روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
/////////

 حمل المصحف

دعائي

فسبحان الله وبحمده  عدد خلقه وزنة عرشه  ورضا نفسه ومداد كلماته} أقولها ما حييت وبعد موتي  والي يوم الحساب وارحم  واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني في الدارين  واعِنِّي علي أن اُنْفِقها في سبيلك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين *اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَد لساني واغنني بك عمن سواك يارب

الثلاثاء، 14 يونيو 2022

ج2. من اول كتاب الجنائز ح594 -ثم كتاب الزكاة ثم كتاب الصيام ثم كتاب الاعتكاف ثم كتاب الحج ثم كتاب الجهاد ثم كتاب النذور والأيمان من 1353 - ثم كتاب الضحايا ثم كتاب الذبائح ثم كتاب الصيد /كتاب العقيقة ح رقم 1452 -///

 


كتاب الجنائز
1 -
باب غُسْلِ الْمَيِّتِ
594 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ(385).
595 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حِينَ تُوفِّيتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ : « اغْسِلْنَهَا ثَلاَثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً، أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى ». قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَالَ : « أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ ». تَعْنِي بِحِقْوِهِ إِزَارَهُ(386).
596 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ : أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأةَ أبِي بِكْرٍ الصِّدِّيق ، غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ تَوَفَّى، ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ : إنِّي صَائِمَةٌ، وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ, فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ ؟ فَقَالُوا : لاَ.
597 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَلَيْسَ مَعَهَا نِسَاءٌ يُغَسِّلْنَهَا، وَلاَ مِنْ ذَوِي الْمَحْرَمِ أَحَدٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، وَلاَ زَوْجٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، يُمِّمَتْ فَمُسِحَ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنَ الصَّعِيدِ(387).
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِلاَّ نِسَاءٌ، يَمَّمْنَهُ أَيْضاً.
598 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا شَيْءٌ مَوْصُوفٌ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَلَكِنْ يُغَسَّلُ فَيُطَهَّرُ.
2 -
باب مَا جَاءَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ
599 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ(388).
600 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ.
601 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ : فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ؟ فَقَالَتْ : فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ، لِثَوْبٍ عَلَيْهِ، قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، فَاغْسِلُوهُ، ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَمَا هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا هَذَا لِلْمُهْلَةِ(389).
602 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ : الْمَيِّتُ يُقَمَّصُ، وَيُؤَزَّرُ، وَيُلَفُّ فِي الثَّوْبِ الثَّالِثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، كُفِّنَ فِيهِ(390).
3 -
باب الْمَشْىِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ.
603 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَالْخُلَفَاءُ هَلُمَّ جَرًّا, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ(391).
604 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رِبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْدُمُ النَّاسَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، فِي جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ(392).
605 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ أبِي قَطُّ فِي جَنَازَةٍ إِلاَّ أَمَامَهَا، قَالَ : ثُمَّ يَأْتِي الْبَقِيعَ فَيَجْلِسُ حَتَّى يَمُرُّوا عَلَيْهِ(393).
606 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : الْمَشْيُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ مِنْ خَطَإِ السُّنَّةِ(394).
4 -
باب النَّهْي عَنْ أَنْ تُتْبَعَ الْجَنَازَةُ بِنَارٍ
607 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لأَهْلِهَا : أَجْمِرُوا ثِيَأبِي إِذَا مِتُّ، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلاَ تَذُرُّوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطاً، وَلاَ تَتْبَعُونِي بِنَارٍ(395).
608 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَارٍ(396).
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَكْرَهُ ذَلِكَ.
5 -
باب التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ
609 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ(397).
610 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِمَرَضِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَعُودُ الْمَسَاكِينَ وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا ». فَخُرِجَ بِجَنَازَتِهَا لَيْلاً، فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا، فَقَالَ : « أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي، بِهَا ». فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلاً وَنُوقِظَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ(398).
611 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَيَفُوتُهُ بَعْضُهُ ؟ فَقَالَ : يَقْضِى مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ.
6 -
باب مَا يَقُولُ الْمُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ
612 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَنَا لَعَمْرُ اللَّهِ أُخْبِرُكَ، أَتَّبِعُهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمِدْتُ اللَّهَ، وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ، ثُمَّ أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ, وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا، أَجْرَهُ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُ(399).
613 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : صَلَّيْتُ وَرَاءَ أبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، فَسَمِعْتُهُ يَقُول :ُ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
614 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَازَةِ.
7 -
باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ
615 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي حَرْمَلَةَ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أبِي سَلَمَةَ تُوفِّيتْ، وَطَارِقٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَأُتِيَ بِجَنَازَتِهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، فَوُضِعَتْ بِالْبَقِيعِ، قَال :َ وَكَانَ طَارِقٌ يُغَلِّسُ بِالصُّبْحِ. قَالَ ابْنُ أبِي حَرْمَلَةَ : فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لأَهْلِهَا: إِمَّا أَنْ تُصَلُّوا عَلَى جَنَازَتِكُمُ الآن، وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ(400).
616 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا.
8 -
باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ
617 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ، حِينَ مَاتَ لِتَدْعُوَ لَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : مَا أَسْرَعَ النَّاس، مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ(401).
618 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ.
9 -
باب جَامِعِ الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ
619 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ، الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الإِمَامَ، وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ.
620 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَائِز، يُسَلِّمُ حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ.
621 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ يُصَلِّي الرَّجُلُ عَلَى الْجَنَازَةِ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ.
622 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لَمْ أَرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا وَأُمِّهِ.
10 -
باب مَا جَاءَ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ
623 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) تَوَفَّى يَوْمَ الاِثْنَيْن، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذاً لاَ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ نَاسٌ : يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَقَالَ آخَرُونَ : يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَال :َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ، إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تَوَفَّى فِيهِ ». فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ غُسْلِهِ، أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ، فَسَمِعُوا صَوْتاً يَقُولُ : لاَ تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ، فَلَمْ يُنْزَعِ الْقَمِيصُ، وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ (ﷺ) (402).
624 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلاَنِ، أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ، وَالآخَرُ لاَ يَلْحَدُ، فَقَالُوا : أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلُ عَمِلَ عَمَلَهُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَد، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (403).
625 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ تَقُولُ : مَا صَدَّقْتُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ (ﷺ) حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَ الْكَرَازِينِ(404).
626 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَتْ : رَأَيْتُ ثَلاَثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَتْ : فَلَمَّا تُوفِّي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا، قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ خَيْرُهَا(405).
627 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، تُوفِّيا بِالْعَقِيقِ، وَحُمِلاَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا(406).
628 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : مَا أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ بِالْبَقِيعِ، لأَنْ أُدْفَنَ بِغَيْرِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدْفَنَ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ، إِمَّا ظَالِمٌ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ مَعَهُ، وَإِمَّا صَالِحٌ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ تُنْبَشَ لِي عِظَامُهُ.
11 -
باب الْوُقُوفِ لِلْجَنَائِزِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْمَقَابِرِ
629 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَقُومُ فِي الْجَنَائِزِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ(407).
630 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ فِيمَا نُرَى لِلْمَذَاهِبِ(408).
631 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ : كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنَائِزَ، فَمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤْذَنُوا.
12 -
باب النَّهْىِ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ.
632 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ - وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ أَبُو أُمِّهِ - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ ». فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ جَابِرٌ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوُجُوبُ ؟ قَالَ : « إِذَا مَاتَ ». فَقَالَتِ ابْنَتُهُ : وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيداً, فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ » قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ »(409).
633 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ : وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِيَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ : « إِنَّكُمْ لَتَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا »(410).
13 -
باب الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ
634 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ »(411).
635 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي النَّضْرِ السَّلَمِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ، إِلاَّ كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِ اثْنَانِ ؟ قَالَ : « أَوِ اثْنَانِ »(412).
636 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ أبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ »(413).
14 -
باب جَامِعِ الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ
637 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لِيُعَزِّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمُ، الْمُصِيبَةُ بِي »(414).
638 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَعْقِبْنِي خَيْراً مِنْهَا، إِلاَّ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ ». قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَلَمَّا تَوَفَّى أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ قُلْتُ : وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أبِي سَلَمَةَ، فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ (ﷺ) فَتَزَوَّجَهَا(415).
639 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَال :َ هَلَكَتِ امْرَأَةٌ لِي، فَأَتَانِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ يُعَزِّينِي بِهَا، فَقَالَ : إِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ فَقِيهٌ، عَالِمٌ عَابِدٌ مُجْتَهِدٌ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ بِهَا مُعْجَباً وَلَهَا مُحِبًّا، فَمَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وَجْداً شَدِيداً، وَلَقِيَ عَلَيْهَا أَسَفاً، حَتَّى خَلاَ فِي بَيْتٍ وَغَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاحْتَجَبَ مِنَ النَّاسِ، فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَإِنَّ امْرَأَةً سَمِعَتْ بِهِ فَجَاءَتْهُ، فَقَالَتْ : إِنَّ لِي إِلَيْهِ حَاجَةً أَسْتَفْتِيهِ فِيهَا، لَيْسَ يُجْزِينِي فِيهَا إِلاَّ مُشَافَهَتُه، فَذَهَبَ النَّاسُ وَلَزِمَتْ بَابَهُ، وَقَالَتْ : مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : إِنَّ هَا هُنَا امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَفْتِيَكَ، وَقَالَتْ : إِنْ أَرَدْتُ إِلاَّ مُشَافَهَتَه، وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ وَهِيَ لاَ تُفَارِقُ الْبَابَ. فَقَالَ : ائْذَنُوا لَهَا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ : إنِّي جِئْتُكَ أَسْتَفْتِيكَ فِي أَمْرٍ، قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَتْ : إنِّي اسْتَعَرْتُ مِنْ جَارَةٍ لِي حَلْياً، فَكُنْتُ أَلْبَسُهُ وَأُعِيرُهُ زَمَاناً، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيَّ فِيهِ، أَفَأُؤَدِّيهِ إِلَيْهِمْ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ وَاللَّهِ. فَقَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ مَكَثَ عِنْدِي زَمَاناً، فَقَال :َ ذَلِكَ أَحَقُّ لِرَدِّكِ إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ حِينَ أَعَارُوكِيهِ زَمَاناً. فَقَالَتْ : أَىْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَفَتَأْسَفُ عَلَى مَا أَعَارَكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْكَ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ. فَأَبْصَرَ مَا كَانَ فِيهِ، وَنَفَعَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهَا(416).
15 -
باب مَا جَاءَ فِي الاِخْتِفَاءِ
640 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمُخْتَفِي وَالْمُخْتَفِيَةَ. يَعْنِي نَبَّاشَ الْقُبُورِ(417).
641 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ تَقُولُ: كَسْرُ عَظْمِ الْمُسْلِمِ مَيْتاً، كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَىٌّ. تَعْنِي فِي الإِثْمِ(418).
16 -
باب جَامِعِ الْجَنَائِزِ
642 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى »(419).
643 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ ». قَالَتْ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ(420).
644 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، يُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ، حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »(421).
645 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ، إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ »(422).
646 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَاري، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَال :َ « إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ »(423).
647 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَال :َ « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي، أَحْبَبْتُ لِقَاءَه، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي، كَرِهْتُ لِقَاءَهُ »(424).
648 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لأَهْلِهِ : إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ، ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ » قَالَ : « فَغَفَرَ لَهُ »(425).
649 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ ،عَنِ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، كَمَا تُنَاتَجُ الإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ قَالَ : « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ »(426).
650 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ : يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ »(427).
651 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ : « مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْه ؟ُ قَالَ : « الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ »(428).
652 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَمُرَّ بِجَنَازَتِهِ : « ذَهَبْتَ وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ »(429).
653 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَلَبِسَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجَ، قَالَتْ : فَأَمَرْتُ جَارِيَتِى بَرِيرَةَ تَتْبَعُهُ ، فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ ، فَوَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَبَقَتْهُ بَرِيرَةُ فَأَخْبَرَتْنِي ، فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئاً حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : « إنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ »(430).
654 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ ، فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ، أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ(431).
=======
كتاب الزكاة
1 -
باب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
655 -
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ »(432).
656 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَاري، ثُمَّ الْمَازِنِىِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقِيَّ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ »(433).
657 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ فِي الصَّدَقَةِ : إِنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ(434).
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَكُونُ الصَّدَقَةُ إِلاَّ فِي ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ : فِي الْحَرْثِ، وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ.
2 -
باب الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
658 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ : أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُكَاتَبٍ لَهُ قَاطَعَهُ بِمَالٍ عَظِيم، هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ، فَقَالَ الْقَاسِمُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَعْطَى النَّاسَ أَعْطِيَاتِهِمْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ : لاَ ، أَسْلَمَ إِلَيْهِ عَطَاءَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً(435).
659 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ إِذَا جِئْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَقْبِضُ عَطَائِي سَأَلَنِي : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ قَالَ : فَإِنْ قُلْتُ : نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِي زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ ، وَإِنْ قُلْتُ : لاَ ، دَفَعَ إِلَىَّ عَطَائِي(436).
660 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَجِبُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ(437).
661 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ.
662 -
قَالَ مَالِكٌ : : السُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا، أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، كَمَا تَجِبُ فِي مِئَتَىْ دِرْهَمٍ.
663 -
قَالَ مَالِكٌ : : لَيْسَ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً، نَاقِصَةً بَيِّنَةَ النُّقْصَانِ زَكَاةٌ ، فَإِنْ زَادَتْ، حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا عِشْرِينَ دِينَاراً وَازِنَةً، فَفِيهَا الزَّكَاةُ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً الزَّكَاةُ ، وَلَيْسَ فِي مِئَتَىْ دِرْهَمٍ نَاقِصَةً بَيِّنَةَ النُّقْصَانِ زَكَاةٌ ، فَإِنْ زَادَتْ، حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا مِئَتَىْ دِرْهَمٍ وَافِيةً، فَفِيهَا الزَّكَاةُ ، فَإِنْ كَانَتْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ، رَأَيْتُ فِيهَا الزَّكَاةَ، دَنَانِيرَ كَانَتْ أَوْ دَرَاهِمَ(438).
664 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ سِتُّونَ وَمِئَةُ دِرْهَمٍ وَازِنَةً، وَصَرْفُ الدَّرَاهِمِ بِبَلَدِهِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ : أَنَّهَا لاَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ.
665 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، فَتَجَرَ فِيهَا فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ حَتَّى بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ : أَنَّهُ يُزَكِّيهَا، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ إِلاَّ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ بَعْدَ مَا يَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ, ثُمَّ لاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ زُكِّيَتْ.
666 -
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَتَجَرَ فِيهَا، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ دِينَاراً : أَنَّهُ يُزَكِّيهَا مَكَانَهَا، وَلاَ يَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، لأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا ، وَهِيَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ، ثُمَّ لاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ زُكِّيَتْ.
667 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فِي إِجَارَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَاجِهِمْ، وَكِرَاءِ الْمَسَاكِينِ، وَكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ ، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ صَاحِبُهُ.
668 -
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ يَكُونُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ : إِنَّ مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمْ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَم، فَعَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَمَنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ بَلَغَتْ حِصَصُهُمْ جَمِيعاً مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ أَفْضَلَ نَصِيباً مِنْ بَعْضٍ، أُخِذَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، إِذَا كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ ».
قَالَ مَالِكٌ : : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
669 -
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ ذَهَبٌ، أَوْ وَرِقٌ مُتَفَرِّقَةٌ، بِأَيْدِى أُنَاسٍ شَتَّى، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْصِيَهَا جَمِيعاً، ثُمَّ يُخْرِجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهَا كُلِّهَا.
670 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَفَادَ مَالاً ذَهَباً، أَوْ وَرِقاً، إِنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا.
3 -
باب الزَّكَاةِ فِي الْمَعَادِنِ
671 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَطَعَ لِبِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ، فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلاَّ الزَّكَاةُ(439).
672 -
قَالَ مَالِكٌ : أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنَ الْمَعَادِن، مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ، حَتَّى يَبْلُغَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ، فَإِذَا انْقَطَعَ عِرْقُهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ، فَهُوَ مِثْلُ الأَوَّلِ يُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا ابْتُدِئَتْ فِي الأَوَّلِ(440).
673 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَلاَ يُنْتَظَرُ بِهِ الْحَوْلُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ إِذَا حُصِدَ الْعُشْرُ، وَلاَ يُنْتَظَرُ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
4 -
باب زَكَاةِ الرِّكَازِ
674 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ »(441).
675 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : أَنَّ الرِّكَازَ، إِنَّمَا هُوَ دِفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ, وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَلاَ كَبِيرُ عَمَلٍ، وَلاَ مَئُونَةٍ، فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ، وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ، فَأُصِيبَ مَرَّةً، وَأُخْطِئَ مَرَّةً، فَلَيْسَ بِرِكَازٍ(442).
5 -
باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْحُلِيِّ وَالتِّبْرِ وَالْعَنْبَرِ
676 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا، لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلاَ تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
677 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لاَ يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
678 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ، أَوْ حَلْيٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلُبْسٍ، فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ، فِي كُلِّ عَامٍ يُوزَن، فَيُؤْخَذُ رُبُعُ عُشْرِهِ، إِلاَّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَزْنِ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُمْسِكُهُ لِغَيْرِ اللُّبْسِ، فَأَمَّا التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ، الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إِصْلاَحَهُ وَلُبْسَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ زَكَاةٌ(443).
679 -
قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَلاَ فِي الْمِسْكِ وَلاَ الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ.
6 -
باب زَكَاةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالتِّجَارَةِ لَهُمْ فِيهَا
680 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لاَ تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ.
681 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي، وَأَخاً لِي يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِهَا، فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ(444).
682 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَانَتْ تُعْطِي أَمْوَالَ الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حَجْرِهَا، مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا.
683 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ اشْتَرَى لِبَنِي أَخِيهِ - يَتَامَى فِي حَجْرِهِ – مَالاً، فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدُ بِمَالٍ كَثِيرٍ.
684 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِالتِّجَارَةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ، إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَأْذُونا، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ ضَمَاناً.
7 -
باب زَكَاةِ الْمِيرَاثِ
685 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ، إنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلاَ يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُث، وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا، وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ, فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا(445).
قَالَ : وَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ. قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ، فَذَلِكَ حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلُهُ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ.
686 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا، أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى وَارِثٍ زَكَاةٌ، فِي مَالٍ وَرِثَهُ، فِي دَيْنٍ، وَلاَ عَرْضٍ، وَلاَ دَارٍ، وَلاَ عَبْدٍ، وَلاَ وَلِيدَةٍ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوِ اقْتَضَى الْحَوْلُ، مِنْ يَوْمَ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ.
687 -
وَقَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ فِي مَالٍ وَرِثَهُ الزَّكَاةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
8 -
باب الزَّكَاةِ فِي الدَّيْنِ
688 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ : هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ، حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ، فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ.
689 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ، قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلاَةِ ظُلْماً، يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ(446) زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَنْ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَاراً(447).
690 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ ؟ فَقَالَ : لاَ.
691 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ : أَنَّ صَاحِبَهُ لاَ يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئاً، لاَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قُبِضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكَّي مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ.
قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لاَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ، مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ(448).
قَالَ فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلاً، أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، فَإِذَ بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْنا، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ الدَّيْنِ يَغِيبُ أَعْوَاماً، ثُمَّ يُقْتَضَى فَلاَ يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَعْوَاماً، ثُمَّ يَبِيعُهَا فَلَيْسَ، عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ، أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْه، وَلاَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ.
692 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ، لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ سِوَى ذَلِكَ، مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا بِيَدِهِ مِنْ نَاضٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ إِلاَّ وَفَاءُ دَيْنِهِ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ، مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ(449).
9 -
باب زَكَاةِ الْعُرُوضِ
693 -
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ : أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَاراً دِينَاراً، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَاراً، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً، وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَاراً دِينَاراً، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً، وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ كِتَاباً إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ. 694- قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُدَارُ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَاتِ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ مَالَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرْضاً بَزًّا أَوْ رَقِيقاً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أخرَجَ زَكَاتهُ(449/1)، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ صَدَّقَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْعَرْضَ سِنِينَ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَرْضِ زَكَاةٌ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ، فَإِذَا بَاعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ(450).
695 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ حِنْطَةً أَوْ تَمْراً أَوْ غَيْرَهُمَا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ يَبِيعُهَا أَنَّ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةَ حِينَ يَبِيعُهَا إِذَا بَلَغَ ثَمَنُهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْحَصَادِ يَحْصُدُهُ الرَّجُلُ مِنْ أَرْضِهِ، وَلاَ مِثْلَ الْجِدَادِ.
696 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَ رَجُلٍ يُدِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَلاَ يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ شَهْراً مِنَ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ، وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ.
697 -
وَقَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ تَجَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَمْ يَتْجُرْ سَوَاءٌ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلاَّ صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ عَامٍ، تَجَرُوا فِيهِ أَوْ لَمْ يَتْجُرُوا.
10 -
باب مَا جَاءَ فِي الْكَنْزِ
698 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : هُوَ الْمَالُ الَّذِي لاَ تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ(451).
699 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يَطْلُبُهُ، حَتَّى يُمْكِنَهُ يَقُولُ : أَنَا كَنْزُكَ(452).
11 -
باب صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ
700 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ فَوَجَدْتُ فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابُ الصَّدَقَةِ : فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ، فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ، حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى تِسْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الإِبِلِ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ، إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ شَاةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِئَتَيْنِ شَاتَانِ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ، ثَلاَثُ شِيَاهٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ مِئَةٍ شَاةٌ، وَلاَ يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ، وَلاَ هَرِمَةٌ، وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَّدِّقُ، وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي الرِّقَةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاق، رُبُعُ الْعُشْرِ(453).
12 -
باب مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ
701 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُوسٍ الْيَمَانِيِّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الأَنْصَارِيَّ، أَخَذَ مِنْ ثَلاَثِينَ بَقَرَةً تَبِيعاً، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَأُتِىَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً وَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيهِ شَيْئاً، حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ، فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ(455).
702 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ عَلَى رَاعِيَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ، أَوْ عَلَى رِعَاءٍ مُفْتَرِقِينَ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى، أَنَّ ذَلِكَ يُجْمَعُ كُلُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَيُؤَدِّي مِنْهُ صَدَقَتَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، يَكُونُ لَهُ الذَّهَبُ أَوِ الْوَرِقُ، مُتَفَرِّقَةً فِي أَيْدِي نَاسٍ شَتَّى، أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا، فَيُخْرِجَ مِنْهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ زَكَاتِهَا.
703 -
وَقَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ : أَنَّهَا تُجْمَعُ عَلَيْهِ فِي الصَّدَقَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ صُدِّقَتْ، وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ غَنَمٌ كُلُّهَا، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ(456).
704 -
قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ كَانَتِ الضَّأْنُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْمَعْزِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَخَذَ الْمُصَدِّقُ تِلْكَ الشَّاةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنَ الضَّأْنِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَعْزُ أَكْثَرَ مِنَ الضَّأْنِ، أُخِذَ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَى الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ أَخَذَ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ(457).
705 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الإِبِلُ الْعِرَابُ وَالْبُخْتُ يُجْمَعَانِ عَلَى رَبِّهِمَا فِي الصَّدَقَةِ. وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ إِبِلٌ كُلُّهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْعِرَابُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْبُخْتِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ بَعِيرٌ وَاحِدٌ، فَلْيَأْخُذْ مِنَ الْعِرَابِ صَدَقَتَهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْبُخْتُ أَكْثَرَ، فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَتْ فَلْيَأْخُذْ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ(458).
706 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْجَوَامِيسُ تُجْمَعُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى رَبِّهَا. وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ بَقَرٌ كُلُّهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْبَقَرُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْجَوَامِيسِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ، فَلْيَأْخُذْ مِنَ الْبَقَرِ صَدَقَتَهُمَا، وَإِنْ كَانَتِ الْجَوَامِيسُ أَكْثَرَ فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَتْ فَلْيَأْخُذْ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، فَإِذَا وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الصَّدَقَةُ صُدِّقَ الصِّنْفَانِ جَمِيعاً(459).
707 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَفَادَ مَاشِيَةً مِنْ إِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَلاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ فِيهَا، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَبْلَهَا نِصَابُ مَاشِيَةٍ، وَالنِّصَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، إِمَّا خَمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ، وَإِمَّا ثَلاَثُونَ بَقَرَةً، وَإِمَّا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِل، أَوْ ثَلاَثُونَ بَقَرَةً، أَوْ أَرْبَعُونَ شَاةً، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا إِبِلاً، أَوْ بَقَراً، أَوْ غَنَماً، بِاشْتِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ، فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا، وَإِنْ لَمْ يَحُلْ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَفَادَ مِنَ الْمَاشِيَةِ إِلَى مَاشِيَتِهِ، قَدْ صُدِّقَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرِثَهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُ مَاشِيَتَهُ(460).
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، مَثَلُ الْوَرِقِ يُزَكِّيهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ عَرْضاً، وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي عَرْضِهِ ذَلِكَ إِذَا بَاعَهُ الصَّدَقَةُ، فَيُخْرِجُ الرَّجُلُ الآخَرُ صَدَقَتَهَا، فيَكُونُ الأوَّل قَدْ صَدَّقَها(460/1) هَذَا الْيَوْمَ، وَيَكُونُ الآخَرُ قَدْ صَدَّقَهَا مِنَ الْغَدِ.
708 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَاشْتَرَى إِلَيْهَا غَنَماً كَثِيرَةً تَجِبُ فِي دُونِهَا الصَّدَقَةُ، أَوْ وَرِثَهَا : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْغَنَمِ كُلِّهَا الصَّدَقَةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، بِاشْتِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنْ مَاشِيَةٍ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، مِنْ إِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَلَيْسَ يُعَدُّ ذَلِكَ نِصَابَ مَالٍ، حَتَّى يَكُونَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَذَلِكَ النِّصَابُ الَّذِي يُصَدِّقُ مَعَهُ مَا أَفَادَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ، مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ.
709 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ إِبِلٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ غَنَمٌ، تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا بَعِيراً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، صَدَّقَهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا.
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا.
710 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْفَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ، فَلاَ تُوجَدُ عِنْدَهُ : أَنَّهَا إِنْ كَانَتِ ابْنَةَ مَخَاضٍ، فَلَمْ تُوجَدْ أُخِذَ مَكَانَهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ، أَوْ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، كَانَ عَلَى رَبِّ الإِبِلِ أَنْ يَبْتَاعَهَا لَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهَا، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا.
711 -
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الإِبِلِ النَّوَاضِحِ، وَالْبَقَرِ السَّوَانِي، وَبَقَرِ الْحَرْثِ : إنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ(461).
13 -
باب صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ
712 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ : إِذَا كَانَ الرَّاعِي وَاحِداً، وَالْفَحْلُ وَاحِداً، وَالْمُرَاحُ وَاحِداً، وَالدَّلْوُ وَاحِداً، فَالرَّجُلاَنِ خَلِيطَانِ، وَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ(462).
قَالَ : وَالَّذِي لاَ يَعْرِفُ مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ، إِنَّمَا هُوَ شَرِيكٌ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً فَصَاعِداً، وَلِلآخَرِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى الَّذِي لَهُ الأَرْبَعُونَ شَاةً، وَلَمْ تَكُنْ عَلَى الَّذِي لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةٌ.
فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، جُمِعَا فِي الصَّدَقَةِ، وَوَجَبَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً، فَإِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ، أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَلِلآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ، فَهُمَا خَلِيطَانِ، يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ أَمْوَالِهِمَا، عَلَى الأَلْفِ بِحِصَّتِهَا، وَعَلَى الأَرْبَعِينَ بِحِصَّتِهَا(463).
713 -
قَالَ مَالِكٌ : الْخَلِيطَانِ فِي الإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ يَجْتَمِعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعاً إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ ». وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَىَّ فِي ذَلِكَ.
714 -
قَالَ مَالِكٌ : وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي.
قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ. أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً، قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ, فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلاَّ يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ : وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ. أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَدِّقُ فَرَّقَا غَنَمَهُمَا, فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ(464).
14 -
باب مَا جَاءَ فِيمَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ السَّخْلِ فِي الصَّدَقَةِ
715 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى ،عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِي، عَنْ جَدِّهِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً، فَكَانَ يَعُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالسَّخْلِ، فَقَالُوا : أَتَعُدُّ عَلَيْنَا بِالسَّخْلِ وَلاَ تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئاً. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلاَ تَأْخُذُهَا، وَلاَ تَأْخُذُ الأَكُولَةَ، وَلاَ الرُّبَّى, وَلاَ الْمَاخِضَ، وَلاَ فَحْلَ الْغَنَمِ، وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ، وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهِ(465).
قَالَ مَالِكٌ : وَالسَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ حِينَ تُنْتَجُ. وَالرُّبَّى الَّتِي قَدْ وَضَعَتْ فَهِيَ تُرَبِّي وَلَدَهَا، وَالْمَاخِضُ هِيَ الْحَامِلُ، وَالأَكُولَةُ هِيَ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ.
716 -
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَتَوَالَدُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْمُصَدِّقُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، فَتَبْلُغُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ بِوِلاَدَتِهَا. قَالَ مَالِكٌ : إِذَا بَلَغَتِ الْغَنَمُ بِأَوْلاَدِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَعَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ, وَذَلِكَ أَنَّ وِلاَدَةَ الْغَنَمِ مِنْهَا، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أُفِيدَ مِنْهَا بِاشْتِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَرْضُ لاَ يَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ صَاحِبُهُ فَيَبْلُغُ بِرِبْحِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَيُصَدِّقُ رِبْحَهُ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ فَائِدَةً أَوْ مِيرَاثاً لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهُ أَوْ وَرِثَهُ(466).
قَالَ مَالِكٌ : فَغِذَاءُ الْغَنَمِ مِنْهَا، كَمَا رِبْحُ الْمَالِ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهِ مَالاً، تَرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَفَادَ، فَلَمْ يُزَكِّهِ مَعَ مَالِهِ الأَوَّلِ حِينَ يُزَكِّيهِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ غَنَمٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ إِبِلٌ، تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا بَعِيراً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، صَدَّقَهَا مَعَ صِنْفِ مَا أَفَادَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ يُصَدِّقُهُ، إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ الَّذِي أَفَادَ نِصَابُ مَاشِيَةٍ(467).
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
15 -
باب الْعَمَلِ فِي صَدَقَةِ عَامَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَتا
717 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِبِلُهُ مِئَةُ بَعِيرٍ، فَلاَ يَأْتِيهِ السَّاعِي حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ أُخْرَى، فَيَأْتِيهِ الْمُصَدِّقُ وَقَدْ هَلَكَتْ إِبِلُهُ إِلاَّ خَمْسَ ذَوْدٍ. قَالَ مَالِكٌ : يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْخَمْسِ ذَوْدٍ، الصَّدَقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَجَبَتَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، شَاتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ شَاةٌ، لأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ، فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ نَمَتْ، فَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ زَكَاةَ مَا يَجِدُ يَوْمَ يُصَدِّقُ، وَإِنْ تَظَاهَرَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ صَدَقَاتٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَ إِلاَّ مَا وَجَدَ الْمُصَدِّقُ عِنْدَهُ، فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَاتٌ، فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا، أَوْ صَارَتْ إِلَى مَا لاَ تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَإِنَّهُ لاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَلاَ ضَمَانَ فِيمَا هَلَكَ، أَوْ مَضَى مِنَ السِّنِينَ(468).
16 -
باب النَّهْي عَنِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ
718 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلاً، ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ, فَقَالَ عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ ؟ فَقَالُوا : شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ، لاَ تَفْتِنُوا النَّاسَ، لاَ تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ(469).
719 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ أَشْجَعَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ يَأْتِيهِمْ مُصَدِّقاً، فَيَقُولُ لِرَبِّ الْمَالِ : أَخْرِجْ إِلَيَّ صَدَقَةَ مَالِكَ، فَلاَ يَقُودُ إِلَيْهِ شَاةً، فِيهَا وَفَاءٌ مِنْ حَقِّهِ إِلاَّ قَبِلَهَا(470).
720 -
قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، أَنَّهُ لاَ يُضَيَّقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي زَكَاتِهِمْ، وَأَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ مَا دَفَعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
17 -
باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا
721 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ :« لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إِلاَّ لِخَمْسَةٍ : لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِين، فَتُصُدِّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ »(471).
722 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الاِجْتِهَادِ مِنَ الْوَالِي، فَأَيُّ الأَصْنَافِ كَانَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ وَالْعَدَد، أُوثِرَ ذَلِكَ الصِّنْفُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْوَالِي، وَعَسَى أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَى الصِّنْفِ الآخَرِ، بَعْدَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَعْوَامٍ، فَيُؤْثَرُ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ حَيْثُمَا كَانَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ، إِلاَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الإِمَامُ.
18 -
باب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَالتَّشْدِيدِ فِيهَا
723 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ : لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ(472).
724 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ : شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبَناً فَأَعْجَبَهُ، فَسَأَلَ الَّذِي سَقَاهُ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ - قَدْ سَمَّاهُ - فَإِذَا نَعَمٌ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، وَهُمْ يَسْقُونَ فَحَلَبُوا لِي مِنْ أَلْبَانِهَا، فَجَعَلْتُهُ فِي سِقَائِي فَهُوَ هَذَا، فَأَدْخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدَهُ فَاسْتَقَاءَهُ(473).
725 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّ كُلَّ مَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَهَا, كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ جِهَادُهُ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ.
726 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَامِلاً لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ، يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلاً مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : أَنْ دَعْهُ وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهُ زَكَاةً مَعَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ زَكَاةَ مَالِهِ، فَكَتَبَ عَامِلُ عُمَرَ إِلَيْهِ يَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ خُذْهَا مِنْهُ(474).
19 -
باب زَكَاةِ مَا يُخْرَصُ مِنْ ثِمَارِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
727 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ، وَالْعُيُونُ، وَالْبَعْلِ : الْعُشْرُ ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ : نِصْفُ الْعُشْرِ »(475).
728 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ الْجُعْرُورُ، وَلاَ مُصْرَانُ الْفَارَةِ، وَلاَ عَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ. قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ(476).
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ، الْغَنَمُ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا بِسِخَالِهَا، وَالسَّخْلُ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الأَمْوَالِ ثِمَارٌ لاَ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْهَا، مِنْ ذَلِكَ الْبُرْدِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ، لاَ يُؤْخَذُ مِنْ أَدْنَاهُ كَمَا لاَ يُؤْخَذُ مِنْ خِيَارِهِ(477).
قَالَ : وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ أَوْسَاطِ الْمَالِ.
729 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ يُخْرَصُ مِنَ الثِّمَارِ إِلاَّ النَّخِيلُ وَالأَعْنَابُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرَصُ حِينَ يَبْدُو صَلاَحُهُ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ يُؤْكَلُ رُطَباً وَعِنَباً، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ، وَلِئَلاَّ يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ، فَيُخْرَصُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ كَيْفَ شَاوُوا، ثُمَّ يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ عَلَيْهِمْ(478).
730 -
قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا مَا لاَ يُؤْكَلُ رَطْباً، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بَعْدَ حَصَادِهِ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ لاَ يُخْرَصُ، وَإِنَّمَا عَلَى أَهْلِهَا فِيهَا إِذَا حَصَدُوهَا وَدَقُّوهَا وَطَيَّبُوهَا وَخَلُصَتْ حَبًّا، فَإِنَّمَا عَلَى أَهْلِهَا فِيهَا الأَمَانَةُ، يُؤَدُّونَ زَكَاتَهَا إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
قالَ ماَلِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
731 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ النَّخْلَ يُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهَا وَثَمَرُهَا فِي رُؤُوسِهَا إِذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَتُهُ تَمْراً عِنْدَ الْجِدَادِ، فَإِنْ أَصَابَتِ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ بَعْدَ أَنْ تُخْرَصَ عَلَى أَهْلِهَا، وَقَبْلَ أَنْ تُجَذَّ، فَأَحَاطَتِ الْجَائِحَةُ بِالثَّمَرِ كُلِّهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةٌ، فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الثَّمَرِ شَيْءٌ يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَصَاعِداً بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أُخِذَ مِنْهُمْ زَكَاتُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَصَابَتِ الْجَائِحَةُ زَكَاةٌ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الْكَرْمِ أَيْضاً.
732 -
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ قِطَعُ أَمْوَالٍ مُتَفَرِّقَةٌ، أَوِ اشْتِرَاكٌ فِي أَمْوَالٍ مُتَفَرِّقَةٍ، لاَ يَبْلُغُ مَالُ كُلِّ شَرِيكٍ أَوْ قِطَعُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَكَانَتْ إِذَا جُمِعَ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ يَبْلُغَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُهَا وَيُؤَدِّي زَكَاتَهَا(479).
20 -
باب زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَالزَّيْتُونِ
733 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الزَّيْتُونِ ؟ فَقَالَ : فِيهِ الْعُشْرُ.
734 -
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ، وَيَبْلُغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَمَا لَمْ يَبْلُغْ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ
735 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالزَّيْتُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّخِيلِ، مَا كَانَ مِنْهُ سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلاً، فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَمَا كَانَ يُسْقَى بِالنَّضْحِ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ, وَلاَ يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْتُونِ فِي شَجَرِهِ.
736 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي الْحُبُوبِ الَّتِي يَدَّخِرُهَا النَّاسُ وَيَأْكُلُونَهَا، أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا سَقَتْهُ الْعُيُونُ، وَمَا كَانَ بَعْلاً : الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ : نِصْفُ الْعُشْرِ : إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، بِالصَّاعِ الأَوَّلِ، صَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) : وَمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ.
737 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالْحُبُوبُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ : الْحِنْطَةُ، وَالشَّعِيرُ، وَالسُّلْتُ، وَالذُّرَةُ، وَالدُّخْنُ، وَالأُرْزُ، وَالْعَدَسُ، وَالْجُلْبَانُ، وَاللُّوبِيَا، وَالْجُلْجُلاَنُ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَصِيرُ طَعَاماً، فَالزَّكَاةُ تُؤْخَذُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَدَ وَتَصِيرَ حَبًّا(480).
قَالَ : وَالنَّاسُ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ، وَيُقْبَلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا دَفَعُوا.
738 -
قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ مَالِكٌ مَتَى يُخْرَجُ مِنَ الزَّيْتُونِ، الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، أَقَبْلَ النَّفَقَةِ أَمْ بَعْدَهَا ؟ فَقَالَ : لاَ يُنْظَرُ إِلَى النَّفَقَةِ، وَلَكِنْ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُهُ، كَمَا يُسْأَلُ أَهْلُ الطَّعَامِ عَنِ الطَّعَامِ، وَيُصَدَّقُونَ بِمَا قَالُوا : فَمَنْ رُفِعَ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَصَاعِداً، أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ، وَمَنْ لَمْ يُرْفَعْ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِي زَيْتِهِ الزَّكَاةُ.
739 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ زَرْعَهُ وَقَدْ صَلَحَ وَيَبِسَ فِي أَكْمَامِهِ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُه، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ زَكَاةٌ
740 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ بَيْعُ الزَّرْعِ، حَتَّى يَيْبَسَ فِي أَكْمَامِهِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ الْمَاءِ(481).
741 -
قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) [الأنعام : 141] أَنَّ ذَلِكَ الزَّكَاةُ والله أَعْلَم، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ.
742 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ، أَوْ أَرْضَهُ، وَفِي ذَلِكَ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ، لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِع، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ(482).
21 -
باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الثِّمَارِ
743 -
قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ لَهُ مَا يَجُدُّ مِنْهُ، أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ، وَمَا يَقْطُفُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الزَّبِيبِ، وَمَا يَحْصُدُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَمَا يَحْصُدُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ، إِنَّهُ لاَ يُجْمَعُ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ، وَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ زَكَاةٌ، حَتَّى يَكُونَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنَ التَّمْرِ، أَوْ فِي الزَّبِيبِ، أَوْ فِي الْحِنْطَةِ، أَوْ فِي الْقُطْنِيَّةِ، مَا يَبْلُغُ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ »(483).
744 -
قَالَ : وَإِنْ كَانَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْ تِلْكَ الأَصْنَافِ مَا يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ يَجُذَّ الرَّجُلُ مِنَ التَّمْرِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ وَأَلْوَانُهُ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
745 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ كُلُّهَا : السَّمْرَاءُ، وَالْبَيْضَاءُ، وَالشَّعِيرُ، وَالسُّلْتُ، كُلُّ ذَلِكَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، جُمِعَ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ، وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ، فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
746 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الزَّبِيبُ كُلُّهُ أَسْوَدُهُ وَأَحْمَرُهُ، فَإِذَا قَطَفَ الرَّجُلُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
747 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْقُطْنِيَّةُ، هِيَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، مِثْلُ الْحِنْطَةِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهَا وَأَلْوَانُهَا، وَالْقُطْنِيَّةُ : الْحِمَّصُ، وَالْعَدَسُ, وَاللُّوبِيَا، وَالْجُلْبَانُ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ قُطْنِيَّةٌ، فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِالصَّاعِ الأَوَّلِ، صَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْنَافِ الْقُطْنِيَّةِ كُلِّهَا، لَيْسَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ ذَلِكَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ, وَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْقُطْنِيَّةِ، وَالْحِنْطَةِ، فِيمَا أُخِذَ مِنَ النَّبَطِ، وَرَأَى أَنَّ الْقُطْنِيَّةَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ، وَأَخَذَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ(484).
748 -
قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ يُجْمَعُ الْقُطْنِيَّةُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ، حَتَّى تَكُونَ صَدَقَتُهَا وَاحِدَةً، وَالرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَداً بِيَدٍ ؟ قِيلَ لَهُ : فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ يُجْمَعَانِ فِي الصَّدَقَةِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ بِالدِّينَارِ أَضْعَافُهُ فِي الْعَدَدِ مِنَ الْوَرِقِ يَداً بِيَدٍ.
749 -
قَالَ مَالِكٌ فِي النَّخِيلِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَيَجُذَّانِ مِنْهَا ثَمَانِيَةَ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ : إِنَّهُ لاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِمَا فِيهَا، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا مِنْهَا مَا يَجُذُّ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَلِلآخَرِ مَا يَجُذُّ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ الأَوْسُقِ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي جَذَّ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا صَدَقَةٌ.
750 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ، فِي كُلِّ زَرْعٍ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا يُحْصَدُ، أَوِ النَّخْلُ يُجَذُّ، أَوِ الْكَرْمُ يُقْطَفُ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَجُذُّ مِنَ التَّمْرِ، أَوْ يَقْطِفُ مِنَ الزَّبِيبِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، أَوْ يَحْصُدُ مِنَ الْحِنْطَةِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ كَانَ حَقُّهُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَلاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى مَنْ بَلَغَ جُدَادُهُ، أَوْ قِطَافُهُ، أَوْ حَصَادُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.
751 -
قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَا أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحُبُوبِ كُلِّهَا، ثُمَّ أَمْسَكَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ أَدَّى صَدَقَتَهُ سِنِينَ، ثُمَّ بَاعَهُ، أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ زَكَاةٌ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَاعَهُ، إِذَا كَانَ أَصْلُ تِلْكَ الأَصْنَافِ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَالْحُبُوبِ وَالْعُرُوضِ، يُفِيدُهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ يُمْسِكُهَا سِنِينَ، ثُمَّ يَبِيعُهَا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَاعَهَا، فَإِنْ كَانَ أَصْلُ تِلْكَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ، فَعَلَى صَاحِبِهَا فِيهَا الزَّكَاةُ حِينَ يَبِيعُهَا، إِذَا كَانَ قَدْ حَبَسَهَا سَنَةً، مِنْ يَوْمَ زَكَّى الْمَالَ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ.
22 -
باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَالْقَضْبِ وَالْبُقُولِ
752 -
قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ الَّتِى لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ، الرُّمَّانِ، وَالْفِرْسِكِ، وَالتِّينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَا لَمْ يُشْبِهْهُ إِذَا كَانَ مِنَ الْفَوَاكِهِ. 753 – قَالَ : وَلاَ فِي الْقَضْبِ، وَلاَ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ، وَلاَ فِي أَثْمَانِهَا إِذَا بِيعَتْ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى أَثْمَانِهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهَا وَيَقْبِضُ صَاحِبُهَا ثَمَنَهَا(485).
23 -
باب مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْعَسَلِ
754 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ »(486).
755 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار ٍ, أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لأبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ : خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً، فَأَبَى، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَبَى عُمَرُ، ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضاً فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : إِنْ أَحَبُّوا، فَخُذْهَا مِنْهُمْ، وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ، وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ. قَالَ مَالِكٌ : مَعْنَى قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ، يَقُولُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.
756 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أبِي وَهُوَ بِمِنًى : أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنَ الْعَسَلِ وَلاَ مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةً.
757 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ !(487).
24 -
باب جِزْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ
758 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، َنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ(488).
759 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ : مَا أَدْرِى كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ »(489).
760 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ : أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ(490).
761 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ : ادْفَعْهَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا, قَالَ : فَقُلْتُ وَهِيَ عَمْيَاءُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : يَقْطُرُونَهَا بِالإِبِلِ. قَالَ : فَقُلْتُ كَيْفَ تَأْكُلُ مِنَ الأَرْضِ ؟ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ : أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ هِيَ ؟ أَمْ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : أَرَدْتُمْ وَاللَّهِ أَكْلَهَا. فَقُلْتُ : إِنَّ عَلَيْهَا وَسْمَ الْجِزْيَةِ. فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَنُحِرَتْ، وَكَانَ عِنْدَهُ صِحَافٌ تِسْعٌ، فَلاَ تَكُونُ فَاكِهَةٌ وَلاَ طُرَيْفَةٌ إِلاَّ جَعَلَ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ, فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَيَكُونُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إِلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ كَانَ فِي حَظِّ حَفْصَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ فِي تِلْكَ الصِّحَافِ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَأَمَرَ بِمَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَصُنِعَ، فَدَعَا عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ(491).
762 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ النَّعَمُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ إِلاَّ فِي جِزْيَتِهِمْ.
763 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ يُسْلِمُونَ.
764 -
قَالَ مَالِكٌ : مَضَتِ السُّنَّةُ، أَنْ لاَ جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لاَ تُؤْخَذُ إِلاَّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ.
765 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلاَ عَلَى الْمَجُوسِ فِي نَخِيلِهِمْ وَلاَ كُرُومِهِمْ وَلاَ زُرُوعِهِمْ وَلاَ مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ، لأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، تَطْهِيراً لَهُمْ، وَرَدًّا عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَوُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَغَاراً لَهُمْ، فَهُمْ مَا كَانُوا بِبَلَدِهِمُ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهِ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَخْتَلِفُوا فِيهَا, فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِيمَا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ، وَصَالَحُوا عَلَيْهَا، عَلَى أَنْ يُقَرُّوا بِبِلاَدِهِمْ، وَيُقَاتَلَ عَنْهُمْ عَدُوُّهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ بِلاَدِهِ إِلَى غَيْرِهَا يَتْجُرُ إِلَيْهَا، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، مَنْ تَجَرَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَمِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَوِ الْيَمَنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْبِلاَدِ، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، وَلاَ صَدَقَةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ الْمَجُوسِ فِي شَىْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلاَ مِنْ مَوَاشِيهِمْ، وَلاَ ثِمَارِهِمْ، وَلاَ زُرُوعِهِمْ، مَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ، وَيُقَرُّونَ عَلَى دِينِهِمْ، وَيَكُونُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَاراً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِمْ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا الْعُشْرُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا صَالَحُوا عَلَيْهِ، وَلاَ مِمَّا شُرِطَ لَهُمْ، وَهَذَا الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا(492).
25 -
باب عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
766 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ، مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْخُذُ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ(493).
767 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً عَامِلاً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكُنَّا نَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ.
768 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ يَأْخُذُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ : كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ.
26 -
باب اشْتِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدِ فِيهَا
769 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ : حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ، أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « لاَ تَشْتَرِهِ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ »(494).
770 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ »(495).
771 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ، عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَوَجَدَهَا مَعَ غَيْرِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ تُبَاعُ، أَيَشْتَرِيهَا ؟ فَقَالَ : تَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
27 -
باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ
772 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرَ(496).
773 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ، غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسْلِماً، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ، أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُسْلِماً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ(497).
774 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الآبِقِ : إِنَّ سَيِّدَهُ إِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً، فَهُوَ يَرْجُو حَيَاتَهُ وَرَجْعَتَهُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ إِبَاقُهُ قَدْ طَالَ، وَيَئِسَ مِنْهُ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ.
775 -
قَالَ مَالِكٌ : تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
28 -
باب مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ
776 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ(498).
777 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِير، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ، وَذَلِكَ بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) (499).
778 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إِلاَّ التَّمْرَ, إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ أَخْرَجَ شَعِيراً(500).
779 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ، وَزَكَاةُ الْعُشُورِ، كُلُّ ذَلِكَ بِالْمُدِّ الأَصْغَرِ، مُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) إِلاَّ الظِّهَارَ، فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهِ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَهُوَ الْمُدُّ الأَعْظَمُ(501).
29 -
باب وَقْتِ إِرْسَالِ زَكَاةِ الْفِطْرِ
780 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
781 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ، يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ، إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ, قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى(502).
782 -
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ وَاسِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ الْغُدُوِّ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أو َبَعْدَهُ.
30 -
باب مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ
783 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ : لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ، وَلاَ فِي أَجِيرِهِ، وَلاَ فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ زَكَاةٌ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَخْدُمُهُ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي أَحَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ الْكَافِرِ مَا لَمْ يُسْلِمْ، لِتِجَارَةٍ كَانُوا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ.
=========
كتاب الصيام
1 -
باب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلاَلِ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ
784 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ، « لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ »(503).
785 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ »(504).
786 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ : « لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ »(505).
787 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْهِلاَلَ رُئِيَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِعَشِيٍّ، فَلَمْ يُفْطِرْ عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ(506).
788 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي الَّذِي يَرَى هِلاَلَ رَمَضَانَ وَحْدَه : أَنَّهُ يَصُومُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ.
789 –
قَالَ : وَمَنْ رَأَى هِلاَلَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُفْطِرُ، لأَنَّ النَّاسَ يَتَّهِمُونَ عَلَى أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مَأْمُوناً، وَيَقُولُ أُولَئِكَ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَدْ رَأَيْنَا الْهِلاَلَ، وَمَنْ رَأَى هِلاَلَ شَوَّالٍ نَهَاراً فَلاَ يُفْطِرْ وَيُتِمُّ صِيَامَ يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ هِلاَلُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي.
790 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : إِذَا صَامَ النَّاسُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، فَجَاءَهُمْ ثَبَتٌ أَنَّ هِلاَلَ رَمَضَانَ قَدْ رُئِيَ قَبْلَ أَنْ يَصُومُوا بِيَوْمٍ، وَأَنَّ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ أَحَدٌ وَثَلاَثُونَ، فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيَّةَ سَاعَةٍ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ صَلاَةَ الْعِيدِ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ جَاءَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
2 -
باب مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ
791 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لاَ يَصُومُ إِلاَّ مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ.
792 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ) بِمِثْلِ ذَلِكَ(507).
3 -
باب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْفِطْرِ
793 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَلاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ، مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ »(508).
794 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ »(509).
795 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ إِلَى اللَّيْلِ الأَسْوَدِ، قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَا، ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
4 -
باب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الَّذِي يُصْبِحُ جُنُباً فِي رَمَضَانَ
796 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَاري، عَنْ أبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ ؟ فَقَالَ (ﷺ) : « وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ». فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « وَاللَّهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي »(510).
797 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّهُمَا قَالَتَا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يُصْبِحُ جُنُباً مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ فِي رَمَضَانَ, ثُمَّ يَصُومُ(511).
798 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ : كُنْتُ أَنَا وَأبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. فَقَالَ مَرْوَانُ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمَّي الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، فَلَتَسْأَلَنَّهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَتْ عَائِشَةُ : لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَن، أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصْنَعُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : لاَ وَاللَّهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُباً، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ : ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. قَالَ : فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا، فَقَالَ مَرْوَانُ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي، فَإِنَّهَا بِالْبَابِ، فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ. فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : لاَ عِلْمَ لِي بِذَاكَ، إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ(512).
799 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّهُمَا قَالَتَا : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَيُصْبِحُ جُنُباً، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُ(513).
5 -
باب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
800 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, أَنَّ رَجُلاً قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْداً شَدِيداً، فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا, فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ : لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) اللَّهُ، يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) مَا شَاءَ، ثُمَّ رَجَعَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَوَجَدَتْ عِنْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ ؟ ». فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَلاَّ أَخْبَرْتِيهَا إنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ ». فَقَالَت :ْ قَدْ أَخْبَرْتُهَا، فَذَهَبَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ، فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَال :َ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ (ﷺ) مَا شَاءَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « وَاللَّهِ إنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ »(514).
801 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضى الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ.، ثُمَّ ضَحِكَتْ(515).
802 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ عَاتِكَةَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، امْرَأَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ تُقَبِّلُ رَأْسَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلاَ يَنْهَاهَا.
803 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا هُنَالِكَ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ فَتُقَبِّلَهَا وَتُلاَعِبَهَا، فَقَالَ أُقَبِّلُهَا وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ.
804 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَا يُرَخِّصَانِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ.
6 -
باب مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
805 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ تَقُولُ : وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (516).
806 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ : قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ.
807 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَأَرْخَصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ، وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ.
808 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ.
7 -
باب مَا جَاءَ فِي الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ
809 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ، وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (517).
810 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ : « تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ ». وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي : لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بِالْعَرْجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِالْكَدِيدِ، دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ(518).
811 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ.
812 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَجُلٌ أَصُومُ, أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ »(520).
813 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَصُومُ فِي السَّفَرِ.
814 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ وَنُسَافِرُ مَعَهُ، فَيَصُومُ عُرْوَةُ وَنُفْطِرُ نَحْنُ، فَلاَ يَأْمُرُنَا بِالصِّيَامِ.
8 -
باب مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ
815 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ, دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.
816 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ، وَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي رَمَضَانَ، فَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ بِأَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، فَإِنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
817 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ، وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي رَمَضَانَ : أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا إِنْ شَاءَ.
9 -
باب كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ
818 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِيناً. فَقَالَ : لاَ أَجِدُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ : « خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ». فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إلَيْهِ(521) مِنِّى. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ : « كُلْهُ »(522).
819 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ أَعْرَأبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَقُولُ : هَلَكَ الأَبْعَدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :« وَمَا ذَاكَ ؟ » فَقَالَ : أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً ؟ » فَقَالَ : لاَ. فَقَالَ : « هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِىَ بَدَنَةً ؟ » قَالَ : لاَ. قَالَ : « فَاجْلِسْ ». فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ : « خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ». فَقَالَ : مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّى. فَقَالَ : « كُلْهُ، وَصُمْ يَوْماً مَكَانَ مَا أَصَبْتَ ».
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ عَطَاءٌ : فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ : مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، إِلَى عِشْرِينَ(523).
820 -
قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَاراً، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَاراً فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ.
10 -
باب مَا جَاءَ فِي حِجَامَةِ الصِّائِمِ
821 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، قَالَ : ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدُ، فَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ.
822 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ.
823 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لاَ يُفْطِرُ. قَال :َ وَمَا رَأَيْتُهُ احْتَجَمَ قَطُّ إِلاَّ وَهُوَ صَائِمٌ.
824 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ، إِلاَّ خَشْيَةً مِنْ أَنْ يَضْعُفَ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ تُكْرَهْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ سَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئاً، وَلَمْ آمُرْهُ بِالْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي احْتَجَمَ فِيهِ، لأَنَّ الْحِجَامَةَ إِنَّمَا تُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، لِمَوْضِعِ التَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ، فَمَنِ احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى يُمْسِيَ، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ شَيْئاً، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
11 -
باب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
825 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْماً تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ(524).
826 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ : « هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يكْتبْ الله عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ »(525).
827 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ غَداً يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ، وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا.
12 -
باب صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى وَالدَّهْرِ
828 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ، يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى(526).
829 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُون : لاَ بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ، إِذَا أَفْطَرَ الأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى، وَيَوْمُ الأَضْحَى، وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا(527).
قَالَ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَ فِي ذَلِكَ.
13 -
باب النَّهْي عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ
830 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الْوِصَالِ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ ؟ فَقَالَ : « إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى »(528).
831 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي »(529).
14 -
باب صِيَامِ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ
832 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فِي قَتْلِ خَطَإٍ، أَوْ تَظَاهُرٍ، فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ يَغْلِبُهُ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ صِيَامَهُ : أَنَّهُ إِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِنْ صِيَامِهِ(530).
833 -
وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الَّتِى يَجِبُ عَلَيْهَا الصِّيَامُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً، إِذَا حَاضَتْ بَيْنَ ظَهْرَيْ صِيَامِهَا، أَنَّهَا إِذَا طَهُرَتْ لاَ تُؤَخِّرُ الصِّيَامَ وَهِيَ، تَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَامَتْ.
834 -
وَلَيْسَ لأَحَدٍ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، أَنْ يُفْطِرَ إِلاَّ مِنْ عِلَّةٍ : مَرَضٍ أَوْ حَيْضَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
15 -
باب مَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي صِيَامِهِ
835 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : الأَمْرُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَصَابَهُ الْمَرَضُ، الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ مَعَهُ، وَيُتْعِبُهُ وَيَبْلُغُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ الَّذِي اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلاَةِ، وَبَلَغَ مِنْهُ، وَمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِعُذْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لاَ تَبْلُغُ صِفَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ، وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ .
وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ مِنَ الْمَرِيضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [البقرة : 184] فَأَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ مِنَ الْمَرِيضِ، فَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَهُوَ الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.
16 -
باب النَّذْرِ فِي الصِّيَامِ وَالصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ
836 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ، هَلْ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ ؟ فَقَالَ : سَعِيدٌ لِيَبْدَأْ بِالنَّذْرِ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعَ.
837 -
قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
838 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ، مِنْ رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بَدَنَةٍ، فَأَوْصَى بِأَنْ يُوَفَّى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْبَدَنَةَ فِي ثُلُثِهِ، وَهُوَ يُبَدَّى عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْوَصَايَا، إِلاَّ مَا كَانَ مِثْلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ النُّذُورِ وَغَيْرِهَا، كَهَيْئَةِ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مِمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ خَاصَّةً دُونَ رَأْسِ مَالِهِ، لأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، لأَخَّرَ الْمُتَوَفَّى مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَصَارَ الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ، سَمَّى مِثْلَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَتَقَاضَاهَا مِنْهُ مُتَقَاضٍ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزاً لَهُ، أَخَّرَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ سَمَّاهَا، وَعَسَى أَنْ يُحِيطَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ(531).
839 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسْأَلُ : هَلْ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ؟ أَوْ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ؟ فَيَقُولُ : لاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.
17 -
باب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ
840 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ، فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ عُمَرُ : الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدِ اجْتَهَدْنَا.
قَالَ مَالِكٌ : يُرِيدُ بِقَوْلِهِ الْخَطْبُ يَسِيرٌ، الْقَضَاءُ فِيمَا نُرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَخِفَّةَ مَؤُونَتِهِ وَيَسَارَتِهِ يَقُولُ : نَصُومُ يَوْماً مَكَانَهُ.
841 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : يَصُومُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مُتَتَابِعاً, مَنْ أَفْطَرَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ.
842 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ اخْتَلَفَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. وَقَالَ الآخَرُ : لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. لاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ : يُفَرِّقُ بَيْنَهُ.
843 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنِ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاء، وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ(532).
844 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُسْأَلُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يُفَرَّقَ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَأَنْ يُوَاتَرَ(533).
845 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : فِيمَنْ فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ.
846 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ سَاهِياً، أَوْ نَاسِياً، أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ.
847 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَة ِ, أَمُتَتَابِعَاتٍ أَمْ يَقْطَعُهَا ؟ قَالَ حُمَيْدٌ : فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ : لاَ يَقْطَعُهَا، فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ.
848 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يُصَامُ مُتَتَابِعاً.
849 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ عَبِيطٍ، فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا، ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَلاَ تَرَى شَيْئاً، ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْماً آخَرَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً أُخْرَى، وَهِيَ دُونَ الأُولَى، ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ، فَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي صِيَامِهَا وَصَلاَتِهَا ؟ قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ وَتَصُومُ(534).
850 -
وَسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ.
18 -
باب قَضَاءِ التَّطَوُّعِ.
851 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ (ﷺ) أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ، فَأُهْدِىَ لَهُمَا طَعَامٌ، فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِى بِالْكَلاَمِ، وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْنَا طَعَامٌ، فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْماً آخَرَ »(535).
852 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِياً أَوْ نَاسِياً فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَلْيُتِمَّ يَوْمَهُ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ أَوْ شَرِبَ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلاَ يُفْطِرْهُ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أَمْرٌ يَقْطَعُ صِيَامَهُ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَضَاءٌ, إِذَا كَانَ إِنَّمَا أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِلْفِطْرِ، وَلاَ أَرَى عَلَيْهِ قَضَاءَ صَلاَةِ نَافِلَةٍ، إِذَا هُوَ قَطَعَهَا مِنْ حَدَثٍ لاَ يَسْتَطِيعُ حَبْسَهُ، مِمَّا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْوُضُوءِ.
853 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِى يَتَطَوَّعُ بِهَا النَّاسُ، فَيَقْطَعَهُ حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى سُنَّتِهِ، إِذَا كَبَّرَ لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا صَامَ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمِهِ، وَإِذَا أَهَلَّ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي الطَّوَافِ لَمْ يَقْطَعْهُ حَتَّى يُتِمَّ سُبُوعَهُ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ شَيْئاً مِنْ هَذَا إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ، إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ يَعْرِضُ لَهُ، مِمَّا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنَ الأَسْقَامِ وَالأُمُورِ الَّتِى يُعْذَرُونَ بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [البقرة : 187] فَعَلَيْهِ إِتْمَامُ الصِّيَامِ كَمَا قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) [البقرة : 196] فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَهَلَّ بِالْحَجِّ تَطَوُّعاً، وَقَدْ قَضَى الْفَرِيضَةَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيهِ، وَيَرْجِعَ حَلاَلاً مِنَ الطَّرِيقِ، وَكُلُّ أَحَدٍ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ، فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا، كَمَا يُتِمُّ الْفَرِيضَةَ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ(536).
19 -
باب فِدْيَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مِنْ عِلَّةٍ
854 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَبِرَ حَتَّى كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ، فَكَانَ يَفْتَدِي(537).
855 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ أَرَى ذَلِكَ وَاجِباً، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَيْهِ، فَمَنْ فَدَى، فَإِنَّمَا يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) .
856 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ ؟ قَالَ : تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، بِمُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) .
857 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا الْقَضَاءَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [البقرة : 184] وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَرَضاً مِنَ الأَمْرَاضِ، مَعَ الْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا.
858 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى صِيَامِهِ، حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ، فَإِنَّهُ يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْقَضَاءُ.
859 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
20 -
باب جَامِعِ قَضَاءِ الصِّيَامِ
860 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَصُومُهُ حَتَّى يَأْتِىَ شَعْبَانُ(538).
21 -
باب صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ
861-
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ، إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ، ثُمَّ جَاءَ الثَّبَتُ، أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ، وَلاَ يَرَوْنَ بِصِيَامِهِ تَطَوُّعاً بَأْساً(539).
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
22 -
باب جَامِعِ الصِّيَامِ
862 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ، إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ، أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ(540).
863 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِماً، فَلاَ يَرْفُثْ, وَلاَ يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ »(541).
864 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، مِنْ أَجْلِي، فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، إِلاَّ الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ »(542).
865 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ(534).
866 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ لاَ يَكْرَهُونَ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ، فِي سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ، لاَ فِي أَوَّلِهِ، وَلاَ فِي آخِرِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَلاَ يَنْهَى عَنْهُ.
867 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِى ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ، لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ.
868 -
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ, وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَصِيَامُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأُرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ.
=============
كتاب الاعتكاف
1 -
باب ذِكْرِ الاِعْتِكَافِ
869 -
حَدَّثَنِى يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ(544).
870 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ، لاَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلاَّ وَهِيَ تَمْشِي، لاَ تَقِفُ.
871 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَأْتِي الْمُعْتَكِفُ حَاجَتَهُ، وَلاَ يَخْرُجُ لَهَا، وَلاَ يُعِينُ أَحَداً، إِلاَّ أَنْ يَخْرُجَ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، وَلَوْ كَانَ خَارِجاً لِحَاجَةِ أَحَدٍ، لَكَانَ أَحَقَّ مَا يُخْرَجُ إِلَيْهِ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَالصَّلاَةُ عَلَى الْجَنَائِزِ وَاتِّبَاعُهَا.
872 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَكُونُ الْمُعْتَكِفُ مُعْتَكِفاً، حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ، مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَدُخُولِ الْبَيْتِ، إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ.
873 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنِ الرَّجُلِ يَعْتَكِفُ، هَلْ يَدْخُلُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقْفٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
874 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ : أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الاِعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ يُجَمَّعُ فِيهِ، وَلاَ أُرَاهُ كُرِهَ الاِعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِى لاَ يُجَمَّعُ فِيهَا, إِلاَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مَسْجِدِهِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، إِلَى الْجُمُعَةِ، أَوْ يَدَعَهَا، فَإِنْ كَانَ مَسْجِداً لاَ يُجَمَّعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدٍ سِوَاهُ، فَإِنِّى لاَ أَرَى بَأْساً بِالاِعْتِكَافِ فِيهِ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : ( وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] فَعَمَّ اللَّهُ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئاً مِنْهَا(545).
قَالَ مَالِكٌ : فَمِنْ هُنَالِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي لاَ يُجَمَّعُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، إِذَا كَانَ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ إِلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي تُجَمَّعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَبِيتُ الْمُعْتَكِفُ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ خِبَاؤُهُ فِي رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ(546).
وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَضْرِبُ بِنَاءً يَبِيتُ فِيهِ، إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَبِيتُ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ، قَوْلُ عَائِشَةَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِذَا اعْتَكَفَ، لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ.
875 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَعْتَكِفُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، وَلاَ فِي الْمَنَارِ، يَعْنِي الصَّوْمَعَةَ(547).
876 -
وَقَالَ مَالِكٌ : يَدْخُلُ الْمُعْتَكِفُ، الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ، قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهَا، حَتَّى يَسْتَقْبِلَ بِاعْتِكَافِهِ أَوَّلَ اللَّيْلَةِ، الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهَا.
877 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُعْتَكِفُ مُشْتَغِلٌ بِاعْتِكَافِهِ، لاَ يَعْرِضُ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَشْتَغِلُ بِهِ، مِنَ التِّجَارَاتِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُعْتَكِفُ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ بِضَيْعَتِهِ، وَمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ، وَأَنْ يَأْمُرَ بِبَيْعِ مَالِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ لاَ يَشْغَلُهُ فِي نَفْسِهِ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ خَفِيفاً، أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ مَنْ يَكْفِيهِ إِيَّاهُ.
878 -
قَالَ مَالِكٌ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ فِي الاِعْتِكَافِ شَرْطاً، وَإِنَّمَا الاِعْتِكَافُ عَمَلٌ مِنَ الأَعْمَالِ، مِثْلُ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ، مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً، فَمَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يَعْمَلُ بِمَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَا مَضَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، لاَ مِنْ شَرْطٍ يَشْتَرِطُهُ، وَلاَ يَبْتَدِعُهُ، وَقَدِ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، وَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ سُنَّةَ الاِعْتِكَافِ.
879 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالاِعْتِكَافَ وَالْجِوَارُ سَوَاءٌ، وَالاِعْتِكَافُ لِلْقَرَوِيِّ وَالْبَدَوِيِّ سَوَاءٌ.
2 -
باب مَا لاَ يَجُوزُ الاِعْتِكَافُ إِلاَّ بِهِ.
880 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَنَافِعاً مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالاَ : لاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصِيَامٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] فَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ الاِعْتِكَافَ مَعَ الصِّيَامِ(548).
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّهُ لاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصِيَامٍ.
3 -
باب خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِلْعِيدِ.
881 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(549)، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَكَفَ، فَكَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقِيفَةٍ، فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ، فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ.
882 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، لاَ يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ، حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ.
قَالَ زِيَادٌ قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
4 -
باب قَضَاءِ الاِعْتِكَافِ
883 -
حَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ، وَجَدَ أَخْبِيَةً، خِبَاءَ عَائِشَةَ، وَخِبَاءَ حَفْصَةَ، وَخِبَاءَ زَيْنَبَ، فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَ عَنْهَا، فَقِيلَ لَهُ : هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) « آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ؟ » ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْراً مِنْ شَوَّالٍ(550).
884 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِعُكُوفٍ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَقَامَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ مَرِضَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ مَا بَقِىَ مِنَ الْعَشْرِ إِذَا صَحَّ، أَمْ لاَ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَفِي أَيِّ شَهْرٍ يَعْتَكِفُ إِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : يَقْضِي مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ عُكُوفٍ إِذَا صَحَّ، فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَرَادَ الْعُكُوفَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ رَمَضَانُ، اعْتَكَفَ عَشْراً مِنْ شَوَّالٍ(551).
885 -
قَالَ زِيَادٌ : وَالْمُتَطَوِّعُ فِي الاِعْتِكَافِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الاِعْتِكَافُ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ، فِيمَا يَحِلُّ لَهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ اعْتِكَافُهُ إِلاَّ تَطَوُّعاً.
886 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ إِنَّهَا إِذَا اعْتَكَفَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ فِي اعْتِكَافِهَا : إِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ أَيَّةَ سَاعَةٍ طَهُرَتْ، ثُمَّ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهَا.
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَتَحِيضُ، ثُمَّ تَطْهُرُ فَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهَا، ولاَ تُؤَخِّرُ ذَلِكَ.
887 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ فِي الْبُيُوتِ وَهُو مُعْتَكِفٌ(552).
888 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مَعَ جَنَازَةِ أَبَوَيْهِ وَلاَ مَعَ غَيْرِهَا.
5 -
باب النِّكَاحِ فِي الاِعْتِكَافِ
889 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِنِكَاحِ الْمُعْتَكِفِ، نِكَاحَ الْمِلْكِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَسِيسُ.
890 –
قَالَ : وَالْمَرْأَةُ الْمُعْتَكِفَةُ أَيْضاً تُنْكَحُ، نِكَاحَ الْخِطْبَةِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَسِيسُ.
891 –
قَالَ : وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ مِنْ أَهْلِهِ بِاللَّيْلِ، مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُنَّ بِالنَّهَارِ(553)ِ.
892 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ زِيَادٌ : قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ، أَنْ يَمَسَّ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، وَلاَ يَتَلَذَّذَ مِنْهَا بِقُبْلَةٍ وَلاَ غَيْرِهَا، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً يَكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ وَلاَ لِلْمُعْتَكِفَةِ، أَنْ يَنْكِحَا فِي اعْتِكَافِهِمَا، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَسِيسُ، فَيُكْرَهُ، وَلاَ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَنْكِحَ فِي صِيَامِهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ نِكَاحِ الْمُعْتَكِفِ، وَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ، أَنَّ الْمُحْرِمَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، وَيَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ، وَلاَ يَتَطَيَّبُ، وَالْمُعْتَكِفُ وَالْمُعْتَكِفَةُ يَدَّهِنَانِ وَيَتَطَيَّبَانِ، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ يَشْهَدَانِ الْجَنَائِزَ, وَلاَ يُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَعُودَانِ الْمَرِيضَ، فَأَمْرُهُمَا فِي النِّكَاحِ مُخْتَلِفٌ، وَذَلِكَ الْمَاضِي مِنَ السُّنَّةِ، فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالْمَعْتَكِفِ وَالصَّائِمِ(554).
6 -
باب مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
893 -
حَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىِّ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَاماً حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِى يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صُبْحِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ قَالَ :« مَنِ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صُبْحِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ ».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأُمْطِرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) انْصَرَفَ، وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ(555).
894 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ »(556).
895 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ »(557).
896 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي رَجُلٌ شَاسِعُ الدَّارِ، فَمُرْنِي لَيْلَةً أَنْزِلُ لَهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ »(558).
897 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) فِي رَمَضَانَ فَقَالَ : « إنِّي أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى تَلاَحَى رَجُلاَنِ فَرُفِعَتْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ »(559).
898 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ، فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا، فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ »(560).
899 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ، أَنْ لاَ يَبْلُغُوا مِنَ الْعَمَلِ، مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ561).
900 -
وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ : مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ, فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا(562).
==========
كتاب الحج
1 -
باب الْغُسْلِ لِلإِهْلاَلِ
901 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، أَنَّهَا وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَقَالَ : « مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتُهِلَّ »(563).
902 -
وَحَدَّثَنِي، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ، ثُمَّ تُهِلَّ.
903 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِدُخُولِهِ مَكَّةَ، وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ.
2 -
باب غُسْلِ الْمُحْرِمِ.
904 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ : لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. قَالَ : فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أبِي أَيُّوبَ الأَنْصَاري، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ؟ قَالَ : فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ : اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَفْعَلُ(564).
905 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِيَعْلَى ابْنِ مُنْيَةَ، وَهُوَ يَصُبُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَاءً، وَهُوَ يَغْتَسِلُ : اصْبُبْ عَلَى رَأْسِي. فَقَالَ يَعْلَى : أَتُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَهَا بِي إِنْ أَمَرْتَنِي صَبَبْتُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : اصْبُبْ، فَلَنْ يَزِيدَهُ الْمَاءُ إِلاَّ شَعَثاً(565).
906 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَلاَ يَدْخُلُ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِراً، حَتَّى يَغْتَسِلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بِذِي طُوًى، وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا(566).
907 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، إِلاَّ مِنَ الاِحْتِلاَمِ.
908 -
قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ بِالْغَسُولِ، بَعْدَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ قَتْلُ الْقَمْلِ، وَحَلْقُ الشَّعْرِ، وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ، وَلُبْسُ الثِّيَابِ(567).
3 -
باب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ.
909 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) : مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبَرَانِسَ، وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلاَ الْوَرْسُ(568).
910 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) أَنَّهُ قَالَ : « وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَاراً، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ ». فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا، وَلاَ أَرَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ سَرَاوِيلَ، لأَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) نَهَى عَنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلاَتِ، فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ, الَّتِي لاَ يَنْبَغِى لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا، كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْخُفَّيْنِ.
4 -
باب لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ فِي الإِحْرَامِ.
911 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْباً مَصْبُوغاً بِزَعْفَرَانٍ، أَوْ وَرْسٍ وَقَالَ : « مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ »(569).
912 -
وَحَدَّثَنِي، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَوْباً مَصْبُوغاً، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا هَذَا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ يَا طَلْحَةُ ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا هُوَ مَدَرٌ. فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمُ النَّاسُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً جَاهِلاً رَأَى هَذَا الثَّوْبَ، لَقَالَ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فِي الإِحْرَامِ، فَلاَ تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ(570).
913 -
وَحَدَّثَنِي، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ : أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُشَبَّعَاتِ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانٌ(571).
914 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ثَوْبٍ مَسَّهُ طِيبٌ، ثُمَّ ذَهَبَ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبَاغٌ زَعْفَرَانٌ، أَوْ وَرْسٌ.
5 -
باب لُبْسِ الْمُحْرِمِ الْمِنْطَقَةَ
915 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ(572).
916 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ فِي الْمِنْطَقَةِ يَلْبَسُهَا الْمُحْرِمُ تَحْتَ ثِيَابِهِ : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، إِذَا جَعَلَ طَرَفَيْهَا جَمِيعاً سُيُوراً، يَعْقِدُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ. قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
6 -
باب تَخْمِيرِ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ
917 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْفُرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِي : أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ(573).
918 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : مَا فَوْقَ الذَّقَنِ مِنَ الرَّأْسِ، فَلاَ يُخَمِّرْهُ الْمُحْرِمُ(574).
919 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَمَاتَ بِالْجُحْفَةِ مُحْرِماً، وَخَمَّرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَقَالَ : لَوْلاَ أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ(575).
920 -
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ، فَقَدِ انْقَضَى الْعَمَلُ.
921 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لاَ تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ(576).
922 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، أَنَّهَا قَالَتْ : كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ، وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
7 -
باب مَا جَاءَ فِي الطِّيبِ فِي الْحَجِّ
923 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ(577).
924 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، وَهُوَ بِحُنَيْنٍ، وَعَلَى الأَعْرَأبِي قَمِيصٌ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « انْزِعْ قَمِيصَكَ، وَاغْسِلْ هَذِهِ الصُّفْرَةَ عَنْكَ، وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَفْعَلُ فِي حَجِّكَ »(578).
925 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ، فَقَالَ : مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ : مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ : مِنْكَ لَعَمْرُ اللَّهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ طَيَّبَتْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ : عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ فَلْتَغْسِلَنَّهَ(579).
926 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُيَيْدٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ، وَإِلَى جَنْبِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَقَالَ عُمَرُ : مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ ؟ فَقَالَ كَثِيرٌ : مِنِّى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَبَّدْتُ رَأْسِى وَأَرَدْتُ أَنْ لاَ أَحْلِقَ. فَقَالَ عُمَرُ : فَاذْهَبْ إِلَى شَرَبَةٍ، فَادْلُكْ رَأْسَكَ حَتَّى تُنَقِّيَهُ. فَفَعَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ.
قَالَ مَالِكٌ : الشَّرَبَةُ حَفِيرٌ تَكُونُ عِنْدَ أَصْلِ النَّخْلَةِ.
927 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، بَعْدَ أَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ عَنِ الطِّيب ؟ِ فَنَهَاهُ سَالِمٌ، وَأَرْخَصَ لَهُ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
928 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَدَّهِنَ الرَّجُلُ بِدُهْنٍ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ مِنْ مِنًى، بَعْدَ رَمْي الْجَمْرَةِ.
929 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ طَعَامٍ فِيهِ زَعْفَرَانٌ، هَلْ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا مَا تَمَسُّهُ النَّارُ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ أَنْ يَأْكُلَهُ الْمُحْرِمُ، وَأَمَّا مَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ.
8 -
باب مَوَاقِيتِ الإِهْلاَلِ
930 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ »(580).
931 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلَ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلَ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أَمَّا هَؤُلاَءِ الثَّلاَثُ فَسَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، وَأُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ »(581).
932 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنَ الْفُرْعِ(582).
933 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنْ إِيلْيَاءَ(583).
934 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَهَلَّ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ بِعُمْرَةٍ(584).
9 -
باب الْعَمَلِ فِي الإِهْلاَلِ
935 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : « لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ ». قَالَ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا : لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ(585).
936 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ(586).
937 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، َنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ : بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِلاَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ. يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ(587).
938 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعاً، لَمْ أَرَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ : وَمَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ ؟ قَالَ : رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ، أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ، وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَّيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ(588).
939 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَرْكَبُ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ.
940 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
10 -
باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ
941 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ الأَنْصَاري، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَأبِي، أَوْ مَنْ مَعِي، أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، أَوْ بِالإِهْلاَلِ ». يُرِيدُ أَحَدَهُمَا(589).
942 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، لِتُسْمِعِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا.
943 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالإِهْلاَلِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، لِيُسْمِعْ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ مِنًى، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا.
944 -
قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ، وَعَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ(590).
11 -
باب إِفْرَادِ الْحَجِّ
945 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يُحِلُّوا، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ(591).
946 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَفْرَدَ الْحَجَّ(592).
947 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : وَكَانَ يَتَيمًا فِي حَجْرِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَفْرَدَ الْحَجَّ(593).
948 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ, ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهِلَّ بَعْدَهُ بِعُمْرَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
12 -
باب الْقِرَانِ فِي الْحَجِّ
949 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ بِالسُّقْيَا، وَهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ، دَقِيقاً وَخَبَطاً، فَقَالَ : هَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَعَلَى يَدَيْهِ أَثَرُ الدَّقِيقِ وَالْخَبَطِ - فَمَا أَنْسَى أَثَرَ الدَّقِيقِ وَالْخَبَطِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ - حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ : أَنْتَ تَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : ذَلِكَ رَأْيِي. فَخَرَجَ عَلِيٌّ مُغْضَباً، وَهُوَ يَقُولُ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعاً(594).
950 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئاً، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْياً إِنْ كَانَ مَعَهُ، وَيَحِلُّ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ.
951 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ، فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحْلِلْ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلُّوا(595).
952 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ مَعَهَا، فَذَلِكَ لَهُ، مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ قَالَ : إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ، صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ إنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ(596).
953 -
قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ أَهَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعاً »(597).
13 -
باب قَطْعِ التَّلْبِيَةِ
954 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الثَّقَفِي، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ - كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ؟ قَالَ : كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ(598).
955 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ.
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
956 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَى الْمَوْقِفِ.
957 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ، حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُلَبِّي، حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ، فَإِذَا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ، وَكَانَ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ(599).
958 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لاَ يُلَبِّي وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ.
959 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِلُ مِنْ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إِلَى الأَرَاكِ. قَالَتْ : وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُهِلُّ مَا كَانَتْ فِي مَنْزِلِهَا وَمَنْ كَانَ مَعَهَا، فَإِذَا رَكِبَتْ فَتَوَجَّهَتْ إِلَى الْمَوْقِفِ، تَرَكَتِ الإِهْلاَلَ. قَالَتْ : وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَعْتَمِرُ بَعْدَ الْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ تَرَكَتْ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ قَبْلَ هِلاَلِ الْمُحَرَّمِ، حَتَّى تَأْتِيَ الْجُحْفَةَ فَتُقِيمَ بِهَا، حَتَّى تَرَى الْهِلاَلَ، فَإِذَا رَأَتِ الْهِلاَلَ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ(600).
960 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَدَا يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ مِنًى، فَسَمِعَ التَّكْبِيرَ عَالِياً، َبَعَثَ الْحَرَسَ يَصِيحُونَ فِي النَّاسِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا التَّلْبِيَةُ(610).
14 -
باب إِهْلاَلِ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ
961 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ، مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثاً، وَأَنْتُمْ مُدَّهِنُونَ, أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ(602).
962 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ، يُهِلُّ بِالْحَجِّ لِهِلاَلِ ذِى الْحِجَّةِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
963 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يُهِلُّ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ بِالْحَجِّ إِذَا كَانُوا بِهَا، وَمَنْ كَانَ مُقِيماً بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ.
964 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ، فَلْيُؤَخِّرِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى، وَكَذَلِكَ صَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
965 -
قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ مَكَّةَ، لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ، كَيْفَ يَصْنَعُ بِالطَّوَافِ ؟ قَالَ : أَمَّا الطَّوَافُ الْوَاجِبُ فَلْيُؤَخِّرْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيَطُفْ مَا بَدَا لَهُ, وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ كُلَّمَا طَافَ سُبْعاً، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، فَأَخَّرُوا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَكَانَ يُهِلُّ لِهِلاَلِ ذِى الْحِجَّةِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَيُؤَخِّرُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى.
966 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، هَلْ يُهِلُّ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ؟ قَالَ : بَلْ يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ فَيُحْرِمُ مِنْهُ.
15 -
باب مَا لاَ يُوجِبُ الإِحْرَامُ مِنْ تَقْلِيدِ الْهَدْي
967 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ زِيَادَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النِّبِىِّ (ﷺ) : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : مَنْ أَهْدَى هَدْياً، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيٍ : فَاكْتُبِي إِلَيَّ بِأَمْرِكِ، أَوْ مُرِي صَاحِبَ الْهَدْي. قَالَتْ عَمْرَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْي رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مَعَ أبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ(603).
968 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الَّذِي يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمُ، هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُول :ُ لاَ يَحْرُمُ إِلاَّ مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى.
969 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً مُتَجَرِّداً بِالْعِرَاقِ, فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ، فَقَالُوا : إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ، فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ. قَالَ رَبِيعَةُ : فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ : بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
970 -
قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْىٍ لِنَفْسِهِ، فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَة ؟َ قَالَ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلاَ يُشْعِرَهُ، إِلاَّ عِنْدَ الإِهْلاَلِ، إِلاَّ رَجُلٌ لاَ يُرِيدُ الْحَجَّ، فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ.
971 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ : هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْي غَيْرُ مُحْرِمٍ ؟ فَقَال :َ نَعَمْ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَسُئِلَ أَيْضاً عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْي مِمَّنْ لاَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَلاَ الْعُمْرَةَ، فَقَالَ : الأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بَعَثَ بِهَدْيِهِ، ثُمَّ أَقَامَ فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ.
16 -
باب مَا تَفْعَلُ الْحَائِضُ فِي الْحَجِّ
972 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ الَّتِي تُهِلُّ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، إِنَّهَا تُهِلُّ بِحَجِّهَا أَوْ عُمْرَتِهَا إِذَا أَرَادَتْ، وَلَكِنْ لاَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهِيَ تَشْهَدُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا مَعَ النَّاسِ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ, وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلاَ تَقْرَبُ الْمَسْجِدَ حَتَّى تَطْهُرَ.
17 -
باب الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ
973 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَه :ُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) اعْتَمَرَ ثَلاَثاً: عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَامَ الْقَضِيَّةِ، وَعَامَ الْجِعِرَّانَةِ(604).
974 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) لَمْ يَعْتَمِرْ إِلاَّ ثَلاَثاً, إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّالٍ, وَاثْنَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ(605).
975 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : أَعْتَمِرُ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : نَعَمْ، قَدِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ(606).
977 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ أبِي سَلَمَةَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي شَوَّالٍ، فَأَذِنَ لَهُ فَاعْتَمَرَ، ثُمَّ قَفَلَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَحُجَّ.
18 -
باب قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ
978 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ.
979 -
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ اعْتَمَرَ مِنَ التَّنْعِيمِ: إِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَرَى الْبَيْتَ.
980 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَعْتَمِرُ مِنْ بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ، مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ ؟ قَالَ : أَمَّا الْمُهِلُّ مِنَ الْمَوَاقِيتِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ. قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ.
19 -
باب مَا جَاءَ فِي التَّمَتُّعِ
981 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ - وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ - فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ :لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلاَّ مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ سَعْدٌ : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي. فَقَالَ الضَّحَّاكُ : فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ(607).
982 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، َنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ :وَاللَّهِ لأَنْ أَعْتَمِرَ قَبْلَ الْحَجِّ وَأُهْدِيَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ.
983 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي شَوَّالٍ، أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي ذِي الْحِجَّةِ، قَبْلَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْحَجُّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ، وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ إِذَا أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ.
984 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، انْقَطَعَ إِلَى غَيْرِهَا وَسَكَنَ سِوَاهَا, ثُمَّ قَدِمَ مُعْتَمِراً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا : إِنَّهُ مُتَمَتِّعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوِ الصِّيَامُ، إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً، وَأَنَّهُ لاَ يَكُونُ مِثْلَ أَهْلِ مَكَّةَ.
985 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، دَخَلَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ يُرِيدُ الإِقَامَةَ بِمَكَّةَ، حَتَّى يُنْشِئَ الْحَجَّ، أَمُتَمَتِّعٌ هُوَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ هُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنْ أَرَادَ الإِقَامَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنَّمَا الْهَدْيُ، أَوِ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُرِيدُ الإِقَامَةَ، وَلاَ يَدْرِي مَا يَبْدُو لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
986 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي ذِى الْحِجَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْحَجُّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ.
20 -
باب مَا لاَ يَجِبُ فِيهِ التَّمَتُّعُ
987 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ, أَوْ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، إِنَّمَا الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ.
988 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الآفَاقِ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا، فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَلاَ صِيَامٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا كَانَ مِنْ سَاكِنِيهَا.
989 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، خَرَجَ إِلَى الرِّبَاطِ أَوْ إِلَى سَفَرٍ مِنَ الأَسْفَارِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ يُرِيدُ الإِقَامَةَ بِهَا - كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ أَوْ لاَ أَهْلَ لَهُ بِهَا - فَدَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ، وَكَانَتْ عُمْرَتُهُ الَّتِى دَخَلَ بِهَا مِنْ مِيقَاتِ النَّبِيِّ (ﷺ) أَوْ دُونَهُ، أَمُتَمَتِّعٌ مَنْ كَانَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْهَدْي أَوِ الصِّيَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) [البقرة : 196].
21 -
باب جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الْعُمْرَةِ
990 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ: « الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »(608).
991 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَتْ : إنِّي قَدْ كُنْتُ تَجَهَّزْتُ لِلْحَجِّ، فَاعْتَرَضَ لِي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحِجَّةٍ »(609).
992 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَال :َ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ، وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ، أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ(610).
993 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ إِذَا اعْتَمَرَ، رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ.
994 -
قَالَ مَالِكٌ : الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا.
995 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ أَرَى لأَحَدٍ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَاراً.
996 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَمِرِ يَقَعُ بِأَهْلِهِ : إِنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْهَدْيَ وَعُمْرَةً أُخْرَى يَبْتَدِئُ بِهَا بَعْدَ إِتْمَامِهِ الَّتِي أَفْسَدَ، وَيُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانٍ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِلاَّ مِنْ مِيقَاتِهِ.
997 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، ثُمَّ وَقَعَ بِأَهْلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ، قَالَ : يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَعْتَمِرُ عُمْرَةً أُخْرَى، وَيُهْدِي، وَعَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِثْلُ ذَلِكَ.
998 -
قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الْعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ، فَإِنَّهُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، ثُمَّ يُحْرِمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنِ الْفَضْلُ أَنْ يُهِلَّ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، أَوْ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنَ التَّنْعِيمِ.
22 -
باب نِكَاحِ الْمُحْرِمِ
999 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ وَرَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَرَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ(611).
1000 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَأَبَانُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، إنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ, وَأَرَدْتُ أَنْ تَحْضُرَ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانُ وَقَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ يَنْكِحِ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكِحْ وَلاَ يَخْطُبْ »(612).
1001 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ : أَنَّ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِكَاحَهُ.
1002 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لاَ يَنْكِحِ الْمُحْرِمُ، وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ عَلَى غَيْرِهِ.
1003 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلُوا عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ ؟ فَقَالُوا : لاَ يَنْكِحِ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكِحْ.
1004 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ : إِنَّهُ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ إِنْ شَاءَ، إِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ.
23 -
باب حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ
1005 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيَيْ جَمَلٍ مَكَانٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ(613).
1006 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لاَ يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إِلاَّ مِمَّا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ.
1007 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ.
24 -
باب مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ
1008 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أبِي قَتَادَةَ الأَنْصَاري، عَنْ أبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَاراً وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ، فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ, فَقَالَ : « إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ »(614).
1009 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ يَتَزَوَّدُ صَفِيفَ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ(615).
قَالَ مَالِكٌ : وَالصَّفِيفُ الْقَدِيدُ.
1010 -
وَحَدَّثَنِي، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مِثْلَ حَدِيثِ أبِي النَّضْرِ، إِلاَّ أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ ».
1011 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَاري، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ، عَنِ الْبَهْزِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ, إِذَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَقِيرٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « دَعُوهُ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ ». فَجَاءَ الْبَهْزِيُّ وَهُوَ صَاحِبُهُ إِلَى النَّبِيِّ (ﷺ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالأَثَايَةِ - بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ - إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَ رَجُلاً أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ, لاَ يَرِيبُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ(617).
1012 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّبَذَةِ وَجَدَ رَكْباً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُحْرِمِينَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ وَجَدُوهُ عِنْدَ أَهْلِ الرَّبَذَةِ، فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهِ قَالَ : ثُمَّ إنِّي شَكَكْتُ فِيمَا أَمَرْتُهُمْ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ : مَاذَا أَمَرْتَهُمْ بِهِ ؟ فَقَالَ : أَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لَوْ أَمَرْتَهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَفَعَلْتُ بِكَ. يَتَوَاعَدُهُ(618).
1013 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ : أَنَّهُ مَرَّ بِهِ قَوْمٌ مُحْرِمُونَ بِالرَّبَذَةِ، فَاسْتَفْتَوْهُ فِي لَحْمِ صَيْدٍ، وَجَدُوا نَاساً أَحِلَّةً يَأْكُلُونَهُ، فَأَفْتَاهُمْ بِأَكْلِهِ، قَالَ : ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ : بِمَ أَفْتَيْتَهُمْ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ أَفْتَيْتُهُمْ بِأَكْلِهِ. قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : لَوْ أَفْتَيْتَهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لأَوْجَعْتُكَ(619).
1014 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارِ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي رَكْبٍ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَدُوا لَحْمَ صَيْدٍ، فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ بِأَكْلِهِ، قَالَ : فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ : مَنْ أَفْتَاكُمْ بِهَذَا ؟ قَالُوا : كَعْبٌ. قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أَمَّرْتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا، ثُمَّ لَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، مَرَّتْ بِهِمْ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ أَنْ يَأْخُذُوهُ فَيَأْكُلُوهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُفْتِيَهُمْ بِهَذَا ؟ قَالَ : هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ. قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ هِيَ إِلاَّ نَثْرَةُ حُوتٍ، يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ(620).
1015 -
قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ لُحُومِ الصَّيْدِ عَلَى الطَّرِيقِ، هَلْ يَبْتَاعُهُ الْمُحْرِمُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ يُعْتَرَضُ بِهِ الْحَاجُّ، وَمِنْ أَجْلِهِمْ صِيدَ، فَإِنِّي أَكْرَهُهُ وَأَنْهَى عَنْهُ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ رَجُلٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُحْرِمِينَ، فَوَجَدَهُ مُحْرِمٌ فَابْتَاعَهُ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ(621).
1016 -
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ قَدْ صَادَهُ أَوِ ابْتَاعَهُ : فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ.
1017 -
قَالَ مَالِكٌ فِي صَيْدِ الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ وَالأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ : إِنَّهُ حَلاَلٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَصْطَادَهُ.
25 -
باب مَا لاَ يَجُوز لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ.
1018 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) حِمَاراً وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مَا فِي وَجْهِى قَالَ : « إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ »(622).
1019 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ، ثُمَّ أُتِىَ بِلَحْمِ صَيْدٍ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : كُلُوا. فَقَالُوا: أَوَلاَ تَأْكُلُ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي(623).
1020 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ : لَهُ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ لَيَالٍ، فَإِنْ تَخَلَّجَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ. تَعْنِي أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ(624).
1021 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ يُصَادُ مِنْ أَجْلِهِ صَيْدٌ، فَيُصْنَعُ لَهُ ذَلِكَ الصَّيْدُ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِهِ صِيدَ : فَإِنَّ عَلَيْهِ جَزَاءَ ذَلِكَ الصَّيْدِ كُلِّهِ.
1022 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَيَصِيدُ الصَّيْدَ فَيَأْكُلُهُ، أَمْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ؟ فَقَالَ : بَلْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُرَخِّصْ لِلْمُحْرِمِ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ، وَلاَ فِي أَخْذِهِ عَلَى حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ، وَقَدْ أَرْخَصَ فِي الْمَيْتَةِ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ.
1023 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا مَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ أَوْ ذَبَحَ مِنَ الصَّيْدِ فَلاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ لِحَلاَلٍ وَلاَ لِمُحْرِمٍ، لأَنَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ كَانَ خَطَأً أَوْ عَمْداً، فَأَكْلُهُ لاَ يَحِلُّ، وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ.
1024 -
وَالَّذِي يَقْتُلُ الصَّيْدَ، ثُمَّ يَأْكُلُهُ إِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، مِثْلُ مَنْ قَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْه(625).
26 -
باب أَمْرِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ
1025 -
قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شَىْءٍ صِيدَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ أُرْسِلَ عَلَيْهِ كَلْبٌ فِي الْحَرَمِ فَقُتِلَ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ، فَأَمَّا الَّذِي يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَيَطْلُبُهُ، حَتَّى يَصِيدَهُ فِي الْحَرَمِ, فَإِنَّهُ لاَ يُؤْكَلُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ جَزَاءٌ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْحَرَمِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ قَرِيباً مِنَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.
27 -
باب الْحَكَمِ فِي الصَّيْدِ 1026 - قَالَ مَالِكٌ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) [المائدة : 95](626).
قَالَ مَالِكٌ : فَالَّذِي يَصِيدُ الصَّيْدَ وَهُوَ حَلاَلٌ، ثُمَّ يَقْتُلُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَبْتَاعُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، ثُمَّ يَقْتُلُهُ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ حُكِمَ عَلَيْهِ.
1027 -
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَقْتُلُ الصَّيْدَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ : أَنْ يُقَوَّمَ الصَّيْدُ الَّذِي أَصَابَ، فَيُنْظَرَ كَمْ ثَمَنُهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَيُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أَوْ يَصُومَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْماً، وَيُنْظَرَ كَمْ عِدَّةُ الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ مِسْكِيناً، صَامَ عِشْرِينَ يَوْماً، عَدَدَهُمْ مَا كَانُوا، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِيناً.
1028 -
قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَى مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلاَلٌ، بِمِثْلِ مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي يَقْتُلُ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
28 -
باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ
1029 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ : الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ »(627).
1030 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ : الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ »(628).
1031 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ : الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ »(629).
1032 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ.
1033 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي أُمِرَ بِقَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ : إِنَّ كُلَّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ، مِثْلُ الأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ، وَالذِّئْبِ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لاَ يَعْدُو، مِثْلُ الضَّبُعِ، وَالثَّعْلَبِ، وَالْهِرِّ، وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنَ السِّبَاعِ، َلاَ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَاهُ.
1034 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا مَا ضَرَّ مِنَ الطَّيْرِ، فَإِنَّ الْمُحْرِمَ لاَ يَقْتُلُهُ، إِلاَّ مَا سَمَّى النَّبِىُّ (ﷺ) : الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، َإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنَ الطَّيْرِ سِوَاهُمَا فَدَاهُ.
29 -
باب مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ
1035 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ : أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَرِّدُ بَعِيراً لَهُ، فِي طِينٍ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ(630).
قَالَ مَالِكٌ : وَأَنَا أَكْرَهُهُ.
1036 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ تُسْأَلُ عَنِ الْمُحْرِمِ، أَيَحُكُّ جَسَدَهُ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ فَلْيَحْكُكْهُ وَلْيَشْدُدْ، وَلَوْ رُبِطَتْ يَدَايَ وَلَمْ أَجِدْ إِلاَّ رِجْلَيَّ لَحَكَكْتُ.
1037 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ لِشَكْوٍ كَانَ بِعَيْنَيْهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ(631).
1038 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْمُحْرِمُ حَلَمَةً، أَوْ قُرَاداً عَنْ بَعِيرِهِ(632).
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
1039 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ : أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ ظُفْرٍ لَهُ انْكَسَرَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ : سَعِيدٌ اقْطَعْهُ.
1040 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَكِي أُذُنَهُ أَيَقْطُرُ فِي أُذُنِهِ مِنَ الْبَانِ الَّذِي لَمْ يُطَيَّبْ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ : لاَ أَرَى بِذَلِكَ بَأْساً، وَلَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْساً(633).
1041 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبُطَّ الْمُحْرِمُ خُرَاجَهُ، وَيَفْقَأَ دُمَّلَهُ، وَيَقْطَعَ عِرْقَهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ(634).
30 -
باب الْحَجِّ عَمَّنْ يُحَجُّ عَنْهُ
1042 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أبِي شَيْخاً كَبِيراً، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ(635).
31 -
باب مَا جَاءَ فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ
1043 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ قَالَ : مَنْ حُبِسَ بِعَدُوٍّ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ حَيْثُ حُبِسَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ.
1044 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) حَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَنَحَرُوا الْهَدْيَ، وَحَلَقُوا رُؤُوسَهُمْ، وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَدْيُ، ثُمَّ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلاَ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَقْضُوا شَيْئاً وَلاَ يَعُودُوا لِشَيْءٍ(636).
1045 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتِمَراً فِي الْفِتْنَةِ : إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ، صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ إنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ، فَطَافَ طَوَافاً وَاحِداً، وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِياً عَنْهُ وَأَهْدَى(637).
1046 -
قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ، كَمَا أُحْصِرَ النَّبِيُّ (ﷺ) وَأَصْحَابُهُ، فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ.
32 -
باب مَا جَاءَ فِيمَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ
1047 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ قَالَ : الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا اضْطُرَّ إِلَى لُبْسِ شَيْءٍ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهَا، أَوِ الدَّوَاءِ، صَنَعَ ذَلِكَ وَافْتَدَى.
1048 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : الْمُحْرِمُ لاَ يُحِلُّهُ إِلاَّ الْبَيْتُ.
1049 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ قَدِيماً، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ كُسِرَتْ فَخِذِي، فَأَرْسَلْتُ إِلَى مَكَّةَ، وَبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالنَّاسُ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لِي أَحَدٌ أَنْ أَحِلَّ، َأَقَمْتُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، حَتَّى أَحْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ.
1050 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
1051 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِىَّ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَسَأَلَ مَنْ يَلِي عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، فَذَكَرَ لَهُمُ الَّذِي عَرَضَ لَهُ، فَكُلُّهُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيَفْتَدِيَ، فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ وَيُهْدِي مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ.
1052 -
قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ وَهَبَّارَ بْنَ الأَسْوَدِ، حِينَ فَاتَهُمَا الْحَجُّ، وَأَتَيَا يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَحِلاَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعَا حَلاَلاً، ثُمَّ يَحُجَّانِ عَاماً قَابِلاً وَيُهْدِيَانِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
1053 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَنْ حُبِسَ عَنِ الْحَجِّ بَعْدَ مَا يُحْرِمُ، إِمَّا بِمَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ بِخَطَإٍ مِنَ الْعَدَدِ، أَوْ خَفِي عَلَيْهِ الْهِلاَلُ، فَهُوَ مُحْصَرٌ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْصَرِ.
1054 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ أَهَلَّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَصَابَهُ كَسْرٌ، أَوْ بَطْنٌ مُنْخَرِقٌ(638) أَوِ امْرَأَةٌ تَطْلُقُ ؟ قَالَ : مَنْ أَصَابَهُ هَذَا مِنْهُمْ فَهُوَ مُحْصَرٌ، يَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَى أَهْلِ الآفَاقِ إِذَا هُمْ أُحْصِرُوا.
1055 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَدِمَ مُعْتَمِراً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، حَتَّى إِذَا قَضَى عُمْرَتَهُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ كُسِرَ، أَوْ أَصَابَهُ أَمْرٌ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَ النَّاسِ الْمَوْقِفَ. قَالَ مَالِكٌ : أَرَى أَنْ يُقِيمَ حَتَّى إِذَا بَرَأَ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّ، ثُمَّ عَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ.
1056 -
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ مَرِضَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَحْضُرَ مَعَ النَّاسِ الْمَوْقِفَ. قَالَ مَالِكٌ : إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ فَدَخَلَ بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لأَنَّ الطَّوَافَ الأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ نَوَاهُ لِلْعُمْرَةِ، فَلِذَلِكَ يَعْمَلُ بِهَذَا وَعَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ. فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَصَابَهُ مَرَضٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافاً آخَرَ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لأَنَّ طَوَافَهُ الأَوَّلَ، وَسَعْيَهُ إِنَّمَا كَانَ نَوَاهُ لِلْحَجِّ، وَعَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ.
33 -
باب مَا جَاءَ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ
1057 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قَالَ : « أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ». قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ ». قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ(639).
1058 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : مَا أُبَالِي أَصَلَّيْتُ فِي الْحِجْرِ أَمْ فِي الْبَيْتِ.
1059 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ بَعْضَ عُلَمَائِنَا يَقُولُ : مَا حُجِرَ الْحِجْرُ، فَطَافَ النَّاسُ مِنْ وَرَائِهِ، إِلاَّ إِرَادَةَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّاسُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كُلِّهِ.
34 -
باب الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ
1060 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ(641).
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
1061 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ، ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ.
1062 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْعَى الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَا *** وَأَنْتَ تُحْيِى بَعْدَ مَا أَمَتَّا
يَخْفِضُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ.
1063 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ : ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَسْعَى حَوْلَ الْبَيْتِ الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ(642).
1064 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى، وَكَانَ لاَ يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ.
35 -
باب الاِسْتِلاَمِ فِي الطَّوَافِ.
1065 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ، وَرَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ(643).
1066 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : « كَيْفَ صَنَعْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلاَمِ الرُّكْنِ ؟ » فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَصَبْتَ »(644).
1067 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ كُلَّهَا، وَكَانَ لاَ يَدَعُ الْيَمَانِيَ، إِلاَّ أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ.
36 -
باب تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الأَسْوَدِ فِي الاِسْتِلاَمِ
1068 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لِلرُّكْنِ الأَسْوَدِ : إِنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ، وَلَوْلاَ إنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ(645).
1069 -
قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ إِذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَدَهُ عَنِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي، أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ.
37 -
باب رَكْعَتَا الطَّوَافِ
1070 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَجْمَعُ بَيْنَ السُّبْعَيْنِ لاَ يُصَلِّي بَيْنَهُمَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ كُلِّ سُبْعٍ رَكْعَتَيْنِ: فَرُبَّمَا صَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ(646).
1071 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الطَّوَافِ، إِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ, فَيَقْرُنَ بَيْنَ الأُسْبُوعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يَرْكَعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ رُكُوعِ تِلْكَ السُّبُوعِ ؟ قَالَ: لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يُتْبِعَ كُلَّ سُبْعٍ رَكْعَتَيْنِ(647).
1072 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي الطَّوَافِ فَيَسْهُو، حَتَّى يَطُوفَ ثَمَانِيَةَ أَوْ تِسْعَةَ أَطْوَافٍ. قَالَ : يَقْطَعُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلاَ يَعْتَدُّ بِالَّذِي كَانَ زَادَ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى التِّسْعَةِ، حَتَّى يُصَلِّيَ سُبْعَيْنِ جَمِيعاً، لأَنَّ السُّنَّةَ فِي الطَّوَافِ : أَنْ يُتْبِعَ كُلَّ سُبْعٍ رَكْعَتَيْنِ.
1073 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ شَكَّ فِي طَوَافِهِ بَعْدَ مَا يَرْكَعُ رَكْعَتَي الطَّوَافِ، فَلْيَعُدْ فَلْيُتَمِّمْ طَوَافَهُ عَلَى الْيَقِينِ، ثُمَّ لِيُعِدِ الرَّكْعَتَيْنِ، لأَنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِطَوَافٍ إِلاَّ بَعْدَ إِكْمَالِ السُّبْعِ.
1074 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ بِنَقْضِ وُضُوئِهِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، أَوْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَوْ بَيْنَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ وَقَدْ طَافَ بَعْضَ الطَّوَافِ أَوْ كُلَّهُ، وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَي الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ.
1075 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْطَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ مِنِ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ، وَلاَ يَدْخُلُ السَّعْيَ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ بِوُضُوءٍ.
38 -
باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي الطَّوَافِ
1076 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ نَظَرَ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ، فَرَكِبَ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوًي، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ(648).
1077 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَطُوفُ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَدْخُلُ حُجْرَتَهُ فَلاَ أَدْرِي مَا يَصْنَعُ.
1078 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَيْتَ يَخْلُو بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ.
1079 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْضَ أُسْبُوعِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ، أَوْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ حَتَّى يُكْمِلَ سُبْعاً، ثُمَّ لاَ يُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبَ. قَالَ : وَإِنْ أَخَّرَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
1080 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الرَّجُلُ طَوَافاً وَاحِداً بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ، لاَ يَزِيدُ عَلَى سُبْعٍ وَاحِدٍ، وَيُؤَخِّرُ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، كَمَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَيُؤَخِّرُهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلاَّهُمَا إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
39 -
باب وَدَاعِ الْبَيْتِ
1081 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ يَصْدُرَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَإِنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ(649).
1082 -
قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : فَإِنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ : إِنَّ ذَلِكَ فِيمَا نُرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) [الحج : 32] وَقَالَ : (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج : 33] فَمَحِلُّ الشَّعَائِرِ كُلِّهَا وَانْقِضَاؤُهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ(650).
1083 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَدَّ رَجُلاً مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ، لَمْ يَكُنْ وَدَّعَ الْبَيْتَ، حَتَّى وَدَّعَ(651).
1084 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَفَاضَ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَبَسَهُ شَيْءٌ، فَهُوَ حَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَإِنْ حَبَسَهُ شَيْءٌ، أَوْ عَرَضَ لَهُ، فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ.
1085 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً جَهِلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ, حَتَّى صَدَرَ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَرِيباً فَيَرْجِعَ فَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ إِذَا كَانَ قَدْ أَفَاضَ(652).
40 -
باب جَامِعِ الطَّوَافِ
1086 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) إنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ : « طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ ». قَالَتْ : فَطُفْتُ رَاكِبَةً بَعِيرِي، وَرَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ(653).
1087 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ : أَنَّ أَبَا مَاعِزٍ الأَسْلَمِيَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْتَفْتِيهِ فَقَالَتْ : إنِّي أَقْبَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ هَرَقْتُ الدِّمَاءَ، فَرَجَعْتُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ عَنِّي، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ هَرَقْتُ الدِّمَاءَ، فَرَجَعْتُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ عَنِّي، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ هَرَقْتُ الدِّمَاءَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : إِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ, فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ اسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، ثُمَّ طُوفِي(654).
1088 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ مُرَاهِقاً، خَرَجَ إِلَى عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ(655).
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ وَاسِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
1089 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَقِفُ الرَّجُلُ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ يَتَحَدَّثُ مَعَ الرَّجُلِ ؟ فَقَالَ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ لَهُ.
1090 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ.
41 -
باب الْبَدْءِ بِالصَّفَا فِي السَّعْي
1091 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ : « نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ». فَبَدَأَ بِالصَّفَا(656).
1092 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلاَثاً وَيَقُولُ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ». يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَدْعُو، وَيَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ(657).
1093 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر : 60] وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلإِسْلاَمِ أَنْ لاَ تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ.
42 -
باب جَامِعِ السَّعْي
1094 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ : أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) [البقرة : 158] فَمَا عَلَى الرَّجُلِ شَيْءٌ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ : كَلاَّ، لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (658).
1095 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَاشِيَةً، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً، فَجَاءَتْ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْعِشَاءِ، فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا حَتَّى نُودِيَ بِالأُولَى مِنَ الصُّبْحِ، فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَكَانَ عُرْوَةُ إِذَا رَآهُمْ يَطُوفُونَ عَلَى الدَّوَابِّ يَنْهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْىِ، فَيَعْتَلُّونَ بِالْمَرَضِ حَيَاءً مِنْهُ، فَيَقُولُ لَنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ : لَقَدْ خَابَ هَؤُلاَءِ وَخَسِرُوا(659).
1096 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي عُمْرَةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَسْتَبْعِدَ مِنْ مَكَّةَ، أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَسْعَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَلْيَرْجِعْ فَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَالْهَدْيُ.
1097 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَلْقَاهُ الرَّجُلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَيَقِفُ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ ؟ فَقَالَ : لاَ أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ.
1098 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ نَسِيَ مِنْ طَوَافِهِ شَيْئاً، أَوْ شَكَّ فِيهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ إِلاَّ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ سَعْيَهُ، ثُمَّ يُتِمُّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَي الطَّوَافِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ سَعْيَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
1099 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ(660).
1100 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ جَهِلَ فَبَدَأَ بِالسَّعْي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. قَالَ : لِيَرْجِعْ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ وَيَسْتَبْعِدَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ، رَجَعَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَالْهَدْيُ.
43 -
باب صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ
1101 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ : أَنَّ نَاساً تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بعرفة، فَشَرِبَ(661).
1102 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ الْقَاسِمُ : وَلَقَدْ رَأَيْتُهَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَدْفَعُ الإِمَامُ، ثُمَّ تَقِفُ حَتَّى يَبْيَضَّ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَدْعُو بِشَرَابٍ فَتُفْطِرُ.
44 -
باب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى
1103 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى(662).
1104 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ أَيَّامَ مِنًى يَطُوفُ يَقُولُ : إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ(663).
1105 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ، يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى(664).
1106 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أُخْتِ عَقِيلِ بْنِ أبِي طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ، قَالَ : فَدَعَانِي، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ إنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ صِيَامِهِنَّ وَأَمَرَنَا بِفِطْرِهِنَّ.
قَالَ مَالِكٌ : هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ(665).
45 -
باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْهَدْىِ
1107 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَهْدَى جَمَلاً كَانَ لأبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ(666).
1108 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ : « ارْكَبْهَا ». فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ : « ارْكَبْهَا وَيْلَكَ ». فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ(667).
1109 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ : أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُهْدِي فِي الْحَجِّ بَدَنَتَيْنِ بَدَنَتَيْنِ، وَفِي الْعُمْرَةِ بَدَنَةً بَدَنَةً. قَالَ : وَرَأَيْتُهُ فِي الْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بَدَنَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ، فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ. قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ، حَتَّى خَرَجَتِ الْحَرْبَةُ مِنْ تَحْتِ كَتِفِهَا(668).
1110 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَهْدَى جَمَلاً فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
1111 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِىَّ أَهْدَى بَدَنَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا بُخْتِيَّةٌ(669).
1112 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا نُتِجَتِ النَّاقَةُ، فَلْيُحْمَلْ وَلَدُهَا حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْمَلٌ، حُمِلَ عَلَى أُمِّهِ حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا(670).
1113 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ : إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى بَدَنَتِكَ فَارْكَبْهَا رُكُوباً غَيْرَ فَادِحٍ، وَإِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى لَبَنِهَا فَاشْرَبْ بَعْدَ مَا يَرْوَى فَصِيلُهَا، فَإِذَا نَحَرْتَهَا فَانْحَرْ فَصِيلَهَا مَعَهَا(671).
46 -
باب الْعَمَلِ فِي الْهَدْي حِينَ يُسَاقُ
1114 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَهْدَى هَدْياً مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ، وَذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُوَجَّهٌ لِلْقِبْلَةِ، يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ، وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ، حَتَّى يُوقَفَ بِهِ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِ مَعَهُمْ إِذَا دَفَعُوا، فَإِذَا قَدِمَ مِنًى غَدَاةَ النَّحْرِ نَحَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، وَكَانَ هُوَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ يَصُفُّهُنَّ قِيَاماً، وَيُوَجِّهُهُنَّ إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ(672).
1115 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا طَعَنَ فِي سَنَامِ هَدْيِهِ، وَهُوَ يُشْعِرُهُ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
1116 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : الْهَدْيُ مَا قُلِّدَ وَأُشْعِرَ وَوُقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ.
1117 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْقُبَاطِيَّ وَالأَنْمَاطَ وَالْحُلَلَ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَيَكْسُوهَا إِيَّاهَا(673).
1118 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ : مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ بِجِلاَلِ بُدْنِهِ حِينَ كُسِيَتِ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكِسْوَةَ ؟ فَقَالَ: كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا.
1119 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ، الثَّنِىُّ فَمَا فَوْقَهُ(674).
1120 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَشُقُّ جِلاَلَ بُدْنِهِ، وَلاَ يُجَلِّلُهَا حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ.
1121 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ : يَا بَنِىَّ لاَ يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ للهِ(675) مِنَ الْبُدْنِ شَيْئاً، يَسْتَحْيِي أَنْ يُهْدِيَهُ لِكَرِيمِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ، وَأَحَقُّ مَنِ اخْتِيرَ لَهُ.
47 -
باب الْعَمَلِ فِي الْهَدْىِ إِذَا عَطِبَ أَوْ ضَلَّ
1122 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ صَاحِبَ هَدْي رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْي ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ مِنَ الْهَدْي فَانْحَرْهَا، ثُمَّ أَلْقِ قِلاَدَتَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا »(676).
1123 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ سَاقَ بَدَنَةً تَطَوُّعاً فَعَطِبَتْ فَنَحَرَهَا، ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا أَوْ أَمَرَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا غَرِمَهَا(677).
1124 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
1125 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً، جَزَاءً أَوْ نَذْراً، أَوْ هَدْيَ تَمَتُّعٍ، فَأُصِيبَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ.
1126 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً، ثُمَّ ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ نَذْراً أَبْدَلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعاً, فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا.
1127 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لاَ يَأْكُلُ صَاحِبُ الْهَدْي مِنَ الْجَزَاءِ وَالنُّسُكِ.
48 -
باب هَدْي الْمُحْرِمِ إِذَا أَصَابَ أَهْلَهُ
1128 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَج ؟ِّ فَقَالُوا : يَنْفُذَانِ، يَمْضِيَانِ، لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ. قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ : وَإِذَا أَهَلاَّ بِالْحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا(678).
1129 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : مَا تَرَوْنَ فِي رَجُلٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ؟ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْقَوْمُ شَيْئاً: فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ, فَبَعَثَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَى عَامٍ قَابِلٍ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : لِيَنْفُذَا لِوَجْهِهِمَا فَلْيُتِمَّا حَجَّهُمَا الَّذِي أَفْسَدَاهُ، فَإِذَا فَرَغَا رَجَعَا، فَإِنْ أَدْرَكَهُمَا حَجٌّ قَابِلٌ فَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ وَالْهَدْيُ، وَيُهِلاَّنِ مِنْ حَيْثُ أَهَلاَّ بِحَجِّهِمَا الَّذِي أَفْسَدَاهُ. وَيَتَفَرَّقَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا(679). قَالَ مَالِكٌ : يُهْدِيَانِ جَمِيعاً بَدَنَةً بَدَنَةً.
1130 -
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي الْحَجِّ، مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ عَرَفَةَ وَيَرْمِىَ الْجَمْرَةَ، إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَحَجُّ قَابِلٍ، قَالَ : فَإِنْ كَانَتْ إِصَابَتُهُ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْي الْجَمْرَةِ, فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيُهْدِيَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ.
1131 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالَّذِي يُفْسِدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ، حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْهَدْيُ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءٌ دَافِقٌ(680).
1132 –
قَالَ : وَيُوجِبُ ذَلِكَ أَيْضاً الْمَاءُ الدَّافِقُ، إِذَا كَانَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ، فَأَمَّا رَجُلٌ ذَكَرَ شَيْئاً حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ دَافِقٌ، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ شَيْئاً.
1133 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ مَاءٌ دَافِقٌ, لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي الْقُبْلَةِ إِلاَّ الْهَدْيُ.
1134 -
قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُصِيبُهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِرَاراً، فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، وَهِيَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُطَاوِعَةٌ، إِلاَّ الْهَدْيُ وَحَجُّ قَابِلٍ إِنْ أَصَابَهَا فِي الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فِي الْعُمْرَةِ، فَإِنَّمَا عَلَيْهَا قَضَاءُ الْعُمْرَةِ الَّتِى أَفْسَدَتْ وَالْهَدْيُ.
49 -
باب هَدْي مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ
1135 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ : أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ خَرَجَ حَاجًّا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ، وَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ : اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ، فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلاً فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي(681).
1136 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ، كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ. فَقَالَ : عُمَرُ اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ، فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، وَانْحَرُوا هَدْياً إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا وَارْجِعُوا, فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ.
1137 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلاً، وَيَقْرِنُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَيُهْدِي هَدْيَيْنِ، هَدْياً لِقِرَانِهِ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، وَهَدْياً لِمَا فَاتَهُ مِنَ الْحَجِّ(682).
50 -
باب مَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ
1138 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً(683).
1139 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لاَ أَظُنُّهُ إِلاَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي.
1140 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
1141 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ الإِفَاضَةَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَرَجَعَ إِلَى بِلاَدِه ؟ فَقَالَ : أَرَى إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَلْيَرْجِعْ فَلْيُفِضْ، وَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ فَلْيَرْجِعْ فَلْيُفِضْ، ثُمَّ لِيَعْتَمِرْ وَلْيُهْدِ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَدْيَهُ مِنْ مَكَّةَ وَيَنْحَرَهُ بِهَا، وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَهُ مِنْ حَيْثُ اعْتَمَرَ، فَلْيَشْتَرِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ لِيُخْرِجْهُ إِلَى الْحِلِّ فَلْيَسُقْهُ مِنْهُ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَنْحَرُهُ بِهَا.
51 -
باب مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي
1142 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ : مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي شَاةٌ.
1143 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي شَاةٌ.
1144 -
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً ) [المائدة : 95] فَمِمَّا يُحْكَمُ بِهِ فِي الْهَدْي شَاةٌ، وَقَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ هَدْياً، وَذَلِكَ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَكَيْفَ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ وَكُلُّ شَيْءٍ لاَ يَبْلُغُ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِبَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِ شَاةٌ، وَمَا لاَ يَبْلُغُ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِشَاةٍ فَهُوَ كَفَّارَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إِطْعَامِ مَسَاكِينَ(684).
1145 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، َنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ.
1146 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أَنَّ مَوْلاَةً لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُقَالُ لَهَا رُقَيَّةُ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى مَكَّةَ، قَالَتْ : فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَأَنَا مَعَهَا، فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ دَخَلَتْ صُفَّةَ الْمَسْجِدِ فَقَالَتْ : أَمَعَكِ مِقَصَّانِ ؟ فَقُلْتُ : لاَ. فَقَالَتْ فَالْتَمِسِيهِ لِي، فَالْتَمَسْتُهُ حَتَّى جِئْتُ بِهِ، فَأَخَذَتْ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ذَبَحَتْ شَاةً(685).
52 -
باب جَامِعِ الْهَدْي
1147 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ الْمَكِّيِّ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ ضَفَرَ رَأْسَهُ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي قَدِمْتُ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَوْ كُنْتُ مَعَكَ أَوْ سَأَلْتَنِي لأَمَرْتُكَ أَنْ تَقْرِنَ. فَقَالَ الْيَمَانِيُّ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ خُذْ مَا تَطَايَرَ مِنْ رَأْسِكَ وَأَهْدِ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ : مَا هَدْيُهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ : هَدْيُهُ. فَقَالَتْ لَهُ : مَا هَدْيُهُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلاَّ أَنْ أَذْبَحَ شَاةً، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ(686).
1148 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ إِذَا حَلَّتْ لَمْ تَمْتَشِطْ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا هَدْيٌ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهَا شَيْئاً حَتَّى تَنْحَرَ هَدْيَهَا.
1149 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : لاَ يَشْتَرِكُ الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ فِي بَدَنَةٍ وَاحِدَةٍ، لِيُهْدِ كُلُّ وَاحِدٍ بَدَنَةً بَدَنَةً.
1150 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ بُعِثَ مَعَهُ بِهَدْيٍ يَنْحَرُهُ فِي حَجٍّ وَهُوَ مُهِلٌّ بِعُمْرَةٍ, هَلْ يَنْحَرُهُ إِذَا حَلَّ، أَمْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ وَيُحِلُّ هُوَ مِنْ عُمْرَتِهِ ؟ فَقَالَ : بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ وَيُحِلُّ هُوَ مِنْ عُمْرَتِهِ.
1151 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْهَدْي فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَدْيَهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِمَكَّةَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ( هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) [ المائدة : 95] وَأَمَّا مَا عُدِلَ بِهِ الْهَدْيُ مِنَ الصِّيَامِ أَوِ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مَكَّةَ، حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَعَلَهُ.
1152 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أبِي أَسْمَاءَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَخَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَمَرُّوا عَلَى حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ مَرِيضٌ بِالسُّقْيَا، فَأَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَتَّى إِذَا خَافَ الْفَوَاتَ خَرَجَ، وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَهُمَا بِالْمَدِينَةِ، فَقَدِمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ حُسَيْناً أَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ، فَأَمَرَ عَلِيٌّ بِرَأْسِهِ فَحُلِّقَ، ثُمَّ نَسَكَ عَنْهُ بِالسُّقْيَا، فَنَحَرَ عَنْهُ بَعِيراً(687).
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : وَكَانَ حُسَيْنٌ خَرَجَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ إِلَى مَكَّةَ.
53 -
باب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ
1153 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ »(688).
1154 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : اعْلَمُوا أَنَّ عَرَفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ إِلاَّ بَطْنَ عُرَنَةَ، وَأَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ إِلاَّ بَطْنَ مُحَسِّرٍ.
1155 -
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) [البقرة : 197] قَالَ : فَالرَّفَثُ إِصَابَةُ النِّسَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) [ البقرة : 187] قَالَ : وَالْفُسُوقُ الذَّبْحُ لِلأَنْصَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) [ الأنعام : 145] . قَال :َ وَالْجِدَالُ فِي الْحَجِّ، أَنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ تَقِفُ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِقُزَحَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ وَغَيْرُهُمْ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، فَكَانُوا يَتَجَادَلُونَ، يَقُولُ هَؤُلاَءِ : نَحْنُ أَصْوَبُ، وَيَقُولُ هَؤُلاَءِ : نَحْنُ أَصْوَبُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ) [الحج : 67] فَهَذَا الْجِدَالُ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ(689).
54 -
باب وُقُوفِ الرَّجُلِ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ وَوُقُوفِهِ عَلَى دَابَّتِهِ
1156 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَقِفُ الرَّجُلُ بِعَرَفَةَ، أَوْ بِالْمُزْدَلِفَةِ، أَوْ يَرْمِى الْجِمَارَ، أَوْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ ؟ فَقَالَ : كُلُّ أَمْرٍ تَصْنَعُهُ الْحَائِضُ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ، فَالرَّجُلُ يَصْنَعُهُ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ، وَالْفَضْلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ طَاهِراً، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ.
1157 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِلرَّاكِبِ أَيَنْزِلُ، أَمْ يَقِفُ رَاكِباً ؟ فَقَالَ : بَلْ يَقِفُ رَاكِباً، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ، فَاللَّهُ أَعْذَرُ بِالْعُذْرِ.
55 -
باب وُقُوفِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِعَرَفَةَ
1158 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : مَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ(690).
1159 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، َقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ.
1160 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ فِي الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ : فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجْزِي عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الإِسْلاَمِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُحْرِمْ، فَيُحْرِمُ بَعْدَ أَنْ يُعْتَقَ، ثُمَّ يَقِفُ بِعَرَفَةَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ حَجَّةُ الإِسْلاَمِ يَقْضِيهَا.
56 -
باب تَقْدِيمِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
1161 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ أَبَاهُمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى، وَيَرْمُوا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ(691).
1162 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ: أَنَّ مَوْلاَةً لأَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ : جِئْنَا مَعَ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أبِي بَكْرٍ مِنًى بِغَلَسٍ، قَالَتْ : فَقُلْتُ لَهَا لَقَدْ جِئْنَا مِنًى بِغَلَسٍ، فَقَالَتْ : قَدْ كُنَّا نَصْنَعُ ذَلِكَ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكِ(692).
1163 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ يُقَدِّمُ نِسَاءَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى.
1164 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ رَمْيَ الْجَمْرَةِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَمَنْ رَمَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ النَّحْرُ.
1165 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَتْهُ : أَنَّهَا كَانَتْ تَرَى أَسْمَاءَ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ، تَأْمُرُ الَّذِي يُصَلِّي لَهَا وَلأَصْحَابِهَا الصُّبْحَ يُصَلِّي لَهُمُ الصُّبْحَ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، ثُمَّ تَرْكَبُ فَتَسِيرُ إِلَى مِنًى وَلاَ تَقِفُ.
57 -
باب السَّيْرِ فِي الدَّفْعَةِ.
1166 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - وَأَنَا جَالِسٌ مَعَهُ - كَيْفَ كَانَ يَسِيرُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حِينَ دَفَعَ ؟ قَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ(693).
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ هِشَامٌ : وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ.
1167 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَرِّكُ رَاحِلَتَهُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ.
58 -
باب مَا جَاءَ فِي النَّحْرِ فِي الْحَجِّ
1168 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ بِمِنًى: « هَذَا الْمَنْحَرُ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ ». وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ : « هَذَا الْمَنْحَرُ » يَعْنِى الْمَرْوَةَ « وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ »(694).
1169 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ وَلاَ نُرَى إِلاَّ أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ. قَالَتْ عَائِشَةُ : فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ أَزْوَاجِهِ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ : أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ(695).
1170 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ ؟ فَقَالَ : « إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي, فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ »(696).
59 -
باب الْعَمَلِ فِي النَّحْرِ
1171 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بيَدِهِ، وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ(697).
1172 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : مَنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَإِنَّهُ يُقَلِّدُهَا نَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهَا، ثُمَّ يَنْحَرُهَا عِنْدَ الْبَيْتِ أَوْ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، لَيْسَ لَهَا مَحِلٌّ دُونَ ذَلِكَ، وَمَنْ نَذَرَ جَزُوراً مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ, فَلْيَنْحَرْهَا حَيْثُ شَاءَ(698).
1173 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَنْحَرُ بُدْنَهُ قِيَاماً.
1174 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَنْحَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا الْعَمَلُ كُلُّهُ يَوْمَ النَّحْرِ، الذَّبْحُ، وَلُبْسُ الثِّيَابِ، وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ، وَالْحِلاَقُ، لاَ يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُفْعَلُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ(699).
60 -
باب الْحِلاَقِ
1175 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ ». قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ ». قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « وَالْمُقَصِّرِينَ »(700).
1176 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ لَيْلاً وَهُوَ مُعْتَمِرٌ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيُؤَخِّرُ الْحِلاَقَ حَتَّى يُصْبِحَ. قَالَ : وَلَكِنَّهُ لاَ يَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ فَيَطُوفُ بِهِ حَتَّى يَحْلِقَ رَأْسَهُ. قَالَ : وَرُبَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ فِيهِ، وَلاَ يَقْرَبُ الْبَيْتَ(701).
1177 -
قَالَ مَالِكٌ : التَّفَثُ : حِلاَقُ الشَّعَرِ، وَلُبْسُ الثِّيَابِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ.
1178 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ الْحِلاَقَ بِمِنًى فِي الْحَجِّ، هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يَحْلِقَ بِمَكَّةَ ؟ قَالَ: ذَلِكَ وَاسِعٌ، وَالْحِلاَقُ بِمِنًى أَحَبُّ إِلَيَّ(702).
1179 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا : أَنَّ أَحَداً لاَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلاَ يَأْخُذُ مِنْ شَعَرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْياً إِنْ كَانَ مَعَهُ، وَلاَ يَحِلُّ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : ( وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ ) [البقرة : 196](703).
61 -
باب التَّقْصِيرِ
1180 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ رَأْسِهِ وَلاَ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئاً، حَتَّى يَحُجَّ.
قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ.
1181 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ.
1182 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَال :َ إنِّي أَفَضْتُ وَأَفَضْتُ مَعِي بِأَهْلِي، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى شِعْبٍ، فَذَهَبْتُ لأَدْنُوَ مِنْ أَهْلِي فَقَالَتْ : إنِّي لَمْ أُقَصِّرْ مِنْ شَعَرِي بَعْدُ، فَأَخَذْتُ مِنْ شَعَرِهَا بِأَسْنَانِى، ثُمَّ وَقَعْتُ بِهَا، فَضَحِكَ الْقَاسِمُ وَقَالَ : مُرْهَا فَلْتَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهَا بِالْجَلَمَيْنِ(704).
1183 -
قَالَ مَالِكٌ : أَسْتَحِبُّ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُهْرِقَ دَماً، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئاً فَلْيُهْرِقْ دَماً.
1184 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ الْمُجَبَّرُ، قَدْ أَفَاضَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ، جَهِلَ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضَ.
1185 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ دَعَا بِالْجَلَمَيْنِ فَقَصَّ شَارِبَهُ وَأَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ، قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَقَبْلَ أَنْ يُهِلَّ مُحْرِماً.
62 -
باب التَّلْبِيدِ
1186 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَال :َ مَنْ ضَفَرَ رَأْسَهُ فَلْيَحْلِقْ، وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ(705).
1187 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ عَقَصَ رَأْسَهُ، أَوْ ضَفَرَ، أَوْ لَبَّدَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحِلاَقُ(706).
63 -
باب الصَّلاَةِ فِي الْبَيْتِ وَقَصْرِ الصَّلاَةِ وَتَعْجِيلِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ
1188 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) دَخَلَ الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِىُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ، مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ؟ فَقَالَ : جَعَلَ عَمُوداً عَنْ يَمِينِهِ، وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى(707).
1189 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ : كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ : أَنْ لاَ تُخَالِفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ. قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَأَنَا مَعَهُ، فَصَاحَ بِهِ عِنْدَ سُرَادِقِه :ِ أَيْنَ هَذَا ؟ فَخَرَجَ إلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ؟ِ فَقَالَ : الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ. فَقَال :َ أَهَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَىَّ مَاءً، ثُمَّ أَخْرُجَ. فَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أبِي، فَقُلْتُ لَهُ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ الْيَوْمَ، فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَّلاَةَ، قَالَ : فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْمَا يَسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : صَدَقَ سَالِمٌ(708).
64 -
باب الصَّلاَةِ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوَيَةِ وَالْجُمُعَةِ بِمَنًى وَعَرَفَةَ
1190 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى، ثُمَّ يَغْدُو إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ.
1191 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا :أَنَّ الإِمَامَ لاَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءةِ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَنَّ الصَّلاَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ، وَإِنْ وَافَقَتِ الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ، وَلَكِنَّهَا قُصِرَتْ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ.
1192 -
قَالَ مَالِكٌ فِي إِمَامِ الْحَاجِّ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ، أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ، أَوْ بَعْضَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : إِنَّهُ لاَ يُجَمِّعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ(709).
65 -
باب صَلاَةِ الْمُزْدَلِفَةِ
1193 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعاً(710).
1194 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ، نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ، فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ : الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ : « الصَّلاَةُ أَمَامَكَ ». فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلاَّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئاً(711).
1195 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَاري : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخَطْمِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ : أَخْبَرَهُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعاً(712).
1196 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعاً.
66 -
باب صَلاَةِ مِنًى
1197 -
قَالَ مَالِكٌ فِي أَهْلِ مَكَّةَ : إِنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِمِنًى إِذَا حَجُّوا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى يَنْصَرِفُوا إِلَى مَكَّةَ.
1198 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) صَلَّى الصَّلاَةَ الرُّبَاعِيَّةَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلاَّهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلاَّهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ صَلاَّهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ شَطْرَ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدُ(713).
1199 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، ثُمَّ صَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَكْعَتَيْنِ بِمِنًى، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ شَيْئاً(714).
1200 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى لِلنَّاسِ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ, فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، ثُمَّ صَلَّى عُمَرُ رَكْعَتَيْنِ بِمِنًى، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ شَيْئاً.
1201 -
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَيْفَ صَلاَتُهُمْ بِعَرَفَةَ، أَرَكْعَتَانِ أَمْ أَرْبَعٌ, وَكَيْفَ بِأَمِيرِ الْحَاجِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، أَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَكَيْفَ صَلاَةُ أَهْلِ مَكَّةَ بمِنَى فِي إِقَامَتِهِمْ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : يُصَلِّي أَهْلُ مَكَّةَ بِعَرَفَةَ وَمِنًى مَا أَقَامُوا بِهِمَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ يَقْصُرُونَ الصَّلاَةَ، حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مَكَّةَ. قَالَ : وَأَمِيرُ الْحَاجِّ أَيْضاً إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَصَرَ الصَّلاَةَ بِعَرَفَةَ وَأَيَّامَ مِنًى، وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ سَاكِناً بِمِنًى مُقِيماً بِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُتِمُّ الصَّلاَةَ بِمِنًى، وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ سَاكِناً بِعَرَفَةَ مُقِيماً بِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُتِمُّ الصَّلاَةَ بِهَا أَيْضاً(715).
67 -
باب صَلاَةِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ وَمِنًى
1202 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ لِهِلاَلِ ذِى الْحِجَّةِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلاَةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ لِمِنًى، فَيَقْصُرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى مُقَامٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ.
68 -
باب تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
1203 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ شَيْئاً فَكَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الثَّانِيَةَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَكَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثَةَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَكَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ وَيَبْلُغَ الْبَيْتَ، فَيُعْلَمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ خَرَجَ يَرْمِي(716).
1204 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، دُبُرَ الصَّلَوَاتِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، دُبُرَ صَلاَةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، دُبُرَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ(717).
1205 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالتَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ بِمِنًى، أَوْ بِالآفَاقِ كُلِّهَا وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا يَأْتَمُّ النَّاسُ فِي ذَلِكَ بِإِمَامِ الْحَاجِّ وَبِالنَّاسِ بِمِنًى، لأَنَّهُمْ إِذَا رَجَعُوا وَانْقَضَى الإِحْرَامُ ائْتَمُّوا بِهِمْ، حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِي الْحِلِّ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتَمُّ بِهِمْ إِلاَّ فِي تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَالَ مَالِكٌ : الأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.
69 -
باب صَلاَةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ
1206 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى بِهَا(718).
قَالَ نَافِعٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
1207 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ، حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ، وَإِنْ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ فَلْيُقِمْ حَتَّى تَحِلَّ الصَّلاَةُ، ثُمَّ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ، لأَنَّهُ بَلَغَنِي : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَرَّسَ بِهِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ(719).
1208 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ(720).
70 -
باب الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى
1209 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ : زَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً يُدْخِلُونَ النَّاسَ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ.
1210 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ.
1211 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى : لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلاَّ بِمِنًى.
71 -
باب رَمْي الْجِمَارِ
1212 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ وُقُوفاً طَوِيلاً، حَتَّى يَمَلَّ الْقَائِمُ(721).
1213 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ وُقُوفاً طَوِيلاً، يُكَبِّرُ اللَّهَ، وَيُسَبِّحُهُ وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُو اللَّهَ، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.
1214 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ رَمْي الْجَمْرَةِ، كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ.
1215 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : الْحَصَى الَّتِي يُرْمَى بِهَا الْجِمَارُ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ(722).
قَالَ مَالِكٌ : وَأَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلاً أَعْجَبُ إِلَيَّ.
1216 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : مَنْ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ بِمِنًى، فَلاَ يَنْفِرَنَّ حَتَّى يَرْمِي الْجِمَارَ مِنَ الْغَدِ(723).
1217 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّاسَ كَانُوا إِذَا رَمَوُا الْجِمَارَ مَشَوْا، ذَاهِبِينَ وَرَاجِعِينَ، وَأَوَّلُ مَنْ رَكِبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ.
1218 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَيْنَ كَانَ الْقَاسِمُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ؟ فَقَالَ : مِنْ حَيْثُ تَيَسَّرَ.
1219 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يُرْمَى عَنِ الصَّبِيِّ وَالْمَرِيضِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ حِينَ يُرْمَى عَنْهُ، فَيُكَبِّرُ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ، وَيُهَرِيقُ دَماً، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الَّذِي رُمِيَ عَنْهُ، وَأَهْدَى وُجُوباً.
1220 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى عَلَى الَّذِي يَرْمِي الْجِمَارَ، أَوْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ إِعَادَةً، وَلَكِنْ لاَ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ.
1221 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تُرْمَى الْجِمَارُ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.
72 -
باب الرُّخْصَةِ فِي رَمْي الْجِمَارِ
1222 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الْبَدَّاحِ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ خَارِجِينَ عَنْ مِنًى، يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ(724).
1223 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ, أَنَّهُ سَمِعَهُ يَذْكُرُ : أَنَّهُ أُرْخِصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا بِاللَّيْلِ، يَقُولُ فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ(725).
1224 -
قَالَ مَالِكٌ : تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ، الَّذِي أَرْخَصَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِرِعَاءِ الإِبِلِ، فِي تَأْخِيرِ رَمْىِ الْجِمَارِ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ : أَنَّهُمْ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ, فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ رَمَوْا مِنَ الْغَدِ، وَذَلِكَ يَوْمُ النَّفْرِ الأَوَّلِ, فَيَرْمُونَ لِلْيَوْمِ الَّذِي مَضَى، ثُمَّ يَرْمُونَ لِيَوْمِهِمْ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لاَ يَقْضِي أَحَدٌ شَيْئاً حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَضَى، كَانَ الْقَضَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَدَا لَهُمُ النَّفْرُ فَقَدْ فَرَغُوا، وَإِنْ أَقَامُوا إِلَى الْغَدِ، رَمَوْا مَعَ النَّاسِ يَوْمَ النَّفْرِ الآخِرِ وَنَفَرُوا.
1225 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَةَ أَخٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ نُفِسَتْ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَتَخَلَّفَتْ هِيَ وَصَفِيَّةُ حَتَّى أَتَتَا مِنًى، بَعْدَ أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَأَمَرَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ تَرْمِيَا الْجَمْرَةَ حِينَ أَتَتَا, وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمَا شَيْئاً(726).
1226 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ نَسِيَ جَمْرَةً مِنَ الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ مِنًى حَتَّى يُمْسِيَ قَالَ : لِيَرْمِ أَيَّ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، كَمَا يُصَلِّي الصَّلاَةَ إِذَا نَسِيَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ.
73 -
باب الإِفْاضَةِ
1227 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ، وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ، وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ : إِذَا جِئْتُمْ مِنًى، فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ، إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، لاَ يَمَسَّ أَحَدٌ نِسَاءً وَلاَ طِيباً، حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
1228 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ، ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَنَحَرَ هَدْياً، إِنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ، إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
74 -
باب دُخُولِ الْحَائِضِ مَكَّةَ
1229 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعاً ». قَالَتْ : فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ : « انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ ». قَالَتْ : فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ : « هَذَا مَكَانُ عُمْرَتِكِ ». فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا مِنْهَا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافاً آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافاً وَاحِداً(727).
1230 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ(728).
1231 -
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا قَالَتْ : قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى تَطْهُرِي »(729).
1232 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِى تُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ تَدْخُلُ مَكَّةَ مُوَافِيَةً لِلْحَجِّ وَهِيَ حَائِضٌ، لاَ تَسْتَطِيعُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ : إِنَّهَا إِذَا خَشِيَتِ الْفَوَاتَ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ وَأَهْدَتْ، وَكَانَتْ مِثْلَ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَأَجْزَأَ عَنْهَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إِذَا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّتْ قَبْلَ أنْ تَحِيضَ، فَإِنَّهَا تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَتَقِفُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ، وَتَرْمِى الْجِمَارَ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تُفِيضُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا.
75 -
باب إِفَاضَةِ الْحَائِضِ
1233 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ (ﷺ) فَقَالَ: « أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ ». فَقِيلَ : إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ. فَقَالَ : « فَلاَ إِذاً »(730).
1234 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا، أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيْتِ ؟ ». قُلْنَ : بَلَى. قَالَ : « فَاخْرُجْنَ »(731).
1235 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ إِذَا حَجَّتْ، وَمَعَهَا نِسَاءٌ تَخَافُ أَنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتْهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَفَضْنَ، فَإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَنْتَظِرْهُنَّ، فَتَنْفِرُ بِهِنَّ وَهُنَّ حُيَّضٌ، إِذَا كُنَّ قَدْ أَفَضْنَ.
1236 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَقِيلَ، لَهُ : إنَّهَا قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا ؟ ». فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « فَلاَ إِذاً »(732).
1237 -
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ هِشَامٌ : قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ، فَلِمَ يُقَدِّمُ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُنَّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ، لأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلاَفِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ، كُلُّهُنَّ قَدْ أَفَاضَتْ.
1238 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ : أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) وَحَاضَتْ، أَوْ وَلَدَتْ، بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، فَخَرَجَتْ(733).
1239 -
قَالَ مَالِكٌ : وَالْمَرْأَةُ تَحِيضُ بِمِنًى تُقِيمُ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ فَحَاضَتْ بَعْدَ الإِفَاضَةِ، فَلْتَنْصَرِفْ إِلَى بَلَدِهَا، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) لِلْحَائِضِ.
1240 –
قَالَ : وَإِنْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ، فَإِنْ كَرَبَهَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِمَّا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ(734).
76 -
باب فِدْيَةِ مَا أُصِيبَ مِنَ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ
1241 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ(735).
1242 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : إنِّي أَجْرَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فَرَسَيْنِ، نَسْتَبِقُ إِلَى ثُغْرَةِ ثَنِيَّةٍ، فَأَصَبْنَا ظَبْياً وَنَحْنُ مُحْرِمَانِ، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ : تَعَالَ حَتَّى أَحْكُمَ أَنَا وَأَنْتَ، قَالَ : فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ظَبْىٍ، حَتَّى دَعَا رَجُلاً يَحْكُمُ مَعَهُ. فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ الرَّجُلِ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ : هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ ؟ قَالَ : لاَ. قَالَ فَهَلْ تَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي حَكَمَ مَعِي ؟ فَقَالَ : لاَ. فَقَالَ لَوْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ لأَوْجَعْتُكَ ضَرْباً، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) [المائدة : 95] وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ(736).
1243 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَقُولُ : فِي الْبَقَرَةِ مِنَ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ، وَفِي الشَّاةِ مِنَ الظِّبَاءِ شَاةٌ.
1244 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي حَمَامِ مَكَّةَ إِذَا قُتِلَ شَاةٌ.
1245 -
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، وَفِي بَيْتِهِ فِرَاخٌ مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، فَيُغْلَقُ عَلَيْهَا فَتَمُوتُ. فَقَالَ : أَرَى بِأَنْ يَفْدِيَ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ فَرْخٍ بِشَاةٍ. 1246 - قَالَ مَالِكٌ : لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ فِي النَّعَامَةِ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةً.
1247 -
قَالَ مَالِكٌ : أَرَى أَنَّ فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ عُشْرَ ثَمَنِ الْبَدَنَةِ، كَمَا يَكُونُ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقِيمَةُ الْغُرَّةِ خَمْسُونَ دِينَاراً، وَذَلِكَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ.
1248 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَىْءٍ مِنَ النُّسُورِ، أَوِ الْعِقْبَانِ، أَوِ الْبُزَاةِ، أَوِ الرَّخَمِ، فَإِنَّهُ صَيْدٌ يُودَى، كَمَا يُودَى الصَّيْدُ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ.
1249 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَيْءٍ فُدِيَ، فَفِي صِغَارِهِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي كِبَارِهِ, وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ دِيَةِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ(737).
77 -
باب فِدْيَةِ مَنْ أَصَابَ شَيْئاً مِنَ الْجَرَادِ وَهُوَ مُحْرِمٌ
1250 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ رُجُلاً جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي أَصَبْتُ جَرَادَاتٍ بِسَوْطِي وَأَنَا مُحْرِمٌ. فَقَالَ لَهُ عُمَر :ُ أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ.
1251 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ عَنْ جَرَادَاتٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ : تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ. فَقَالَ كَعْبٌ : دِرْهَمٌ. فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ : إِنَّكَ لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ، لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
78 -
باب فِدْيَةِ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ
1252 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) مُحْرِماً، فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ : « صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ »(738).
1253 -
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أبِي الْحَجَّاجِ، عَنِ ابْنِ أبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ لَهُ : « لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ ». فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ »(739).
1254 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرَمِ بِالْكُوفَةِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَأَنَا أَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ لأَصْحَأبِي، وَقَدِ امْتَلأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلاً، فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي، ثُمَّ قَالَ : « احْلِقْ هَذَا الشَّعَرَ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ». وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ(740).
1255 -
قَالَ مَالِكٌ فِي فِدْيَةِ الأَذَى : إِنَّ الأَمْرَ فِيهِ : أَنَّ أَحَداً لاَ يَفْتَدِي حَتَّى يَفْعَلَ مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ، وَإِنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَى صَاحِبِهَا، وَأَنَّهُ يَضَعُ فِدْيَتَهُ حَيْثُ مَا شَاءَ، النُّسُكَ، أَوِ الصِّيَامَ، أَوِ الصَّدَقَةَ بِمَكَّةَ، أَوْ بِغَيْرِهَا مِنَ الْبِلاَدِ.
1256 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْتِفَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئاً، وَلاَ يَحْلِقَهُ, وَلاَ يُقَصِّرَهُ حَتَّى يَحِلَّ، إِلاَّ أَنْ يُصِيبَهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ، وَلاَ يَقْتُلَ قَمْلَةً، وَلاَ يَطْرَحَهَا مِنْ رَأْسِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلاَ مِنْ جِلْدِهِ، وَلاَ مِنْ ثَوْبِهِ، فَإِنْ طَرَحَهَا الْمُحْرِمُ مِنْ جِلْدِهِ، أَوْ مِنْ ثَوْبِهِ, فَلْيُطْعِمْ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ.
1257 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ نَتَفَ شَعَراً مِنْ أَنْفِهِ، أَوْ مِنْ إِبْطِهِ، أَوِ اطَّلَى جَسَدُهُ بِنُورَةٍ، أَوْ يَحْلِقُ عَنْ شَجَّةٍ فِي رَأْسِهِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ يَحْلِقُ قَفَاهُ لِمَوْضِعِ الْمَحَاجِمِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، نَاسِياً أَوْ جَاهِلاً، إِنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ, وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ.
1258 -
قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ جَهِلَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ افْتَدَى(741).
79 -
باب مَا يَفْعَلُ مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئاً
1259 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئاً، أَوْ تَرَكَهُ، فَلْيُهْرِقْ دَماً.
قَالَ أَيُّوبُ : لاَ أَدْرِي قَالَ : تَرَكَ، أَوْ نَسِىَ.
1260 -
قَالَ مَالِكٌ : مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْياً فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نُسُكاً، فَهُوَ يَكُونُ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُ النُّسُكِ.
80 -
باب جَامِعِ الْفِدْيَةِ
1261 -
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْبَسَ شَيْئاً مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْبَسَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ يُقَصِّرَ شَعَرَهُ، أَوْ يَمَسَّ طِيباً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، لِيَسَارَةِ مُؤْنَةِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ، قَالَ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ, وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِدْيَةُ.
1262 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْفِدْيَةِ مِنَ الصِّيَامِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ النُّسُكِ، أَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ، وَمَا النُّسُكُ، وَكَمِ الطَّعَامُ، وَبِأَىِّ مُدٍّ هُوَ، وَكَمِ الصِّيَامُ، وَهَلْ يُؤَخِّرُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، أَمْ يَفْعَلُهُ فِي فَوْرِهِ ذَلِكَ ؟ قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي الْكَفَّارَاتِ، كَذَا أَوْ كَذَا، فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ، أَيَّ شَيْءٍ أَحَبَّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَعَلَ. قَال :َ وَأَمَّا النُّسُكُ فَشَاةٌ، وَأَمَّا الصِّيَامُ فَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيُطْعِمُ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ، بِالْمُدِّ الأَوَّلِ مُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) .
1263 -
قَالَ مَالِكٌ : وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : إِذَا رَمَى الْمُحْرِمُ شَيْئاً, فَأَصَابَ شَيْئاً مِنَ الصَّيْدِ لَمْ يُرِدْهُ فَقَتَلَهُ، إِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَكَذَلِكَ الْحَلاَلُ يَرْمِي فِي الْحَرَمِ شَيْئاً، فَيُصِيبُ صَيْداً لَمْ يُرِدْهُ فَيَقْتُلُهُ، إِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُ، لأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٌ.
1264 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُصِيبُونَ الصَّيْدَ جَمِيعاً وَهُمْ مُحْرِمُونَ، أَوْ فِي الْحَرَمِ، قَالَ : أَرَى أَنَّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ جَزَاءَهُ، إِنْ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالْهَدْي، فَعَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ، وَإِنْ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالصِّيَامِ كَانَ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمُ الصِّيَامُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَوْمُ يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ خَطَأً، فَتَكُونُ كَفَّارَةُ ذَلِكَ عِتْقَ رَقَبَةٍ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، أَوْ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ.
1265 -
قَالَ مَالِكٌ : مَنْ رَمَى صَيْداً، أَوْ صَادَهُ بَعْدَ رَمْيِهِ الْجَمْرَةَ، وَحِلاَقِ رَأْسِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُفِضْ : إِنَّ عَلَيْهِ جَزَاءَ ذَلِكَ الصَّيْدِ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) [المائدة : 2] وَمَنْ لَمْ يُفِضْ فَقَدْ بَقِىَ عَلَيْهِ مَسُّ الطِّيبِ وَالنِّسَاءِ.
1266 -
قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا قَطَعَ مِنَ الشَّجَرِ فِي الْحَرَمِ شَيْءٌ, وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَداً حَكَمَ عَلَيْهِ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ.
1267 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَجْهَلُ، أَوْ يَنْسَى صِيَامَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، أَوْ يَمْرَضُ فِيهَا فَلاَ يَصُومُهَا حَتَّى يَقْدَمَ بَلَدَهُ، قَالَ : لِيُهْدِ إِنْ وَجَدَ هَدْياً، وَإِلاَّ فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي أَهْلِهِ، وَسَبْعَةً بَعْدَ ذَلِكَ.
81 -
باب جَامِعِ الْحَجِّ
1268 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ : وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِلنَّاسِ بِمِنًى وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « انْحَرْ وَلاَ حَرَجَ ».، ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ : « ارْمِ وَلاَ حَرَجَ ». قَالَ : فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ، إِلاَّ قَالَ : « افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ »(742).
1269 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ :« لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ »(743).
1270 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ [عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا، فَقِيلَ لَهَا : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ »(744).
1271 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أبِي عَبْلَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْماً، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَغْيَظُ، مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلاَّ مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ ». قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلاَئِكَةَ »(745).
1272 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أبِي زِيَادٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ »(746).
1273 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :« اقْتُلُوهُ »(747).
قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْمَئِذٍ مُحْرِماً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1274 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ، جَاءَهُ خَبَرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ(748).
1275 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
1276 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الأَنْصَاري، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : عَدَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَالَ مَا أَنْزَلَكَ تَحْتَ هَذِهِ السَّرْحَةِ ؟ فَقُلْتُ : أَرَدْتُ ظِلَّهَا. فَقَالَ : هَلْ غَيْرُ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : لاَ مَا أَنْزَلَنِى إِلاَّ ذَلِكَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِذَا كُنْتَ بَيْنَ الأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنًى، وَنَفَخَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِنَّ هُنَاكَ وَادِياً يُقَالُ لَهُ السُّرَرُ، بِهِ شَجَرَةٌ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا »(749).
1277 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَجْذُومَةٍ، وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ لاَ تُؤْذِي النَّاسَ، لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِكِ. فَجَلَسَتْ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا : إِنَّ الَّذِي كَانَ قَدْ نَهَاكِ قَدْ مَاتَ فَاخْرُجِي. فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لأُطِيعَهُ حَيًّا وَأَعْصِيَهُ مَيِّتاً(750).
1278 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ الْمُلْتَزَمُ.
1279 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَذْكُرُ : أَنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى أبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَأَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَهُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ فَقَالَ : أَرَدْتُ الْحَجَّ. فَقَالَ : هَلْ نَزَعَكَ غَيْرُهُ ؟ فَقَالَ لاَ. قَالَ فَأْتَنِفِ الْعَمَلَ. قَالَ الرَّجُلُ : فَخَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِالنَّاسِ مُنْقَصِفِينَ عَلَى رَجُلٍ، فَضَاغَطْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ، فَإِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ الَّذِي وَجَدْتُ بِالرَّبَذَةِ, يَعْنِي أَبَا ذَرٍّ، قَالَ : فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَنِي فَقَالَ : هُوَ الَّذِي حَدَّثْتُكَ(751).
1280 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ ؟ فَقَالَ : أَوَيَصْنَعُ ذَلِكَ أَحَدٌ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ(752).
1281 -
سُئِلَ مَالِكٌ : هَلْ يَحْتَشُّ الرَّجُلُ لِدَابَّتِهِ مِنَ الْحَرَمِ ؟ فَقَالَ : لاَ(753).
82 -
باب حَجِّ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ
1282 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّرُورَةِ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تَحُجَّ قَطُّ : إِنَّهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا، أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا، أَنَّهَا لاَ تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ، لِتَخْرُجْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ(754).
83 -
باب صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ
1283 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً، مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى.
1284 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ، مِثْلَ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.
==========
كتاب الجهاد
1 -
باب التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
1285 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ، الَّذِي لا يَفْتُرُ مِنْ صَلاَةٍ وَلاَ صِيَامٍ حَتَّى يَرْجِعَ »(755).
1286 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ »(756).
1287 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ، فَاسْتَنَّتْ شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ، فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفاً، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ فِي ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْراً وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ : «لَمْ يَنْزِلْ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) » [الزلزلة : 8,7](757).
1288 –
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَاري, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلاً ؟ رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلاً بَعْدَهُ ؟ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَتِهِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً »(758).
1289 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَه, ُ وَأَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ(759).
1290 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعاً مِنَ الرُّومِ، وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ، يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجاً، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [آل عمران: 200](760).
2 -
باب النَّهْىِ عَنْ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
1291 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ(761).
3 -
باب النَّهْي عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي الْغَزْوِ
1292 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قَالَ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ – قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أبِي الْحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، قَالَ : فَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ : بَرَّحَتْ بِنَا امْرَأَةُ ابْنِ أبِي الْحُقَيْقِ بِالصِّيَاحِ، فَأَرْفَعُ السَّيْفَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَأَكُفُّ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ اسْتَرَحْنَا مِنْهَا(762).
1293 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ [عَنِ ابْنِ عُمَرَ] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ(763).
1294 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ جُيُوشاً إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ - وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الأَرْبَاعِ - فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لأبِي بَكْرٍ : إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ، وَمَا أَنَا بِرَاكِبٍ، إنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْماً زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَّسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ، فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَّسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَتَجِدُ قَوْماً فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رُؤُوسِهِمْ مِنَ الشَّعَرِ, فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ : لاَ تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلاَ صَبِيًّا، وَلاَ كَبِيراً هَرِماً وَلاَ تَقْطَعَنَّ شَجَراً مُثْمِراً، وَلاَ تُخَرِّبَنَّ عَامِراً، وَلاَ تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلاَ بَعِيراً، إِلاَّ لِمَأْكُلَةٍ، وَلاَ تَحْرِقَنَّ نَحْلاً، وَلاَ تُفَرِّقَنَّهُ، وَلاَ تَغْلُلْ، وَلاَ تَجْبُنْ(764).
1295 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِهِ : أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمُ : «اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً ». وَقُلْ ذَلِكَ لِجِيُوشِكَ وَسَرَايَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ(765).
4 -
باب مَا جَاءَ فِي الْوَفَاءِ بِالأَمَانِ
1296 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِ جَيْشٍ، كَانَ بَعَثَهُ : إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالاً مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ، حَتَّى إِذَا أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ، قَالَ رَجُلٌ : مَطْرَسْ - يَقُولَ لاَ تَخَفْ -، فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ أَعْلَمُ مَكَانَ وَاحِدٍ فَعَلَ ذَلِكَ، إِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ(766).
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ.
1297 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الإِشَارَةِ بِالأَمَانِ، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلاَمِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ وَإِنِّي أَرَى أَنْ يُتَقَدَّمَ إِلَى الْجُيُوشِ : أَنْ لاَ تَقْتُلُوا أَحَداً أَشَارُوا إِلَيْهِ بِالأَمَانِ، لأَنَّ الإِشَارَةَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْكَلاَمِ، وَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ.
5 -
باب الْعَمَلِ فِيمَنْ أَعْطَى شَيْئاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ
1298 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَعْطَى شَيْئاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ : إِذَا بَلَغْتَ وَادِيَ الْقُرَى فَشَأْنَكَ بِهِ(768).
1299 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ : إِذَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الْغَزْوِ، فَيَبْلُغُ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ.
1300 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهُ الْغَزْوَ، فَتَجَهَّزَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ : لاَ يُكَابِرْهُمَا، وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إِلَى عَامٍ آخَرَ، فَأَمَّا الْجِهَازُ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرْفَعَهُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَفْسُدَ بَاعَهُ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ، حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يُصْلِحُهُ لِلْغَزْوِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِراً يَجِدُ مِثْلَ جِهَازِهِ إِذَا خَرَجَ، فَلْيَصْنَعْ بِجِهَازِهِ مَا شَاءَ(769).
6 -
باب جَامِعِ النَّفْلِ فِي الْغَزْوِ
1301 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً، فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيراً، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً، وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً(770).
1302 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : كَانَ النَّاسُ فِي الْغَزْوِ إِذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ، يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ(771).
1303 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ : إِنَّهُ إِنْ كَانَ شَهِدَ الْقِتَالَ، وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَ حُرًّا، فَلَهُ سَهْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلاَ سَهْمَ لَهُ، وَأَرَى أَنْ لاَ يُقْسَمَ إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الأَحْرَارِ.
7 -
باب مَا لاَ يَجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ
1304 -
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وُجِدَ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ, فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ، وَأَنَّ الْبَحْرَ لَفَظَهُمْ، وَلاَ يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ تَكَسَّرَتْ، أَوْ عَطِشُوا فَنَزَلُوا بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُسْلِمِينَ : أَرَى أَنَّ ذَلِكَ لِلإِمَامِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، وَلاَ أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ فِيهِمْ خُمُساً(772).
8 -
باب مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمْسِ
1305 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ طَعَامِهِمْ، مَا وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ.
1306 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَنَا أَرَى الإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ، كَمَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يُؤْكَلُ حَتَّى يَحْضُرَ النَّاسُ الْمَقَاسِمَ، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ، أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ، فَلاَ أَرَى بَأْساً بِمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ.
1307 -
قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ، فَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلاَدَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ ؟ قَالَ مَالِكٌ : إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ بَلَغَ بِهِ بَلَدَهُ فَلاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إِذَا كَانَ يَسِيراً تَافِهاً.
9 -
باب مَا يُرَدُّ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الْقَسْمُ مِمَّا أَصَابَ الْعَدُوُّ
1308 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْداً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبَقَ، وَأَنَّ فَرَساً لَهُ عَارَ، فَأَصَابَهُمَا الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ غَنِمَهُمَا الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمَا الْمَقَاسِمُ(773).
1309 -
قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : فِيمَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ : إِنَّهُ إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَلاَ يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ.
1310 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ حَازَ الْمُشْرِكُونَ غُلاَمَهُ، ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ مَالِكٌ : صَاحِبُهُ أَوْلَى بِهِ، بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَلاَ قِيمَةٍ، وَلاَ غُرْمٍ، مَا لَمْ تُصِبْهُ الْمَقَاسِمُ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَكُونَ الْغُلاَمُ لِسَيِّدِهِ بِالثَّمَنِ إِنْ شَاءَ.
1311 -
قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَازَهَا الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ، فَقُسِمَتْ فِي الْمَقَاسِمِ، ثُمَّ عَرَفَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْقَسْمِ : إِنَّهَا لاَ تُسْتَرَقُّ وَأَرَى أَنْ يَفْتَدِيَهَا الإِمَامُ لِسَيِّدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يَفْتَدِيَهَا وَلاَ يَدَعَهَا، وَلاَ أَرَى لِلَّذِي صَارَتْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهَا، وَلاَ يَسْتَحِلَّ فَرْجَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ, لأَنَّ سَيِّدَهَا يُكَلَّفُ أَنْ يَفْتَدِيَهَا إِذَا جَرَحَتْ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ أُمَّ وَلَدِهِ تُسْتَرَقُّ وَيُسْتَحَلُّ فَرْجُهَا.
1312 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي الْمُفَادَاةِ، أَوْ فِي التِّجَارَةِ، فَيَشْتَرِيَ الْحُرَّ أَوِ الْعَبْدَ، أَوْ يُوهَبَانِ لَهُ. فَقَالَ : أَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلاَ يُسْتَرَقُّ، وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَهُوَ حُرُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَعْطَى فِيهِ شَيْئاً مُكَافَأَةً، فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى الْحُرِّ، بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتُرِيَ بِهِ, وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَإِنَّ سَيِّدَهُ الأَوَّلَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَمَنَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ، وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَسَيِّدُهُ الأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَعْطَى فِيهِ شَيْئاً مُكَافَأَةً، فَيَكُونُ مَا أَعْطَى فِيهِ غُرْماً عَلَى سَيِّدِهِ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ.
10 -
باب مَا جَاءَ فِي السَّلَبِ فِي النَّفْلِ
1313 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ : فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ : فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، قَالَ : فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ : مَا بَالُ النَّاسِ ؟ فَقَالَ : أَمْرُ اللَّهِ.، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ ». قَالَ : فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ : « مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ ». قَالَ : فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ : ذَلِكَ الثَّالِثَةَ فَقُمْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ». قَالَ : فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لاَ هَاءَ اللَّهِ، إِذنْ لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ ». فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَاشْتَرَيْتُ بِهِ مَخْرَفاً فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ(774).
1314 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الأَنْفَالِ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ. قَالَ : ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضاً، ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ : الأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِي ؟َ قَالَ : الْقَاسِمُ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا، مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ(775).
1315 –
قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَتَلَ قَتِيلاً مِنَ الْعَدُوِّ، أَيَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ ؟ قَالَ : لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لأَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الإِمَامِ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الاِجْتِهَادِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً، فَلَهُ سَلَبُهُ ». إِلاَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ.
11 -
باب مَا جَاءَ فِي إِعْطَاءِ النَّفْلِ مِنَ الْخُمْسِ
1316 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, أَنَّهُ قَالَ : كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنَ الْخُمُسِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
1317 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ النَّفَلِ، هَلْ يَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ ؟ قَالَ : ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الاِجْتِهَادِ مِنَ الإِمَامِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مَوقُوفٌ إِلاَّ اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَفَّلَ فِي مَغَازِيهِ كُلِّهَا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ نَفَّلَ فِي بَعْضِهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الاِجْتِهَادِ مِنَ الإِمَامِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ، وَفِيمَا بَعْدَهُ.
12 -
باب الْقَسْمِ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْوِ
1318 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ : لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ(776).
قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ.
1319 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ يَحْضُرُ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ، فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا ؟ فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ بِذَلِكَ، وَلاَ أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إِلاَّ لِفَرَسٍ وَاحِدٍ، الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ.
1320 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ إِلاَّ مِنَ الْخَيْلِ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ) [النحل : 8] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) [الأنفال : 60] فَأَنَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ مِنَ الْخَيْلِ، إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي، وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسُئِلَ عَنِ الْبَرَاذِينَ : هَلْ فِيهَا مِنْ صَدَقَةٍ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ(777).
13 -
باب مَا جَاءَ فِي الْغُلُولِ
1321 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعِرَّانَةَ سَأَلَهُ النَّاسُ حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ حَتَّى نَزَعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخَافُونَ أَنْ لاَ أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ, وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ، لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نَعَماً، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلاَ جَبَاناً وَلاَ كَذَّاباً ». فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ : « أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ، وَنَارٌ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». قَالَ : ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنَ الأَرْضِ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ أَوْ شَيْئاً، ثُمَّ قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ, مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ مِثْلَ هَذِهِ، إِلاَّ الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ »(778).
1322 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ : تَوَفَّى رَجُلٌ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ». فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ». قَالَ : فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تُسَاوِينَ دِرْهَمَيْنِ(779).
1323 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ الْكِنَانِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَتَى النَّاسَ فِي قَبَائِلِهِمْ يَدْعُو لَهُم, وَأَنَّهُ تَرَكَ قَبِيلَةً مِنَ الْقَبَائِلِ، قَالَ : وَإِنَّ الْقَبِيلَةَ وَجَدُوا فِي بَرْدَعَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ عِقْدَ جَزْعٍ غُلُولاً، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) فَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ، كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْمَيِّتِ(780).
1324 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ قَال :َ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَباً وَلاَ وَرِقاً، إِلاَّ الأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ، قَالَ : فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) غُلاَماً أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِلَى وَادِي الْقُرَى, حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ : هَنِيئاً لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً ». قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ »(781).
1325 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ : مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ، وَلاَ فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلاَ نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ، وَلاَ حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ، وَلاَ خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ(782).
14 -
باب الشُّهَدَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
1326 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ إنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ ». فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثَلاَثاً : أَشْهَدُ بِاللَّهِ(783).
1327 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، كِلاَهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُقَاتِلُ فَيُسْتَشْهَدُ »(784).
1328 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَماً، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ »(785).
1329 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً، يُحَاجُّنِى بِهَا عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
1330 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، صَابِراً مُحْتَسِباً، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ، أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « نَعَمْ ». فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ، لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « كَيْفَ قُلْتَ ؟ ». فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (ﷺ) : « نَعَمْ إِلاَّ الدَّيْنَ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ »(786).
1331 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ : « هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ، أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ « بَلَى، وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ : أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ(787) ؟ !
1332 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) جَالِساً وَقَبْرٌ يُحْفَرُ بِالْمَدِينَةِ، فَاطَّلَعَ رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ، فَقَالَ : بِئْسَ مَضْجَعُ الْمُؤْمِنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « بِئْسَ مَا قُلْتَ ». فَقَالَ الرَّجُلُ : إنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَرَدْتُ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لاَ مِثْلَ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا عَلَى الأَرْضِ بُقْعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِى بِهَا مِنْهَا ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ (788).
15 -
باب مَا تَكُونُ فِيهِ الشَّهَادَةُ
1333 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، َوَفَاةً بِبَلَدِ رَسُولِكَ(789).
1334 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : كَرَمُ الْمُؤْمِنِ تَقْوَاهُ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ، وَالْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ، فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَالْجَرِىءُ يُقَاتِلُ عَمَّا لاَ يَؤُوبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ, وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ(790).
16 -
باب الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الشَّهِيدِ
1335 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ شَهِيداً يَرْحَمُهُ اللَّهُ.
1336 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يُغَسَّلُونَ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِى قُتِلُوا فِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ : وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى مَاتَ.
قَالَ : وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَمَا عُمِلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
17 -
باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الشَّيْءِ يُجْعَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
1337 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ بَعِيرٍ، يَحْمِلُ الرَّجُلَ إِلَى الشَّامِ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْمِلُ الرَّجُلَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ عَلَى بَعِيرٍ، فَجَاءَهَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ : احْمِلْنِى وَسُحَيْماً. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : نَشَدْتُكَ اللَّهَ أَسُحَيْمٌ زِقٌّ؟ قَالَ لَهُ : نَعَمْ(791).
18 -
باب التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
1338 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي طَلْحَةَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ، يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْماً، فَأَطْعَمَتْهُ وَجَلَسَتْ تَفْلِي فِي رَأْسِهِ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْماً، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ : فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكاً عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ». يَشُكُّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ : فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ, قَالَتْ : فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ ؟ قَالَ : « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مُلُوكاً عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ». كَمَا قَالَ فِي الأُولَى، قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ : « أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ ». قَالَ : فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ(792).
1339 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لأَحْبَبْتُ أَنْ لاَ أَتَخَلَّفَ عَنْ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنِّي لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجِدُونَ مَا يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ، فَيَخْرُجُونَ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي، فَوَدِدْتُ إنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ »(793).
1340 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَاري ؟ ». فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ مَا شَأْنُكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لآتِيَهُ بِخَبَرِكَ. قَالَ : فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُ إنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ طَعْنَةً، وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي، وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لاَ عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ(794).
1341 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَغَّبَ فِي الْجِهَادِ، وَذَكَرَ الْجَنَّةَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْكُلُ تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، فَقَالَ : إنِّي لَحَرِيصُ عَلَى الدُّنْيَا إِنْ جَلَسْتُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهُنَّ، فَرَمَى مَا فِي يَدِهِ، فَحَمَلَ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ(795).
1342 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ قَالَ : الْغَزْوُ غَزْوَانِ، فَغَزْوٌ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ، وَيُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ، وَيُطَاعُ فِيهِ ذُو الأَمْرِ، وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، فَذَلِكَ الْغَزْوُ خَيْرٌ كُلُّهُ، وَغَزْوٌ لاَ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ, وَلاَ يُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ، وَلاَ يُطَاعُ فِيهِ ذُو الأَمْرِ، وَلاَ يُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، فَذَلِكَ الْغَزْوُ، لاَ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ كَفَافاً(796).
19 -
باب مَا جَاءَ فِي الْخَيْلِ وَالْمُسَابَقَةِ بَيْنَهَا وَالنَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ.
1343 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »(797).
1344 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى قَدْ أُضْمِرَتْ، مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ، إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا(798).
1345 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ، فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبَقَ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ(799).
1346 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رُئِيَ وَهُوَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : « إنِّي عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ »(800).
1347 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْماً بِلَيْلٍ، لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أصْبَحَ(800/1) خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا : مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ »(801).
1348 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ : « نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ »(802).
20 -
باب إِحْرَازِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَرْضَهُ
1349 -
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ إِمَامٍ قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ قَوْمٍ، فَكَانُوا يُعْطُونَهَا، أَرَأَيْتَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، أَتَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ، أَوْ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ لَهُمْ مَا لَهُ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ يَخْتَلِفُ، أَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ، َإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ، الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، لأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ قَدْ غُلِبُوا عَلَى بِلاَدِهِمْ، وَصَارَتْ فَيْئاً لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مَنَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ حَتَّى صَالَحُوا عَلَيْهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلاَّ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ.
21 -
باب الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مَنْ ضَرُورَةٍ وَإِنْفَاذِ أبِي بَكْرٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ عِدَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)
1350 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الأَنْصَارِيَّيْنِ، ثُمَّ السَّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا، وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ، وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَهُمَا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا، فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا، كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالأَمْسِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَدُفِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ، ثُمَّ أُرْسِلَتْ، فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ، وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَبَيْنَ يَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً(803).
1351 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلاَنِ وَالثَّلاَثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَيُجْعَلَ الأَكْبَرُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ.
1352 -
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَأْيٌ, أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي، فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَفَنَ لَهُ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ(804).
=============
كتاب النذور والأيمان من 1353 - الي اخر الكتاب
1 -
باب مَا يَجِبُ مِنَ النُّذُورِ فِي الْمَشْي
1353 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ وَلَمْ تَقْضِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « اقْضِهِ عَنْهَا »(805).
1354 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ عَنْ جَدَّتِهِ : أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْياً إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ، فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا(806).
1355 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لاَ يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.
1356 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي حَبِيبَةَ قَالَ : قُلْتُ لِرَجُلٍ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ مَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ : عَلَىَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ عَلَىَّ نَذْرُ مَشْيٍ. فَقَالَ لِي رَجُلٌ : هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ - لِجِرْوِ قِثَّاءٍ فِي يَدِهِ – وَتَقُولُ : عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، قَالَ : فَقُلْتُ نَعَمْ، فَقُلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، ثُمَّ مَكَثْتُ حَتَّى عَقَلْتُ، فَقِيلَ لِي : إِنَّ عَلَيْكَ مَشْياً، فَجِئْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي : عَلَيْكَ مَشْيٌ. فَمَشَيْتُ(807).
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.
2 -
باب فِيمَنْ نَذَرَ مَشْياً إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَعَجَزَ.
1357 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ, فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ، ثُمَّ لْتَمْشِي مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ.
1358 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : وَنَرَى عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ الْهَدْيَ.
1359 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولاَنِ : مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
1360 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ، فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ، فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَكَّةَ، فَسَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ، فَقَالُوا : عَلَيْكَ هَدْيٌ. فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ سَأَلْتُ عُلَمَاءَهَا، فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ حَيْثُ عَجَزْتُ، فَمَشَيْتُ(808).
1361 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : فَالأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ يَقُولُ : عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ رَكِبَ، ثُمَّ عَادَ فَمَشَى مِنْ حَيْثُ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيَرْكَبْ، وَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ شَاةٍ، إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ هِيَ.
1362 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ وَتَعَبَ نَفْسِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلْيُهْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئاً، فَلْيَحْجُجْ وَلْيَرْكَبْ، وَلْيَحْجُجْ بِذَلِكَ الرَّجُلِ مَعَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ.
1363 -
قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِنُذُورٍ مُسَمَّاةٍ مَشْياً إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَنْ لاَ يُكَلِّمَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ بِكَذَا وَكَذَا، نَذْراً لِشَيْءٍ لاَ يَقْوَى عَلَيْهِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ، لَعُرِفَ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ عُمْرُهُ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ : هَلْ يُجْزِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَذْرٌ وَاحِدٌ أَوْ نُذُورٌ مُسَمَّاةٌ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : مَا أَعْلَمُهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَانِ، وَلْيَتَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ مِنَ الْخَيْرِ.
3 -
باب الْعَمَلِ فِي الْمَشْي إِلَى الْكَعْبَةِ
1364 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ : أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْي إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوِ الْمَرْأَةِ فَيَحْنَثُ أَوْ تَحْنَثُ، أَنَّهُ إِنْ مَشَى الْحَانِثُ مِنْهُمَا فِي عُمْرَةٍ، فَإِنَّهُ يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ، وَأَنَّهُ إِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَشْياً فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا، وَلاَ يَزَالُ مَاشِياً حَتَّى يُفِيضَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَكُونُ مَشْيٌ إِلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
4 -
باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ النُّذُورِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ
1365 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ, أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى صَاحِبِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَأَى رَجُلاً قَائِماً فِي الشَّمْسِ فَقَالَ : « مَا بَالُ هَذَا ؟ ». فَقَالُوا : نَذَرَ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ، وَلاَ يَسْتَظِلَّ مِنَ الشَّمْسِ، وَلاَ يَجْلِسَ وَيَصُومَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَجْلِسْ، وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ »(809).
قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ، وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً، وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً.
1366 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُول :ُ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَتْ : إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لاَ تَنْحَرِي ابْنَكِ، وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ. فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَكَيْفَ يَكُونُ فِي هَذَا كَفَّارَةٌ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ ) [المجادلة : 2]، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ مَا قَدْ رَأَيْتَ.
1367 –
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيِّ، َنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ »(810).
1368 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ): «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِىَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ». أَنْ يَنْذِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ، أَوْ إِلَى مِصْرَ، أَوْ إِلَى الرَّبَذَةِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ، إِنْ كَلَّمَ فُلاَناً، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ، أَوْ حَنِثَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ طَاعَةٌ، وَإِنَّمَا يُوَفَّى لِلَّهِ بِمَا لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ.
5 -
باب اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ
1369 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الإِنْسَانِ : لاَ وَاللَّهِ، بَلَى وَاللَّهِ.
1370 -
قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا : أَنَّ اللَّغْوَ حَلِفُ الإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ يُوجَدُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ اللَّغْوُ.
1371 -
قَالَ مَالِكٌ : وَعَقْدُ الْيَمِينِ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَبِيعَ ثَوْبَهُ بَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، ثُمَّ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ، أَوْ يَحْلِفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلاَمَهُ، ثُمَّ لاَ يَضْرِبُهُ، وَنَحْوَ هَذَا، فَهَذَا الَّذِي يُكَفِّرُ صَاحِبُهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَيْسَ فِي اللَّغْوِ كَفَّارَةٌ.
1372 -
قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ آثِمٌ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْكَذِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ، لِيُرْضِىَ بِهِ أَحَداً، أَوْ لِيَعْتَذِرَ بِهِ إِلَى مُعْتَذَرٍ إِلَيْهِ، أَوْ لِيَقْطَعَ بِهِ مَالاً، فَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ.
6 -
باب مَا لاَ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الأَيْمَانِ
1373 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ قَالَ : وَاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ لَمْ يَفْعَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْنَثْ.
1374 -
قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الثُّنْيَا، أَنَّهَا لِصَاحِبِهَا مَا لَمْ يَقْطَعْ كَلاَمَهُ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نَسَقاً يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً، قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ، فَإِذَا سَكَتَ وَقَطَعَ كَلاَمَهُ، فَلاَ ثُنْيَا لَهُ(811).
1375 -
قَالَ يَحْيَى : وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ : كَفَرَ بِاللَّهِ، أَوْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، ثُمَّ يَحْنَثُ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلاَ مُشْرِكٍ حَتَّى يَكُونَ قَلْبُهُ مُضْمِراً عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَلاَ يَعُدْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ.
7 -
باب مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الأَيْمَانِ
1376 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ »(812).
1377 -
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : مَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئاً، إِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
1378 -
قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا التَّوْكِيدُ، فَهُوَ حَلِفُ الإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِرَاراً يُرَدِّدُ فِيهِ الأَيْمَانَ، يَمِيناً بَعْدَ يَمِينٍ، كَقَوْلِهِ : وَاللَّهِ لاَ أَنْقُصُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا، يَحْلِفُ بِذَلِكَ مِرَاراً ثَلاَثاً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ : فَكَفَّارَةُ ذَلِكَ، كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ
1379 -
قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ مَثَلاً فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ، وَلاَ أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، وَلاَ أَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ، فَكَانَ هَذَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ الطَّلاَقُ إِنْ كَسَوْتُكِ هَذَا الثَّوْبَ, وَأَذِنْتُ لَكِ إِلَى الْمَسْجِدِ، يَكُونُ ذَلِكَ نَسَقاً مُتَتَابِعاً، فِي كَلاَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ حَنِثَ فِي شَىْءٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ حِنْثٌ، إِنَّمَا الْحِنْثُ فِي ذَلِكَ حِنْثٌ وَاحِدٌ.
1380 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نَذْرِ الْمَرْأَةِ، إِنَّهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيَثْبُتُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَسَدِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَهُ
8 -
باب الْعَمَلِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ
1381 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَوَكَّدَهَا، ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ كِسْوَةُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَمَنْ حَلَفَ بَيَمِينٍ فَلَمْ يُؤَكِّدْهَا، ثُمَّ حَنِثَ، فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ(813).
1382 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ، وَكَانَ يَعْتِقُ الْمِرَارَ إِذَا وَكَّدَ الْيَمِينَ.
1383 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ إِذَا أَعْطَوْا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَعْطَوْا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، بِالْمُدِّ الأَصْغَرِ، وَرَأَوْا ذَلِكَ مُجْزِئاً عَنْهُمْ.
1384 -
قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِالْكِسْوَةِ، أَنَّهُ إِنْ كَسَا الرِّجَالَ كَسَاهُمْ ثَوْباً ثَوْباً، وَإِنْ كَسَا النِّسَاءَ كَسَاهُنَّ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ، دِرْعاً وَخِمَاراً، وَذَلِكَ أَدْنَى مَا يُجْزِي كُلاًّ فِي صَلاَتِهِ.
9 -
باب جَامِعِ الأَيْمَانِ
1385 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله عنه، وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ »(814).
1386 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَقُولُ : « لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ »(815).
1387 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأُجَاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ »(816).
1388 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِىِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ(817).
1389 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَقُولُ : مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ يَحْنَثُ، قَالَ : يَجْعَلُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَذَلِكَ لِلَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِي أَمْرِ أبِي لُبَابَةَ.
==========
كتاب الضحايا
1 -
باب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الضَّحَايَا
1390 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَي مِنَ الضَّحَايَا ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ : « أَرْبَعاً ». وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ : يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : « الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِى لاَ تُنْقِى »(818).
1391 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ، وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ(819).
2 -
باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا
1392 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ضَحَّى مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ. قَالَ نَافِعٌ : فَأَمَرَنِى أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشاً فَحِيلاً أَقْرَنَ، ثُمَّ أَذْبَحَهُ يَوْمَ الأَضْحَى فِي مُصَلَّى النَّاسِ. قَالَ نَافِعٌ : فَفَعَلْتُ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ، وَكَانَ مَرِيضاً لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ. قَالَ نَافِعٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ : لَيْسَ حِلاَقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى. وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ(820).
3 -
باب النَّهْي عَنْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ قَبْلَ انْصِرَافِ الإِمَامِ
1393 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْمَ الأَضْحَى، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ : لاَ أَجِدُ إِلاَّ جَذَعاً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلاَّ جَذَعاً فَاذْبَحْ »(821).
1394 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الأَضْحَى، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى(822).
4 -
باب ادِّخَارِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ
1395 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: « كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا »(823).
1396 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، أَنَّهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ : صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « ادَّخِرُوا لِثَلاَثٍ، وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ ». قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِضَحَايَاهُمْ, وَيَجْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الأَسْقِيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : « وَمَا ذَلِكَ ؟ » أَوْ كَمَا قَالَ. قَالُوا : نَهَيْتَ عَنْ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَادَّخِرُوا »(824).
يَعْنِي بِالدَّافَّةِ : قَوْماً مَسَاكِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ.
1397 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْماً. فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى. فَقَالُوا : هُوَ مِنْهَا. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْهَا ؟ فَقَالُوا : إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) بَعْدَكَ أَمْرٌ. فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضْحَى بَعْدَ ثَلاَثٍ، فَكُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَادَّخِرُوا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الاِنْتِبَاذِ، فَانْتَبِذُوا، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، وَلاَ تَقُولُوا : هُجْراً ». يَعْنِي لاَ تَقُولُوا سُوءاً(825).
5 -
باب الشَّرِكَةِ فِي الضَّحَايَا وَعَنْ كَمْ تُذْبَحُ الْبَقَرَةُ وَالْبَدَنَةُ
1398 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ(826).
1399 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ صَيَّادٍ(826/1)، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ : كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ، يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ، فَصَارَتْ مُبَاهَاةً(827).
1400 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ، أَنَّ الرَّجُلَ يَنْحَرُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْبَدَنَةَ، وَيَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ الْوَاحِدَةَ، هُوَ يَمْلِكُهَا، وَيَذْبَحُهَا عَنْهُمْ وَيَشْرَكُهُمْ فِيهَا، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ النَّفَرُ الْبَدَنَةَ، أَوِ الْبَقَرَةَ أَوِ الشَّاةَ، يَشْتَرِكُونَ فِيهَا فِي النُّسُكِ وَالضَّحَايَا، فَيُخْرِجُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ ثَمَنِهَا، وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ لَحْمِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ، وَإِنَّمَا سَمِعْنَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَكُ فِي النُّسُكِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ(828).
1401 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : مَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلاَّ بَدَنَةً وَاحِدَةً، أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَدْرِى أَيَّتَهُمَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ(829).
6 -
باب الضَّحِيَّةِ عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَذِكْرِ أَيَّامِ الأَضْحَى
1402 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : الأَضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الأَضْحَى.
1403 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
1404 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ.
1405 -
قَالَ مَالِكٌ : الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَلاَ أُحِبُّ لأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا.
=================
كتاب الذبائح
1 -
باب مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ.
1406 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلاَ نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لاَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا، ثُمَّ كُلُوهَا »(830).
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ.
1407 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَمَرَ غُلاَماً لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهَا قَالَ لَهُ: سَمِّ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ : قَدْ سَمَّيْتُ. فَقَالَ لَهُ : سَمِّ اللَّهَ وَيْحَكَ. قَالَ لَهُ : قَدْ سَمَّيْتُ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ : وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهَا أَبَداً.
2 -
باب مَا يَجُوزُ مِنَ الذَّكَاةِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ
1408 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَم َ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ كَانَ يَرْعَى لِقْحَةً لَهُ بِأُحُدٍ، فَأَصَابَهَا الْمَوْتُ، فَذَكَّاهَا بِشِظَاظٍ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : « لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ، فَكُلُوهَا»(831).
1409 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ، أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ : أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَماً لَهَا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : « لاَ بَأْسَ بِهَا فَكُلُوهَا »(832).
1410 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهَا، وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) [المائدة : 51].
1411 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : مَا فَرَى الأَوْدَاجَ فَكُلُوهُ(833).
1412 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا ذُبِحَ بِهِ إِذَا بَضَعَ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَيْهِ(834).
3 -
باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الذَّبِيحَةِ فِي الذَّكَاةِ
1413 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ شَاةٍ ذُبِحَتْ، فَتَحَرَّكَ بَعْضُهَا، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَالَ : إِنَّ الْمَيْتَةَ لَتَتَحَرَّكُ وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ.
1414 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ، عَنْ شَاةٍ تَرَدَّتْ فََكُسِرَتَ، فَأَدْرَكَهَا صَاحِبُهَا فَذَبَحَهَا, فَسَالَ الدَّمُ مِنْهَا وَلَمْ تَتَحَرَّكْ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَانَ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي، وَهِيَ تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا(835).
4 -
باب ذَكَاةِ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ
1415 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا نُحِرَتِ النَّاقَةُ، فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي ذَكَاتِهَا، إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ، وَنَبَتَ شَعَرُهُ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ذُبِحَ، حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ.
1416 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ، إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعَرُهُ.
=============
كتاب الصيد
1 -
باب تَرْكِ أَكْلِ مَا قَتَلَ الَمِعْرَاضُ وَالْحَجَرُ
1417 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ قَالَ : رَمَيْتُ طَائِرَيْنِ بِحَجَرٍ وَأَنَا بِالْجُرْفِ، فَأَصَبْتُهُمَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَمَاتَ، فَطَرَحَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَمَّا الآخَرُ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُذَكِّيهِ بِقَدُومٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُذَكِّيَهُ، فَطَرَحُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضاً(836).
1418 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَكْرَهُ مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْبُنْدُقَةُ(837).
1419 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ تُقْتَلَ الإِنْسِيَّةُ، بِمَا يُقْتَلُ بِهِ الصَّيْدُ مِنَ الرَّمْي وَأَشْبَاهِهِ(838).
1420 -
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ أَرَى بَأْساً بِمَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ، إِذَا خَسَقَ وَبَلَغَ الْمَقَاتِلَ أَنْ يُؤْكَلَ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَىْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ) [المائدة : 94]. قَالَ : فَكُلُّ شَىْءٍ نَالَهُ الإِنْسَانُ بِيَدِهِ أَوْ رُمْحِهِ، أَوْ بِشَىْءٍ مِنْ سِلاَحِهِ فَأَنْفَذَهُ وَبَلَغَ مَقَاتِلَهُ : فَهُوَ صَيْدٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى(839).
1421 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ، فَأَعَانَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، مِنْ مَاءٍ أَوْ كَلْبٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ لَمْ يُؤْكَلْ ذَلِكَ الصَّيْدُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الرَّامِي قَدْ قَتَلَهُ، أَوْ بَلَغَ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ، حَتَّى لاَ يَشُكَّ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ هُوَ قَتَلَهُ، وَأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلصَّيْدِ حَيَاةٌ بَعْدَهُ.
1422 -
قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الصَّيْدِ، وَإِنْ غَابَ عَنْكَ مَصْرَعُهُ، إِذَا وَجَدْتَ بِهِ أَثَراً مِنْ كَلْبِكَ، أَوْ كَانَ بِهِ سَهْمُكَ، مَا لَمْ يَبِتْ، فَإِذَا بَاتَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ.
2 -
باب مَا جَاءَ فِي صَيْدِ الْمُعَلَّمَاتِ
1423 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ : كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ إِنْ قَتَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ(840).
1424 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَمَّنْ سَمِعَ نَافِعاً يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَإِنْ أَكَلَ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ.
1425 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ إِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ، فَقَالَ سَعْدٌ : كُلْ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ إِلاَّ بِضْعَةٌ وَاحِدَةٌ(841).
1426 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الْبَازِي وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ : أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا، يَفْقَهُ كَمَا تَفْقَهُ الْكِلاَبُ الْمُعَلَّمَةُ, فَلاَ بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ، مِمَّا صَادَتْ، إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى إِرْسَالِهَا(842).
1427 -
قَالَ مَالِكٌ : وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَتَخَلَّصُ الصَّيْدَ مِنْ مَخَالِبِ الْبَازِي، أَوْ مِنَ الْكَلْبِ، ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بِهِ فَيَمُوتُ، أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ(843).
1428 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا قُدِرَ عَلَى ذَبْحِهِ، وَهُوَ فِي مَخَالِبِ الْبَازِي, أَوْ فِي فِي الْكَلْبِ، فَيَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ، حَتَّى يَقْتُلَهُ الْبَازِي أَوِ الْكَلْبُ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.
1429 -
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الَّذِي يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَنَالُهُ وَهُوَ حَيٌّ فَيُفَرِّطُ فِي ذَبْحِهِ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.
1430 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَرْسَلَ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ الضَّارِيَ، فَصَادَ أَوْ قَتَلَ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ مُعَلَّماً، فَأَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُذَكِّهِ الْمُسْلِمُ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِشَفْرَةِ الْمَجُوسِيِّ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسِهِ، أَوْ بِنَبْلِهِ فَيَقْتُلُ بِهَا فَصَيْدُهُ ذَلِكَ، وَذَبِيحَتُهُ حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَإِذَا أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ الضَّارِيَ عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إِلاَّ أَنْ يُذَكَّى، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْسِ الْمُسْلِمِ وَنَبْلِهِ، يَأْخُذُهَا الْمَجُوسِيُّ فَيَرْمِي بِهَا الصَّيْدَ فَيَقْتُلُهُ، وَبِمَنْزِلَةِ شَفْرَةِ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِهَا الْمَجُوسِيُّ، فَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ(844).
3 -
باب مَا جَاءَ فِي صَيْدِ الْبَحْرِ
1431 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِي هُرَيْرَةَ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ، فَنَهَاهُ عَنْ أَكْلِهِ.
قَالَ نَافِعٌ : ثُمَّ انْقَلَبَ عَبْدُ اللَّهِ فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ فَقَرَأَ : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) [المائدة : 96] قَالَ نَافِعٌ : فَأَرْسَلَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي هُرَيْرَةَ : إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ(845).
1432 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سَعْدٍ الْجَارِيِّ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْحِيتَانِ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، أَوْ تَمُوتُ صَرَداً ؟ فَقَالَ : لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ. قَالَ سَعْدٌ : ثُمَّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ(846).
1433 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّهُمَا كَانَا لاَ يَرَيَانِ بِمَا لَفَظَ الْبَحْرُ بَأْساً.
1434 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ الْجَارِ قَدِمُوا، فَسَأَلُوا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ، فَقَالَ : لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ : اذْهَبُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأبِي هُرَيْرَةَ فَاسْأَلُوهُمَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ائْتُونِي فَأَخْبِرُونِي مَاذَا يَقُولاَنِ، فَأَتَوْهُمَا فَسَأَلُوهُمَا، فَقَالاَ : لاَ بَأْسَ بِهِ. فَأَتَوْا مَرْوَانَ فَأَخْبَرُوهُ. فَقَالَ مَرْوَانُ : قَدْ قُلْتُ لَكُمْ.
1435 -
قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الْحِيتَانِ يَصِيدُهَا الْمَجُوسِيُّ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ فِي الْبَحْرِ : « هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ »(847).
1436 -
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا أُكِلَ ذَلِكَ مَيْتاً فَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ صَادَهُ.
4 -
باب تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
1437 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ أبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ »(848).
1438 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ »(849).
قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
5 -
باب مَا يُكْرَهُ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ
1439 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ : أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَنَّهَا لاَ تُؤْكَلُ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ) [النحل : 8] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الأَنْعَامِ : ( لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) [غافر : 79] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) [الحج : 34] ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) [الحج : 36](850).
قَالَ مَالِكٌ : وَسَمِعْتُ أَنَّ الْبَائِسَ هُوَ الْفَقِيرُ، وَأَنَّ الْمُعْتَرَّ هُوَ الزَّائِرُ(851).
قَالَ مَالِكٌ : فَذَكَرَ اللَّهُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ، وَذَكَرَ الأَنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالأَكْلِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالْقَانِعُ هُوَ الْفَقِيرُ أَيْضاً(852).
6 -
باب مَا جَاءَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ
1440 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلاَةً لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) فَقَالَ : « أَفَلاَ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا ». فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا »(853).
1441 -
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ »(854).
1442 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ(855).
7 -
باب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُضْطَرُّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ
1443 -
حَدَّثَنِى يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ : أَنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِى الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلِىَ الْمَيْتَةِ، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا.
1444 -
وَسُئِلَ مَالِكٌ، عَنِ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ، أَيَأْكُلُ مِنْهَا وَهُوَ يَجِدُ ثَمَرَ الْقَوْمِ، أَوْ زَرْعاً، أَوْ غَنَماً بِمَكَانِهِ ذَلِكَ ؟ قَالَ مَالِكٌ : إِنْ ظَنَّ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ أَوِ الْغَنَمِ يُصَدِّقُونَهُ بِضَرُورَتِهِ، حَتَّى لاَ يُعَدَّ سَارِقاً فَتُقْطَعَ يَدُهُ، رَأَيْتُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ وَجَدَ مَا يَرُدُّ جُوعَهُ، وَلاَ يَحْمِلُ مِنْهُ شَيْئاً، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ، وَإِنْ هُوَ خَشِيَ أَنْ لاَ يُصَدِّقُوهُ، وَأَنْ يُعَدَّ سَارِقاً بِمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ خَيْرٌ لَهُ عِنْدِي، وَلَهُ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ سَعَةٌ، مَعَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَعْدُوَ عَادٍ، مِمَّنْ لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ، يُرِيدُ اسْتِجَازَةَ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَزُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ بِذَلِكَ بِدُونِ اضْطِرَارٍ.
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
=========
كتاب العقيقة
1 -
باب مَا جَاءَ فِي الْعَقِيقَةِ.
1445 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنِ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ : « لاَ أُحِبُّ الْعُقُوقَ ». وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الاِسْمَ، وَقَالَ : « مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ »(856).
1446 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً.
1447 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ : وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.
2 -
باب الْعَمَلِ فِي الْعَقِيقَةِ
1448 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ عَقِيقَةً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَكَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ، عَنِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ.
1449 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ : تُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةَ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ.
1450 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّهُ عُقَّ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ(857).
1451 -
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَعُقُّ عَنْ بَنِيهِ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِشَاةٍ شَاةٍ.
1452 -
قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ : أَنَّ مَنْ عَقَّ، فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ، وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ، وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا, وَهِيَ مِنَ الأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا، فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ، فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ وَالضَّحَايَا، لاَ يَجُوزُ فِيهَا عَوْرَاءُ، وَلاَ عَجْفَاءُ، وَلاَ مَكْسُورَةٌ، وَلاَ مَرِيضَةٌ، وَلاَ يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ وَلاَ جِلْدُهَا، وَيُكْسَرُ عِظَامُهَا، وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا، وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا، وَلاَ يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا(858).

=============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حمل المضحف

 حمل المصحف