضَمِنَهُ.
12 - باب الْبِضَاعَةِ فِي
الْقِرَاضِ
2044 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، وَاسْتَسْلَفَ
مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ سَلَفاً، أَوِ اسْتَسْلَفَ مِنْهُ صَاحِبُ الْمَالِ
سَلَفاً، أَوْ أَبْضَعَ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا لَهُ، أَوْ
بِدَنَانِيرَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا سِلْعَةً. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ صَاحِبُ
الْمَالِ إِنَّمَا أَبْضَعَ مَعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ
عِنْدَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ، لإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ
لِيَسَارَةِ مَئُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ
يَنْزِعْ مَالَهُ مِنْهُ، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ
صَاحِبِ الْمَالِ، أَوْ حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ
يَكُنْ عِنْدَهُ مَالُهُ فَعَلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ
لَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعاً،
وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ, وَلَمْ يَكُنْ شَرْطاً فِي
أَصْلِ الْقِرَاضِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ،
أَوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ،
لِيُقِرَّ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ، أَوْ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ،
لأَنْ يُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ، وَلاَ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ
يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ، وَهُوَ مِمَّا يَنْهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ(154).
13 - باب السَّلَفِ فِي
الْقِرَاضِ
2045 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلاً مَالاً، ثُمَّ سَأَلَهُ الَّذِي
تَسَلَّفَ الْمَالَ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضاً قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ
ذَلِكَ، حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ قِرَاضاً إِنْ
شَاءَ أَوْ يُمْسِكَهُ.
2046 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ
عِنْدَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَيْهِ سَلَفاً، قَالَ : لاَ أُحِبُّ
ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ, ثُمَّ يُسَلِّفَهُ إِيَّاهُ إِنْ شَاءَ، أَوْ
يُمْسِكَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَصَ فِيهِ، فَهُوَ
يُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ، عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْهُ،
فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلاَ يَجُوزُ وَلاَ يَصْلُحُ.
14 - باب الْمُحَاسَبَةِ
فِي الْقِرَاضِ
2047 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَعَمِلَ فِيهِ
فَرَبِحَ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَصَاحِبُ الْمَالِ
غَائِبٌ قَالَ : لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً، إِلاَّ
بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ حَتَّى
يُحْسَبَ مَعَ الْمَالِ إِذَا اقْتَسَمَاهُ.
2048 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَجُوزُ لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَتَحَاسَبَا وَيَتَفَاصَلاَ وَالْمَالُ غَائِبٌ
عَنْهُمَا، حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ، فَيَسْتَوْفِي صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ
مَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
2049 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مَالاً قِرَاضاً، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ
دَيْنٌ، فَطَلَبَهُ غُرَمَاؤُهُ فَأَدْرَكُوهُ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْ صَاحِبِ
الْمَالِ، وَفِي يَدَيْهِ عَرْضٌ مُرَبَّحٌ بَيِّنٌ فَضْلُهُ، فَأَرَادُوا أَنْ
يُبَاعَ لَهُمُ الْعَرْضُ، فَيَأْخُذُوا حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ. قَالَ : لاَ
يُؤْخَذُ مِنْ رِبْحِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ الْمَالِ، فَيَأْخُذَ
مَالَهُ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
2050 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَتَجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ، ثُمَّ
عَزَلَ رَأْسَ الْمَالِ وَقَسَمَ الرِّبْحَ، فَأَخَذَ حِصَّتَهُ، وَطَرَحَ حِصَّةَ
صَاحِبِ الْمَالِ فِي الْمَالِ، بِحَضْرَةِ شُهَدَاءَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ : لاَ تَجُوزُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ،
وَإِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئاً رَدَّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ،
ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا.
2051 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَعَمِلَ فِيهِ، فَجَاءَهُ فَقَالَ :
لَهُ هَذِهِ حِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ، وَقَدْ أَخَذْتُ لِنَفْسِي مِثْلَهُ،
وَرَأْسُ مَالِكَ وَافِرٌ عِنْدِي. قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ
الْمَالُ كُلُّهُ، فَيُحَاسِبَهُ حَتَّى يَحْصُلَ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ
وَافِرٌ وَيَصِلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى
شَرْطِهِمَا، ثُمَّ يَرُدُّ إِلَيْهِ الْمَالَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَحْبِسُهُ،
وَإِنَّمَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ قَدْ
نَقَصَ فِيهِ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ لاَ يُنْزَعَ مِنْهُ، وَأَنْ يُقِرَّهُ فِي
يَدِهِ.
15 - باب جَامِعِ مَا
جَاءَ فِي الْقِرَاضِ
2052 - قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَابْتَاعَ بِهِ
سِلْعَةً، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ : بِعْهَا.
وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ : لاَ أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ. فَاخْتَلَفَا
فِي ذَلِكَ، قَالَ : لاَ يُنْظَرُ إِلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُسْأَلُ
عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، فَإِنْ
رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ انْتِظَارٍ
انْتُظِرَ بِهَا(155).
2053 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً فَعَمِلَ فِيهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ
صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ. فَلَمَّا آخَذَهُ
بِهِ قَالَ : قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا - لِمَالٍ يُسَمِّيهِ -
وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي. قَالَ : لاَ يَنْتَفِعُ
بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ، وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ
عَلَى نَفْسِهِ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِىَ عَلَى هَلاَكِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ
يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ، أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ
وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ(156).
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ أَيْضاً لَوْ قَالَ : رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا
وَكَذَا، فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ، فَقَالَ
: مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئاً، وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلاَّ لأَنْ تُقِرَّهُ فِي
يَدِي، فَذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُ، وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، إِلاَّ أَنْ
يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
2054 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضاً، فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحاً، فَقَالَ
الْعَامِلُ :
قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ
لِي الثُّلُثَيْنِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ : قَارَضْتُكَ
عَلَى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَ. قَالَ مَالِكٌ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ،
وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَمِينُ إِذَا كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ قِرَاضَ
مِثْلِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ نَحْواً مِمَّا يَتَقَارَضُ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَإِنْ
جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ لَيْسَ عَلَى مِثْلِهِ، يَتَقَارَضُ النَّاسُ لَمْ
يُصَدَّقْ، وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
2055 - قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلاً مِئَةَ دِينَارٍ قِرَاضا، فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً، ثُمَّ
ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِئَةَ دِينَارٍ، فَوَجَدَهَا قَدْ سُرِقَتْ،
فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ : بِعِ السِّلْعَةَ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ
لِي، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ ضَيَّعْتَ.
وَقَالَ الْمُقَارَضُ : بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا، إِنَّمَا
اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي. قَالَ
مَالِكٌ : يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ،
وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ : الْقِرَاضِ إِنْ شِئْتَ، فَأَدِّ الْمِئَةَ
الدِّينَارِ إِلَى الْمُقَارَضِ، وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا، وَتَكُونُ قِرَاضاً
عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِئَةُ الأُولَى، وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ
السِّلْعَةِ، فَإِنْ دَفَعَ الْمِئَةَ دِينَارٍ إِلَى الْعَامِلِ، كَانَتْ
قِرَاضاً عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الأَوَّلِ، وَإِنْ أَبَى كَانَتِ السِّلْعَةُ
لِلْعَامِلِ، وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا.
2056 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَقَارِضَيْنِ
إِذَا تَفَاصَلاَ، فَبَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَعْمَلُ
فِيهِ خَلَقُ الْقِرْبَةِ، أَوْ خَلَقُ الثَّوْبِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهاً لاَ خَطْبَ لَهُ فَهُوَ
لِلْعَامِلِ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً أَفْتَى بِرَدِّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ
مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْئاً لَهُ اسْمٌ،
مِثْلُ الدَّابَّةِ، أَوِ الْجَمَلِ، أَوِ الشَّاذَكُونَةِ، أَوْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ
مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا،
إِلاَّ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ مِنْ ذَلِكَ(157).
===================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق